الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة/ الصوت المنقذ

علي قاسم مهدي

2021 / 6 / 23
الادب والفن


الصـــــــوت المنقذ



في ليلة موحشة, توارى خلف غيومها القمر, ذكرتني بأنني لازلت محاصرا بجدران غرفتي. كانت ليلة حالكٌ سوادها، ممزوجة بكل مرارة الحنظل ، ,ريحها هوجاء ،تعصف بقوة.. سمعت صوتا يزحف نحو أذني ,أطلق صرخة مكتومة. أنا الذي خُيل لي بأنني ميتا منذ زمن بعيد , تصنعت ضحكة أطلقتها بحذر لأتأكد من وجودي، بددت مخاوفي بحركة يابسة مقتضبة ,حاولت أن ابتسم ،لكن الليل ووحشته جعلوا رغبتي في الابتسام شبه مستحيلة ، تأملت الليل ،وأصغيت برغبة الانتظار لسماع الصوت من جديد. صوت يوحي بالتحرر.
صوت جعلني مطمئنا لتبرير انطلاقي. غير أني محاصر بكل تأكيد في هذه اللحظة بوحدتي. وحدتي القاتلة. خوفي منا دائم، يخلف ذاكرتي، يسير واثقا بخطواته، يرتشف لحظاتي لحظة اثر أخرى منتشيا بعذابي، يملك داخله شيء عميق اجهل جوهره، يصطاد انتظاري للأمل بخفة عجيبة، ويلقي به في دهاليزه المظلمة.
انتبهت لهمس الصوت، الذي بدا يسألني.
- لماذا لا تمضي دون خوفك ، لماذا دائما مقيدا بدهشتك منه . أنتَ بحاجة لتحدٍ يخرجك من عزلتك ، الم تضجر منه، من غرفتك من كل أشيائك وحتى من نفسك التي لا تفهمها في أحيانا كثيرة ..
توقف الصوت فجأة ،لكنني أحس به لازال معي في الغرفة ، وقفت منذهلاً ،اتجهت نحو النافذة حركت مقبضها الصدأ لفتحها، لفحني هواء رطب ، فتح درفتي النافذة على مصرعيها، هواء محملا برذاذ المطر المتساقط منذ لحظات ، اجفلني برهة مُوَاء قط خائف، نط بسرعة داخل الغرفة، اسقط الفنر عم الظلام متحدا بالأفق الممتد أمامي . لكنني لمحت شعاعا ابيض ناصع، يتجه نحوي يبدد بسرعته ووهجه غيوم الليلة الموحشة، صانعا دربا للقمر المتواري خلف الغيوم.... سطع نور يشبه البرق، يضيء بنعومة مترفة المكان من حولي . صفقت النافذة درفتيها بقوة محكمة انغلاقهما، وكأنها تحاول حبس النور داخل الغرفة، تجمع النور وتحول الى قبسِ لامع نفذ داخلي عن طريق مسامات جسدي المبللة .وشعرت بألفة غريبة، تماهى معي تغلغل بكياني سَمِعت حَفيفا يشبه خفق جناحي طائر،حلق الصوت ودار حولي حَلقتَ معه.رقصنا معا اعلانا لنصرنا على خوفي .كنت اعتقد بان البحث عن سبيل ينقذني من نفسي ،من همومي، من خوفي . أمر مستحيل. جاءني مواء القط من جديد ، أعدت تشغيل الفنر، فتحت النافذة لخروج القط . واستلقيت على السرير. بعد أن غادرني الصوت.

ترى من أين جاء هذا الصوت من أي عمق أتى، أيمكن للريح أن تحمل أصوات توءم ارواحنا او الشبيهة لأرواحنا من العوالم الاخرى ايمكن أن يكون هذا ردا على رسائل البشر المرسلة عبر الفضاء . وأي روح تلك التي حدثتني ،ولماذا أنا بالذات .. اهي روحي الابدية جاءت من عوالمها البعيدة لترفدني بطاقة الانعتاق . ام هي رَوح الله. غَطّطت بنوم عميق. حاولت بالحلم ان اتصل بنفسي . رن هاتفها،
- هليو نفسي
- انتظر .
- لا، اسمعي
- ما الذي تريد قلت انتظر.
- من حقك أن تنكريني ،ولكن ليس من حقك أن لا تسمعي ما أريد قوله .
يبدو أن هذه الأسئلة تنفلت مني بهدوء تام . أسئلة تحررت بعد أن زارني الصوت.
عم الصمت، لم تجب، صرخت بها بقوة، انقطع الاتصال، وتجلت أمامي، رايتها تتجرد مني، وبدا عليها أنها تتحول إلى ركام... أحسست حينها بخلاصي. أنا ألان حرا بالفعل، ولم أحدق بالخطر حالة نزع نفسي عني، تحررت بأعجوبة من همومها من كدرها المهلك، وازددت قوة، انطلقت حرا نحو سماء الوجود، عصفورا غض يزقزق بعذوبة لحنٍ اسمه الحرية ،محلقا لاكتشاف سحر العالم.



انتهت



بغداد 22/6/2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري


.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس




.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن


.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات




.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته