الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط الجبابره-5

أنور مكسيموس

2021 / 6 / 21
الادب والفن


((((الفصل الأول...المشهد الرابع...))))
منوح مستلقى على أريكة, ينظر الى أعلى, ينتبه عند دخول شمشون.
شمشون: سلام يا أبى...يجلس قبالته صامتا
منوح: أهلا ياولدى, كيف حالك اليوم؟...يتأمله...
تظهر الساحرتان غرابة وسخامة أقصى يسار المسرح.
سخامة: لاتتردد أيها الجبار...انها معركة قلبك...
غرابة وهى تضحك: أيتها الماكرة, إنها معركة سقوطه...
سخامة: سوف يظل يسقط, يقوم ويسقط, حتى يسقط أخيرا...لكن دون قيام...
شمشون مترددا: حسنا يا أبى!... هناك شئ أريد أن أحدثك بشأنه. يتردد قليلا ثم يكمل: ألم تلح على أنت وأمى, أن أتزوج...لقد وجدت فتاة قلبى...
منوح وجهه الى الأرض فى صمت متأملا ومتفكرا فى هذا التغيير المفاجئ. 
تظهر أقصى اليمين المتنبأة ملكة. 
المتنبأة ملكة: منوح!... تدبر الأمر جيدا وفكر فى تروى, إن الرياح الشديدة أعمت العيون...ألله له تدابير أخرى, لا نعلمها؟!...سوف نرى؟...
منوح: من هى الفتاة التى ملكت قلب ولدى قاضى دان...من أهل من؟...من عشيرة من؟ فنذهب أنا وأمك ونخطبها لك فورا
شمشون: انها ليست من أهلنا أو عشيرتنا...فتاة تمنية...من تمنة...
منوح: أممية؟!...
شمشون: نعم يا أبى, لكنها تختلف عن أهلها وعشيرتها...
منوح: كيف عرفت أنها تختلف...كل بذار كجنسه, حتى ولو إختلف قليلا...
شمشون: ألست قاضيا...أنظر فى الأمور بتروى وتدقيق بما وهبنى الله...
منوح: لكنك لا تعلم حيل الأمم...تعلم تاريخ شعبك وسلوكه, هذا نعم, لانك عايشته وعرفته...لكننا عزلناك عن الشعوب حولنا, حتى تكون أنية الله المختارة...نافقنا نيابة عنك...خضعنا وتذللنا حتى لا تخضع أنت...هل أخطانا؟...ربما...واحدة من أهلك وعشيرتك أفضل كثيرا منها...
شمشون منفعلا وفى حدة: أبى لا تسئ اليها...سوف أتزوجها...هى من إخترتها وسوف أتزوجها...إياها خذا لى, وليس واحدة أخرى.
منوح: اهدأ يا ولدى...اهدأ...أنا أعلم أنك تحسن الإختيار...إهدأ...
تدخل هصلفوتى عندما سمعت صوت شمشون يعلو على صوت أبيه.
هصلفونى: ماذا حدث؟ صوتك يا ولدى وصل الى...مما أنت غاضب؟
شمشون: تعالى وإنظرى!...أليس من حقى أن أتزوج, وبمن ارتضاها قلبى وقبلتها نفسى...
هصلفونى: نعم, نعم يا ولدى, وهذا غاية ما تمنيناه قبل أن نرحل...نريدك أن تستقر وتنعم بحياتك...انك يا ولدى وعد الهى...ماذا حدث يا سيدى؟!...
منوح يطرق برأسه نحو الأرض, دون أن يتكلم...
هصلفونى تستكمل: ماذا يا شمشون, يا ولدى؟!...لماذا يعلو صوتك على أبيك؟!...
إسأليه هو!...لا يريد زواجى من فتاه, فقط لأنها أممية!...
هصلفونى: أليس فى أهلك وعشيرتك من تصلح أن تكون زوجة لك, وانت قاض لدان...لا ينقصك ولا يعيبك شئ...
شمشون: يتنهد فى حزن وأسى وهو يردد لاينقصك ولا يعيبك شئ...يكمل: لو رأيتم كم من صعوبات, ومشاكل اواجهها, وانا اقضى لأهلى وعشيرتى...أهلى وعشيرتى؟...هل تسمعين وتفهمين...كيف آخذ من الغنى والقوى لأرد للضعفاء والمساكين, اننى أعلم ماذا يتقولون على وعليكم...شعب غليظ الرقبة, خصوصا عندما يشعر بأدنى تفوق أو علوشأن...إنهم يستقوون على بعضهم البعض...حتى الفقراء والمساكين, لا يعودوا يذكرون من وضع حقهم فى أيديهم...
يسود صمت وتظهر ملكة بائسة وحزينة:
ملكة: شعب بائس ولا خلاص له من العبودية والذل والمهانة. ها هو مخلص اسرائيل وقاضيها يسقط لكثرة ما رأى واختبر, وليس من يصحح له...قم يا منوح من غفوتك ...قم أيها الرجل وانفض عنك تعبك وكبر سنك, وقف الى جوار قاضى الشعب...هل قاربت الشمس على المغيب وبهذه السرعة...رجائى فى الرب الهى واله كل أحد...تدبيره يفوق عقول البشر...هل لا يزال هذا الشعب فى حاجة الى التأديب؟!...
تظهر فى الجهة الأخرى غرابة ثم سخامة ولا زال الصمت يلف المكان. منوح مطرق برأسه نحو الأرض, وهو لا زال يفرك يديه فى هدوء...هصلفونى تضع رأسها بين يديها نحو الأرض, وشمشون ينظر الى أبيه, عله يتكلم...
غرابة موجهة حديثها لملكة: لا تحاولى أيتها المعتوهة, فما أكثر ما رأى واختبر من هذا الشعب...ما أكثر ما رأى من زعماء وكبراء هذا الشعب...أغنيائه وكهنته...نفاق ورياء وتسليم أبرياء بشهادات زور...وزواج - أمميات كما تقولون - ببناتكم وأولادكم, وبمباركة كل هؤلاء...ماذا سيفعل مع هذا الشعب المريض مرض الموت...تضحك هى و الساحرة الأخرى....تستمران فى الضحك...
ينسحب شمشون, عندما لا يجد مبادرة من أحد لتأييد قراره وهو يقول: إن لم تأخذاها لى, فسوف أذهب و أخطبها بنفسى لنفسى و...ثم يصمت ويخرج!...
هصلفونى لمنوح: الملاح الماهر لا يطلق شراعه, عندما تكون الرياح مضطربة, قوية وعاصفة, وخصوصا اذا كانت عكس اتجاه المقصد...اهدأ يا سيدى ودع الله يتدبر الأمر, إهدأ...أذكر أن الله هو من منحنا اياه, وهو من يتدبر الأمر...ان الله لا يغير مقاصده أبدا...لكنه!...يضع لكل بداية نهاية يقصدها...نحن نختار البدايات والله يضع الحتميات بقصد مرسوم ومؤكد!...فالنضع الأمر بيده هو ولا أحد غيره, ولا ننسب قط جهالة الى الله!...ماذا ترى يا سيدى...
تكمل هصلفونى فى دهشة وألم: لماذا هذه الدموع يا سيدى...أرجوك حتى  لا يراها شمشون...فتبقى أنت سيد هذا البيت, حتى تلحق بأبائك...يمسح منوح دموعه بكم جلبابه...
منوح: هو لم يختار...ولدى لم يختار...قدره إختار له...لماذا؟...لماذا لم نكون نحن له قدره؟!...كيف تغيرت أفكاره؟!...كيف؟!...كيف يا الله!...
هصلفونى: الله هو كل شئ...هو من إختاره لهذا الشعب, فى هذا الوقت وهذا الزمان...
منوح: هذا صحيح!...يفكر كيف يصل اليها ما فهمه من القصد الإلهى, يستكمل وهو غارق فى أفكاره: لو اننى اعطيتك بضعة شيكلات...نقود!...هل النقود رديئة؟!...سيئة؟!...
هصلفونى: بالتأكيد لا, لا هذا أو ذاك... فنحن من يصنع الجيد والردئ, الحسن والسئ القبيح, بهذه الأموال...
منوح: حسنا أنك فهمت ما أقصد...الله بحسن مقصده يريد خلاص هذا الشعب, ان كان يستحق هذا الخلاص وهذه النجاة...فيرسل دائما مخلصين لشعبه...فإن استحقوهم خلصوا... وان لم يستحقوهم, أدبهم وأهلكهم...من يصنع الشر, يزداد الشر حوله ويهلكه...فلتكن إرادتك ومشيئتك يا الله...كل شئ بيدك...
هصلفونى: نعم, نعم...كل شئ بيده هو ولا أحد غيره...ماذا ستفعل؟...
منوح فى تنهد طويل وحسرة وألم: سوف نذهب ونخطبها له؟...
هصلفونى وهى تتدبر قرار زوجها: ربما يكون هذا القرار صائبا, وأيضا ربما تكون هذه شهوة أو رغبة عابرة, تزول بمجرد أن تكون فى يده...فليكن رجاؤنا فى الله...كما قلت ياسيدى, ولنرى أعمال الله, ولا ننسب له جهالاتنا...
منوح: نعم, نعم ولا ننسب لله جهالاتنا, أنت تعرفين مدى سيطرة وقوة ونفوذ كهنة وزعماء ورؤساء هذا الشعب على كل الرعية...لهم محرضيهم الأذكياء, الذين يديرون الأحداث, وكلهم يعملون لصالح الكفتوريين, بطريقة أو بأخرى...الكفتوريين وسكان هذه النواحى أذكياء جدا, ويعملون من أجل ألا يتجمع هذا الشعب تحت رياسة قائد وقاض قوى...نادى على شمشون!...
هصلفونى تصمت قليلا ثم تنادى على شمشون: شمشون! ...شمشون!...تعالى يا ولدى!...
يدخل شمشون متثاقلا:
شمشون: ها قد أتيت...نعم يا أمى!...لا يفاتحنى أحد فى هذا الموضوع مرة أخرى!...
هصلفونى مبشرة وبطريقة مباشرة: وافق أبيك على الذهاب معك وخطبتها لك...
شمشون متفاجئا: هل حقا هذا؟!...ماذا حدث لهذا التغير المفاجئ...أنا لا أفهم!...ماذا حدث!؟... 
منوح ولا زال وجهه الى الأرض وهو يفرك أصابعه ببعضهما: أليست هذه الفتاه من ملكت عليك قلبك وكل حواسك...ألن تصبح زوجة ولدى, والنساء على قلوب أزواجهن عندما يسعدن...ما هو إسم هذه الفتاه المحظوظة بقلب ولدى, قاضى دان؟...
شمشون: أوتيليا يا أبى.
منوح: أوتيليا!...يبدو اسما مميزا...هل له معنى, أو يدل على شئ؟...
شمشون وقد بدأت ملامح وجهه فى الانفراج والسعادة: لا أعلم يا أبى...
منوح: الله يتدبر الأمور...جهز لسفرنا للنزول الى تمنة...وانت ايتها السيدة, جهزى لنا احتياجات السفر...هيا!...لقد قضى الأمر!...
.....................
......................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل