الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب في لبنان والمعارضة السورية

معقل زهور عدي

2006 / 8 / 9
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


أثر حرب لبنان في المعارضة الوطنية الديمقراطية في سورية

لنعترف في البداية بوجود تيارين رئيسيين داخل المعارضة الوطنية – الديمقراطية ، أصبح ضروريا تلخيص وجهة نظر كل منهما للانتقال من مرحلة الغموض والاتهامات الى مرحلة الوضوح والحوار ، ويمكن ان يخدم ذلك في وضع تصور لكيفية تأثرهما بالحرب في لبنان .
أولا : تيار اليسار الليبرالي
أهم ما يميز هذا التيار تركيزه المفرط على الوضع الداخلي السوري ، ومحاولة تفكيك العوامل الخارجية في خطابه السياسي ، بالتالي وضعها في مرتبة ثانوية ، وحصر الرؤية السياسية بمسألة الديمقراطية وترحيل ماعداها الى حقبة تاريخية لاحقة .
لكن ذلك لاينفي وجود رؤية للسياسة الخارجية ، فالمسألة هنا تكمن فقط في فصل اجرائي بغرض تخفيض الاضاءة فوق عناوين السياسة الخارجية وتركها كحديقة خلفية متاحة للمناورة .
تستند السياسة الخارجية للتيار السابق الى القناعة بوجود تقاطع بين المطلب الديمقراطي الداخلي وماهو متصور من وجود مطلب ديمقراطي للولايات المتحدة الأمريكية ( ظهر بعد ايلول – 2001 ) تعمل على تحقيقه في المنطقة العربية ، دون ان يعني ذلك بالضرورة تأييد السياسة الأمريكية كما هي عليه في العراق والمنطقة العربية
المسالة هنا تعرض كاستفادة من تقاطع موضوعي والسعي لاستثماره من أجل انجاز المهمة الديمقراطية .
يعطي تيار اليسار الليبرالي أهمية لوجود ( مجتمع دولي ) يدفع باتجاه نشر الديمقراطية ، ودورا ايجابيا للاتحاد الأوربي يمكن الاستناد اليه حين يتعثر الدور الأمريكي وتتفاقم ردود الأفعال الشعبية ضده.
يجد الخطاب السياسي لتيار اليسار الليبرالي سهولة في ترحيل أي مقاربة لمسألة الصراع العربي- الصهيوني الى مابعد انجاز المرحلة الديمقراطية ، وكذا الحال بالنسبة للمسألة الاجتماعية .
هنا ثمة محاولة لفصل المسألة الديمقراطية وتعظيمها ووضعها في تراتب زمني تسلسلي ، بحيث يصبح التعاطي مع المسائل الأخرى خلفها وليس معها في وقت واحد .
ينكر تيار اليسار الليبرالي وجود مشروع للهيمنة الأمريكية على المنطقة العربية ، وفي أفضل الحالات يعتبر وجود مشروع كهذا جزءا من المعطيات الجيو-سياسية التي لايمكن مواجهتها في هذه المرحلة الموصوفة بمرحلة الانجاز الديمقراطي .
( القول بمقاومة مشروع الهيمنة الأمريكي يضعنا في مواجهة خصمين في وقت واحد الاستبداد والخارج هكذا تستحيل المسألة وتصبح ضربا من الرومانسية السياسية ، الحل: مهادنة الخارج ومواجهة الاستبداد في الداخل ) ذلك هو منطق اليسار الليبرالي .
في السياسة العربية يحاول اليسار الليبرالي شق طريق صعب بين تقييم ايجابي لنهج محمود عباس ومراعاة الابتعاد عن مواجهة علنية مع تيار المقاومة متمثلا في حماس ، اما في لبنان فهو أقل حذرا في اظهار تعاطفه مع قوى 14 آذار التي ذهبت شوطا بعيدا في التنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية ، وبخصوص العراق لايخفي التنكر للمقاومة العراقية واثارة الشكوك حول طبيعتها ومشروعيتها .
يطرح تيار اليسار الليبرالي سقفا خطابيا أعلى في معارضة النظام ، بغض النظر عن نتائج ذلك وجدواه وهل استفادت منه المعارضة في التقدم نحو الأمام أم أنه أسهم في تراجعها نحو الخلف ؟
أخيرا يتصور تيار اليسار الليبرالي أنه المعبر الشرعي عن المعارضة الوطنية الديمقراطية ، فهو لايرى هامشا بين المعارضة متمثلة بخطه الفكري السياسي وبين معسكر النظام .
ثانيا : التيار الوطني – الديمقراطي
يستند التيار الوطني الديمقراطي الى فكرة اندماج المهمات الثلاث الوطنية – القومية ، الديمقراطية ، الاجتماعية ، ونفي أية امكانية للفصل بينها في تسلسل تاريخي مزعوم .
وتأتي في مرتبة بارزة فكرة الانحياز لخط مقاومة مشروع الهيمنة الأمريكي – الصهيوني على المنطقة العربية وبناء علاقة استراتيجية مع قوى المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان .
الديمقراطية كما يفهمها هذا التيار هي ديمقراطية المشاركة الشعبية الواسعة التي لاتنحصر بالتمثيل البرلماني وهي ديمقراطية وطنية مناقضة للديمقراطية الطائفية وفق النموذجين العراقي واللبناني .
الديمقراطية هنا ليست مهمة تاريخية مقطوعة الروابط بالمهمات الأخرى الوطنية – القومية والاجتماعية ، ولكن مندمجة مع تلك المهمات في سياق تاريخي واحد .
لايرى التيار الوطني – الديمقراطي أي تقاطع مع الاستراتيجية الأمريكية للهيمنة على المنطقة العربية بل صراع متصل معها ، صراع ذو أشكال متعددة ، بعضها عنيف وبعضها سياسي وبعضها ثقافي – فكري ، بالتالي فانجاز المهمة الديمقراطية لايمكن ان يتم خارج هذا الصراع بل داخله ، وليس بالتقاطع مع استراتيجية الولايات المتحدة بل ضدها بالضبط .
ينظر التيار الوطني الديمقراطي الى عملية التحول الديمقراطي باعتبارها مسالة تحول مجتمع وليس مسألة تغيير سياسي فقط ، لذا فالتركيز الرئيسي لديه هو على مطالب ديمقراطية تسهم في بناء قوى اجتماعية داخلية تحمل مسؤولية التغيير دون أي تقاطع مع أجندات خارجية ، ويرى هذا التيار أن العمل في ضوء التقاطع مع أجندات خارجية منزلق خطر يدفع نحو رهانات سياسية ضارة . فالخارج الفاعل سياسيا في المنطقة هو سياسة الولايات المتحدة وحلفائها والسياسة الأوربية التي تزداد تبعية لها ، أما الخارج الوحيد الذي يمكن التقاطع معه فهو خارج الحركات التحررية والشعبية، خارج المنظمات المدنية المستقلة غير الخاضعة لتمويل الدول والاحتكارات العالمية ، وبالتالي فهو الخارج الذي يعمل بوضوح ضد سياسة الهيمنة الأمريكية ومشروعها الشرق أوسطي .
ينظر التيار الوطني – الديمقراطي الى العلاقة مع التيارات الأخرى داخل المعارضة بوصفها خاضعة للنقد ، فوعي الفرق بين الخطوط السياسية وتميز الخط الفكري – السياسي للتيار الوطني – الديمقراطي هي أمور لايمكن المساومة عليها .
مسألة التحالف هي في جوهرها مسألة تكتيكية هدفها حشد الجهود من أجل انتزاع المطالب الديمقراطية وترسيخها ، لكن ذلك لايمكن ان يوجد على حساب المسائل المبدئية وعبر طمسها وتمييعها .
الموقف من الحرب في لبنان :
منذ البداية أظهر تيار اليسار الليبرالي تحفظا على الوقوف مع المقاومة اللبنانية وميلا حذرا لللأخذ بوجهة نظر قوى 14 آذار في تحميل حزب الله مسؤولية ( توريط ) لبنان في حرب شاملة ، وقدمت التحليلات السياسية التي تفسر ماجرى بوصفه صراعا بين محاور اقليمية ودولية ، وبسبب موجة التعاطف الشعبي الواسع في سورية مع المقاومة فقد تراجع اليسار الليبرالي قليلا دون ان يغير في جوهر موقفه .
في المقابل وقف التيار الوطني الديمقراطي منذ بداية الحرب بوضوح ودون تحفظ مع المقاومة اللبنانية معتبرا أنها تخوض معركته ضد مشروع الهيمنة الأمريكي – الاسرائيلي في لبنان .
مابعد الحرب على لبنان :
من المبكر وضع تصور لانعكاس الحرب في لبنان على الساحة السورية ، والمسألة في أحد جوانبها مرتبطة بالنتيجة التي ستنتهي اليها تلك الحرب مما لايبدو واضحا في الأفق الآن .

مهما بلغ حجم التدمير الذي تتعرض له البنية التحتية في لبنان ، والخسائر البشرية ، فان وقف اطلاق النار دون ان تتمكن اسرائيل من فرض شروطها المعلنة للحرب سيشكل انتصارا سياسيا ومعنويا للمقاومة ، ويضع تيار قوى 14 آذار في موقف الطرف الأضعف ، وسيستتبع ذلك انحسار النفوذ الأمريكي والفرنسي عن لبنان ، وهو أمر لايمكن لتلك الدول التسليم به بسهولة ، من أجل ذلك فالمرجح ان يستمر الصراع بأشكاله المختلفة السياسية والديبلوماسية والعنيفة ، وسيؤدي استمراره لتغييرات في البيئة السياسية اللبنانية يصعب التنبؤ بها .
لايمكن ان يستمر الصراع في لبنان فترة طويلة دون ان يمتد خارجه وبالتحديد باتجاه سورية .

لنلخص : الفرز السياسي داخل المعارضة الوطنية الديمقراطية في سورية يتعمق في ضوء الموقف من المقاومة اللبنانية والحرب الدائرة في لبنان ، واليسار الليبرالي مازال بعيدا عن الوقوف الى جانب المقاومة اللبنانية ، متقاطعا بذلك مع الموقف العربي الرسمي ، ومالم تتم مراجعة ذلك الموقف فسيكون من الصعب جسر الفجوة بينه وبين التيار الوطني-الديمقراطي حين تضع الحرب أوزارها في لبنان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زعيم كوريا الشمالية: حان وقت الحرب! فهل يشعل صراع الكوريتين


.. لافروف: ما يهم روسيا هو عدم صدور أي تهديد غربي لأمنها| #الظه




.. الملف النووي الإيراني يستمر الشغــــل الشاغـــل لواشنطن وتل


.. أول مرة في العالم.. مسبار صيني يعود بعينات من الجانب البعيد




.. ابتكار جهاز لو كان موجودا بالجاهلية لما أصبح قيس مجنونا ولا