الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورة حسن نصر الله عند المثقفين المصريين. دفء و ملاحة و مقاومة

نائل الطوخي

2006 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


للوهلة الأولى، يبدو حسن نصر الله بعيدا تماما عن القائد الذي يحلم به الناس، فهو يبدو، رغم وسامته، شيخا ذا لحية ضخمة، بدينا بعض الشيء، يلثغ في النطق ويرتدي عمامة سوداء تشير إلى انتماءه لرجال الدين الشيعة، أي أنه يقف على الطرف المناقض، حتى على صعيد المواصفات الشكلية، من تشي جيفارا وعبد الناصر، وهما نموذجا الكاريزما الأساسيان في العالم العربي أو العالم الثالث. برغم هذا، لا تخلو أي مظاهرة يقيمها اليسار الآن للتضامن مع الشعب اللبناني من صورته وهو يتوعد أو يتحدث بهدوء، تحولت صورته في الفترة الأخيرة إلى شعار للمقاومة، وارتبطت بعلم حزب الله وعلم لبنان. لهذا، وتحديدا حول مقارنته التي شاعت في الفترة الأخيرة بعبد الناصر، وحول سؤال الكاريزما التي يتمتع أولا يتمتع بها، أوضح لنا بعض المثقفين ملامح صورة حسن نصر الله لديهم.
في البداية قال الدكتور عبد الوهاب المسيري إن حسن نصر الله يمثل الرد على غياب الزعامات العربية الحقيقية وعلى إحجام كثير من الدول والزعامات عن تبني المقاومة. كل هذا جعل حتما على الجماهير أن تؤيده كرمز للتصدي خصوصا أنه شخصية كاريزمية ولا يكذب قط ويعترف بخسائره كما أن صواريخه لا زالت تضرب في العمق الإسرائيلي.
سألته: "كيف ترى مواصفات كاريزما حسن نصر الله؟" فقال لي أن ملامحه مليحة، ثم ضحك وأضاف: "هذا بالطبع يضفي نوعا من الكاريزمية ولكنه يظل أمرا جانبيا فالأهم هو تصديه للاستعمار والإمبريالية، فلو تخلى حسن نصر الله عن المقاومة لن يصبح كاريزميا. ليس المهم عند الناس إلا سؤال هل هو يمثل روح المقاومة أم الهزيمة والاستسلام؟
لا يرتاح المسيري لانتقاد حسن نصر الله، فهولا يعرف على أي أساس يمكن انتقاده، أو انتقاد خطفه للجنديين الإسرائيليين. يقول: "هم يتصورون أن الأمور كانت مستقرة برغم أنه كان هناك ظلم واحتلال و10 ألاف أسير معتقل. ولكن لو كانت الأراء التي تنتقده تفعل هذا بسبب خطأه في التوقيت كما يقولون فهذه مسألة استراتيجية يمكن النقاش حولها، وليست جوهرية، أما الانتقاد الذي تقوم به الحكومات العربية له فهو أمر جوهري ويمثل خطوة تسير بهذه الحكومات نحو الهاوية".
أما الروائي إبراهيم أصلان فيرى أن حسن نصر الله هو تجسيد لحلم حقيقي فيه قدر كبير من الكبرياء العربي والصلابة والهدوء والثقة، وكلها معان غابت طويلا ومجرد وجوده يبعثها مرة أخرى ويجسدها أيا كانت الأحوال، فالأمر المؤكد أنه كشف عن مدى أكذوبة أسطورة البلد القوي.
يقول أصلان أنه يرى حسن نصر الله كاريزميا ويوحي بالصلابة وبالدفء الإنساني حيث لديه قدرة كبيرة على التواصل مع الناس العاديين وله حضوره الكبير في هذا الإطار، ثم أنه يتمتع بدرجة كبيرة من الوعي والصلابة وأيضا يعطي الإحساس بأنه رجل صادق ولا يرتدي أقنعة.
وبخصوص المقارنة بينه وبين عبد الناصر، يرى أصلان أن المقارنة واردة بشدة حيث كل منهما كان يمثل مجموعة من القيم بحيث تحول اسماهما إلى معان أكبر منهما تتعلق بالمقاومة والتصدي للمشروع الأمريكي.
ويحلل المترجم والناقد بشير السباعي إعجاب الناس بحسن نصر الله قائلا أن الأمة المضطهدة تخرج من داخلها أناس يعبرون عنها: "قد تتحفظ على المنطلقات الأيديولوجية لهم ولكن عليك أن تميز بين الأيديولوجيا الدينية والمطالب الوطنية وليس كما يفعل البعض الذين يتسترون بالهجوم على الشخص كباب خلفي للهجوم المنحط على المقاومة. الناس تعجب بحسن نصر الله بسبب ما تراه في التليفزيون من أنه رجل يتكلم بهدوء ولا يلجأ للمبالغات. والحماسة تجاه هذه الشخصية تنبع من ارتباطها بالمقاومة، فالكاريزما التي يتمتع بها نصر الله ليست كاريزما شخصية وإنما هي مستمدة من شيء يحدث في الواقع وهو التصدي للصهيونية وهذا يتم التعبير عنه في الإعجاب الشخصي بحسن نصر الله."
لا يرى بشير السباعي إمكانية للمقارنة بين حسن نصر الله وجمال عبد الناصر. يقول مشيرا إلى الحكم الناصري: " عندما تأخذ قرارا مثل التأميم وتعجز عن حمايته عسكريا فهذا معناه انك كنت تبحث عن شيء غير التأميم وهو الجماهيرية، وهو ما حدث في ظل حكم يفتقر للمشروعية والديمقراطية، هذا بينما فازت المقاومة اللبنانية بشرعيتها من خلال أفعال حسن نصر الله وطرد الاحتلال الإسرائيلي في 2000 وأنا لا أتصور أن حسن نصر الله كان بصدد البحث عن النفوذ والجماهيرية وإنما عن مطلب شرعي وهو مطلب يمثل جميع الأطياف اللبنانية وليس حزب الله فقط."
أما الكاتبة عفاف السيد فتعلن أنها ضد أي خطاب ديني سواء كان سياسيا أو اجتماعيا أو ثقافيا ولكنها تشير برغم ذلك إلى أن حسن نصر الله يقوم بترويج أيديولوجيا مقاومة لم تحدث في تاريخ العرب: "فهو أول شخص ينهش لحم إسرائيل في مكانها. حيث دائما كان الصراع بين العرب وإسرائيل يدور خارج حدود إسرائيل، كما أنه كسر الأسطورة التي صنعتها إسرائيل حول نفسها، إذ لم تصبح الجيش والدولة الذين لا يمكن إهانتهما، نحن نرى الآن الإسرائيليين مرتبكين أكثر من اللبنانيين، كما أن حسن نصر الله كبد إسرائيل خسارة فادحة ليس على المستوى العسكري فقط ولكن بالأساس على المستوى الاقتصادي."
تتصور عفاف أن حسن نصر الله هو رمز للرجولة التي افتقدناها كثيرا، تقول: "لا أعني هنا الذكورة، بل الرجولة، أي القدرة على تحمل المسئولية، فخطابه هادئ ومتفتح ومسالم وغير كاذب وهو قادر على أن يتحمل مسئولية قراراته. طبعا لا تستطيع أن تكون رأيا واحدا ومباشرا ضد الخطاب الديني ولكنك دوما تكون مع خطاب المقاومة. الحكومات العربية راكعة وحتى على مستوى الكلام فهي لا تفعل شيئا، هذا بينما يأتى شخص يرجح روح المقاومة والكرامة التي لم تشعر بها الشعوب العربية منذ أيام عبد الناصر."
وبرغم كونها غير ناصرية، تقارن عفاف بين نصر الله وعبد الناصر لصالح الأخير فتقول: "ليس هناك تشابه بين خطابيهما، فخطاب حسن نصر الله خطاب ديني يلعب على الفكرة الإسلامية وهو يقوم بإزاحة غير الإسلاميين من حلبة المقاومة ناهيك عن المنتمين إلى ديانات أخرى كما انه داخل خطابه الإسلامي تضيق الدائرة أكثر على خطابه المتشيع. أما عبد الناصر فخطابه لم يكن دينيا وإنما قوميا يشمل كل الملل والطوائف وقام بتوسعته مساندا شعوبا من العالم الثالث في صراعها من أجل التحرر، فهو كان زعيما بحق سواء اختلفت أم اتفقت معه. ومن ناحية الكاريزما فعبد الناصر كان يملك كاريزما حقيقية لدرجة انه حتى في إسرائيل نفسها يوجد من وقع تحت سيطرته. أما حسن نصر الله فسلطته الروحية محدودة بالشيعة وهولا يقوم بمقابلات جماهيرية خارج مجاله، وهو في هذا مثل أحمدي نجاد الذي يملك كاريزما رهيبة لدى الشيعة في إيران ولكن ليس خارجهم. لا أعتقد أن حسن نصر الله شخصا كاريزميا وإنما هو قائد يملك خطابا محكما لا يمكنك إلا أن تحترمه".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا لست إنترنت.. لن أستطيع الإجابة عن كل أسئلتكم-.. #بوتين


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضغطه العسكري على جباليا في شمال القطاع




.. البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يزور السعودية


.. غانتس: من يعرقل مفاوضات التهدئة هو السنوار| #عاجل




.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح