الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجارة الدواء في العراق

محمد رضا عباس

2021 / 6 / 17
الطب , والعلوم


الدواء ليس مثل بقية المواد الاستهلاكية ذات الطلب المرن , الطب على الدواء غير مرن , بمعنى ان المريض مستعد ان يدفع اي سعر من اجل اقتناءه. هذه الحالة هي التي تقود بعض الفقراء من المرضى بطب المساعدة المالية من الاقارب والمحسنين من اجل شراءه ,وهي ظاهرة اصبحت معروفة في العراق . انها كارثة انسانية تقع على المرضى الفقراء الذين لا يجدون من يساعدهم دفع اجور دوائهم فيضطرون الاستجداء في شوارع المدن .
ليس من العادة ان يستنجد المرضى باهل الاخير والقربى من اجل شراء دوائهم في الدول المتقدمة , لان هناك برامج توظف لمساعدة المحتاجين منهم . اما في العراق , فان المريض يضطر الى مراجعة العيادات الطبية الاهلية بسبب عدم قدرة المستشفيات الحكومية تلبية حاجاتهم , وهنا تقع الكارثة على المرضى الفقراء واصحاب الدخل المحدود خاصة اذا وقعوا تحت يد طبيب لا يحترم شرف المهنة ولا يخاف يوم المعاد.
لا ادعي ان جميع الاطباء من الظالمين , لان لكل قاعدة شواذ , الا ان هناك براهين دامغة تؤكد ان بعض الاطباء في العراق يحاولون جميع ثروتهم حتى ولو كانت على حساب شرف المهنة او الفقراء. و خير دليل على ما نقول هو ندرة نساء الحوامل من لم يتعرضن الى العمليات القيصرية وفتح البطن , والسبب في ذلك هو ان الاجور التي تتقاضاها الطبيبة المختصة بالولادة من العملية الجراحية اعلى بكثير من الولادة الطبيعية .هذه الحالة هي التي دعت احد اطباء العراق المحترمين بأرسال رسالة بالصوت والصورة يطالب بها اطباء اختصاص الولادة بالإقلاع عن هذه الطريقة الغير اخلاقية . لقد ذكر لي احد الاصدقاء ان هناك عمولات يستلمها الطبيب من المستشفى عن كل عملية ولادة اضافة الى الاجور التي يستلمها من ذوي المولود لهم .
نصيب الرجال من فساد مهنة الطب لا يقل عن خواته النساء. لقد اكتشف الاطباء الفاسدين طرق غير اخلاقية وغير انسانية لابتزاز المرضى , ومنها تعيين دواء غير ضروري وغير مفيد من اجل تسويق دواء معين مقابل عمولات من شركات الدواء او المجهزين . العمولات قد تكون نسبة ربح معينة, سفرة عائلية الى دول معينة , وحتى يصل الامر الى سيارة من النوع الحديث .
بعض الاطباء اصبح يستلم ثلاث اجور بدلا من اجرة واحدة مع كل مراجعة , الاولى اجرته والثانية حصته من سعر التحليل والثالثة حصته من قيمة الدواء الذي يصر الدكتور على شراءه من صيدلية معينة او من مختبر معين .
لقد غابت الثقة بالطبيب العراقي عند كثير من العوائل العراقية بعد ان كان قطاع الصحة في العراق من القطاعات المتقدمة في العالم العربي والمنطقة , واصبحت العائلة تفضل الذهاب الى الهند او ايران او الاردن لغرض المعالجة . لقد ذكر صديق لي ان الطائرات القادمة والمغادرة الى الهند من العراق من العادة تغص بمرضى العراقيين , وبذلك اصبح العراق يخسر مرتين الاولى هي صرف العملات الاجنبية خارج العراق وثانيا , دخل وطني من الممكن الاستفادة منه داخل العراق.
لا يجوز البقاء على هذه الحالة , ولابد لوزارة الصحة و نقابة الاطباء العمل الجاد من اجل ايجاد مخرج لمشكلة تجارة الادوية واعادة ثقة المواطن العراقي بالقطاع الصحي . لقد استطاعت الولايات المتحدة الامريكية القضاء على مشكلة سيطرة شركات الادوية على الاسواق من خلال منع تسويق الدواء من خلال الاطباء , وبذلك منعت احتكار و تصريف دواء معين على حساب دواء اخر يعادله بالوظيفة . الفائدة من اصدار قانون في العراق مشابه للقانون الامريكي بدون شك سوف يمنع شركات الادوية من احتكار سوق الدواء في العراق ويمنع ضعاف النفوس من الاطباء الاستفادة من هذا النظام الجائر.
نظام السوق له فؤاده للمستهلك بضمنهم المرضى , ولكن هذا النظام لم ينجي من مشاكل ايضا , وعلى راسها فرض البائع اسعار غير تنافسية بسبب كثرة الدعاية والاعلام , الموقع , نوع الخدمة , الشكل , التذوق , السمعة , وفي حالة قطاع الدواء هو انتشار ممثلي شركات تجهيز الادوية وهم ينثرون "هداياهم " على الاطباء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب معهد العلوم السياسية بباريس ينددون بالحرب الإسرائيلية ع


.. بعد تشخيص إصابته بالسرطان.. قصر باكنغهام: الملك تشارلز يعود




.. ازدحام شديد للحصول على مياه الشرب في مخيم للنازحين غرب دير ا


.. مش مصدقين التكنولوجيا هتودينا فين..خالد أبو بكر عن مشروعات ش




.. في تشيلي.. صحراء أتاكاما مكب نفايات للملابس العالمية!! • فرا