الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب أم تعاون

مروان توفيق

2006 / 8 / 9
الارهاب, الحرب والسلام


هل يعقل ان تؤمن المخابرات الامريكية والغربية بقابليتها على انهاء الارهاب كتنظيم القاعدة بمجرد القضاء على اعضاء التنظيم وتصفيتهم تصفية جسدية؟ السؤال يطرح نفسه من تتابع الاحداث والدأب المستمر لانهاء الارهاب العالمي كما تصفه امريكا وكافة دول العالم المؤيدة لها. هل اصحاب الاختصاص يؤمنون بقابليتهم في النجاح بهذه السذاجة؟
اذا كانت هذه التنظيمات الارهابية عبارة عن افراد متطرفين همهم قتل الاخرين فمن الاولى البحث عن منشأ الدوافع في نفوس اولئك الافراد, وعن مصدر القناعة التى تدفعهم الى قتل انفسهم وتفجير اجسامهم وسط جموع اناس ابرياء.
هذه القناعة وراءها فكر مدعم بالكتب والحجج والتبريرات الدينية وهي تبريرات غير قابلة للنقاش ولا تخضع للعقل او المنطق ومن فوق ذلك هناك دول رئيسية مسلمة غنية تدعم هذه الاساليب العدوانية على البشر ولها علمائها وفقهائها وورائهم تاريخ طويل مدون باحقية تكفير الاخرين واستحلال دم البشر الرافض لعقديتهم والنابذ لاصول فتايهم.
اذن يبدو جليا لنا صعوبة هذه المهمة اذا ما كانت وفق التفكير الغربي والامريكي الاستخباراتي, لأن القضاء على مجموعة من الافراد ليس معناه القضاء على الفكرة المتطرفة , فالتطرف لايزال قائما وهذه الهجمات الاستخباراتية للقضاء عليه انما تؤجج نار الانتقام في المتطرفين الذين لم تطالهم (حملات القضاء على الارهاب) فتزيد من ردة فعل المتطرفين وتدفعهم لمزيد من القتل والتخريب.
وهنا نعود الى سؤالنا مرة ثانية : هل اصحاب الاختصاص يؤمنون بقابليتهم في النجاح بهذه السذاجة ؟
هناك احتمالان :
الاول نعم هذه الدول المتكبرة وان كانت تملك معلومات استخباراتية كبيرة ولديها المال والعتاد والرجال, لكنها لاتزال ساذجة في سياساتها نتيجة جهلها وتكبرها وعدم تفهمها لعالم الشرق فاستعصت عليها تفهم عقده وتداخلاته. هذا الجواب يبدو بعيدا عن الحقيقة نوعا ما والسبب في ذلك كون هذه الدول المتكبرة تستعين بأناس من جميع الاجناس والاديان في معرفة الكثير مما تجهله عن الشرق , واذن فلا يمكن ان تفوتها هذه المعرفة البسيطة عن فكر القاعدة المدعوم بافكار سلفية تكفيرية تكفر كل من يخالفها!

الثاني: نعم الدول المتجبرة هذه تعلم أو قد علمت لاحقا بمصادر هذا القتل والدمار العشوائي ولكنها وجدت في ذلك قوة جديدة لضرب اعداء اخرين على الرغم من خسارتها الجزئية في اماكن كثيرة كتدمير السفارات وابراج التجارة وغيرها. نعم هي خسرت بذلك وتلك الخسارة ايقضتها من غيبوبة الغطرسة والتكابر لتكتشف ان هذه القوة التي تسميها(بالارهاب)
لها نتيجة اهم من خسارات صغيرة في دول الغرب! النتيجة هي الاستفادة من هذه التنظيمات المتطرفة لضرب قوى اخرى في الشرق واستحداث تصدع واسع في ثقافة الشرق ومن ثم تصدع في دول الشرق نفسها.
الاحتمال الثاني تدعمه عدة نقاط:
-الدول التي تدعم الفكر التكفيري السلفي كالسعودية لها علاقات واسعة وقوية مع امريكا والغرب ولها علاقات تاريخية عميقة مع الانكليز. ولم يخفى عن الانكليز ولن يخفى عن الامريكان نمو وانتشار الفكر التكفيري المدعوم من هذه الدولة(السعودية) , ولكن لم نسمع يوما بانتقاد جرئ من دول الغرب لهذه الدولة التي نشأ فيها الفكر التكفيري وانتشر بدعمها ومالها وبفتاوي علمائها.
- الفكر التكفيري استقوى عسكريا في افغانستان ايام حربها ضد روسيا وكانت امريكا الممول الاول لحملة ذلك الفكر تدعمها السعودية بلا حساب, وهذا يبين لنا العلاقات والتداخلات بين مصدر الارهاب وبين من عززه ويعززه حاليا.
-الفكر التكفيري لم يدع فرصة لتأجيج الفتنة الطائفية الا واخذ بها وهو في مساره هذه يمشي نحو تصديع الشرق الى معسكرين أو اكثر وهو هدف تسعى اليه امريكا. وما يجري في العراق حاليا من التقاتل الطائفي هو نتيجة لذلك التفكير السلفي المكفر المدعوم جليا من دول معروفة , دول تباركها امريكا في افسادها لكل اصلاح. وهي نقطة قد يختلف الكثير حولها ولكن اليست الفوضى في العراق تضفي الشرعية على بقاء القوات الغازية, وهو هدف يلتقي مع اطالة التقاتل والفوضى في البلاد واذن مصدر هذا التقاتل مدعوم من هذه القوات الغازية التي تسعى للاقامة في بلاد الذهب الاسود لاطول مدة ممكنة وللحد من اي تغيير قد يسبب في انقلابات في المنطقة.
-الحرب على لبنان اظهرت لنا حقيقة الفكر السلفي التكفيري تجاه اي مقاتلة ضد اسرائيل وحليفتها الكبرى, ففقهاء المذهب باركوا الاعتداء الاسرائيلي على لبنان تشفيا بالقضاء على حزب الله وللخلاص من قوته في المنطقة وتقليصا للمد الشيعي على حد تحليلهم. ليس هذا فقط وانما احد رؤوساء الارهاب(الظواهري) سعى لافساد سمعة المقاومة ودلى بدلوه بعد صمت طويل ليضيف بخبثه تشويها للمقاومة في لبنان. أليس هذا دليل على التعاون بين دول منابع الارهاب والدول المتكبرة التي تدعي انها في حرب مع الارهاب!

الفراغ الفكري في الشرق يشغله التعصب الديني السلفي, واغلب التجمعات الاسلامية بخوائها الفكري والمنهجي هي مشاريع لنمو الفكر السلفي ومشاريع لانتشار تطرف تنظيم القاعدة السلفي, يعزز ذلك الجهل بالتاريخ والدين ودعم مالي غير محدود من دولة النفط المسلمة الغنية. ولكن الدول المتكبرة التي اعلنت الحرب على الارهاب تتغافل عن ذلك نحو امل في تدمير اي وحدة وتقدم في الشرق, وتبقى هذه الدول المتكبرة على علاقات طيبة مع مفاقس الارهاب والدول التي تعضده.
الصورة واضحة, الارهاب المنظم السلفي التكفيري قوة تستفيد منها الدول المتكبرة بتحويله الى قوة مدمرة وكقوة احتياطية لضرب اي صحوة وتقدم في المنطقة لتبقي الشرق على تخلخله وضعفه لاطول مدة ممكنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام