الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سرّ نجاتي

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 6 / 23
الادب والفن


أسأل نفسي أحياناً كيف نجوت، أعرف السّر. السّر هو مرض نفسي يلاحقنا عندما نتساءل هل نحن على خطأ أم على صواب ، ثم نتهمّ أنفسنا فنقع في دائرة العزلة ، ثم الاكتئاب، نستسلم للاكتئاب لأنّنا نرتاح معه ، هو أيضاً يرتاح معنا على سرير دافئ ، يعانقنا ، ولا نستطيع الانفلات عنه.
لماذا نجوت من الحياة؟
هذا العنوان هو سؤالي لنفسي ، جوابه هو جزء من سيرة ذاتية لا زلت أعيشها منذ الطفولة لدرجة أنّني أعتقد أنّني ورثتها بالجينات.
أصابني الحزن في مرات كثيرة ، لم أتغلّب عليه بالمحاولة ، بل كنت أنساه لأنّ وقتي كان مليئاً بي، فعندما أقابل نسيم الصباح تتدّفق الحياة بقوة إلى صدري.
من طباعي أنّني أتوقف عن الجدال عندما أرى إصراراً من شخص ما ، وبخاصة إن كان رجلاً ، لا بد أن ينتصر مهما جادلته، الرجل يحاول إقناعك برأيه، أما النساء فتقاطعك!
كان سرّ حياتي بيني، وبيني فقط حتى بعد الزواج ، فلم تكن هناك أسراراً أقدمها حتى لزوجي ، حيث كنت أقرّر، أعلمه فقط حين أقترب من التنفيذ ، أورد مثالاً على ذلك : أصابتنا ضائقة مادية ، أردت أن أساهم في حلها بعد أن ضاقت السبل ، قرّرت أن أبيع بيتنا في حلب ، أشتري بيتاً آخر ، وذهبت في زيارة إلى حلب ، وكنا نعيش في حي " تلفون هوائي " وهو حي مختلط بين المسيحية و الإسلام ، مرّرت من قرب مكتب عقاري كان زوجي قد اختلف معه عند شراء البيت الأوّل ، ناداني صاحب المكتب، وهو مدرّس أيضاً . سألني لماذا ابتعدنا عنه . قلت له : ليس لي علم . قال: رأيتك تدخلين إلى مكتب عقاري ، فما حاجتك ؟
قلت له سوف أبيع البيت و أشتري آخر على أن تكون أقساطه على البنك ، و أوجد لي المشتري ، و البيت .
عدت إلى القامشلي ، أخبرت زوجي أنّني سوف أبيع البيت لو كان ليس لديه مانع ، و أشتري آخر. لم يجب ،فقد كان قد شرب في تلك اللحظة، لكنه في الصّباح أجابني قائلاً: "أخاف عليك ، العملية ليست سهلة ، من جهتي سوف تصيبني الجلطة لو قمت بذلك".
كنت قد رتبت الأمور في حلب ، عدت ، استلمت ثمن بيتنا، واشتريت بيتاً في "عوجة الجبّ" أفضل من بيتنا حيث أن أحدهم كان موظفاً في البنك وسرق أموالاً منه ، وسوف يحجزون على بيته ، ولا زال على البيت أقساط ، لكن العقبة الكبرى أنه لن يبيع البيت إلا لشخص مسيحيّ، وهنا اشترى البيت صاحب المكتب العقاري ، ثم باعني إياه في نفس اليوم . عندما استلمنا البيت ضحك زوجي وقال: " الحياة هنا مريحة. صاحب البيت اختار أن يعيش، فالمكيفات، و التقزيز يشعرانك بجمال الحياة". بعد عدة أعوام بعت البيت في حلب لأن ابنتي أنهت الجامعة، اشتريت بيتاً في جديدة عرطوز على البنك أيضاً ، وعندما أخبرت زوجي و أتى في اليوم التالي قال:" لا بد أنني أحلم لأن البيت أرضي ، وله ثلاثة مداخل" .
السّر أنني نجوت من الحياة أنّه لم يكن لديّ فراغ ، وقد تعرّضت للتنمّر كثيراً من محيطي وخارج محيطي ، فكنت أغلق بابي ، وكان آخر قرار لي هو عدم تلبية الدعوة لزيارة أحد ، لكنّني كنت أستقبل من يرغب في زيارتي، اكتشفت كم يكون الناس لطفاء عندما تقدم لهم ،و تمتنع عن زيارتهم ، هم لا يعتبون عليك. السّر الآخر هو أنّني كنت أعتبر نفسي سليمة من الأمراض النفسية ، و الذين أبتعد عنهم هم المرضى . اكتشفت فيما بعد أن ذلك غرور فلا أحد سليم!
اكتشفت أخيراً أن بعض الأمراض النفسية هي قرار شخصي يقرره العقل الباطن ،حيث يتخلّص من جميع الأعباء، وينال العطف الاجتماعي .
في إحدى المرات كان أحد الموكلين يتحدث إلى زوجي ، لم يكن موضوع العنف العائلي يناقش ، قال: اكتشفت أن ابني يتعاطى المخدرات، وبعد زيارة الطبيب اكتشفت أن المدمن يستطيع إقناع الطبيب بصدقه، عدت إلى المنزل ، حبست ابني في غرفة ، كنت أقدم له الطعام و الشراب ، و أسمح له بالخروج إلى الحمام إلى أن تعافى، ثم استطرد : نحن نعيش هنا في هذا الشرق اللعين، علينا أن نبتكر الحلول بأنفسنا ، و ابني يشكرني اليوم لأنّني عالجته!
كما قال الرّجل : " نعيش في ذلك الشّرق اللعين" وعلينا أن نبتكر الحلول. . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاكرين القصيدة دى من فيلم عسكر في المعسكر؟ سليمان عيد حكال


.. حديث السوشال | 1.6 مليون شخص.. مادونا تحيي أضخم حفل في مسيرت




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص