الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرد بين مواطنة الدولة القومية و مواطنة الأمة الديمقراطية وحل القضية الكردية

أحمد شيخو
كاتب وباحث سياسي

(Ahmed Shekho)

2021 / 6 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


مالفرق بين الفرد المواطن في دولة المواطنة للدولة القومية و في الأمة الديمقراطية وهل يمكننا الجمع بينهما ومتى؟ وفي حال رفض الدولة القومية الإعتراف بمواطنة الأمة الديمقراطية، كيف سيتصرف مواطنوا الأمة الديمقراطية؟
هل الحلول الديمقراطية للقضايا الوطنية كالقضية الكردية تستوجب تعدد الهويات؟
ماهو السبيل الذي لا يستند إلى الانفصالية أو العنف، لحل القضية الكردية؟

مهما تعددت التوصبفات التي تتبلور تحت تاثير هيمنة الفكر الإستشراقي الغربي البعيد و المغترب عن ثقافة المنطقة القائمة على التنوع والتعدد والتعايش السلمي المشترك والمجتمعية الأخلاقية، ليس بمقدور الأيدولوجية الليبرالية أن تعكس غير أشكال العبودية الجديدة في الواقع الذي يتمتع فيه الفرد بحرية زائفة، و أنانية متضخمة ضد المجتمع، رغم تسويقها وكأنه يتمع بحريات غير محددة كمواطن للدولة القومية. لكن الواقع هو الفرد المأجور الموظف أحيانا، أو العبد العصري، الذي يؤمن الربح الأعظمي بشكل يفوق كل العصور والذي تم تقييد حياته بسيادة المال وعلاقة الإنتاج التي فاقت كل ماسبق. لاشك أن هذا الفرد أو المواطن أو العبد للدولة القومية،المحروم من حق الإختيار والتعبير والإرادة الحرة ولوبأدوات زكية ورقمية، والفاقد لذاتيته الإنسانية والمجتمعية، هذا المواطن يتم بنائه وتهيئته وتربيته ضمن ماتسمى المؤسسات التعليمية والحياة العملية التطبيقية في ظل الدولة القومية. وهوالفرد الذي يتم ربطه وتكبيله وتقييده عن طريق نظام الأجر البخس كالكلب المربوط والممسوك به من قبل صاحبه أي سلطات الدولة القومية وأجهزتها التحكمية. ولو أختصرنا الوصف يمكننا القول هو الموت البطيء أو الاحتضار، وليس امامه سوى ذلك، وحتى لو شقى عصا الطاعة سيكون أمام البطالة التي هي سبيل أخر لإخضاع الفرد وتصييره مواطنا للدولة القومية أو مايسيميه أصحابها دولة المواطنة المثلى بنظرهم، ولإنجاز الفرد أو المواطن المطلوب عليهم بقطع هذا الفرد الإنسان عن مجتمعه وبل تعريض كينونة المجتمع للتفسخ وللإضعاف و للطعن عبر تقزيم ثقافات المجتمع التاريخيه وتقاليده ومحاولة إنهاء المجتمعية الأخلاقية الحافظة للفرد من الضياع والهلاك والأنانية الخادمة للسلطة والدولتية القومية بمفهوم مواطنتها.
أما فرد الأمة الديمقراطية أو مواطنها فيجد حريته في وحدته المجتمعية، أي في العيش على شكل خاصيات مشتركة يجمعها الإرادة والذهنية المشتركة أو مجموعات صغيرة أكثر فاعلية لها خاصيات حياتيةمشتركة، وبعبارة أخرى المجموعة الحرة والديمقراطية هي المدرسة الأولية التي ينشأ فيها فرد الأمة الديمقراطية. لذا، لا فردانية لمن ليس له حياة تشاركية أو غير منتمي لمجموعته الحرة المجتمعية أو لمجتمعه المحلي، هنا لابد من الإشارة أن الوحدة أو المجموعة المجتمعية الحرة متنوعة إلى أبعد حدّ، وتسري في مختلف ميادين الحياة الاجتماعية من السياسية والإقتصادية والدينية والأمنية وغيرها . وبمقدور الفرد العيش في أكثر من خاصية تشاركية أو حياة اجتماعية بما يتوافق وأوجه الاختلاف لديه، لكن مايهم هو أن يعرف الفرد كيف يعيش في خاصيته المشتركة أو مجموعته المجتمعية الحرة بما يتناسب مع مهاراته و خصوصية عمله وكده واختلافاته، مع التأكيد أن الفرد في الأمة الديمقراطية لديه إنتماء طوعي و مسؤولية تجاه وحدته المجتمعية التشاركية أو الوحدات المنتمي إليها وهذه المسؤولية تعتبرا بعداً هاماً واساسياً في تحليه بالأخلاق المجتمعية، وفي تعظيم شأنه وعلو مكانته، فالمحصلة الأخلاق تعبير عن إجلال الإنتماء والمسؤولية تجاه المجموعة أو الوحدة الإجتماعية الحرة، وبالمقابل المجموعة المجتمعية أو الخاصية التشاركية الإجتماعية تتبنى أفرادها وتؤمن عيشهم وتحميهم وتقوي إرادتهم الشخصية أيضاً. وبالإساس أهم مبدأ لتشكيل المجتمعات هو روح المسؤولية وتجسيد الإنتماء المجتمعي، ولاشك أن الطابع الديمقراطي للمجموعات المجتمعية الحرة تؤمن الحرية الجماعية التي تصون عبرها حريات أفرادها وكرامتهم .
وبشكل أخر نستطيع القول ، إنه يحقّق المجموعة المجتمعية التشاركية الحرة أو المجموعة السياسية. لذا، لا يمكن للخاصيات المشتركة الجماعية أو المجموعة غير الديمقراطية أن تكون سياسية.وعندها لن تكون حرة. بناء عليه؛ ثمة تكامل و تكافؤ متين بين الطابع الديمقراطيّ والطابع السياسيّ وطابع الحرية للحياة وإدارتها.

وهنا يمكننا أن نعرف ونقدم البعد الرئيسيّ الأول للأمة الديمقراطية بهذا المنوال، تأسيسا على الفرد والمجموعة الإجتماعية الحرة أو المجموعة ذات الخواص المشتركة اللذين تتّخذهما أساسا. أي إنّ الشرط الأول لماهية وكينونة الأمة الديمقراطية هو أن يكون الفرد حراً، وأن يمارس حريته هذه على أرضية السياسة الديمقراطية ضمن وحدته المجتمعية التي ينتسب إليها. وفي حال انضمام الفرد المواطن للأمة الديمقراطية تحت نفس السقف السياسيّ مع الدولة القومية، فإنّ إطار تعريفه يتسع نوعا ما. فهو في هذه الحالة فرد مواطن في الدولة القومية ضمن إطار "المواطنة الدستورية" أو مواطن دولة المواطنة للدولة القومية التي يتم الترويج لها، بقدر ما هو كذلك ضمن أمته الديمقراطية. الخاصية المهمة هنا هي الاعتراف بوضع الأمة الديمقراطية. أي، تحديد الإدارة الذاتية الديمقراطيّة كوضع قانونيّ ينصّ عليه الدستور الوطنيّ.
هذا وللوضع الوطنيّ الديمقراطيّ اتجاهان:
1_ يعبّر أولهما عن تحقّق وضع أو قانون أو دستور يتضمن الإدارة الذاتية الديمقراطيّة للخاصيات المجتمعية ولمكونات الدولة القومية بعد أن يتم تحقيق التحول الديمقراطي للدول القومية الموجودة.
2_وثانيهما هو تنظيم وضع الإدارة الذاتية كقسم سفليّ ضمن الوضع الدستوريّ الوطنيّ. إذ ثمة هكذا إجراءات في دساتير العديد من بلدان الاتحاد الأوروبيّ، بل وحتى بلدان العالم أيضا.

وهذا مع جانب كون البناء و الإنشاء أحاديّ الجانب للأمة الديمقراطية المستندة إلى وحدة الفرد المواطن الحرّ والمجموعة الحرة يشكّل حلا أساسياً ايضاً.

إلا إنه بإمكان الإطار التنظيمي الإجتماعي والسياسي الواسع للخاصيات وللتكوينات المجتمعية التوجه صوب الحلّ مع الدول القومية الحاكمة المعترفة بوضع الإدارة الذاتية الديمقراطية في ظلّ سيادة الدستور الديمقراطيّ الوطنيّ. فبنية الأطر المجتمعية والسياسية والأخلاقية منفتحة على التزامها بحياة الفرد المواطن الحرّ وحياة المجموعة على حدّ سواء، وبالوضع القانونيّ والدستوريّ لتلك الحياة.

ويمكن تعريف عضوية أي إطار مجتمعي وسياسي حر ومجسد لإرادة الناس والشعوب والتكوينات على أنها الفرد المواطن الحرّ في الأمة الديمقراطية. ولكن، يفضل عدم خلط هذه العضوية والمواطنة بمواطنة الدولة القومية التي تحدّد مستوى العبودية العصرية لرأسمالية النظام المهيمن العالمي. أي إنّ الفردية الرأسمالية أو فردية الدولة القومية تعني الخنوع والعبودية المطلقة لإله الدولة القومية. في حين تعبّر مواطنة الأمة الديمقراطية عن حالة الفرد الحرّ بالمعنى الحقيقيّ للكلمة.
وعليه بالإمكان إنجاز مواطنة الكرد ضمن أمتهم الديمقراطية في كنف إطارهم التنظيمي المجتمعي والسياسي الأخلاقي المعبر عن خصوصيتهم وهويتهم وإرادتهم الحرة. وبالتالي، ومن الصحيح و الأنسب إناطة عضوية مجتمعيتهم من حيث التعريف بهوية مواطنة الأمة الديمقراطية. وبقول أخر، فكون الكرد مواطنين في كنف أمتهم الديمقراطية هو حقّ وواجب لا غنى عنهما أبداً. في حين إنّ عجز المرء عن التمتع بمواطنته ضمن الأمة التي ينتمي إليها هو دليل على اغتراب فظيع وفرض الإنصهار و الإبادة لا يمكن الدفاع عنه تحت أية ذريعة كانت وحتى تحت مفهوم دولة المواطنة للدولة القومية ولنخبها وسلطاتها الفاشيين كما تركيا وغيرها من الدول التي يتواجد فيها الكرد و الذين يمنعون الثقافة والخصوصيات والتقاليد الكردية.

والمشكلة التي تواجهنا هنا هي ما سيحلّ بمواطنة الدولة القومية الحاكمة(تركيا_إيران_العراق سوريا) وغيرهم. في الحقيقة، بالوسع تمثيل كلتا المواطنتين معاً وبالتداخل. فإذا بلغ بالقضية الكردية إلى الحلّ ضمن إطار المواطنة الدستورية الديمقراطية في كنف البلد المعنيّ، فإنّ التمتع بكلتا المواطنتين أنسب من جهة الواقع الاجتماعيّ. بل وحتى كان بالإمكان صياغة تعريف مواطنة ثلاثية،
لو أنّ تركيا أصبحت عضوا في الاتحاد الأوروبيّ. فكيفما أنّ مواطنة كاتالونيا–إسبانيا–الاتحاد الأوروبيّ تتسم بمعان ثلاثية في إسبانيا، من الوارد أن تتحلى مواطنة كردستان–تركيا–الاتحاد الأوروبيّ وبالمثل مع العراق وإيران وسوريا أيضا بالمعاني الثلاثية أو الثنائيةعينها على أقل تقدير.

على كلّ فرد كرديّ توخي العناية اللازمة لتعريف نفسه في سياق الإطار المجتمعي والسياسي والأخلاقي المعبر عن هويته وثقافته وإرادته وخواصه، ضمن إطار المواطنة الثنائية ضمن كلّ دولة قومية معنية. بل يتعدى الأمر موضوع توخي العناية، ويتطلب تحقيق هوية المواطنة الثنائية.
وفي حال عدم تمكن الإطار المجتمعي والسياسي من إنجاز هذه الهوية الثنائية لأفراد أمته الديمقراطية بالوفاق والتفاهم، يجب عليه إنجاز هوية مواطنته الأحادية. و ينبغي عليه وضع أجواء القمع ومحاولات الإبادة التي ستلوّح بها الدول القومية الحاكمة في هذه الحالة نصب العين، وتحقيق مهمّته في منح كلّ فرد لديه هوية مواطنته المصمّمة بحجم معقول يتضمن الرمز المطلوب. كما يحصل الأن في رفض تركيا وسوريا وإيران الإعتراف بحق الشعب الكردي في إدارة مناطقه ونفسه والعيش بخصوصياته وضمن إطاره المجتمعي والسياسي في إطار الهوية الثنائية.

إنّ مواطنة فرد الأمة الديمقراطية عموما ومواطنة فرد المجتمع الكردستاني المتنوع خصوصاً وبصورة ملموسة، هما من دواعي الحياة الأخلاقية والسياسية المفعمة بروح المسؤولية. ينبغي فهم هذا اللزوم على أنه في الوقت نفسه أحد حقوقنا وواجباتنا الأساسية كشعب كردي وكشعوب المنطقة. وفي حال قبول الدول القومية بحقوقنا وواجباتنا الأولية تلك، فبإمكان الكرد أيضا قبول حقوقهم وواجباتهم الأساسية ضمن إطار مواطنة تلك الدول القومية.



وفيما يخصّ حلّ القضية الكردية، فإنّ السبيل الأساسيّ المبدئيّ والثمين، الذي لا يستند إلى الانفصالية أو العنف، يمرّ من القبول بالإدارة الذاتية الديمقراطية والأمة الديمقراطية. وجميع الطرق عدا ذلك تؤدي إما إلى إرجاء القضايا وإهمالها، وبالتالي إلى توطيد الانسداد، أو إلى تصعيد الاشتباكات وحصول الانفصال. وتاريخ القضايا الوطنية عامر بهكذا أمثلة.
أما تمتّع بلدان الاتحاد الأوروبيّ بالرفاه والغنى ضمن أجواء يعمّها السلام خلال العقود الستة الأخيرة، بعدما كانت مهد الاشتباكات والنزاعات الوطنية؛ فقد أصبح ممكنا بعد قبولها للإدارات المحلية والذاتية الديمقراطية ولو بأشكال ونماذج مختلفة لكل التكوينات في دولها بعد تحقيق التحول الديمقراطي في دولها القومية ، وتطويرها المقاربات والممارسات المرنة والخلاّقة لحلّ قضاياها الإقليمية والوطنية وقضايا المكونات الشعبية لديها.
أما في ماتسمى الجمهورية التركية والدول الأخرى التي يتواجد الكرد فيها و والتي تضم أجزاء من كردستان، فالعكس هو الصحيح. فقد أدت الدولة القومية (التي عمل على استكمالها وتتويجها بسياسة الإنكار والإبادة بحقّ الكرد وشعوب المنطقة) إلى إقحام الدولة التركية والدول الأخرى في إشكاليات ضخمة لا تطاق. كما زجّتها في: أجواء الأزمات المتواصلة، والحروب والصراعات المختلفة والانقلابات العسكرية وتغيير الحكومات لعقمهم وعدم أهليتهم، ونظام الحرب الخاصة المسيّرة على يد الغلاديو وأتباع وإمتدادات نظام الهيمنة العالمي. وعليه، لن تستطيع الدولة القومية التركية وغيرها بلوغ الرفاه والسعادة والغنى، أو ترسيخ السلام المستدام كدولة أو كجمهورية علمانية ديمقراطية طبيعية وقانونية؛ إلا تماشيا مع مدى تخليها عن شتى سياساتها الداخلية والخارجية تلك، وتراجعها عن ممارسات نظامها ذاك، واعترافه ابالإدرات الذاتية لجميع الخصوصيات المجتمعية و الثقافات عموما وللوجود الثقافيّ الكرديّ خصوصاً.
ويبقى طريق الحلّ الثاني للإدارة الذاتية الديمقراطية هو تطبيق مشروعه بشكل أحاديّ الجانب ودون الاعتماد على الوفاق مع الدول القومية. حيث يطبّق هذا المشروع أبعاد الإدارة الذاتية الديمقراطية بمعناها العامّ، مؤمّناً ومحققاً بذلك حقّ الكرد في التحول إلى أمة ديمقراطية. لا خلاف أنه في هذه الحالة ستشتدّ الاشتباكات أكثر مع الدول القومية الحاكمة، التي لن تعترف بطريق التحول أحاديّ الجانب إلى أمة ديمقراطية. ومقابل هجمات الدول القومية فرادى أو جمعاء (إيران–سوريا–تركيا) وغيرهم، فإنّ الكرد في هذه الحالة لن يجدوا أمامهم خيارا سوى "الانتقال إلى وضع المقاومة والنفير العامّ لحماية وجودهم والعيش بحرية". ولن يتقاعسوا عن تسخير قواهم الذاتية في تحقيق وتطوير تحوّلهم إلى أمة ديمقراطية بكلّ أبعادها على خلفية الدفاع الذاتيّ المشروع لكل أمة ومجتمع؛ إلى أن تفرز الحرب وفاقا ماً، أو أن يتوطّد الاستقلال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضغوط على حركة حماس للقبول بمقترح التهدئة | #الظهيرة


.. خليل العناني: أصبح لدى حماس شك بجدية أمريكا بشأن اتفاق وقف ا




.. القسام تفجر حقل ألغام بقوات الاحتلال وسرايا القدس تقصف غلاف


.. بريطانيون بدعم بريطانيا للجيش الا?سراي?يلي في مانشستر




.. الجيش الروسي يدمر زورقا أوكرانيا مسيرا بسلاح رشاش من طائرة م