الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة الأخيرة 1976(ماركو فيري):هستيريا العلاقة

بلال سمير الصدّر

2021 / 6 / 25
الادب والفن


هو التعاون الأول بين ماركو فيري-أو فيريري- والممثل الفرنسي الصاعد-في تلك الفترة-جيرارد ديبويه،على ان الوجه الأبرز في مسيرة ماركو فيريري يبقى-مع أوجو توغنازي- هو ميشيل بيكولي الذي يظهر بدور شرفي في هذا الفيلم...
يبدا الفيلم عن تلميحات عن نضال عمالي من قبل المهندس جيرارد-جيرارد ديبويه-على ان هذا التلميح لن يدوم طويلا،بحيث سيتحول مسار القصة الى مسار أكثر ذاتية وأكثر حفرا في العلاقة التاريخية بين الرجل والمراة.
قبل الخوض أكثر في حبكة الفيلم،نقول بان هناك جنس صارخ وحاد في هذا الفيلم لدرجة بأنن لم نراه بهذه الصراحة من قبل،ومع وجود تلميح على شاكلة:أنت تعرفين التانغو هو تعبير عن الجنس....
هذا التعبير ورد من قبل جيرارد اتجاه فاليري مربية ابنه الصغير وهما اللذان سيخوضان لاحقا في علاقة ذات بعد هستيري مقصوده الحفر في ابعاد العلاقة بين الرجل والمرأة (تاريخيا)،ومع انحسار الفيلم أكثر واكثر في ابعاد ذات محتوى مغلق،بحيث يبدو في احيان كثيرة كفيلم الغرف المغلقة،ومع كل هذا التشابه مع فيلم التانغو الأخير في باريس 1972،إلا أن الموضوع مختلف وان كان خداعا في الظاهر وسنشير الى ذلك لاحقا أيضا.
إذا،كما قلنا،ينتقل ماركو فيريري من قضية كبرى-حقوق عمالية-الى قضية أكثر تحيزا واغلاقا (حيز مغلق هو الشقة)،بحيث تكون الابعاد الثلاثية للفيلم هي الرجل والمراة والغرفة.
يقول جيرارد لفالير-مربية ابنه الشابة-:
البقاء في المنزل من دون عمل تجعلك تبدأين بالتفكير في اشياء كثيرة...الرجل والمراة يصنعون الغرفة،والابعاد الثلاثة السابقة هي الابعاد الكبرى في فيلم التانغو الأخير في باريس.
إذا،مع بداية الاتصال ومحاولة التفاهم،تتطور العلاقة الى شيء يحفر بالطبيعة المزدوجة للأنسان،فمارلين مونرو بالنسبة اليه إمرأة مختلفة عن كل الآخرين،وتشكل بالنسبة اليه استحواذ،وكانها النموذج المعتبر للمرأة الأخيرة،بحيث يسأل فاليري سؤالا:
إذا كانت هنا الليلة،هل ستدعيني أمارس الحب معها...؟!
هذا السؤال بالطبع،هو احالة واضحة الى فيلم حريمها والى فيلم الجمهور ايضا في بعض انحائه،فجيرارد يبحث عن النموذج الأمثل،النموذج التكاملي للمرأة التي من الممكن ان تقيم النظام الكوني الهائلي،وبالتالي فكرة العائلة هي نموذج فاشل في التكوين إذا لم توجد هذه المرأة.
لاحظنا أن فيري طرح هذه الفكرة سابقا وقلنا بانه يعتقد ان العائلة هي النموذج القسري الفاشل في التكوين الاجتماعي،وهو التكوين الاجتماعي التاريخي،شئنا ذلك أم ابينا.
فهل هذا يعني أن ماركو فيري يحاول أن يكرر مواضيعه في محاولة منه لمحاكاة فيلم حقق شهرة كبيرة لمخرج لازال صاعدا في ذلك الوقت....برناردو برتولوتشي؟
هنا،نحن نلقي الاتهام،ولا نعرف ان كان صحيحا أم لا،ولكن ماركو فيريري يستخدم العناصر المميزة لفيلم التانغو الأخير في باريس،وبالنسبة لعقد مقارنة بين الفيلمين،فالتانغو هو الأفضل،مع العلم ان كلاهما مختلف في الهدف والموضوع وان كان متشابها في الشكل.
هناك نقطة مركزية في الفيلم وهي الطفل،فالطفل هو الغاية الكبرى من العلاقة،اي الاستمرارية،ونلاحظ ان البطلة في فيلم حريمها كانت تاخذ حبوب منع الحمل،وعندما تنفذ تلك الحبوب تبدأ السطوة الكونية الرجولية بالسطوع مرة أخرى،ولكن هذا الفيلم لايبدو رافضا للحل التاريخي ولكن مفهومه هو البحث...البحث عن نموذج كامل من قبل الرجل هذه المرة ليقيم أود هذه الحياة،وهذا النموذج يحتوي ابعاد كثيرة منها البعد الجنسي،فالنموذج المتكون من قبل جيرارد وفاليري هو نموذج ناقص،لكن فاليري-كبطلة فيلم حريمها تماما-ترفض فكرة امتلاكها من قبل رجل يمتلك عضوا ذكريا كرمز واضح للتفوق والأنانية،وان تغمس حياتها بالمعنى الطبيعي مع رجل-أي كان هذا الرجل-.
في لحظة ما،خلال عراك جيرارد مع زوجته السابقة،تقول فاليري:
أنا لم اقل أبدا بأني اريد الحياة معك الى الأبد...
كما ان هذا التبادل حاصل-نوعا ما-ففي لقطة سابقة يقول جيرارد:
هل تودين ان تسمعي بأنك مختلفة عن الآخرين،بأني اريد ان اقضي بقية حياتي معك ...هل هذا ما تودين سماعه....؟
ما يحدث تمام،هو ان جيرارد يرغب بشدة في امتلاكها،ولكنه على الاطلاق،لا يعتبرها ولاينظر اليها كنموذج كامل يرضي غروره أو ييرضي غرور الرجل بشكل عام.
ويبدو بان ماركو فيريري يعترف بعدم قدرته على حل عقدة الارتباط بين الرجل والمراة،فلا يوجد حل للمسألة مادام الرجل يرغب بالعيش مع امرأة،وهذه هي المعضلة الوجودية الكبرى بالنسبة لماركو فيريري،وهي معضلة مختلفة تماما عن معضلة التانغو....
وكأن ماركو فيريري يسير في مسار معاد للتاريخ،أو ضد التاريخ البيولوجي،بمعنى آخر،هو يرغب بالشذوذ عن السنة الكونية،ولكن الطابع القسري للطبيعة لايمكن التغلب عليه أبدا حتى لو انتج مشاكل كبرى بين الرجل والمراة،بحيث تجعلك تتسائل أحيانا...لماذا فرضت الطبيعة ضرورة الارتباط بين الرجل والمراة...؟
ثم تظهر معالم(كانبيالية)مالوفة،ولكنها غير مفهومة تماما في افلام ماركو فيريري،فتارة يتهم جيرارد أحداهن بأنها تريد أكل قضيبه الرمزي،وعندما يجرح جيرارد نفسه يجبر فاليري على لعق دمه،وهي تبدو مستسلمة،بل مستمتعة بهذا الفعل،ويتكرر هذا اللعق أكثر من مرة،وتتحول فاليري الى شخصية أكثر عدوانية بحيث تضربه على ظهره بمطرقة،وتارة أخرى تحاول اكل لسانه مع الاستمرار بلعق الدم....
تجرحه بالفرجار ويطلب منها ان تلعق الدماء وهي تستمتع بهذا الفعل،ومن الواضح ان هذه العلاقة تسير في جنون واضح (هستيريا)،كما أننا نعتقد ايضا ان الفيلم يحلق احيانا في عالم الجنون ولاتبدو نهاية الفيلم سوى الجنون بعينه،والفعل الكانيبالي،هو فعل بالتأكيد يحيل الى الأصل،أي اصل تكويني تاريخي...ربما ان حواء خلقت من ضلع آدم...والجملة الأخيرة لا تأخذ على علاتها لمخرج ملحد
هناك شيء أعمق في طبيعة هذا الارتباط الكوني...هناك شيء اشبه بالاتحاد الترابطي وكان كلاهما-أي الرجل والمرأة-قادمان من انبثاق جسد واحد...هل هذا ما يلمح اليه ماركو فيريري مثلا؟
وكان جيرارد مهتم بحل مشكلة هذا الارتباط القسري غير المفهوم،وكأنه يعد مقالااو بحثا حول موضوع مطلعه:
يجب علينا أن نسأل انفسنا،لماذا في القرن الأخير كان هناك رجل واحد يتمتع بحق تعدد الزوجات وكان ذلك مقبولا...ولانعرف شيئاآخر عن تفاصيل هذا البحث
ثم يحلق ماركو فيريري مرة اخرى في عوالم التانغو الأخير في باريس،عندما يخوض في الذكريات على شكل شذرات
يقول جيرارد:انت لي...ذكرياتنا أنها باقة في الهواء...نحن سوف نضع بعض الذكريات الجديدة
نقول فاليري:أنا شابة ولا اريد ذكريات(اضمحلال)
قد يكون الفيلم عن اللحزة-ونحن لانؤيد ذلك-ولكن موضوعه مختلف،فالفيلم ليس عن الهم الوجودي الشخصي،والانتقال من قضية اجتماعية كبرى الى قضية أكثر فردية واكثر انغلاقا في نكوص واضح نحو الفردية أو الهموم الضيقة عند ماركو فيريري يجعلنا ننظر الى الأمور بعين أخرى،فالفيلم الوحيد الذي حاول ماركو فيريري تحقيقه عن قضية كبرى كان فيلما فاشلا:لاتلمس المرأة البيضاء
ثم هل اصبح هل ماركو فيريري يكرر تفسه...اليس هناك شيئا واضحا في هذا الفيلم من فيلم حريمهاظنولاحقا من فيلم اللحم وربما ايضا شيئا أيضا من فيلم The Seed man
وهل من الممكن اعتبار فيلم حريمها هو النسخة الأصلية من هذا الموضوع...؟
نهاية الفيلم كنات بأن يبتر جيرارد قضيبه،رمز الذكورة والشهوة في نفس الوقت-من دون النظر الى هذا الفعل من ناحية كارثية تتعلق بموت الفرد نفسه-فهذا حل متطرف ينهي اي نوع من التقاطع بين الجنسين...كما انه يحيل ايضا نحو ناغيسا أوشيما وآرائه حول جورج باتاي...فيلم امبراطورية الحواس تحديدا
ربما لو لجأ ماركو فيريري الى الخصاء لكان حلا واقعيا وقابل للتطبيق أكثر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي


.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني




.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم


.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع




.. هام لأولياء الأمور .. لأول مرة تدريس اللغة الثانية بالإعدادي