الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احمد رحمة العباسي وكتابه الجديد -خواطر دبلوماسية -

جابر احمد

2021 / 6 / 24
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


صدر عن دار دجلة للنشر في العاصمة الأردنية بعمان كتاب للناشط الاهوازي الأستاذ احمد رحمة العباسي وذلك تحت" خواطر دبلوماسية "، يلخص فيه الكاتب تجربته أثناء خدمته في السلك الدبلوماسي الإيراني وذلك في الفترة الواقعة ما بين عام 1977 الى عام 1983 ،وهي فترة كما يقول المؤلف مهمة جدا في تاريخ ايران و المنطقة لأنها كانت فترة الانتقال بإيران من نظام الملكي الى النظام الجمهوري الإسلامي وما رافقته من إحداث جسيمة هزت ايران والمنطقة وربما العالم بأسره لاسيما وانه خلال هذه الفترة تم صياغة السياسة الداخلية والسياسة الخارجية الإيرانية للنظام الجديد، خاصة وإنني كنت شاهدا على جزء من السياسة الخارجية لتي نرى اليوم نتائجها الكارثية لا على الداخل الإيراني وحسب وإنما على عموم المنطقة .
في هذه المذكرات يتحدث الكاتب ايضا عن الاضطهاد القومي الذي عاني منه أبناء الشعب العربي الاهوازي إبان حكم الشاه وينقل حادثة وقعت له عندما كان طالبا في ثانوية "فردوسي " بمدينة الخفاجية الوقعة في غرب اقليم الأهواز وذلك عندما طلب مدرس مادة الأدب من الطلاب ان يكتبوا مادة عن شخصية إيرانية أو أجنبية معروفة وكان اختياره قد وقع على الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ولعل السبب الذي دفعه الى ذلك كما يقول هو النكبة التي لحقت بالعرب وخسارتهم في حرب الأيام الستة عام 1967، و لكن ما ان قدم المادة الى المدرس حتى شاهد في صباح اليوم الثاني من كتابته للموضوع عناصر ألأمن الإيراني المعروفة" بالسافك في انتظاره على باب الثانوية حيث قاموا باصطحابه الى مقر الأمن في الخفاجية و بعد ليلة قضاها في مكبل الأيدي الى السرير تم نقله من مدينة الخفاجية الى مدينة عبادان حيث المقر الرئيسي للأمن يقع هناك ، فمكث في السجن التابع لهذا المقر لما يقارب أكثر من ثلاثة شهور وكان طيلة تلك الفترة يخضع للتحقيق المستمر من قبل احد ضابط الأمن وكثيرا ما كان يسأله المحقق عن الدوافع التي كانت وراء كتابته لمثل هذا الموضوع ؟ وهل يوجد تنظيم أم جماعة يعمل معها او دفعته لكتابة مثل هذا الموضوع ؟ ، وبما ان المستمسك الوحيد الذي كان بيده هو ما كتبه و قدمه للمدرس ! لذلك لم توجه له أية تهمة محددة وأخيرا تم إطلاق سراحه ، وفي هذا المجال يقول المؤلف " لقد كنت في تلك المرحلة أصغر سجين سياسي بين الاحوازيين، حتى ان السجناء السياسيين في سجن السافاك في مدينة عبادان مندهشين من وجودي معهم نظرا لصغر سني "،كما يضيف " ان الغالبية العظمى من السجناء كانوا من المدرسين ذات الميول اليسارية والشيوعية " .
كما يتحدث المؤلف في هذا "الخواطر"عن السياسية التي انتهجها شاه ايران في المجال الحزبي عام 1974 والتي تم بموجبها حل كافة الأحزاب الحكومية التي كانت موجودة في ايران آنذاك مثل حزب " ايران نوين" وحزب "مردم" و حزب "بان ايرانيست" والإعلان عن تأسيس حزب جديد أطلق عليه اسم "حزب رستاخيز" ،حيث طلب الشاه من تلك الأحزاب حل نفسها والاندماج في هذا الحزب الجديد كحزب شمولي وهدد من ان لا يعجبه هذا الوضع عليه استلام جواز سفر و الخروج من ايران !
إما عن تجربته والتحاقه في العمل في وزارة الخارجية الإيرانية فيقول : " في المراحل الأخيرة من دورة التدريب بوزارة الخارجية تم استدعائي الى احد مقرات السافاك وهو عبارة عن عمارة تقع في احد إحياء طهران الراقية وهناك قابلني احد ضابط ألامن وقال لي لماذا تريد الالتحاق بوزارة الخارجية ؟! فقلت له هل يتوجب علي شرح الدوافع وهل وجه مثل هذا السؤال لزملائي ؟ قال لا و لكن أنت كنت تعمل في وزارة الإعلام و السياحة ونحن نفضل ان تبقى في عملك هذا و سندعمك ونساعدك ! ( كنت اعمل بصفة مترجم في وزارة الإعلام السياحة و التي تحول اسمها في عهد الجمهورية الى وزارة الإرشاد و الثقافة الاسلامية )، قلت له ان اختياري ورغبتي هي العمل في وزارة الخارجية ، قال طيب مرة أخرى سنقوم باستدعائك وأنت ايضا فكر بما عرضناه عليك !!و بعد فترة استدعيت مرة أخرى الى نفس المكان و قابلت نفس الضابط ،عندها قال لي هل اقتنعت بما عرضناه عليك ؟ قلت له لا ،عندها سادت بيننا حالة من الصمت استمرت عدة دقائق ثم تكلم و قال : انتم العرب قتلتم ابن عمي و كان ضابطا ! قلت له هل كان لي ضلع بذلك ؟ قال من قتل ابن عمي يدعى" حته " وهنا يعني الشهيد "حاتم ألكعبي" و المعروف ب "حته " ، الذي قام بعدة عمليات بطولية ضد عناصر الأمن و الدرك الإيراني في إقليم الاحواز ، منها مقتل مقدم في الجيش الإيراني يدعى " كشاورز" و في عملية أخرى هاجم مركزا للدرك الايراني على الحدود مع العراق وأصاب الرائد "طهماسبي" رئيس مركز الدرك بجروح بالغة ثم يضيف المؤلف قائلا : بعد طول انتظار جاءت الموافقة الأمنية والتحقت بالعمل في ديوان وزارة الخارجية كموظف في الشؤون القنصلية قسم دائرة الجوازات ،وهي الدائرة التي تقوم بإصدار جوازات السفر الدبلوماسية والخدمية .
كما يتحدث المؤلف في مذكراته عن تجربته في مجال الخدمة لدى السفارات الإيرانية في كل من سلطنة عمان ودولة الكويت ويكشف عن الدور التخريبي التي تقوم به هذه السفارات وتدخل السافر في الشؤون الداخلية لكل من العراق وبلدان مجلس التعاون الخليحي.
و رغم ان كاتب المذكرات قد أعرب عن تعاطفه مع المتظاهرين الذين طالبوا بإسقاط نظام شاه الى انه بعد سقوط النظام استدعي من مقر عمله في السفارة الإيرانية في الكويت الى ايران ولكن بعد فترة القي القبض عليه وزج في السجن ، إما عن تجربة فترة اعتقاله تحدث قائلا " تم نقلي الى زنزانة انفرادية وبقيت مسجونا فيها ما يقارب الثلاثة شهور ، وهي زنزانة لا تتجاوز مساحتها مساحة سرير النوم ولا توجد فيها أي نافذة ولا تدخلها أي أشعة للشمس ،وقد خصص لي يوم واحد في الأسبوع للفسحة وذلك في حديقة صغيرة تقع ضمن دائرة السجن ،و كنت أثناء فترة الاعتقال قد انقطعت نهائيا عن إخبار الأسرة والعالم ولقد اعترضت مرات عديدة على هذه الإجراءات وقلت لهم انتم لم تثبتوا علي آية تهمة و لم يتم إحالتي الى المحكمة و في حال استمرار الوضع سأقوم بالإضراب عن الطعام وكما إنني عند خروجي حيا من السجن سوف أقاضيكم لان ما تقومون به ضدي هو خلافا للدستور الإيراني والقوانين الجزائية لديكم " ويضيف المؤلف انه بعد خروجه من السجن استدعي من قبل وزارة الخارجية الإيرانية وسلم ورقة تسريحه من عمله دون ان تقدم له الوزارة أي دليل يوضح سبب ذلك.
المذكرات تحتوي على الكثير من المعلومات تستحق القراءة منها تطرقه الى المجزرة التي تعرض لها شعبنا على يد نظام الجمهورية الاسلامية في أيار من عام 1979 و المعروفة بمجزرة "الأربعاء السوداء " وذكريات أخرى ذات أهمية بالغة و في الختام لا يسعني إلا ان نتقدم الى السيد احمد رحمة العباسي كل التقدم التوفيق والنجاح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة