الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اضاءات في زمن العتمة - اياك وأنصاف الحقائق فإنها كأنصاف الثورات = هلاك ومهلكة !-

احمد الحاج

2021 / 6 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


من بديع الترجمات والحكم والمختارات التي يتحفنا بها استاذ الترجمة الانجليزية علي العنزي ، وينشرها تباعا على مواقع ومنصات التواصل ما ترجمه مؤخرا نقلا عن الاديب المسرحي الشهير جورج برناردشو ، وقوله " حذاري من المعرفة المزيفة، فهي أشد خطراً من الجهل" وهي حكمة بالغة ولاشك لمن كان له عقل راجح وبصيرة ثاقبة اذ ان المعرفة المزيفة كذلك انصاف الحقائق = انحدار وانحسار .
وكما إن أنصاف الثورات =انتحار، كذلك فإن أنصاف الحقائق= اندحار ، أنصاف العلوم = استحمار، انصاف المعلومات = انحسار ..اذ ان حال الجماهير مع تلكم الانصاف كحال من هم ليصنع قدحا كاملا من عصير البرتقال ولكن بنصف برتقالة فإنه سيضيع الوقت ويبدد الجهد ولاشك من دون الوصول الى غايته المنشودة في شرب قدح عصير بارد يروي ظمأه في عز الصيف القائظ ...النصفية الفوضوية تشبه قول قائلهم بعد سؤاله عن اسباب احجامه عن اداء الصلاة الم تقرأوا قوله تعالى " فويل للمصلين ..." ثم يسكت ولا يكمل الاية الكريمة " الذين هم عن صلاتهم ساهون " ...وقوله لمن يعاتبه ويلومه على ترك الصلاة ، الم تسمعوا الى قوله تعالى في محكم التنزيل " لا تقربوا الصلاة ..." ثم يصمت ولايكمل الاية الكريمة " وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون" ، هذا الصنف من البشر قد اوقع الناس في حيص بيص وكل ظنه انه قد الزمهم الحجة البالغة ، واقنعهم ، والجمهم عن مواصلة الملامة والعتاب !
ولعل من افرازات - النصفية - الملاحظة والمشخصة هي تلكم الفئات ، الاحزاب ، التيارات الجماعات السياسية ولا اريد الخوض في الاسماء والعناوين التي ادمنت وعلى ما يبدو طوال مسيرتها الطويلة المشاركة بنصف ثورات ، نصف انتفاضات ، نصف اعتصامات ، نصف وثبات ،نصف نهضات ،انصاف نظريات ، انصاف ادبيات ، ،كما انها قد رضيت بنصف كرسي حكم في حال نجاحها وصعودها الى سدة هذا الحكم والذي صار لبعضها بمثابة غاية قصوى اكثر منه وسيلة ، فكان مصيرها على الدوام وفي كل الانظمة الحاكمة ، يسارية كانت أم يمينية ، ليبرالية ام راديكالية ، تيوقراطية ام اوتوقراطية ، ملكية وجمهورية ، وبإستمرار هي الانقلاب عليها وما يعقبه من نفي وتهجير وإقصاء وتهميش وتشويه سمعة وملاحقة ، فلاهي اتعظت وتخلت عن فكرة السعي المحموم - النصفي - او حتى الكلي الى الحكم ، ولا هي تجاوزت مرحلة الارضاع النصفي لأتباعها وجماهيرها وحالها معهم اشبه ما يكون بملء خزان سيارة الى النصف مع ان المطلوب منهم هو ملء الخزان كاملا لضمان تجاوز الصحارى والقفار وضمان وصولها امنة الى المكان المنشود ، النتيجة هي انها تتوقف في منتصف الطريق وسط الصحراء القاحلة وقبل انتهاء المشوار في كل مرة ما يسفر عن هلاك كل من فيها لامحالة ، ولا هي ركنت على جنب فاسحة الطريق للاصلح ، للاكفأ ، للاشجع ، للاثقف ، للاخلص لتولى المهمة الاصلاحية بدلا منها ، ولا هي غيرت من تخطيطها وخططها ومخططاتها اسوة بمنهجها من باب المراجعات ، النقد الذاتي ، جلد الذات ابدا ،تخطيطها كله قائم على النصفية والنصفية فحسب والتي عادة ما تنتهي بنصف ثورة من دون الحكم ، او بنصف كرسي حكم في حال الصعود اليه - ديمقراطيا ، برلمانيا ، رئاسيا ، انقلابيا ..الخ - ولطالما انقلب النصف الثاني عليها ودحرها وهذا هو حالها طيلة 80 عاما واظنه سيظل هكذا من دون ان يسأل اي من منظريها ولا قادتها ولا مفكريها " وماذا بعد الوصول الى كرسي الحكم الذي نبذل وسعنا ، ونسخر اقلامنا ونحشد طاقتنا ونشحن جماهيرنا وهممنا وعلى مدار الساعة للوصول اليه ...ايعقل انكم لم تخططوا يوما قط لما بعد الحكم الذي تسعون اليه وعبثا حاول غيركم اقناعكم بالتخلي عن هذه الفكرة والتفرغ بدلا منها للدعوة والارشاد والاصلاح المجتمعي ، تخطيطكم كله من الفه الى يائه محصور بالوصول الى الحكم فحسب ولاشيء بعد ذلك البتة وكأنك بمنظرهم وهو يجيب على سؤال ، وماذا بعد ..؟! قائلا " لكل مقام مقال ، لاتفكر لها مدبر ، كل عقدة ولها حلال " اي منطق هذا ...جماهيركم تستعبد وتذوق الامرين في كل مرة ، فيما لم تخططوا لما بعد ، وووولا مرة ؟!" اذ ان الحكمة تقول ليست العبرة بالنصر وانما العبرة بالمحافظة عليه ...انها تراهن على الكثرة العددية غير النخبوية على مستوى الجماهير، بعيدا عن القوى الناعمة التي لاتؤمن بفعاليتها مطلقا ، بعيدا عن القوى الحشنة التي لاتؤمن بوطنيتها مطلقا ، بعيدا عن القوة المالية والاقتصادية المؤثرة التي لاتؤمن بزهدها ولا بورعها تماما ،بعيدا عن الاوساط الرياضية التي لاتؤمن بحيويتها ولابتأثيرها ولا حتى برياضاتها كليا ، انها تراهن فقط على قيادات طبية وهندسية وقانونية واكاديمية بيروقراطية تكاد لاتعرف شيئا عن اوضاع المجتمع ولاطريقة تفكير الجماهير ولا تعرف شيئا عن معاناتهم واقعا ، وتظن خطأ ان الفوز بالحكم اشبه ما يكون بالفوز برئاسة نقابة المحامين ، نقابة المهندسين ، نقابة الاطباء والصيادلة ،او انه نه اشبه ما يكون بإدارة جمعية خيرية "، انها بيروقراطيات تأنف النزول الى الشارع او الذهاب الى القرى والريف بعيدا عن مكاتبها الانيقة واجهزة التكييف ، تأنف من العيش وسط البعوض والهوام للاطلاع على ما يعانيه العوام ، تأنف من المشي في البرك والاوحال للاطلاع على واقع الحال ، تأنف من التجول وسط العشوائيات والخيام لمشاهدة ما يعانيه النازحون والفقراء والارامل والمساكين والمشردين والايتام فكيف بهكذا نخب ان تعرف ما يصلح حال الجماهير وينهض بها ...نخب تكتب ادبياتها وتصوغ شعاراتها وتُنَظر لمستقبل الفقراء وهي تجلس على مقاعدها الوثيرة ، خلف مكاتبها الانيقة المكيفة لتخاطب الجماهير المسحوقة فتنجح في كسب ودهم بداية الامر فقط لاغير ، لأن الجياع ليس لديهم ما يخسرونه عند خط الشروع الاول غير قرقرات المعي الفارغة وغير القيود التي تكبل معاصمهم واهليهم وكل منهم يقول " لنجرب هذا الدواء لعل فيه الشفاء "، ولكن وبعد ان يزداد جوع الجياع ، ويرتفع انينهم ، ويتصاعد عويلهم ، ستكتشف بأن التنظير - النصفي - لاصلاح الحال والاحوال وسط بحر لجي متلاطم الامواج ما له من قرار يحيط به كم هائل من المخاطر والاخطار مجرد هواء في شبك ، زوبعة في فنجان " لأن الشبعان والمترف البيروقراطي ، سيفت للجوعان فتا بطيئا حتى في تنظيراته وادبياته " ، و لأن المنظرين المترفين لاسيما منهم اولئك الذين يعيشون في الغرب قد خططوا فقط للوصول الى الكرسي وليكن بعد الوصول الطوفان ، انهم لم ولن يخططوا يوما لما بعد الجلوس على هذا الكرسي ابدا ومطلقا = اندحار وانحسار وتحسر وانتحار متكرر ما تعاقب ليل ونهار ..!
هذه النصفية الايدولوجية ، والخمسية المعلوماتية ، والربعية المعرفية ، اذا جاز التعبير ، غايتها ارضاع الجماهير انصاف حقائق ، واذاقتهم انصاف حريات ، وارباع عدل وما يترتب عليه من تبني انصاف تحليلات واخماس مخططات ، وستشب عن الطوق وانت تعيش حياتك كلها متوهما بأنك تمتلك الحقيقة كاملة بينما انت وفي حقيقة الامرلا لاتمتلك اكثر من ربعها ولا خمسها ولا سدسها وقد تزيد المعلومة او تنقص ،الا انها وفي نهاية المطاف ستظل ناقصة وغير مستوفية للشروط ولا مكتملة الاركان بإنتظار اكتمالها ، ولن تستكملها كما هي الا اذا تخليت عن الارضاع النصفي المقيد ساعة سعيك لتلقي المعارف والثقافات والعلوم ، الا انه وبعد الاحاطة والالمام سيبدأ النقد والشرح والتهذيب والتشذيب والتحليل والاقدام !
اواضيف لقد كتشفت مؤخرا وللاسف الشديد ان اسباب الخلافات الحقيقية بين الناس عموما قائمة على ان كل فريق منهم لديه نصف حقيقة فقط لاغير ، اما النصف الثاني فلدى خصمه ، انها عملية اشبه ما تكون بكارت موبايل مقطوع نصفين يمتلكه شخصان، كل واحد منهما ليس بمقدوره شحن هاتفه بالرقم المشطور الا اذا حصل على النصف الثاني ..وبما ان ايا منهما لن يتخلى عن نصف رقمه للاخر حسبة وتطوعا ، فكلاهما ظل على حاله ليس بمقدوره الانفتاح عبر المكالمات على الاخرين ....وكل ظنه انه على الحق المبين ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسؤول إسرائيلي: حماس -تعرقل- التوصل لاتفاق تهدئة في غزة


.. كيف يمكن تفسير إمكانية تخلي الدوحة عن قيادات حركة حماس في ال




.. حماس: الاحتلال يعرقل التوصل إلى اتفاق بإصراره على استمرار ال


.. النيجر تقترب عسكريا من روسيا وتطلب من القوات الأمريكية مغادر




.. الجزيرة ترصد آثار الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال لمسجد نوح في