الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى السنوية لميلاده: جيفارا الذي عاش

حسن مدن

2021 / 6 / 14
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


قبل سنوات حكى لي الخطاط والشاعر، المرحوم محمد سعيد الصكار الذي عاش في باريس، أنه أبدى لابنه الذي كان يدرس هناك في الجامعة استحسانه يوم عرف أن سيرة الثائر الارجنتيني: تشي جيفارا تدرس ضمن أحد مقررات الكلية التي يدرس فيها الابن.
قال الأب القادم من العالم العربي المعروف ببرامجه التعليمية المتزمتة مخاطباً ابنه: "أمر طيب أن تتمكن من التعرف إلى سيرة جيفارا من خلال مقررات الجامعة."
لكن الابن شرح لوالده أن تدريس حياة جيفارا في الجامعة لا يرمي لأكثر من تجريده، رجلاً وسيرة، من كل المضامين الإنسانية التي تنطوي عليها هذه السيرة وتحويله إلى مجرد ملصق...وكان الابن يعني أن الهدف هو إسقاط الجانب الأسطوري في سيرة هذا الثائر الذي كانت الديكتاتوريات العسكرية في أمريكا اللاتينية ترتعد من مجر ذكر اسمه، والذي قتل غيلة في عملية عسكرية دبّرتها الاستخبارات الأمريكية ضده في إحدى غابات بوليفيا منذ أربعين عاما يوم كان يشارك في قيادة حرب العصابات ضد النظام الموالي لواشنطن هناك.
وقد غدا هذا الرجل، ولا يزال، مثالاً وقدوة لأجيالٍ من الشباب في مختلف قارات الأرض. إنهم مأخوذون بشجاعته وإقدامه وانحيازه المطلق لقضية الحرية والعدالة الاجتماعية.
كان جيفارا قد شارك مع فيدل كاسترو وجيل الثورة الكوبية الأول في الهجوم على قلعة "المونكودا"، ودخل هافانا مع الفاتحين بعد إسقاط نظام الديكتاتور "باتيستا"، وأسهم في السنوات الأولى للثورة في بناء البلد، بل إنه كان وزيراً في أول حكومة شكلها كاسترو، رغم أنه ليس كوبياً.
غير أنه سرعان ما غادر كوبا ذاهباً إلى مواقع نضال جديدة. وكتب حينها رسالة مؤثرة إلى كاسترو كشف هذا الأخير النقاب عنها بعد استشهاد جيفارا.
جاء في الرسالة: "لقد أديت الواجب الذي عهدت به إلى الثورة الكوبية أداءً كاملاً. لذا فإني أتخلى عن جميع مناصبي كوزير وكقائد بل وكمواطن كوبي أيضاً.. إن أمماً أخرى تطلب خدماتي ويتعين علي أن أغادركم. سوف أكون مستعداً لتقديم حياتي في سبيل تحرير أي بلد في أمريكا اللاتينية وإذا دعت الضرورة لذلك. إني أترك ورائي أعز ذكرياتي وأحب الناس إلي، وإذا واتتني منيتي في أي مكان سأحمل معي دائماً المثل الأعلى."
ما توقعه جيفارا لنفسه في رسالته الوداعية لرفيقه فيدل كاسترو من أن توافيه المنية حدث تماماً.
بعد مغادرته كوبا رحل إلى الكونغو محاولاً إشعال فتيل للثورة هناك، ولما لم تكن الظروف مهيأة لذلك، عاد مرة أخرى إلى أمريكا اللاتينية مواصلاً عمله الثوري، ولكن هذه المرة في بوليفيا، حيث ألقي القبض عليه في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 1967، من قبل قوات من الجيش البوليفي يرافقها عميلان في وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية، وهو على رأس مجموعة من المقاتلين الذين صمدوا في مواجهة أيام طويلة من المعارك والجوع والأمراض.
واقتيد البطل الأسطوري الذي كان حينها في التاسعة والثلاثين من عمره إلى مدرسة مهجورة أمضى فيها ليلته الأخيرة. وفي اليوم التالي بعد الظهر تمّ إعدامه.
ويروي مانويل كورتيز أحد فلاحي البلدة التي أعدم فيها جيفارا شيئاً من تفاصيل ذلك اليوم، متذكراً نظرته الثاقبة ونوبات الربو التي كانت تمنعه أحياناً من الكلام.
يتذكر المزارع وصول 1800 جندي إلى بلدته الصغيرة المشرفة على الأدغال: "كانوا يعرفون من أين سيمر وحضّروا له كميناً أسروه فيه. في تلك الليلة احتفل القتلة واحتسوا البيرة حتى الثمالة، وسأل احدهم آخر ضاحكاً: أتريد قتله أم أفعل أنا هذا"؟
وفي التاسع من أكتوبر/تشرين الأول، انطلقت رشقات من أسلحة رشاشة داخل المدرسة انتهكت الصمت الذي كان مخيماً على البلدة. عندها أدرك المزارع أنهم قتلوه. ركض ليراه والدم يغطي صدره، فيما كان الجنود يقفزون فرحاً ويتعانقون.
يؤكد الرجل الذي كان لايزال يقيم في كوخ من الطين والخشب أن هذه الذكريات "محفورة في ذهنه إلى الأبد"، موضحاً: “كنت أكن الكثير من المحبة لتشي. في الواقع كان يناضل من اجل الفقراء."
أما البلدة التي أقامت في ساحتها نصباً للثائر الكبير، فتحولت إلى ضريح صغير لإحياء ذكرى "التشي"، حيث إن صوره مرفوعة في أغلبية المنازل. وأصبحت المدرسة متحفاً تحمل جدرانه شعارات كثيرة منها "ارنستو نضالك رسم طريق حياتنا"، و"تشي أنت حي فينينا إلى الأبد."
والحديث عن جيفارا لا ينتهي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جيفارا حي
أنور نور ( 2021 / 6 / 14 - 17:55 )

https://www.youtube.com/watch?v=ZtREbwZEfZM

اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م