الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عراق النطقية العقلية؟/ ملحق أ

عبدالامير الركابي

2021 / 6 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


قبل مايقرب من خمسين الف عام، وفي اقصى الأحوال مئة الف، تجلى واضحا النوع الخلقي الحياتي الثالث، الأعلى، بعد الجماد، والحياتيه العضوية، متخذا شكلا اعلى، وحضورا نطقيا ابتدائيا بعد ان ظل محكوما للكمون داخل الجسدية الحيوانيه، قابعا فيها بلا حضور دال عليه، ناهيك عن النطقية الذاتيه البعيدة المنال. ولم تكن الانتقالة المنوه عنها سوى طور ومرحلة، لاتخلو هي الأخرى من القصور ومن النقص المراد سده عبر تفاعلات حامله، ماقد اقتضى في حينه تحورا نشوئيا عضويا لحق بالكائن العضوي الحي، الحيواني، الذي ظل يتشكل مرتقيا ومتحولا، الى ان بلغ هيئة الانتصاب على قائمتين واستعمال اليدين، مناظرا الطبيعة وماتتيحه من ممكنات تفاعل ضرورية، ولازمه لاجل ذهاب الخلقية الحية الجديده، نحو ماهي ميسرة له، وموجوده لكي تبلغه، ماكان يفترض المرور عند نهاية المطاف، بالمجتمعية كصيغة تفاعليه عليا ونهائية.
لم يظهر العقل كما اعتاد الارضويون القول، بما في ذلك اعلاهم قدرات على التفحص والاستنتاج المبدع، لكي يكمل الكائن الحيواني ويحولة الى "انسان"، بل ان الكائن الحيواني تغير واستمر يتحول الى ان صارمهيئا لتقبل انتقال الخلقية الثالثة وحلول زمن ازدواج جسدي عقلي، مع ما يؤمن أسباب تحوليتها الاخيره الانتقالية الاستقلاليه، والتي بموجبها يكتسب شكل الحياتيه العقلية مقومات كينونته الخاصة، فما ان ظهر العقل بصيغته الجديدة المعروفة اليوم، في الجسد الحيواني، ومعه الكائن البيولوجي الذي ارتقى الى الانتصاب على قائمتين، حتى صار الازدواج بدل السيادة العضوية الحيوانيه، حاكما وناظما للخلقية الحية، مكان الأحادية الحيوانية الأسبق، كدال على وحدة وترابط العملية النشوئية التصيرية، وفعل قوانين الطبيعة المترابط، ابتداء من الجمادية الارضوية التي افرزت الحياة العضوية، الى الحياة الحيوانيه العضوية وتحولاتها السائرة الى وراثة العقل لها، وهو ماقد فرض عليها وعلى تحوليتها التصيرية، المسار الذي اتخذته عبر المحطات، من الخلية الأولى، وصولا الى الكائن المنتصب، عبر العضايا واللبونات.
حكم على دارون ونظريته النشوئية ان تكون ارضوية أحادية موضوعيا، فلم يتسن للنشوئيين اختراق الحاجز الفاصل بينهم كارضويين، وبين ماوراء اشتراطات وجودهم، برغم ماقد أتيح لهم من قدرات غير عادية اداراكا، ظلت حدودها القصوى ارضوية أحادية، تغلّب الحيوان قبل ظهور العقل، فلا تلاحظ أي وجود سابق للعقل بسويته الأولى المرافقة للحيوانيه وطغيانها، وتحوليتها التي هي بالاصل، ليست حيوانيه بحته كما يرى النشوئيون وابوهم دارون، فالوجود والترقي العضوي الحيواني، هو ترق مزدوج أصلا، عقلي جسدي يكون محكوما لغلبة الجسد المطلقة ابتداء ( الروح غير الواعية)، وصولا الى الطور الثاني الازدواجي الأعلى، حيث يصير العقل حاضرا بلا نطقية ذاتيه مستقلة، مع انه يتحول من وقته الى قوة فعل ووجود ملموس، مساو للجسدية، وان يكن خاضعا لها تصوريا من خلال العقل نفسه، ويناء لمستوى ودرجة فعاليته المتاحة حتى حينه، حيث هو ادنى قدرة من ان يتوفر على النطق عن الذاتيه، أي الاستقلال الادراكي، الشرط اللازم، والذي لابد منه، قبل الادراك الواقعي كما كانت فعلت الحياتيه العضوية عندما انبجست من داخل الجمادية الكوكبيه الأرضية، وان لم تتمكن من الانفصال عنها بسبب مستوى كينونتها مابين طرفي الارضوية الجمادية أولا، والعقلية انتهاء،عبر العضوية الحيوانية، وهما الطرفان المتقابلان نوعا وطبيعة.
لن ندخل في التفاصيل بحثا في اشكال حضور العقل البدائية الأولى الملامحية حتى في الجمادية الأولى كانعكاس وتجل ل"الغائية الكونية العليا"، وفعلها بحسب الضرورة، مع التدرجات اللازمه وفق الاشتراطات والازمان، ومايطابق اليات العملية التحولية الكونيه الكبرى.غير اننا لابد من ان ننوه بمسالة أساس تخص المنظور العضوي الحيواني النشوئي الداروني كما هو معتمد، وماخوذ به بوجه الاجمال قاعدة للنظر، في السيرورة الحيوانيه الارتقائية، تلك هي الخاصية العضوية البحته للمنظور الهام المؤسس لنوع النظر للسردية الحياتيه، بطبعتها المنزوعة منها فعالية الخلقية الثلاثية: الجمادية، العضوية، والعقلية، ارقاها واخرها، والهدف المكنون فيها، مع تلازم ووحدة الخلقيات الثلاث، سيرورة وتفاعليه متتابعة الاطوار والازمان والمراحل، وصولا لما من شانه إعادة النظر في الدارونيه وتاسيساتها الأولى، ذهابا الى "النشوئية العقلية"، التي تنتظر التجلي على يد من هم مهيئين لارسائها، ووضع بنيتها الضرورية والحاسمه على صعيد منظور الوجود، ومكانة العقل والنظر فيه.
بهذا وبناء علية نصير امام انقلابيه تصورية اعقالية شامله، هي من دون شك من ملازمات الاختلاف وانتقال الحضور العقلي بين زمنين، اول ارضوي احادي، واخر هو الهدف والغاية من المجتمعية بما هي حالة ذاهبة الى اللاارضوية، مع كل مايتصل بالموجودات، وبالنظرة الى الاليات، والى ديالكتيك الطبيعة المفترض، او الذي من الضروري اليوم التعاطي معه كممكن على مستوى الادراكية والمتاح منها، مادام العقل والاعقال مسالة مستمرة متواصلة صعودا وتبدلا. ومع شساعة وعظم الباب المفتوح بهذه المناسبة، قد يكون الأكثر ملموسية وصلة مباشره، بما نحن بصدده، ونهتم بابرازه، أي الجانب المتعلق بالنطقية الذاتيه، او عن الذات المجتمعية كما يتجلي واقعا، ومن خلال المعايشه والتطبيق.
ان من ينظرون للعقل كماده مطلقة الحضور، غير محكومة لاشتراطات التصير، يمكن ان يكرروا مفهوما مبهما يتردد عنده ويتكرر ذكر العقل باعتباره مادة هلامية، او قادرة على أداء ماهي ميسرة له، بغض النظر عن شروط تصيرها، مع تجاوزها واغفال، من بين سلسله من الاغفالات الأساسية، حالة العقل وقدرته على النطق عن الذاتية، بما يؤشر في حال الوصول اليه الى بداية ومنطلق عملية الاستقلال العقلي، وهنا تشخص قضية المجتمعية بطوريها، الأول الارضوي، والثاني اللاارضوي وعلاقة عمل العقل ابانهما بالبنى المجتمعية وتوزعاتها، وعبقرية منطوياتها كما تتجلى فعليا من خلال التوزع الانماطي للمجتمعات على الكوكب الأرضي، والاهم من ذلك، دلالة والمعنى المودع في الحالة الافرادية اللاارضوية مابين النهرينيه، من بين مجتمعات المعمورة، واهمية وجود نوع مجتمعية يبقى مغفلا وممنوعا من الاقصاح عن ذاته، او وعيها على مر الزمن الارضوي، الباقي متغلبا منذ انتكاس وقصور المجتمعية السومرية اللارضوية، وعجزها الابتدائي، السابق لاوانه، عن التحقق.
يظل العراق على مر تاريخه ودوراته الثلاث، والانقطاعين اللذين يفصلان بينهما، محكوما، لابل ماخوذا الى كينونته ونوع بنيته الأصل، ممثلا حالة أخرى غير تلك الارضوية الكيانيه " الوطنيه"، الملائمه لاشتراطات الازدواج العقل/جسدي، مع الارجحية وقوة الحضور الجسدي الحيواني، حالة هي نتاج وحصيلة لتراكمات، ومنجز، واختبارات، وتفاعليه الطور الارضوي، ونهايته التي يؤشر لها، مع انتقال العقل من وطاة الحيوانيه ضمن الازدواج العقل / جسدي، الى شكل اخر من الازدواجية، يتبادل فيها العنصران المواقع، فيبدا العقل باحتلال موقع الحضور الغالب، والارجحية ضمن الازدواج، مع انتهاء الزمان، وانقضاءالأمد المقرر للارضوية المجتمعية كضرورة، ولزوم سابق على حضور العقل وغلبته.
ينتقل العراق،ارض مابين النهرين، بناء عليه، من النظر للذات بعين الاخر، او بحسب السائد ارضويا، بظل امتناع النطقية الذاتيه، الى النطق الذاتي، الامر الذي هو "نوع" تعبيري آخر مجتمعيا، لايخضع لاعتبارات ومقاييس الوعي "الوطني" الارضوي المعروف، بل ينهية متجاوزا إياه كما كان بالاصل، وعند المنطلق، فبنيه المجتمعية في ارض مابين النهرين، هي بنية شاملة على مستوى الكوكب، مستقبلية متعذرة ومؤجله ابتداء، لاتنتمي الى السائد والشائع من اشكال تجلي المجتمعيات والكيانات المؤقتة الانتقالية الارضوية، الموجودة تلبيه لمقتضيات التحول الشامل الضروري الى اللاارضوية على مستوى المعمورة.
الا تدل الافرادية النوعية لموضع مجتمعي على مستوىى الكوكب، حكما محكما تحوليا شموليا دالا على الحضور الغائي الكوني الاشمل والضرورة؟ هذا ماينبغي للعقل المتحرر من وطاة الارضوية، سواء الاتباعي البداهي الايديلوجي منه، او ذاك المنسوب الى الطبعة الأولى من منظور اللاارضوية الابراهيمي النبوي الحدسي، المصاغ بحسب اشتراطات تعذر التحقق، وزمن غلبة الارضوية المؤقت، مايستدعي تغيير النظر الى التاريخ المجتمعي والرافديني منه بالذات من قبل أهل هذا المكان، باعتبارهم أبناء الموضع الوحيد على الأرض، المتوفر على أسباب النطقية الذاتيه ال ( الوطن / كونيه) الانقلابيه، التي معها وعندها تنتقل البشرية من زمن المجتمعية الارضوية، الى اللاارضوية، والى بدء حضور العقل المستقل وتحرره من وطاة الجسدية الحيوانيه.
في العصر الحديث، ومع انبثاق الآله، والنهوض الغربي، بلغت الارضوية المجتمعية اعلى تجلياتها، ومنتهى ممكناتها، مهيئة الظروف والاشتراطات الضرورية المفضية الى انتهاء واستنفاد نوعها المجتمعي اغراضه، الامر الذي يتجلى اليوم على صعيدين، عالميا، وعراقيا، حيث تبدا بالتداخل، أسباب الانقلابيه اللاارضوية ومنظورها وسرديتها للتاريخ المجتمعي، مقرونه بالاليات المستجدة، وتبدل عمل الاليات التاريخيه، لصالح حال "العيش على حافة الفناء" على مستوى الكوكب، بجانب توفر الأسباب المادية الضرورية للانتقال والتحقق اللاارضوي المؤجل الى اليوم، منذ البدئية المنتكسة الأولى.
عالم آخر، وعقل مختلف كليا، ومجتمعية أخرى، وطور وجودي غير مسبوق، يطل من هنا فصاعدا على الكائنات البشرية، ينتقل معها مركز الفعالية عائدا الى الأصل والمنطلق، الى المجتمعية الأولى اللاارضوية، حيث بدات محاولة الصعود الى الاكوان العليا، المنتكسة المؤجله.
يتبع : ملحق ب
تجليات الحمائية الارضوية للاارضوية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأميركيون العرب -غاضبون من بايدن ولا يطيقون ترامب- | الأخبا


.. اسرائيل تغتال مجدداً قيادياً في حزب الله، والحزب يتوعد | الأ




.. روسيا ترفع رؤوسها النووية والناتو يرفع المليارات.. | #ملف_ال


.. تباين مواقف الأطراف المعنية بمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة




.. القصف التركي شمالي العراق يعطل انتعاش السياحة الداخلية الموس