الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحروب الأمريكية الأسرائيلية في الشرق الأوسط ،رافعة لصعود الأسلام السياسي

طه معروف

2006 / 8 / 9
الارهاب, الحرب والسلام


نبدأ بحرب حزيران1967 أو كما تعرف بإنتكاسة حزيران، التي قصمت ظهر الحركات القومية العربية آيديولوجيا وسياسيا إلى حد إعلان زعيمها ورمزها جمال عبدالناصر آنذاك عن استقالته من الرئاسة المصرية، ضمن مناورة سياسية للحركة المذكورة مقابل الحركات الأسلامية السياسية التي اتخذت من قضية فلسطين وأزالة دولة إسرائيل عبر الجهاد الأسلامي محطتها الأولى للتحرك من اجل تهميش الحركات القومية العربية واليسار القومي الموالي للكتلة الشرقية. كانت سياسة الارض مقابل السلام الذي جائت نتيجة حرب اكتوبر 1973بصورة عملية و اودت بحياة الرئيس المصري انور السادات من قبل هذه الحركات الارهابية الاسلامية وتم استثمارها سياسيا وربطها بقضية فلسطين من قبل إلاخوان المسلمين ، الذين تحولوا بفعل هذه العملية الارهابية الى القوة الثانية في مصر بعد الحكومة.
وجائت حرب لبنان في ثمانينات القرن الماضي و قسمت لبنان إلى كانتونات طائفية ومهدت الطريق لحرب اهلية ساحقة ، في هذه الاجواء السياسية ولد حزب الله وخرج من رحم حزب الأمل الشيعي، تعتبر هذه الولادة انعطافة رجعية في الحياة السياسية اللبنانية لكون الحزب المذكور اصابع دموية و جزأ من المؤسسة الحكومة الاسلامية الايرانية في لبنان و الذي اشتهر في البداية بامتلاك اكبر معامل الألبسة الاسلامية وخصوصا الحجاب والجبة بهدف اسلمة المجتمع اللبناني قبل ان يشتهر((بعنتريات المقاومة والشعارات الزائفة لتحرير لبنان وفلسطين)).
كان حزب الله هو الثمرة السياسية الاولى لتصدير الارهاب الاسلامي الايراني بعد ان عجزعن تصديره الى المنطقة وخصوصا العراق إلى ان جائت الحرب الأمريكية الرجعية التي سلمت مفاتيح العراق للاسلاميين وهيأت لهم الارضية لبناء مملكتهم الدينية الرجعية عن طريق القمع والسلب والنهب و ارهاب الجماهير .إن الحرب الامريكية على العراق هي بمثابة العصر الذهبي للأسلاميين ليس على صعيد العراق وانما على صعيد المنطقة والعالم ذلك انها شجعت المعممين في دول المنطقة للظهور بكثافة بوصفهم بديلا سياسيا وخصوصا بعد اعلان الرئيس الامريكي دعم الحركات الاسلامية لو ارادت تشكيل الحكومة في اية بلد شرط المحافظة على المصالح الامريكية .
هناك من يظن بان هذه الحرب التي تستهدف إضعاف القدرة العسكرية لحزب الله او استبعاده من الجنوب اللبناني هو انتصار للحكومة الاسرائيلية وهزيمة للحزب المذكور ؛ مثل هذه التصورات ،ساذجة وسطحية ،لإن استراتيجية الارهاب التي لدى الحركات الاسلامية و بالذات حزب الله تستند على الاستمرار في الحرب كمناخ مناسب للسيطرة على الدولة اللبنانية بالكامل فالحسم العسكري دون الحسم السياسي ليس انتصارا وفق مفهوم استراتيجية الحرب وان حزب الله تمكن من حشد القوى الاسلامية في المنطقة ؛ ابتدائا بالعراق الذي شهد اكبر مظاهرة مؤيدة له وانتهائا باندنوسيا، هذا اولا. وثانيا: طالما بقيت قضية فلسطين معلقة بدون حل وفي ذمة التلاعب الامريكي الاسرائيلي ،فان مد وتقوية الحركات الاسلامية يبقى مستمرا ومضمونا وثالثا: فان هذه الحروب هي من حيث المحتوى السياسي ، حرب ضد الجماهير المتمدنة وخصوصا يسار المجتمع ، لكون المناخ والظروف التي تفرضها و تنتج عنها ؛ نسف وتدمير اسس الحياة المدنية كما هو الآن في لبنان تصب في مصلحة الاسلاميين ذلك انها تسهل عليهم بناء الميليشيات المسلحة والمؤسسات القمعية في جيش من العاطلين و لانها توفرلهم دعم ومساندة الرجعية في المنطقة ، على سبيل المثال فان تبرع السعودية بمليار دولار الى لبنان ليست صادرة عن نية حسنة لإعادة وبناء اسس الحياة المدنية او لإعادة اعمار لبنان وانما دعم مالي للحركات السياسية الموالية لها للوقوف بوجه المد الايراني اي من اجل تعقيد الوضع وليس تهدئته ورابعا: اثبتت حرب لبنان بان حزب الله هو الحاكم الفعلي في لبنان وبرز ايضا كطرف رئيسي ووحيد يقرر بشأن الحرب في لبنان و هذا ما يمكنه من إزاحة معارضيه في لبنان وخامسا: فان تدمير لبنان ادى الى تدمير معظم المؤسسات المدنية التي كانت سلاحا بايدي يسار المجتمع لمقاومة المد الاسلامي في لبنان .
اسرائيل فتحت الجبهة الاولى مع جزء من المؤسسة العسكرية السياسية الايرانية في لبنان اي حزب الله،تسهيلا لعملية عسكرية امريكية على ايران في المستقبل في اطار الحرب الارهابية الامريكية الاسلامية بحجة الاسلحة النووية الايرانية، ان هذه الحرب الرجعية الذي ستؤدي، في حال شنها ،الى تهيئة احسن الظروف لإنسجام وتقوية الحركات الاسلامية للإستمرار بقمع وارهاب الجماهير وفرض مزيدا من التراجع على الجماهير المتمدنة وقوى اليسار عموما واليسار العمالي خصوصا. على صعيد اخر إن هذا التوحش الإسرائيلي في تدمير لبنان وإرتكاب المجازر تلو المجازر بهذه الاسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا هوتهديد مباشر للبشرية المتمدنة المعادية لطرفي الارهاب العالمي و ان المستفيد الاكبر والوحيد في المنطقة هو الحركات الاسلامية السياسية الرجعية الذي تهين الحياة الانسانية عندما ترفع شعار "الحياة هو الجهاد" .
طه معروف
8-8-2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تبدو كالقطن ولكن تقفز عند لمسها.. ما هذه الكائنات التي أدهشت


.. أصوات من غزة| سكان مخيم جباليا يعانون بسبب تكرار النزوح إلى




.. يحيى سريع: نجحنا حتى الآن في إسقاط 5 مسيرات أمريكية من نوع ط


.. بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني في مدينة تبريز عاصمة محافظة




.. تحذير من حقن التخسيس لأصحاب هذا المرض