الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الواقع الدستوري والسياسي للدولة العراقية في الحقبة الملكية ( دستور 1925) وحقبة حكم البعث الثانية ( دستور عام 1970)

عادل حسن الملا

2021 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


اولا": الواقع الدستوري:
لقد وضع مشروع الدستور العراقي لعام 1925 في وزارة المستعمرات البريطانية وشرعه مجلس تأسيسي عراقي دون تغيير في اي نقطة من نقاطه المهمة وقد روعي فيه مراعاة المصالح البريطانية وان لا يتعارض مع احكام معاهدة 1922 بين العراق وبريطانيا .
ان اسلوب وضع هذا الدستور ينأى عن الاساليب التقليدية المتبعة في وضع الدساتير فهو من صنع السلطات البريطانية التي كانت تحوز السلطة في العراق .
اما دستور عام 1970 فقد صدر بعد عامين من استيلاء ( حزب البعث ) على السلطة في العراق باستخدام اسلوب الانقلاب العسكري في 17 تموز عام 1968 وتصفية حلفاءهم بعد اسبوعين من هذا الانقلاب ( 30 تموز 1968). واصبح ( مجلس قيادة الثورة) الذي بدأ عمله كهيئة مكونة من خمسة اشخاص ( كلهم عسكريين) ثم زيد الى خمسة عشر في عام 1969 ثم خفض الى الى احد عشر في عام 1970 عضو ( كلهم من البعثثين) اعلى اجهزة الدولة وكان يمارس السلطة التشريعية بموجب دستور عام 1968 الذي صدر بعد حوالي شهرين من الانقلاب.
لقد تم وضع دستور عام 1970 من قبل الجهة التي تتولى السلطة وهي مجلس قيادة الثورة وهي جهة غير منتخبة وغير شرعية ومن الصعب وضعه ضمن اساليب اقامة الدساتير المعروفة ( المنحة والعقد والاسلوب الديمقرطي).
لقد اخذ دستور عام 1925 بالنظام النيابي البرلماني والشكل الملكي الوراثي لنظام الحكم واعطى الملك صلاحيات واسعة على الصعيدين التشريعي والتنفيذي رغم انه نص على ان ( الملك مصون و غير مسؤول) . وكانت السلطة التشريعية يتولاها ظاهريا" مجلس الامة المكون من مجلسين احدهما يعينه الملك هو مجلس الاعيان واخر منتخب هو مجلس النواب وكانت الوزارة تتشكل من اعضاء مجلس الامة عدا استثناء بسيط. ولقد عمد دستور عام 1925 الى تغليب السلطة التنفيذية واضعاف السلطة التشريعية وكذلك القضائية .
اما دستور عام 1970 فقد اخذ بالنظام الجمهوري والنهج الاشتراكي وانتماء العراق للامة العربية واقر بوجود قوميتين رئيسيتين واقليات قومية اخرى وقد اعطى هذا الدستور صلاحيات تشريعية واسعة لمجلس قيادة الثورة الذي لم يكن منتخبا" من الشعب و كان جميع اعضاءه من حزب البعث ( عدا طه محيي معروف باعتباره ممثلا للكرد ونائبا" لرئيس الجمهورية) كما اعطى الدستور صلاحيات تشريعية ( شكلية) للبرلمان ( المجلس الوطني) الذي لم يرى النور الا بعد عشر سنوات من صدور دستور 1970 و قد كان الترشيح لعضوية مقصورا" على اعضاء ومؤيدي حزب البعث حيث نصت المادة 14 من قانون المجلس الوطني رقم 55 لسنة 1980 على شروط الترشيح ومنها ان يكون المرشح ( مؤمناً بمبادئ واهداف ثورة (17 – 30) تموز القومية والاشتراكية ).
لقد كان دستور عام 1920 دستورا" جامدا" حيث تطلب اجراءات صعبة ومعقدة لتعديله وقد اخذ هذا الدستور بالحظر الزمني حيث حظر اجراء تعديلات على الامور الاساسية حتى مضي خمس سنوات من نفاذه واخذ الدستور ايضا بالحظر الموضوعي الجزئي بشأن حقوق الملك ووراثته.
اما دستور عام 1970 فقد كان دستورا" ( مرنا") ويعدل بنفس الطريقة التي يتم فيها تعديل القوانين العادية ومن نفس الجهة التي اصدرته ( مجلس قيادة الثورة) بل ان ارادة شخص واحد هو ( رئيس مجلس قيادة الثورة ) بعد عام 1979 تكفي لتعديل الدستور او الغاءه بسهولة بالغة.
عهد دستور 1920 بالرقابة على دستورية القوانين لمحكمة خاصة سماها ( المحكمة العليا) يرأسها رئيس مجلس الاعيان وتضم 8 اعضاء اربعة من اعضاء مجلس الاعيان واربعة قضاة لكن هذه المحكمة لم تكن تجتمع الا بارادة ملكية وبناءا" على طعن مقدم من مجلس الوزراء او بقرار من احد مجلسي الامة اي ان هذه المحكمة كانت مقيدة بقيود ثقيلة تعيقها عن مهمة الرقابة الدستورية .
لكن دستور عام 1970 لم يشر اطلاقا" الى موضوع الرقابة على دستورية القوانين .
ثانيا": الواقع السياسي:
في واقع الامر لم يكن للنظام الديمقراطي في حياة العراق السياسية ابان الخقبة الملكية اي اثر كبير فقد كانت الانتخابات تزيف حيث أن قوائم النواب جميعا كانت تنظم من قبل رئيس الوزراء ووزير الداخلية والبلاط ثم تبلغ للموظفين الاداريين لتنفيذها وقد جاء ذلك صراحة على لسان رئيس الوزراء نوري السعيد .
ولقد اخفق النظام الملكي في توفير الحريات السياسيه فباستثناء فترات قليله (لاسيما بعد عام 1946م حيث اجيزت خمسة احزاب سياسيه منها الوطني الديمقراطي برئاسة كامل الجادرجي وحزب الاتحاد الوطني برئاسة عبد الفتاح ابراهيم وحزب الشعب برئاسة عزيز شريف) بقي العمل السياسي العلني حكرا على الموالين للبلاط الملكي وابرزهم حزب الاتحاد الدستوري برئاسة نوري السعيد وحزب الامه برئاسة صالح جبر. وكانت الاحزاب تتعرض للايقاف كما حصل في 1947م حيث جرى تعطيل حزبي الشعب والاتحاد الوطني بقرار اصدره رئيس الوزراء ووزير الداخليه وكالة المرحوم صالح جبر. وقبل ذلك جرى حرمان (عصبة مكافحة الصهيونيه) وحزب( التحرر الوطني) من حق العمل السياسي العلني.
ولم تشهد البلاد انتخابات نيابيه نزيهه بالمعنى الصحيح. وعندما استطاعت ( الجبهه الوطنيه) ( التي تضم الحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال والشيوعيين الذين طرحواانفسهم كممثلين للطلبه والشباب والاطباء والعمال والفلاحين) عام 1954م ايصال احد عشر من ممثليها الى البرلمان جرى حل هذا البرلمان بعد فتره قصيره من تشكيله.
وتعرضت العديد من اعمال الاحتجاجات الجماهيريه السلميه الى القمع الدموي حيث جوبهت التظاهرات التي اندلعت عقب توقيع معاهدة بورتسمورث عام 1948م بالرصاص وسقط العديد من القتلى على الجسر الذي اصبح يعرف فيما بعد بجسر الشهداء.وقبل ذلك بعامين وتحديدا في تموز1946م تعرض اضراب عمال النفط في كركوك الى اطلاق نار تسبب في سقوط عدد من الضحايا في الحادثه الشهيره التي اصبحت تعرف بحادث كاورباغي .
وفي عام 1949م تم اعدام العديد من قادة الحزب الشيوعي من بينهم فهد مؤسس الحزب بسبب انتماءهم السياسي رغم موجة الاحتجاجات الداخليه والخارجيه وتم تعليق جثثهم في ساحات بغداد الرئيسية في سابقة ( مع الاشارة لتعليق جثة العقيد صلاح الدين الصباغ امام وزارة الدفاع عام ١٩٤١) اسست لهذا النوع من الممارسات اللاانسانية والتي تكررت كثيرا" في تاريخ العراق الحديث.
واذ يؤكد د. منذر الشاوي ان النظام البرلماني يقوم على سيادة البرلمان الا ان الامر لم يكن كذلك في العراق الملكي فكان مجلس النواب اضعف من ان يقف امام سلطة تنفيذية طاغية فأنه يعزو ذلك الى ضعف تمثيل البورجوازية العراقية لان هذه الطبقة كانت ضعيفة وكان البرلمان في جزء كبير منه يمثل اصحاب الاراضي والشيوخ . وقد فقد البرلمان ثقته بنفسه ولم يجرؤ على حجب الثقة عن الحكومة بل بالعكس كانت السلطة التنفيذية تغالي في حل البرلمان فبأستثناء مجلس واحد من مجموع ستة عشر مجلس لم يتمكن مجلس النواب من اكمال دورته .
اما الوضع السياسي في عهد البعث الثاني فلم يكن افضل بل كان أسوأ بكثير فقد تركزت السلطة في البداية بيد حزب واحد ثم اصبحت بعد عام 1973 بيد رجلين ( الرئيس والنائب) ثم اصبحت بيد رجل واحد بعد عام 1979 الذي كان يحق له اصدار ماشاء من قرارات بموجب المادة (42) والمادة ( 56) من الدستور المؤقت من خلال مراسيم جمهورية او من خلال القرارات و القوانين التي يصدرها مجلس قيادة الثورة.
ولم تحظى الاحزاب السياسية بحرية العمل السياسي عدا فترات قليلة ( الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد توقيع اتفاقية آذار حتى تجدد القتال في كردستان عام 1974 والحزب الشيوعي العراقي من عام 1973 حتى عام 1979 في اطار الجبهة الوطنية والقومية التقدمية).
اما حرية الصحافة فكانت حبر على ورق ولم تسمح السلطة بصحافة خارج اطار الحزب الحاكم الا في حالات استثنائية ( جريدة التآخي من عام 1970 حتى عام 1974 وجريدة طريق الشعب والفكر الجديد من عام 1973 وحتى عام 1979 وبعض المجلات الثقافية ووفق ضوابط صارمة جدا")
وشهد موضوع حقوق الانسان تدهورا" كبيرا" وكانت الاعتقالات واحكام الاعدام والسجن تطال اوساط واسعة من الناس في ظل صدور قوانين قاسية غير مسبوقة في تاريخ العراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تجهز لنا أكلة أوزبكية المنتو الكذاب مع


.. غزة : هل تتوفر ضمانات الهدنة • فرانس 24 / FRANCE 24




.. انهيار جبلي في منطقة رامبان في إقليم كشمير بالهند #سوشال_سكا


.. الصين تصعّد.. ميزانية عسكرية خيالية بوجه أميركا| #التاسعة




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الدفاع المدني بغزة: أكثر من 10 آلا