الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البيان الأخير للملك شهريار: شرارة بائسة في رماد الذكورية العربية

المثنى الشيخ عطية
شاعر وروائي

(Almothanna Alchekh Atiah)

2021 / 6 / 14
الادب والفن


بجرأة النظر في العينين القاسيتين على المواجهة لمرآة الحقيقة، وقف النجم السينمائي الفرنسي آلان ديلون، الجميل ومعشوق النساء، في لحظة من لحظات أفول شبابه ليواجه قسوة معنى أن يصبح "كازانوفا" عجوزاً، متصابياً، غير مرغوب فيه من قبل الصبية التي يعشق، وتفوح من جسده رائحة شيخوخة غير مستحبة...
وتلك الوقفة كانت لحظة من من لحظات حروب الفن في مواجهة أسنان الفناء، والتي حاولت تثبيت لحظة جمالية في حياة نموذج شخصية " كازانوفا"(1) المعروفة (هي لحظة شيخوخته)، لصياغتها بعين جديدة وإطلاقها في حركة ديمومة الطازج والباهر الذي يحاول منح الناس بعضاً من نبض تجديد حيواتهم.
ما الذي نريد تثبيته ومن ثم إطلاقه في هذه اللحظة النقدية التي تحاول اصطياد لحظة جمالية بقوس الفن نفسه باعتبار ضرورته الأولى: انتزاع اللحظة الجمالية من شدق الزمن وتثبيتها الذي يعني إطلاقها في حركة ديمومته...
"البيان الأخير من الملك شهريار"/ قصيدة الشاعر نزار قباني المنشورة في "جريدة الحياة" كتنويعة من "التنويعات النزارية على مقام العشق"(2) بتاريخ 13 أيلول 1996م.. ربما تكون "لحظة الفن" التي تحاول لحظتنا النقدية إيقافها وإطلاقها بسبب ما تحمله من قيمة كشفها كبقعة مترمّدة تثير الاختلاف حول كونها حافلة بالجمر في جسد "الذكورية العربية" التي يمثل الشاعر النجم نزار قباني (وإن لم يشر نقاده صراحة إلى ذلك) أحد نماذجها الأكثر تعبيراً عن لحظات ألقها وخوائها على مدى أكثر من خمسة عقود، وهذه المرة لحظة شيخوخة الشاعر شهريار المصوغة ببيان صراعه الأخير معها...
بيان الذكورية المترمّدة
انطلاقاً من منهجنا الذي يضع النص أولاً في الاعتبارتحت تشريح عين مجهر النقد كشرط قبل أي تنظير أو تقرير، سوف نضع بعض الملاحظات التي تخص اللحظة/ موضوع دراستنا قبل ربطها بالأجزاء التي تكمل الصورة.
بدءاً من العنوان: "البيان الأخير من الملك شهريار".. نعرف أن القصيدة هي بيان لشخصية الملك شهريار المرتبطة بالذاكرة الشعبية على أنهاشخصية ملك كره النساء بسبب خيانة زوجة، وقرر قتل امرأة كل يوم عند الفجر بعد زواجه منها إلى أن تأتي امرأة هي شهرزاد، تتزوجه وتؤخر عملية القتل ألف ليلة وليلة عن طريق رواية الحكايا للملك الذي يظل معلّقاً بخيط التشويق مثل طفل، وتعطينا كلمة "الأخير" في البيان مدلول أنه تصريح ما قبل التوقف/ الموت أي التصريح الذي يتضمن عادة الاعتراف، فما هي هذه الاعترافات؟!...
تبدأ القصيدة بـ "كبّري عقلك ياسيّدتي..."، أي بخطاب الذكورة التي اعتادت اعتبار المرأة "دون" الذكر، وبتهذيب "التنكير"، "يا سيّدتي"، واعتبار أنها "دوناً" يخضع للغيرة السطحية، وأن عليها أن ترى مشاعر الملك الحقيقية خارج انفعالها العاطفي.. ونتابع هذه المشاعر لنجد أنها الخطاب المعتاد لزوج مشكوك بأنه خائن "لا يوجد غيرك"، وبلغة الشاعر نزار قباني المباشرة والأحادية الدلالة " لا سمراء أو شقراء أو سوداء أو صفراء تستدعي اهتمامي" لأنه يؤمن "بالتوحيد في دين الهوى" وأن على المرأة الواحدة الوحيدة الغيورة أن تضع رجليها في الثلج وتنام.
وكما هو متوقّع لمن درس نزار جيداً وفهم جوهر خطابه، نرى في المقطع الثالث من القصيدة الشاعر الـ "دون جوان"/ الذكر، الفحل يضع نفسه في المركز حيث هو الذي لا يرى غيرها: "الجميلات على كل رصيف/ غير أني لا أرى غيرك في هذا الزحامِ/ والجميلات يحرّكن أحاسيس المرايا/ غير أني لم أعانق في حياتي أي نهدٍ من رخامِ/ والشهيرات يوزعن التواقيع يمينا وشمالاً/ غير أني لا أرى شيئاً أمامي".. غير أنه وكعادته، تنتابه لمعة تجلٍّ يختلط فيها الوجه بالقناع وتبدو له فيها نفسه على حقيقتها فيناقض خطابه الأول وتبريراته في المقطع الرابع الذي يعترف فيه بتقريرية أن "العصر النزاري" الذي أسسه انتهى، وأنه لم يعد يملك "سيفاً واحداً أو حصاناً واحداً"، ونحن نعرف ببساطة أن السيف والحصان هما تعبيران عن الذكورة والاختراق الذي ضمر عند الشاعر ووضعه وفق تعبيره في "حزب السلام"...
وكالعادة أيضاً يعود الشاعر في المقطع الخامس ليقنع الحبيبة الشكاكة أن تطمئن لأنها الواحدة التي أطعمه نهدها بتعبيره "قصب السكّر والمانغو ونارنج الشآمِ". ونكتشف أن هذا النهد هو نهد أمه: "فاشرحي لي كيف أمضي هارباً من صدر أمي/ ومن التوت الذي يقطر من حلمتها.." أي كيف لي أن أخونك وأنا طفلك، كما نكتشف ويتأكد ذلك في المقطع الثامن أن الحبيبة الواحدة أو "كل امرأة أحببتها كان لا بدّ بأن تشبه أمي". وهذا الاعتراف الدال على التعدد وعلى أنه لم يحب كائنة لشخصها يناقض كالعادة ما جاء في المقطعين اللذين يسبقان هذا المقطع، واللذين يؤكد فيهما أنه " يؤمن بالتوحيد في دين الهوى" وأنه "عشيق جيد وأحادي الولاء" وأنه "لم يكن يوماً شهرياراً" وكان لامرأة واحدة...
وكالعادة أيضاً يعود للتأكيد في المقطع التاسع على انتهاء العصر النزاري الذي يلخصه بالتالي (الورد الدمشقي ـ الكحل الحجازي ـ العطر الفرنسي ـ الشعر المجنون على الأكتاف ـ النهد المسافر إلى الله) وهذه المرة باعتراف خروج المرأة نقسها، النكرة/ راوية، فاطمة، رانية... إلخ) عن طاعته وسلطته الملكية الذكورية، ويؤكد في المقطع العاشر والأخير انتهاء العصر النزاري بنرجسية ربط هذا الانتهاء بانتهاء: "الحب كما نعرفه" و "الدخول في زمان النرجسية"!!؟ حيث: "يبست ذاكرة العشاق حتى/ لم يعد يذكر قيسٌ/ اسم ليلى العامرية".
انسجامات التيه
قبل أن نخرج من النص/ البيان إلى مقارنته بما صدر قبله للشاعر من بيانات يمكننا إكمال الصورة فنياً بالسؤال: هل تنطبق فنية شكل النص الذي يصدّره الشاعر على أنه حديث وثوري ومتجاوز، على المعنى الذي قلنا غنه بجوهره غير ذلك لانسجامه مع، أو تعبيره عن قيم التخلّف؟...
إذا اكتفينا من لغة النص بما يخدم "اللحظة" التي ندرسها واكتفينا بالقول إنها أولاً تقريرية، أي إنها لغة الجواب الحافلة بإنك وأنا: "فأنا أعرف بالتحديد ماذا من حبيباتي أريد/ ومن الشعر أريد/... إلخ"، والتي هي لغة ميتة بمفهوم الحداثة وإن استخدمت كلمات حية.. وإنها ثانياً لغة ببعد واحد، خالية من الإيحاء الذي يفتح صدر سؤالات الجمال: "كبّري عقلك ياسيدتي/ إن ما تحكينه عن وجود امرأة ثانية / في جواريري وفي ذاكرتي/ هو تأليف روائي وشطحات خيال"، والتي هي أيضاً لغة ميتة بمفهوم الحداثة.. وإنها ثالثاً لغة تعميمية تجزيئية يشوبها الإنشاء الذي يشي بالترحال الثقافي والمثقفين الرحّل كما يعبّر محمد عابد الجابري: "انتهى العصر النزاري الذي عاصرته/ وانتهى الحب الذي نعرفه/ ودخلنا في زمان النرجسية/ يبست ذاكرة العشاق.. حتى/ لم يعد يذكر قيس/ اسم ليلى العامرية"... وإذا قلنا إن هذه الارتحالات والخروجات تعبّر عن عدم التراتب في العقل، وإنها ليست بأي شكل النص المفتوح الذي تتحدث عنه الحداثة، والذي هو بنية تفضي إلى بنية تفضي إلى بنية تفضي إلى.. داخل القارئ الذي يتابع كتابة النص بما أغناه من جمالٍ ومن تساؤلات.. فإنه يمكننا القول إن هذا النص منسجمٌ شكلاً ومضموناً، ومعبّر حقيقة عن الشاعر الكبير/ النجم الذي حاول بعض النقاد دراسة عصر عربي من خلال شعره ونثره وتصريحاته، وخرجوا بنتائج تلمس آلية العقل الذكوري العربي في مرحلة من مراحل تيهه وتوهانه... ولكي لا نظلم النص بتجاوزنا للحجة التي يمكن أن تقال بأن خطاب هذا النص هو "خطاب قناع" كما فعل نزار في بعض قصائده مثل القصيدة التي تتحدث عن السحاقيات، وقصيدة المرأة التي تدين بربرية الذكر، والتي قالها على لسان امرأة.. نتفحص النص جيداً لنرى أن خطاب الملك شهريار هو فعلاً خطاب الشاعر نزار من دون ارتداء قناع الملك، وإن قال: "كبّري عقلك ياسيدتي/ فأنا ما كنت يوماً شهرياراً"ً، والذي يدلّ على التأكيد عبر النفي في خطاب الدونجوانية التي تتوخى الإبقاء على جمرة العشق متأججة، حيث: "انتهى العصر النزاري الذي أسسته/ وانتهت كل حروبي وفتوحات غرامي... إلخ"، وحيث: "خرجت فاطمة عن طاعتي/ خرجت راوية...إلخ"، وحيث: "انتهى الحب الذي نعرفه/ لم يعد يذكر قيس اسم ليلى العامرية".. والتي لا تشكل ارتداء أي قناع لاستبطان شخصية شهريار وعقده النفسية عبر الفن من أجل التطهر منها، بل على العكس، وهذا ما يحدث بالنسبة إلى العقل الذكوري العربي المتخلف: لتبنّيها وفرض "الدونية" على المرأة بأشكال غشّ العشق، وبحرفية خطاب مطرب يكرّس الضياع، ويتكرّس ضياعه نفسه وتنفتح فجوات خوائه بفتوحات الوهمية نفسها، وبموارباته وخداعه لنفسه عندما تفتر همة عصا هذه الفتوحات.
خط بيان الذكورية
تعبّر كلمة "الأخير"، ولا نعرف إن كان سيكون الأخير أم هي تجليات "الدونجوانية".. عن وجود بيانات سابقة للملك شهريار موجهة للمرأة.. فما هي علاقة "الأخير" بهذه البيانات بالنسبة إلى اللحظة التي ندرسها/ لحظة شعور الذكورية القائمة على انهزام أمام (آخر/ عدوّ/ واقع...)، وتعويض هذا الانهزام بانتصارات وهمية في جسد (آخر/ المرأة).. عند عجزها أمام الزمن الذي سيضع هذه الانتصارات على محك المراجعة.
لنقرأ ما سبق من بيانات حسب التطور العمري للشاعر الذي تصاعدت نرجسيته أي تأكيد ذاته كنمر يغزل جسد المرأة فنراه في ديوانه الأول "قالت لي السمراء": "أنا ماردٌ، فحاذري أن تكسري قمقه". ونرى القمقم الذي انكسر في "أنت لي" يفصح عن "بيجماليون"/ الذكر الذي صنع المرأة وأحال قمامتها إلى ذهب: "أنا من هديت الرياح إلى شعرك المرسلِ/ جبلتك إريق طيبٍ على العمر لم يجبلِ/ وحرّكت نهدك شمساً تدور فهل أنت لي/ أنا من عرفت هواه وآثرت أن تجهلي/ وحين اكتملت ذهلت عن الصانع الأولِ". ونراه في ديوان "قصائد" الكبريت والنار التي بدونها يكون جسد المرأة خشباً. ثم في
"الرسم بالكلمات" شمشون الذي إن أوجعته المرأة قال: "ياربي.. عليها وعليّا". ثم نراه مع تصاعد أهميته الشعرية الذكورية في "قصائد متوحشة": "تشرين/ شهر الريح والأمطار والبَرَدِ" الذي يضرب شواطئ "نهدي المرأة كالرعد الغاضب أو كالبرق"، والذي لا يكتمل جمال المرأة إذا لم يمرّ من تحت ذراعه.
ونراه وهو يبدأ انحدار سلطان ذكوريته في "أشعار خارجة على القانون": "ألقي على نهديك نظرة سائحٍ/ وأمرّ بالأشياء من غير اهتمامِ/ ماذا جرى لأصابعي/ وأنا الذي حرّكت باللمسات عاطفة الرخامِ/ ماذا جرى لزوابعي/ وأنا الذي في ذات يومٍ/ كنت سلطاناً على عرش الغرامِ".
ونرى مقاومة انحدار هذا السلطان في نهاية السبعينات بشتى وسائل تأكيد الذات فيتحول في "أحبك والبقية تأتي" إلى قدّيس تأتيه "نساء العالم الثالث/ " لأغسلهن بالكافور/ وأغمرهن بالبركات والحنة". ويدخل في معركة تأكيد ذاته عنصراً درامياً مذهلاً يتبلور في تصوير نفسه المضطهد المطلوب الرأس بسبب "ثوريته النسائية السياسية" من قبل السلطات والأنظمة العربية من المحيط إلى الخليج، فيقول في "مائة رسالة حب": "عندما قلت أحبك/ كنت أعرف أن المتوحشين سيتعقبونني بالرماح المسمومة وأقواس النشاب"، كما يقول إن: "جائزة كبرى ستعطى لمن يحمل لهم رأسي ليعلّق على بوابة المدينة كبرتقالة فلسطينية".. في الوقت الذي نعرف فيه أن هذا الشعر يجوب العالم العربي من الماء إلى الماء ليقيم الأمسيات ويلقي وينشر القصائد إياها بمباركة الأنظمة التي يدّعي أنها تطارده، وأنه الشاعر المحبوب المرغوب الذي ينال البركات من الشيوخ والأمراء حماة الإيديولوجية الذكورية، الذين يدّعي عداوتهم له، وربما كان مردّ ذلك إلى جوهر خطابه الشعري المعادي لتفتّح عقل المرأة وحرية إرادتها في أن تكون كائناً إنسانياً حراً مساوياً للكائن الآخر/ الرجل، والمناصر لأن تكون المرأة طريدة وجسداً مفلوحاً بطعنات الرجال الذكورية على الفراش.
ويستمرّ التذبذب والاعتراف والمقاومة في تنويعات بيانية يختمها بيان "أخير" عن استسلام الشاعر لحكمة الزمن، ولكن أيضاً المقاومة إياها: مقاومة الذكورية للحظة عجزها بـ "الترحال الثقافي" الذي يفتحه أمامها وعيها المختلط.. الترحال الذي أفرغ "لحظة العجز أمام مرآة الحقيقة" من حكمة الشيخ ونبل الرجل ليحولها من لحظة تعبير جمالية عن الرجولة الحقة تعبّر عن حروب الفن في مواجهة أسنان الفناء فتقدم لنا الطازج الباهر الذي يمنحنا قوة وجرأة الإقدام على نفض ما علق بأرواحنا من أدران، إلى محاولة بائسة تفصح عن الغش الكامن في الخطاب الإيديولوجي الذكوري العربي إلى المرأة التي يخشى خروجها على الطاعة بالعمل والإرادة الحرة، فيقدم لها فخ خروج اللعبة بتدليل "الواحدة الوحيدة"، ضمن المحظيات اللواتي كل منهن واحدة وحيدة، وبتدليل صدر الأم للطفل/ الشاعر الذي ما زالت إيديولوجيا الذكورة تعتبره لعبتها الأفضل، وتغشه بالتصفيق على أنه فارس تحرير المرأة من دون أن تفصح له عن دوره الحقيقي المرسوم في مرآة الحقيقة القاسية مواجهتها على أنه فارس تكنولوجيا تعليب المرأة.
هوامش:
(1) فيلم سينمائي لآلان ديلون باسم: " عودة كازانوفا".
(2) ديوان شعر قيد الإصدار للشاعر نزار قباني
(3) قال بعض نقاد نزار عنه من قبل: إن المرأة لديه تمثال بمواصفات.

قصيدة : البيان الأخير من الملك شهريار


1
كبري عقلك ، يا سيدتي .
إن ما تحكينه عن وجود امرأة ثانيه ..
في جواريري .. وفي ذاكرتي ..
هو تأليف روائي .. وما يتبقى من نساء الأرض
ذرات رمال ..

2
لا تخافي .. لا تخافي ..
ما هناك امرأة شقراء .. أو سمراء ..
أو سوداء .. أو صفراء .. تستدعي اهتمامي .
أنا لا أرقص في الحب على خمسين حبلاً ..
لا ولا أشدو على ألف مقام .
إنني أؤمن بالتوحيد في دين الهوى
فضعي رجليك في الثلج .. ونامي ..

3
من تكون المرأة الأخرى ؟. وما أوصافها ؟
الجميلات على كل رصيف
غير أني لا أرى غيرك في هذا الزحام
والموديلات يحركن أحاسيس المرايا
غير أني لم أعانق في حياتي ..
أي نهد من رخام ..
والشهيرات يوزعن التواقيع يمينا وشمالا ..
غير أني لا أرى شيئا أمامي ..

4
إنتهى العصر النزاري الذي أسسته
وانتهت كل حروبي ..
وفتوحات غرامي .
لم أعد أملك سيفا واحدا ..
أو حصانا واحدا ..
أو سوارا ذهبيا واحدا تحت الخيام .
فاستريحي من عذاباتك ، يا سيدتي .
ليس عندي جبهة ثانية أفتحها
بعدما أصبحت من حزب السلام !!...

5
إطمئني ..
ما هناك امرأة تسرق منك العرش، يا سيدتي .
فأنا أعرف دربي جيدا نحو أبراج الحمام ..
وأنا أعرف من أرضعني لبن العشق ..
ومن علمني أحلى الكلام ..
فاشرحي لي : كيف أمضي هاربا من صدر أمي ؟
ومن التوت التي يقطر من حلمتها ..
ومن الشمس التي تطلع من ضحكتها ..
كيف يا واحدتي ؟
أرفض النهد الذي أطعمني
قصب السكر .. والمانغو .. ونارنج الشأم ؟
كيف أمشي عاريا تحت الظلام ؟
وقميصي كان من ريش النعام ...

6
لست مجذوبا ..
لكي أهرب من عرس
وأبقى نائما فوق الجليد ..
فأنا أعرف بالتحديد ماذا
من حبيباتي أريد ..
ومن الشعر أريد ..
وأنا أعرف
أن لا شيء في العلم النسائي جديد !!.

7
كبري عقلك .. يا سيدتي .
فأنا ما كنت يوماً شهريارا ..
لا ولا ذوبت في الحامض أجساد النساء ..
كنت دوماً رجلاً لامرأة واحدة ..
وعشيقاً جيداً ..
وأحادي الولاء ..
إنني أؤمن بالتوحيد في دين الهوى .
وبأن العشق في جوهره
هو شعر من كتابات السماء !! .

8
ربما كانت طموحاتي غريبه ..
وهواياتي .. وأفكاري غريبه ..
عقدتي الكبرى التي لم أشف منها
أن كل امرأة أحببتها
كان لا بد بأن تشبه أمي !! .

9
إنتهى العصر النزاري
فلا ورد دمشقي .. ولا كحل حجازي ..
ولا عطر فرنسي ..
ولا شعر على الأكتاف مجنون ..
ولا نهد إلى الله .. يسافر ..
خرجت فاطمة عن طاعتي ..
خرجت راوية . خرجت رانية .
خرجت عن سلطتي أوعية المسك ..
وموسيقى الأساور ..
هربت كل العصافير التي خبأتها
تحت الضفائر !!.

10
إنتهى العصر النزاري الذي عاصرته
وانتهى الحب كما نعرفه
ودخلنا في زمان النرجسيه ..
يبست ذاكرة العشاق .. حتى
لم يعد يذكر قيس إسم ليلى العامريه !! ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط


.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش




.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح