الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معزوفة -المشروع الإيراني- السوري- والحجة المنقذة

كمال رزق

2006 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


في لحظة خضوع ... تأتي التحليلات والتأويلات والآراء والمواقف ملتفة حول عنق الحقيقة .. فالجميع يريد لها الموت السريع..كيف لا وهي الفاضحة ... كيف لا وهي الشاهد على عمالة أصبحت إيديولوجيا جديدة في شرق أوسط جديد.
تأتي التحليلات طويلة ، مملة ، دون أن تهدف لفضح جرائم العدو طبعاً ولا لوصف مجازره ؛ ولكن فقط كي تثبت بكل الرياء السياسي أن وراء ذلك العدوان هو مشروع ليس إسرائيلي- أمريكي كما يفهمه البسطاء بل هو مشروع آخر سمي المشروع الإيراني – السوري على الأرض اللبنانية وأن هذه القضية ليس قضية لبنانية أصيلة..وأن الذين قاموا بعملية أسر الجنديين هي ميليشيات إيرانية سورية وليست مقاومة لبنانية...وهم يدركون أن هذه المواقف لن توقف العدوان بقدر ما تبرره؟ ولن تصب في خانة الوحدة الوطنية(التي يتشدقون بها) بقدر ما تؤدي إلى نسفها .
هذه الكلمة السحرية أنقذت- بالطبع- ماء وجه الكثيرين( بخلطها للأوراق) داخل لبنان وخارجه وأصبح كل من يرددها وطنياً حتى لو ساند المعتدي؛ حتى لو وقف في الخندق المواجه لخندق المقاومة؛ على قاعدة إذا كنا نحن عملاء لأمريكا وإسرائيل فأنتم عملاء لإيران وسوريا.. بل أن العمالة الأولى أخف وطأة على اللبنانيين من الثانية( طبعاً كما يروجون لها).
وأما هؤلاء الوطنيون في الداخل فيتحدثون عن خوفهم من احتمال العودة السورية إلى لبنان( هذه الهواجس التي لا تسكن سوى أذهانهم) وأما وجود خمسة عشرة ألف جندي إسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية بالفعل فهذا لا يدعو للخوف أو حتى الحرج.
يتحدثون عن التدخل السافر لوزيري خارجية إيران وسوريا في الشؤون الداخلية اللبنانية حين يعلنا فقط عن دعمهما لكل ما يتوافق عليه اللبنانيون جميعا( وكلمة جميعا هذه هي التي تزعجهم!!) وأما جون أبي زيد أحد جنرالات الجيش الأمريكي المحتل للعراق فيحق له تخويفنا من حرب أهلية قادمة على لبنان.
ونسمع أن وزير الخارجية السوري والذي تستضيف بلده الآن أكثر من ثلاثمائة ألف مواطن لبناني هجر من بلده أنه شخص غير مرغوب به في لبنان وبالمقابل يستقبلون بالأحضان وزيرة خارجية أمريكا التي تصنع قنابلها المجازر والدمار بل ويجتمعون معها على مائدة عشاء ممزوجة بدم الضحايا اللبنانيين.
وحين يخرج بعض اللبنانيين بمظاهرة عفوية إلى مبنى (الإسكوا) بعد مجزرة قانا الثانية المروعة والتي استطاعت أن تهز مشاعر العالم( وهذا نجاح بحد ذاته في هذا الزمن الرديء!! ) يأتي أحدهم بكل بلاهة( إذا افترضنا حسن النية) ليتهم النظام السوري بأنه وراء تلك المظاهرة ..
يتصيدون أي زلة لسان لأي مسؤول سوري بينما يتغاضون بكل محبة عن تصريح أحد الذين منحوه وسام الأرز" جون بولتون" سفير أمريكيا لدى الأمم المتحدة بأن دم الأطفال الإسرائيليين هي أغلى من دم أطفال لبنان .
نسمع بعضهم يردد وبحسد حقيقي غبي وتافه أن السياح الأجانب في لبنان وبعض اللبنانيين هم من انتقلوا إلى سوريا( وليس ثلاثمئة ألف نازح) وبالتالي فإن أهداف تلك الحرب أصبحت واضحة الآن وهي لطش السياح الأجانب من لبنان وبعض السياح اللبنانيين من قبل سوريا ( هذا الإسفاف هو ما سمعته فعلا من بعض المحللين السياسيين اللبنانيين الكبار) .
لست هنا بمعرض الدفاع عن النظام السوري أو النظام الإيراني طبعاً ولكن ما كان يصح قوله في الأمس أصبح اليوم مبرراً للقتل والتدمير والتهجير وعلينا جميعاً أن نعي ذلك... لم تعد هذه آراء سياسية..لم تعد تحليلات تقفز عن الواقع؛ فكل من يحول الأنظار عن المعتدي الحقيقي هو مشترك في الجريمة .
لا يكفي أن ندين العدوان الإسرائيلي ثم نسرع لأقرب تحليل من شأنه أن يعطي مبررا ًأو ذريعة له فيصبح وقعه أخف وطأة على اللبنانيين والحقد عليه يتحول إلى الحقد على كل ما هو سوري أو إيراني.. فحتى انطوان لحد والذي لا يختلف اثنان على عمالته لإسرائيل أدان ذلك العدوان بل كان تصريحه أكثر وطنية من تصريحات بعض هؤلاء وبالمناسبة فإن الإذاعة التي كانت تتبع له هي أول من كانت تصف المقاومة اللبنانية بأنها( ميليشيات العدو الإيراني السوري) وهذه الجملة يرددها الآن هتافو 14 آذار بالسر وبالعلن بعد كل قنبلة أو صاروخ يسقط على رؤوس المدنيين...

لم ننس بعد أن المقاومة ضد الاحتلال هو حق مقدس مهما حاول العقلاء أن يثبتوا عكس ذلك ولو كانت المقاومة من جماعة راديكالية فهذا لا يدينها بقدر ما يدين هؤلاء الذين تربوا من خلال أدبياتهم الحزبية على النضال ضد مشاريع الإمبريالية والاستعمار لكن كل هذه التربية لم تنفع معهم .
نقول لهؤلاء: من الذي يؤمن أكثر بالتعددية والعيش المشترك؟ الذي يبرر القتل الجماعي ويدعو إلى معاقبة شريحة كبيرة من النسيج الإجتماعي اللبناني ؛ أم الذي سيهدي انتصاره لكل اللبنانيين ؟
فقط أخفضوا أصواتكم قليلاً كي نستطيع سماع أصوات القنابل وعويل المنكوبين
فقط تواروا قليلاً عن الأنظار كي يتسنى لنا رؤية المجازر بحق الأبرياء
فقط دعونا بكل سذاجتنا نميز أعدائنا من أصدقائنا ووطنيونا من عملائنا
وأخيراً فحتى لو قال حسن نصر الله أنه سيهدي انتصاره لكل اللبنانيين .. فإن التاريخ قطعاً لن يهديه لغير الوطنيين الحقيقيين في لبنان والعالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح