الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بومة جامع القمامة

مراد سليمان علو
شاعر وكاتب

(Murad Hakrash)

2021 / 6 / 18
الادب والفن


(1)
يبطئ الإنسان من خطواته؛ ليشحذ آلته التي بصق عليها بوذا في أوّل اجتماع له مع الرفاق.
ارتفعت رايات بيضاء تبعث على السأم فوق بيوتنا تنتظر السلام.
الآلهة بدأت بالصراخ، ولكن يبدو أن إيكو اللعوبة سرقت الأصوات كلها، واختبأت في طنين ذبابة خضراء تحوم حول مؤخرة حمار كسلان.
جاءت قبائل البدو البعيدين عن حافات المياه؛ ليغرقونا ببول البعير الطازج.
نجمة زرقاء بعيدة جدا ترتجف خائفة وتدخل قبر حبيبتي طمعا ببقايا قصيدة كتبتها أيام الحصاد، ولكن دندنة قيثارة سومرية تميت فيها رغبة القراءة.
يئست من نيتشه فصحت: يا حادي العيس عرّج على مرابع بوذا. قال تلميذه بأسى: يا فتى أكمل نومك فالليل لا يزال فتيا.
كلما تخلصنا من فيلسوف تجلب لنا البومة الحكمية آخر، خيالنا المجنون كفّ عن معانقة الغيوم البيضاء، وأصبح تابعا ذليلا لحلمنا الأصفر.
الكهوف التي وصل إليها النازحون أعيد تأثيثها بزهور برية ليعاد على أسماعهم جدوى الدرس الأول.
كلما رأى الإنسان كهفا، أبطء من سيره؛ ليقيم مذبحا، ويقدم قربانا، ويتلو دعاءً، ثم يقدم نذوره من الرؤوس البشرية، فتقهقه السماوات راضية مرضية.

(2)
في مخيم جم مشكو، أمشي عاريا خوف الوقوع في بالوعة الجيران.
الخيمة تحلق ذقني كلّ صباح، ونمر مرّقط في الخيمة المجاورة يبكي بحرقة.
على كلّ خيمة أن تولد خيمة أخرى، والمواليد الجدّد يرقصون على الأنغام الهندية، فهم جميعا أبناء المواعيد المشبوهة للخيام.
القصائد هنا تشبه بيرة الجذور، فكلاهما منزوعة الكحول ولا تسكر وفي آخر الليل يقول الشاعر: من المؤسف كتابة قصيدة خالية من الكحول.
يتباهى البائع، باللوّن الأحمر في أرجل حجوله وسنوات الحبس والأسر لم تعلم الحجول الطيران العالي.
هنا تخضع الأسود لنفاق الأمم الضالة.
يبحث سائق الأجرة عن خلاصه، وعبثا يطرق أبواب العواء.
النسيم مخفي في الأمسيات.
يستمر نزف الخيال السريالي لمرضى المخيم.
براكين الندم غير قادرة على استرجاع قبلة في لحظة غضب.
الفرار من السجن إلى المقبرة ليس حلا.
لا عويل للنساء، ولا رقصة للموت.
جامع الزبالة البنغالي يتشفّى من حفيد حمّورابي.
تقول أبنتي: لا تهتم يا بابا، فجامع القمامة، قصير القامة.

(3)
ما للأيزيدية لا ينجبون شعراء بعد كلّ هذه الفرامين؟
قهقهات جيراننا سلبت الجبل قيلولته، فالعادة لديهم هو امتطاء جلجلة ضحكاتهم بعد كلّ محاولة إبادة. نحن بدورنا لم نسكت، قمنا بالتسول بالتناوب، أمام أبواب التاريخ. رجال الدين، وشيوخ العشائر، وثلة من الذين بقرت بطونهم في ليل الشعر طلبوا مني أن أقودهم إلى حافات المياه لمقابلة اليوغي الأكبر، فقلت لهم لم أبلغ الأربعين من عمري بعد عندها أتصل بي صديقي حطيط وقال لي: يا رجل سمعت صوت ضراطك من خارج المخيم، سررت لأن صديقي بات يبتسم في النهاية فهو لا يزال يعتقد جازما إننا ها هنا في المخيمات لاستقبال أميرنا العائد من الحج في هانوفر. طلبت من الله خلال الفرمان أن يرزقنا بشعراء يعرفون كيف يضعون أيورهم في مؤخرات الأعداء بدلا من تعلم أبجدية التطبيل ومعرفة نظرية: "من أين يؤكل الكتف"، ولكن ردّ طلبي بحجة التأخير، ووصول المركبة إلى كوكب نبتون الآن. أردت أن أسابق الرصاصة كي أغير مسارها ولكن القصائد كانت بطيئة جدا فتأذت شجرة المواعيد وطارت كلّ العصافير.
لمست نهر الأحلام الجاري تحت حجارة باب الشلو فتمايلت الفراشات حاملة القصائد، وغنّينا أغنية جديدة مع زحف السواد، فعمّ الفرح قلوب النازحين، وعلا الهرج والمرج واستمر اللغط، وكثر القيل والقال، وبعد التأكد بانت الحقيقة وظهر شبيه الأمير.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال