الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذاكرة الانتقائية المثقوبة

عامر راشد

2006 / 8 / 9
القضية الفلسطينية


ما كتبه الأستاذ أيمن خالد نموذجاً
عـامـر راشـد

طالعنا الأستاذ أيمن خالد بمقالة طريفة عنوانها "نايف حواتمه يطلق علينا النار"، ومن اختياره لعنوان مقالته المختصرة يفتضح مباشرة التهويش واللعب على مفردات تستثير وتجيش عواطف لا تخفى منطلقاتها ونوازعها.
والأستاذ أيمن خالد الذي نصب نفسه ناطقاً باسم المقاومين الفلسطينيين يَنْصُبُ طواحين هواء، ويمارس غواية محاربتها، ويغذي حربه الضروس هذه ببعض مما تفتقت به بنات أفكاره، ضارباً عرض الحائط بحقائق التاريخ، ومغفلاً عن عمد وقائع وصفحات من التاريخ النضالي لشعبنا حُفِرَت بمجرى دم الشهادة والشهداء، ومشوهاً صفحات مجيدة من النضال السياسي قَطَفَتْ ثمار التضحيات، وصَوبَتْ المسار لِتُحول الثورة الفلسطينية إلى حركة تحرر وطنية شعبية واسعة، ومتينة البنيان، تتضافر فيها كل أشكال الكفاح والمقاومة خدمة وتثميراً للمشروع التحرري الفلسطيني.
ولا تخلو مقالة الأستاذ أيمن خالد من عنجهية غير مبررة، إذ يعطي لنفسه في بضعة أسطر أن يقيم ويصنف تجربة فصائل حركة التحرر الفلسطينية وتاريخها وعطائها النضالي، ما أفقد آراءه التي يطرحها الدقة والموضوعية، وهذا ما سنعرج عليه في هذه النقاط التالية والمختصرة:
أولاً: الأستاذ أيمن خالد يفضل أن يستخدم مصطلح "المجاهدين" بدل "المقاومين"، وهنا الاعتراض ليس على استخدام المصطلح، بل توظيفه في النسق الفكري الذي ينطلق منه الكاتب، فالأمر أبعد ما يكون عن نهل من بحر اللغة العربية الزاخرة بالمترادف والمشترك، بل انتقاء ذو دلالة، يراد من وراءه خص تيار معين بصفة وفعل المقاومة.
ثانياً: حديث الأستاذ أيمن عن احترامه لبندقية أبناء الجبهة الديمقراطية، التي على حد وصفة "جاورتهم طويلاً في معارك شتى"، هذا قدح في صيغة المدح، وانتقاص لدور ومكانة بندقية أبناء الجبهة الديمقراطية، فالجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين سبقت التيار الذي ينتمي إليه الأستاذ أيمن بأكثر من عشرين عاماً في العمل العسكري الفدائي، وقبل أن يحسم هذا التيار أمره باتجاه تبني المقاومة المسلحة، روى الألوف من شهداء وجرحى الجبهة الديمقراطية، وعشرات الآلاف من أبناء فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بدمائهم الزكية أرض فلسطين على درب التحرير والعودة.
وهنا مرة أخرى حتى لا يساء فهم مقصدنا من تذكير الأستاذ أيمن بالحقيقة السابقة، أقول إن تجاهله لتضحيات أبناء الجبهة الديمقراطية وفصائل منظمة التحرير يسيء إلى عشرات آلاف الأسر من أبناء شعبنا الذين قدموا أرواحهم وأرواح أبنائهم في معارك الشرف، التي خاضها شعبنا دفاعاً عن حقوقه الوطنية المشروعة، وخاصة منذ انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، وبما أن السيد أيمن خالد خص الجبهة الديمقراطية بسهامه السامة وَجَبَ تذكيره بعدد من العمليات العسكرية، التي نفذها أبناؤنا في القوات المسلحة الثورية، وفي كتائب المقاومة اللبنانية، بدءاً من عملية ترشيحا (معالوت)، طبريا، بيسان، صفد، تشرشوف، مروراً بالقدس الأولى، والقدس الثانية، وعملية ترشيحا (معالوت) الثانية، ومرصد جبل الشيخ الأولى، وعملية مرصد جبل الشيخ الثانية، وعملية زرعيت، وعملية وادي العسل، وصولاً إلى عملية مرغنيت والقائمة تطول وتطول …
ثالثاً: حول البرنامج المرحلي تحاملُ الأستاذ أيمن خالد على هذا البرنامج لا يدل عن موقف قائم عن دراية وتفحص. وأجزم أنه لم يقرأه، وإلا لما وقع في مجموعة المغالطات التي تخرج عن حدود الخلاف المؤسس على قراءة موضوعية، وتصويباً للمغالطات نورد التالي: البرنامج المرحلي أطلق في العام 1973، وأقر بالأغلبية في العام 1974، ومن ثم بالإجماع في العام 1979. والبرنامج المرحلي يفرد فصلاً كاملاً لنضال أبناء شعبنا في المناطق الفلسطينية المحتلة في العام 1948، والبرنامج المرحلي لا يتحدث من قريب أو بعيد عن الاعتراف بالكيان الصهيوني، وهنا يتجاهل السيد أيمن الحقيقة إما عن جهل بالبرنامج أو تزوير مقصود كما فعل في مواقع أخرى، البرنامج يحدد حقوق الشعب الفلسطيني المستلبة، والبرنامج المرحلي سحب من يد الأنظمة العربية تحكمها بمصير الشعب الفلسطيني، وأعاد لأبناء الشعب الفلسطيني حقهم في التمثيل الوطني من خلال منظمة التحرير الفلسطيني، التي تم الاعتراف بها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وقائده لنضاله التحرري بعد سنوات من سعي أنظمة الحكم الرجعية العربية لاستلاب وتذويب الشخصية الوطنية الفلسطينية، ولو كلف الأستاذ أيمن خالد نفسه عناء قراءة البرنامج المرحلي لما افتأت عليه، وألحق به المسيرة الأوسلوية وآثامها، وندعوه إلى قراءة كتب الجبهة الديمقراطية عن البرنامج المرحلي، ورفض اتفاقات أوسلو، وهي موجودة في المكتبات العربية.
وأخيراً؛ لا أعرف كيف تسنى للأستاذ أيمن أن يقدح زناد فكرة ويتحفنا بأن البرنامج المرحلي قسم العالم العربي إلى قسمين دعاة التفاوض، ودعاة البندقية، ما زاد في تعميق الخلافات العربية ـ العربية، هذا اكتشاف يثاب عليه الأستاذ أيمن لو استطاع إثباته، وندعو له بالعمر المديد والمبارك حتى يتم الله عليه ذلك إن استطاع الأستاذ أيمن إليه سبيلاً.
رابعاً: الأستاذ أيمن يجتزأ من مقالة المناضل نايف حواتمه الأمين العام للجبهة الديمقراطية، على مبدأ "لا تقربوا الصلاة"، لأن السيد أيمن يدرك أنه لو أخذ الجمل كاملة فسيكون حاله كالمثل القائل "من فمك أدينك"، فحواتمه عندنا يتحدث عن حل يمثل سقف العمل السياسي في هذه المرحلة يربطه مباشرة بهدف استكمال المشروع التحرري الفلسطيني، الذي لا يكون إلا بدولة ديمقراطية موحدة على كامل فلسطين التاريخية نصاً، وهذا جوهر البرنامج المرحلي الذي يصب الأستاذ أيمن جام غضبه وحقده عليه.
خامساً: ملاحظات الأستاذ أيمن تصب في خانة إعادة إذكاء المراهقة السياسية التي مرت بها القضية الفلسطينية في مرحلة الستينيات وصولاً إلى نهاية السبعينيات من القرن الماضي، والبرنامج المرحلي لم يعد حكراً وملكاً للجبهة الديمقراطية وأبنائها، بل هو ملك وذخر وزاد ودليل عمل غالبية أبناء الشعب الفلسطيني، ومَثَّلَ بحق وما يزال ذروة تطور الفكر السياسي الفلسطيني، المعمّدْ بدم الشهداء الطهور على مساحة الوطن ومخيمات الشتات.
سادساً: إذا سلمنا جدلاً ببعض أفكار الأستاذ أيمن خالد، يبقى من حقنا عليه أن يضيء لنا عشرات التعميمات المغفلة التي أوردها في مقالته المختصرة كحقائق يقينية مطلقة، وقطعية الثبوت، ومنها تقديم حركات وتيارات الإسلام السياسي في البلدان العربية، ووضعها في نسق فكري وكفاحي متحد وموحد إلى حد التماهي، واحتكار هذا التيار للمقاومة، وبماذا يفسر استمرار رفض التيار المركزي لحركة الأخوان المسلمين في الأردن وفلسطين لفك الارتباط القانوني والإداري الذي أقر في تموز 1988، وكيف يعاب على منظمة التحرير وفصائلها تبني المرحلية ؟ ويشاد بفتوى جواز إقامة هدنة مع إسرائيل لمدة عشرين سنة، والبعض أشار إلى إمكانية إطالة المدة ردحاً طويلاً من الزمن، وتخلف تيار الإسلام السياسي عن تبني المقاومة المسلحة لعشرات السنوات، وهذا ليس اتهاماً مع معرفتي بأن خروج الفصيل الذي ينتمي إليه الأستاذ خالد من رحم الأخوان المسمين جاء على خلفية استعجال تبنيه للمقاومة المسلحة.
وأخيراً؛ نقول للأستاذ أيمن خالد بأن طلائع أبطال سرايا القدس ضمت عدداً واسعاً ممن تدربوا على يد مقاتلي الجبهة الديمقراطية، وهذا ليس فضلاً، ولكن عملاً بقوله تعالى: "فذكر إن نفعت الذكرى"
فمن يطلق النار يا أستاذ أيمن وعلى مَنْ ؟ ولمصلحة مَنْ توطف مثل هكذا مقالات تسيء إلى نايف حواتمه المناضل الوطني الكبير والقامة الشامخة، والإساءة إلى فصيل رصيدة سبعة وثلاثين عاماً من النضال، والآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يؤكد أن نيكي هيلي ليست في قائمة المرشحين لمنصب نائب ال


.. هل انهارت مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحماس؟




.. الناطق باسم الدفاع المدني بغزة: القصف الإسرائيلي لم يتوقف دق


.. فلسطيني يوثق استشهاد شقيقه بقصف الاحتلال




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يهتفون بـ -انتفاضة- في طوكيو