الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جيل الغضب المشروع

امال قرامي

2021 / 6 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


والاجتماعيّة والثقافيّة وغيرها، ووضع السياسات وخطط استشراف المستقبل. وقد ازداد الاهتمام بهذه الفئة العمريّة بعد الموجة الأولى من الانتفاضات/الثورات في تونس ومصر والمغرب واليمن وسوريا، والموجة الثانية التي شملت العراق ولبنان والسودان والجزائر فعقدت المؤتمرات والندوات الدولية وصدرت المقالات والمؤلفات التي أخضعت «اللاعبين الجدد» للدراسة والتحليل وفتحت مساحات جديدة لتمكين هؤلاء من التعبير عن ذواتهم/نّ وتصوّراتهم/نّ ومشاريعهم/نّ ورؤيتهم/نّ للتغيير المنشود، وظهرت مصطلحات جديدة ك»جيل المساواة»، و»جيل التغيير وبرزت مفاهيم ونظريات ومقاربات تثري النقاش.
ولكن يبدو أنّ المسؤولين عن إدارة المرحلة من وزراء وسياسيين ومشرفين عن القطاع الإعلاميّ والثقافيّ وغيرهم في سبات عميق لم يواكبوا الجدل الذي انطلق منذ العشرية الأخيرة، تحت إشراف الأمم المتحدّة التي أصدرت التوصيات ووضعت الخطط الكفيلة بتغيير مواقع الشبّان/الشابات. فالمتابع للمشهد التونسيّ يلحظ بكلّ يسر، غياب أصوات الشبّان/ات، وتهميشهم/نّ المقصود في المنابر السياسيّة والسياسات والإعلام، وكأنّه لا مكان لهؤلاء إلاّ في الفضاء الافتراضي فمن خلاله يُمكنهم انتزاع مساحات لإبداء الرأي. وبالفعل كان حضور الشبّان/ات، ملفتا للنظر على مواقع التواصل الاجتماعيّ من حيث نمط الكتابة ونحت العبارات واختيار المواضيع وطريقة النقاش وأشكال الحضور والتفاعل والتنظّم وتبادل المعلومات والتجارب. وكان بإمكان المسؤولين أن يلحظوا ويلتقطوا هذه المؤشرات التي توضّح مدى اختلاف هذا الجيل عن سائر الأجيال الأخرى التي استحوذت على السلطة من حيث تعدّد المرجعيات وطرق التفكير. ولكن «لمن تقرأ زبورك يا داوود»؟.
ولئن اُريد لهذا الجيل أن يكتفي بالحضور في المجال الافتراضي ويترك الساحة للهواة من السياسيين والمتطفّلين والانتهازيين فإنّ تعدّد الأزمات وما ترتّب عنها من انعكاسات وتطوّر أشكال النضال في العالم دفعت الشبّان/ات إلى الخروج عن المعايير والتقاليد والموقع الذي حدّدته السلطة ولذا تعدّدت عملّيات انتهاك حريّة التعبير وزُجّ ببعض الشبّان في السجن على خلفيّة تدوينة دون أن يلتفت المسؤولون إلى معالجة أصل الإشكال ومحاولة سدّ الفجوات.
إنّ تحرّك «الجيل الخطإ» المستمرّ منذ جانفي إلى يوم الجمعة 18 - 6 - 2021 لا معنى له سوى أنّ الوضع قد تأزّم إلى درجة تنبئ بالخطر، ولا غرابة في ذلك فنحن إزاء جيل يحرّكه الغضب المشروع : الغضب من سياسات مأسست التمييز وانتهاك القانون فصرنا نتحدّث عن مواطن ونصف مواطن يكفي أن نشير إلى سرعة ردّ رئيس الحكومة على تعرّض وزيرة التعليم العالي إلى عنف لفظيّ داخل المجلس وسكوته المخجل عن الفتاة التي دهسها أعوانه وانتشرت صورتها في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحف العالميّة. ومع أنّ «المشيشي» بيّن خوفه من بناء صورة سلبية لتونس إذا القي القبض على النائب الخياري، فإنّه لم يعتبر هذه الصور المنتشرة حول انتهاكات طالت الفتيات والشبّان مسبّبة للحرج بل إنّ ارتفاع منسوب العنف الممارس على أساس النوع الاجتماعيّ في كلّ الأفضية بما في ذلك الجامعات لم يستفزّه.
تستمرّ المواجهات الليليّة في حيّ التضامن وسيدي حسين وغيرها ولكن أغلب وسائل الإعلام لا ترى التحركات حدثا مثيرا يستوجب الاستقصاء ولا أهميّة لمطالب الشبّان/ات فالدفاع عن حقوق المقتولين والمعذّبين والموقوفين ليس شأنا عامّا يهمّ التونسيين والعدالة الاجتماعيّة يوتوبيا. أمّا التغيير فهو مستحيل بعد استشراء الفساد في كلّ القطاعات.
وفي المقابل تتضاعف بيانات المنظمات الحقوقيّة التي تحذّر وتندّد ... والمقالات التي تحلّل الوضع التونسيّ من منظور يتابع حضور الشباب/ات ويرصد الخطابات والتحركات ويقدّم الفرضيات الممكنة لما سيؤول إليه الوضع ولكن هل انتبه الغافلون؟
بين الارتماء في أحضان الجماعات المتطرّفة أو الإقدام على الهجرة الشرعيّة وغير النظامية أو الانحراف أو التحوّل إلى «زعماء الكنترا يحاول جزء هامّ من شبابنا وشابتنا التفكير في بدائل أخرى تؤكّد أنّهم طاقة فعّالة قادرة على التخطيط وتوفير الرعاية للمقهورين وفرض التغيير، ويبدو أنّه لاشيء يبعث الأمل إلاّ صمود جيل الغضب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت