الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فؤاد السنيورة ، قوة الدمعة

محمد العبدلي

2006 / 8 / 9
ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع


فؤاد السنيورة ، قوة الدمعة
بين دمعة فؤاد السنيورة و وقاحة ضحكة وليد المعلم وزير خارجية سوريا في اجتماع وزراء الخارجية العرب تقع الحدود التي خبرناها بين الخوف على الوطن و المواطن في هذا البلد المنكوب ، و وقاحة السلوك البعثي الذي يزدري الانسان و مصيره!! في الصورة التي تعكس وجه المعلم المتهدل من فرط الغباء و التخمة في اجتماع وزراء الخارجية العرب ، نجده محاطا بنفس الوجوه المخابراتية القاسية التي لم تعرف ، مثل سيدها ، الدمعة أبدا ، فلطالما استخفت بدموع الضحايا و دماءهم و توسلاتهم ، حين تمتد أياديهم الآثمة نفسها الى أبناء جلداتهم قتلا و اغتصابا و تعذيبا . و خلف ظل المعلم يتوارى غرور الدمية حسن نصر الله الذي جر لبنان الى الخراب و اختفى مثل بعثي آخر بعد أن وجد حفرة أخرى تاركا شعبه يواجه المصير المحتوم ، و مثله أيضا تباهي بأن بنية حزب الله التحتية ما تزال سليمة , و عنده : " ما دامت بنية الحزب سليمة ليذهب الوطن و أبناؤه الى الجحيم " .
تحت واجهة الطائفية التي قسمت العالم العربي و الكتاب العراقيين و العرب يتجاهل الكثير من الكتاب أوجه التشابه بين الطغاة ، ذلك التشابه الذي يتخطى الطوائف و القوميات : فلا شيء يشبه صورايخ حسن نصر الله المنفوخ كالطاووس سوى صورايخ صدام حسين البائسة و لا شيء يشبه التصريحات بتدمير إسرائيل سوى تصريحات الشبيه نفسه ، و لا شيء يشبه تهليل المواطن العربي المغرر به في حينها في الهتاف لصدام حسين سوى الحناجر التي ترتفع الآن بالدعوة الى انتصار نصر الله الذي هو من كل الوجوه ، أصعب من المستحيل ، لأن هذه المعركة محسومة سلفا و سيخرج حزب الله و نصر الله فيها خاسرين مهزومين مثل صدام حسين لا محالة ، و لكن المصيبة الأكبر أن خسارة حزب الله وسيده المحتمة قد جرت الى خسارة هذا البلد الوديع الهادئ و شعبة المسكين ، هذا البلد المحصور بين وحشين و بحر .
بين دمعة فؤاد السنيورة و الضحكة الوقحة لفؤاد المعلم الذي تجاوز خراب لبنان الذي لا يعنيه و أرواح أبنائه التي لا تهمه ، و أرض الجولان المحتله منذ أربعين عاما دون أن يندى جبينه ، ليدعو وزراء الخارجية الى الإشادة بحزب الله ، داعيا اللبنانيين الى المزيد من الدماء في سبيل سوريا و ايران ، بين هذا و ذاك تقف صورة حسن نصر الله الطاووسية و عيونه التي لا تعرف الدموع و التي لم يستعملها لذرف دمعة واحدة حتى على ابنه كما تقتضي قوانين الطبيعة ، و التي لم يستعملها حتى للرؤية ، لرؤية الموقف و الفوارق في موازين القوى ، ذلك لأنه يرى الأمور ليس بعيونه هو و انما بعيون الولي الفقيه القابع في طهران .
إزاء هذا كله أتسائل : ما هي فائدة عيون لا تدمع و لا ترى .
يقف إزاء دمعة فؤاد السنيورة و على الضد منها وليد المعلم وحسن نصر الله كأفضل ممثلين لثقافة الموت البعثية و الأصولية المتحالفة هنا وهناك : في العراق و في لبنان تحالفان : بعثي و أصولي ، و بين هذا و ذاك تقبع طهران التي تحرك الدمى من أجل مصالحها القومية الزائفة و وهم العظمة التسليحي الذي قاد قبلها صدام حسين الى حساباته الخاطئة و من ثم الى حتفه .
لازال الكثير من مثقفي العراق و مثقفي العرب لا يرون سوى جانب واحد من المأساة : إنهم ينظرون فقط لهؤلاء المدمرين المتوحشين الاسرائيليين الذين لا يكترثون لدموع الاطفال و النسوة و الشيوخ من الذين تدمرهم ماكنة الهرس العسكري الاسرائيلية الغاشمة فيما لا يرون ما يسببه امثال صدام حسين و حسن نصر و المشترك بينهما كثير كثير و كبير كبير.
إنها نفس القوى التي سرقت فرحة العراقيين بسقوط الدكتاتور : إيران التي آوت مجرمي القاعدة الهاربين من أفغانستان لغرض استخدامهم لمصلحة امنها الوطني كما صرح بكل وقاحة مسؤولوهم ، و حلفاؤها البعثيون السوريون و العراقيون و أجهزة مخابراتهم التي تعد الانتحاريين و التفجيريين و القتلة و المجرمين، و نفس السيناريو يتكرر : نصائح من إيران لأتباعها أن يجمعوا ، كما فعل حزب الله ، بين الإشتراك بالعملية السياسية و الحفاظ على الميليشيات و الارهاب في وقت واحد ، أي الإبقاء على الواجهة السياسية الملمعة التي تخفي الجرائم الدموية التي ترتكبها كل يوم ميلشيات لا تعرف الرحمة عدا ما خبره و عانى منه أبناء شعبنا المغلوب على أمره من جرائم القاعدة و البعث .
فهذا الغر عمار الحكيم المخلص كوالده لتعاليم طهران يؤيد حل المليشيات ولكن ، كما يقول ، بعد ان تقوم الحكومة بتوفير الامن !! و لا داعي أن نسأل عبقريا مثله السؤال الأزلي : هل الدجاجة من البيضة ام البيضة من الدجاجة ؟ و لا داعي لأن نسأل هذا الغر كيف يمكن لحكومة في العالم أن تقيم الامن أولا ثم تقوم بعد ذلك بحل المليشيات ؟ أليس حل الميليشيات هي من الأولويات القصوى لتوطيد الأمن في أي البلد ؟ لكنني أحول سؤالي الى أولئك " المثقفين " المنخرطين بنشاط ما بعده نشاط في تقسيم الكعكة الطائفية و الجهد البطولي الذي يبذلونه لستر عورة الطائفية بمهلهلات اليسار و النضال ضد الامبريالية قائلا : ألا ترون التشابه بين هذا الموهوب بالوراثة و موهوب اخر بالوراثة لاقى مصيره المحتوم أعني به عدي صدام حسين .
ليس من الصعب اكتشاف مصنع " العبقرية " الإيراني البائس وراء مثل هذه النصائح التي قدمت للحكيم الأب و الحكيم الإبن و آخرين من قادة الإئتلاف و التي قادت حزب الله الى مثل هذا المصير ، هذه النصائح التي يقف وراءها ديناصور منبعث من غبار القرون الماضية و رئيس يخاطب مندوبي الامم المتحدة شارحا لهم القدوم الميمون والقريب للمهدي المنتظر ليملأ الأرض عدلا و سلاما .
بين دمعة فؤاد السنيورة و وقاحة المعلم يقع الحد الفاصل بين عالمين : تقديس الإنسان و احتقاره .
لقد ادرك صدام حسين أهمية الدمعة . دمعة حتى لو كانت زائفة لشخص لم يذرف دمعة في حياته حتى على أبناءه . كانت نعوش العراقيين حينذاك تترى الى النجف الأشرف و المحافظات حاملة أجساد الأعزة من أبناء شعبنا المغلوب أبدا على أمره كشعب لبنان من الذين زجوا في هذه الحرب البائسة ، أدرك فجأة أهمية الدمعة حين همس له أحد مستشاريه من ابناء العوجة و كان على خلاف أقرانه قد أكمل الدراسة الإبتدائية : سيدي انت الوحيد الذي لا تبكي !! الشعب كله يبكي !
تباكي صدام حسين أمام كاميرات التلفزيون بدموع تشبه دموع التماسيح حين تأكل الضحية!
هل علينا ان لا نقارن كما يرى المتخندقون في خندق الطائفية و أن لا نرى وجه المقارنة بين دموع صدام حسين السني الزائفة و دموع لم نرها في عيون وقحة جرت لبنان و شعبه الى هذا اللهيب الجهنمي الحارق فقط لأنه لا تجوز المقارنة شرعا بين ديكتاتور سني وسيد ؟
على أن الديكتاتور يمكنه بكذبة أن يكون سيدا ، و أن سيدا يمكنه أن يكون ديكتاتورا !
نحتاج الى قادة بقلوب رحيمة تذرف الدموع ، و ليس الى قادة ليس لديهم سوى قاموس القتل والعنف ، لقد انتهى الخطاب القومي بكافة أشكاله : بعثيا أو ناصريا أو اشتراكيا عربيا كان ، ذلك الخطاب الذي خدع جماهير شعوبنا المسكينة ما ينوف على نصف قرن و الذي لم يقد الشعب العربي من الخليج الى المحيط الى تحرير فلسطين انما جلب علينا الكوارث ، لم يحرر فلسطين و لم يحقق الازدهار والتنمية و لم يجلب للشعوب العربية غير الدمار و المزيد من التخلف و القمع ، و ها أن التيار الديني المتخلف يحاول أن يأخذ مكانه ويجرب حظه و الذي هو في كل الاحوال أقل بكثير من حظوظ التيار القومي الغابر ، هل علينا أن نخوض هذه التجربة المرة الخاسرة سلفا واضعين العزيز من أبناءنا مرة اخرى تحت مثرمة الحرب التي لا تبقى و لا تذر؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا