الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تلمس المرأة البيضاء 1974(ماركو فيري):لمحة سوداء عن التاريخ الأمريكي وانتقاد قيم نيكسون

بلال سمير الصدّر

2021 / 6 / 14
الادب والفن


لا تلمس المرأة البيضاء 1974(ماركو فيري):لمحة سوداء عن التاريخ الأمريكي وانتقاد قيم نيكسون
الفيلم هو من كتابة ماركو فيري ويشارك فيه عمالقة تمثيل تلك الفترة وهم-تقريبا-اصبحوا يشكلون العشيرة السينمائية،على شاكلة كاثرين دينوف وميشيل بيكولي ومارسيلو ماستروياني وأوجو توغنازي وهو الممثل الذي كان مع ماركو فيري منذ البدايات.
ماذا لو حصل تداخل في الزمن...ماذا لو أرتدت حرب التطهير العرقي التي مارستها الولايات المتحدة على الهنود الحمر بحيث عاد اشخاص من ذلك الزمن الى هذا الزمن-زمن الفيلم- في الفترة التي كان فيها نيكسون رئيسا للولايات المتحدة.
المعطيات في هذا التداخل الزمني المقصود هو أننا لانقود حربا مرة أخرى،فهذه الحرب انتهت وانبثقت عنها أكبر أمة رأسمالية على الأطلاق...ولكن ماذا لو قدنا هذه الحرب ضمن معطيات أخرى...ضمن معطيات الحضارة الرأسمالية زمن فضيحة ووترغيت...وكأن ماركو فيري يقول ان المذهب النفعي بالتأكيد هو الغالب على أي قيمة وطنية أخرى.
أي ان القيمة العليا للمجتمع البارغماتي هو المنفعة،ولكن هذا المعكوس،هو معكوس ملفت للنظر،على انه خيالي غير قابل للتجربة،لأن الحضارة الأمريكية بنيت أساسا على فكرة التطهير العرقي،ولن تنشأ الفكرة الرأسمالية قبل حصول هذا التطهير،ولكن ما يلفت اليه المخرج النظر هو البنية الحالية للمجتمع الأمريكي القائم حاليا على المنفعة قبل اعلاء أي قيمة ذات معنى وطني.
إذا،هذه الرؤية التهكمية القائسمة كما قلنا،على الخلط بين الأزمنة بحيث تعود القوة الاستعمارية التي طردت الهنود ذات مرة الى هذا العالم المعاصر لتشن نفس الحرب ولكن بمعطيات جديدة.
إذا،الزمن هو المختلف،والزمن خلق معطيات أخرى للنظر الى الأمور،ولكن الحرب هي نفسها ولكنها ليست حربا جديدة.
الزمن مختلط،سقط فيه القديم على الحديث،وليس العكس،فهناك رجال اقتصاد يعتبرون انفسهم قائدي الحضارة الجديدة،ويعتبرون السكان الأصليين غوغاء فوضيين غير مؤمنين بأي شيء،وخلط الأزمنة يبدو واضحا جدا في الفيلم،فالزمن بمعطياته المتغيرة الجديدة قائم على نفس الحجج الكولينيالية التي اصبحت تحفر بالتاريخ،وهذه بالأساس هي نظرية العود الأبدي لنيتشة،أي حجج تقديم الحرية على طبق من ذهب مع زجاجة بيبسي،ومع عودة القائد العنصري (كستر) من الماضي ،الذي يؤمن تماما بتفوق العرق الأبيض ليقيم حربا ذات دافع ومبررات وطنية بالنسبة اليه،ولكنه لاحقا-سواء أكان اكتشف ذلك أم لم يكتشف-سيصبح مجرد أداة نفعية للسلطة التعددية الامبريالية،فالامبريالية اصبحت ذات اسم جديد:
لقوة الاقتصادية...قوة التحكم الاقتصادي
فالسلطة المطلقة التي كانت في ذلك الزمن للقائد أصبحت أقل،أو حتى مزيفة يتحكم فيها اناس آخرين من خلف الكواليس لتحقيق المنفعة الفردية ليس إلا...
يخاطب كستر (مارسيلو ماستروياني) ميتش(أوغنو توجنازي)-ميتش هندي من السكان الأصليين ظاهره الانشقاق ولكنه في حقيقته ممثل تام للسلطة الزمنية الحالية(النفعية)-:لا تلمس المرأة البيضاء
المرأة المشار اليها بالجملة أعلاه هي عاهرة، ولكنها بالنسبة لكستر تبقى امرأة بيضاء
في الحقيقة،هناك ذرائعية واضحة لتبرير الابادة،ولكن هذا ليس الموضوع،فالمعايير اختلفت،فأمريكا نيكسون هي امريكا المصلحة،ومع انتصار الهنود في نهاية الفيلم،سينسحب من يقود المعركة فعليا،لأن الأمر لم يعد مجدي اقتصاديا على الاطلاق...
هنا يجمع ماركوفيري بين شيئين هما:لمحة سوداء عن التاريخ الأمريكي،وانتقاد واضح لأمريكا المعاصرة عصر الرئيس نيكسون تحديدا.
على العموم،الفيلم ليس بالمثال القوي لنقد الذرائع الأمريكية،فكما نعلم ان امريكا هي خير من انتقدت نفسها بنفسها،وعلى سبيل المثال أفلام أوليفر ستون أو فيلم راقص مع الذئاب،ويبدو الفيلم صغيرا جدا ومبتذلا على كبر حجم الموضوع الذي يحاول أن يتكلم عنه،والحيز الفني الذي تدور فيه القصة هو حيز ضيق للغاية،وهذه الكناية المفتعلة هي أقل أفلام ماركو فيري شأنا.
1/4/2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هام لأولياء الأمور .. لأول مرة تدريس اللغة الثانية بالإعدادي


.. اعتبره تشهيرا خبيثا.. ترمب غاضب من فيلم سينمائي عنه




.. أعمال لكبار الأدباء العالميين.. هذه الروايات اتهم يوسف زيدان


.. الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت في مهرجان -كان- بفستان بـ-ألو




.. مهرجان كان 2024 : لقاء مع تالين أبو حنّا، الشخصية الرئيسية ف