الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط الجبابره-10

أنور مكسيموس

2021 / 6 / 25
الادب والفن


الفصل الثالث المشهد الثالث
نفس الغرفة بالمنظر الثانى
إيلونا فى الغرفة, تقترب منها دليلة, وتصغى نحوها لتسمع ما تقوله همسا...
-       إيلونا: إنه هو!..
-       دليلة وهى تهز رأسها فى سرور: حسن, إنها بداية طيبة ومبشرة...إدعيه للدخول!...
-       إيلونا: فلتوفقك الآلهة وتحفظك...ثم تطل خارج الغرفة, وتدعو شمشون للدخول!...
-       يدخل شمشون وهو مطأطأ الرأس ومبتسما: كيف حالك سيدة دليلة, هل بكرت فى المجئ؟!...
-        دليلة: أهلا بك فى أى وقت, إنك رجل طيب ومسالم...هل تناولت إفطارك؟...يهز رأسه بالنفى.
-       شمشون: فلتخف إيلونا وتحضر لنا طعام الإفطار...أين هى؟
-       إيلونا: ها أنذا, ماذا تريدون أن أعد لكم؟...كل ما تطلبونه, سوف أحضره لكم.
-       شمشون: يسر لها ببعض الأوامر, ثم يخرج كيس نقوده, وهو يقول لها لا تبخلى علينا بشئ, أعدى كل شئ ثم إدعينا للخروج لنتناول طعامنا...تنظر إليه مبتسمة ثم تذهب.
-       دليلة: أهلا بك...كيف كانت ليلتك...هل إسترحت فى نومك؟!...
يجلس وتجلس قبالته دليلة, وترخى ثوبها الى الخلف قليلا...
-       شمشون: ليس كثيرا...كان هناك صوت أجراس حية, يظهر حينا ويخبو حينا, فتشت عنه لعلنى أجده, دون فائدة...لكن هذه الأجراس ظلت فى أذنى طوال الليل...
-       دليلة: حمدا للألهة أنها لم تؤذك...لا تصعد الجبل مرة أخرى, وسوف أدبر مكانا لائقا لمبيتك, حتى ترى ما تنتوى عمله, وتتبصر وجهتك. من ناحيتى أنا, فقد سررت وأمنت لوجودك...يصمت شمشون قليلا قبل أن يجيب...فى ذلك الوقت تدخل الساحرات الثلاثة وهن فى سرور بالغ, ويحطن بشمشون حيث يجلس.
-       غرابة وهى تنظر الى الأخريات: لقد سمع صوت أجراس الحية, ولم يراها, ومع ذلك نام وغفلت عينيه
-       شمشون: لست أدرى ماذا أقول, لكنك ملأت قلبى سرورا بحديثك هذا... ولا أريد أن أثقل عليك أو أسبب لك متاعب...خصوصا مع أهلك ومن حولك. 
تبتسم دليلة ووجهها نحو الأرض ثم تقول وهى على حالها هذه: أهلا ومرحبا بك, وعندما تأتي إيلونا, سوف أجعلها تقوم بتجهيز الغرفة الخارجية لك, وسوف تستريح ويطيب قلبك.
بعد وقت ليس بكثير يسمعان صوت إيلونا تنادى: تم إعداد الطعام.
تخرج دليلة فى خفة ورشاقة, وخلفها شمشون يختلس النظر إليها...الساحرات يظلن يتحركن بحرية فى كل مكان.
-         سخامة: هل رأيتن نظراته نحوها...إنه يختلس النظر نحو مفاتنها...
-        غرابة: ألا تنظرين إليها...هى تعرف ذلك ولهذا تتدلل فى مشيتها أكثر.
-        سخامة: متى تعتقدن انها سوف تعرف سر قوته؟...هل سيقول لها؟...إنه حذر جدا, ولا يثق بأحد!.
-        غرابة: إنها فتاة ذكية, بالرغم من صغر سنها, وربما هذه ميزة لها...فهى صغيرة بالنسبة له, وهى تعرف كيف تصل إليه, لكن متى تبدء؟.
-        سعيرة: أعتقد أنها قد تبدأ اليوم, أو غدا...لقد تعلمت أن تنجز عملها سريعا, وتستفيد من اليوم ما قد يضيع منها غدا...اليوم يبدأ, وتتغير معه كثير من الأمور سوف نرى...ليتها تسمعنا أو ترانا؟...
-        غرابة: نعم, ليتها تسمعنا أو ترانا...إننا نتوه بين أفكارها, ومشاعرها...لكنها سوف تجدنا فى لحظة...
-        سعيرة: متى تكون تلك اللحظة, هل ترينها؟
-        غرابة: إنها عنيدة وصلبة, وهو عنيد ومتكبر, ولهذا قد يطول الوقت, لكنها سوف تصل.
-        سعيرة: لقد بدأ يشتعل فى داخله الحب والشهوة...وهو يسير معها طائعا, كأنه مسلوب العقل, لقد بدأ ينشغل بها, وبدأ يخطط كيف يستثير إعجابها وإهتمامها...
-        غرابة: لو أنه يفكر فى الاستقرار, لساعدها ذلك كثيرا...
تدخل دليلة وخلفها شمشون مسرورا...تجلس ثم يجلس قبالتها, تفرك دليله يديها, وهو لاينفك يرفع عينيه عنها.
-        دليلة: هل أعجبك طعامنا؟
-        شمشون: كل شئ هنا, أدخل على قلبى السرور.
-        دليلة: حسنا أن أسمع ذلك...لكن ماذا عنك؟...لقد طلبت من إيلونا أن تعد لك الغرفة الخارجية, المجاورة لنا, لكن ألا يجب أن نعرف عنك شيئا؟...إنك تبدو أنسانا طيب, ومظهرك حسنا, وتبدو قويا ربما الى درجة كبيرة.
-        شمشون يطأطأ برأسه الى أسفل, كأنه يريد أن يفكر فيما سيقوله: أنا حقيقة...من صرعة, وحدثت بعض من مشاكل فى صرعة, وبلدات أخرى, وقررت الرحيل...الترحال من بلدة الى أخرى
-        دليلة: هل تعمل تاجرا, أو عمل ما يدر عليك ربحا وفيرا كما أرى...الساحرات يجولن حول دليله وشمشون وهن يتابعن الحديث
-        شمشون: لايرد
-        دليلة: تقول أنك من صرعة...من أى عشيرة أنت؟...
-        يصمت قليلا ثم يجيب: من عشيرة دان.
-        دليلة: هل أنت إسرائيلى؟.
-        شمشون: نعم, لكن أرجوك لا تغيرى فكرك. يصمت  قليلا ثم يكمل: كنت قاضيا لعشيرة دان.
-        دليلة: وماذا بعد؟...أقصد ماذا حدث؟...ألم تعد قاضيا لدان؟.
    - شمشون: لم أعد قاضيا لدان. هناك اشياء كثيرة سوف تعرفينها, ولكل شئ وقت...نعم لكل شئ وقت.
- دليلة: إذا أنت شمشون الذى يتحدث عنه الجميع. لقد سمعت الكثير عنك.
- شمشون: نعم أنا هو.
- دليلة: ما هى سر قوتك الهائلة؟
-        شمشون: هل انا كما تقولين؟
-        دليلة: ألم تقول للتو والحظة انك شمشون؟...ألا تعرف ماذا يقولون عنك؟...يقولون لا أحد يعرف سر قوتك...ألا تقول لى سر قوتك؟...هل هو سحر, أم أنك رجل مسحور!...
-        قالها شمشون وهو يبتسم: إذا أوثقونى بسبعة أوتار طرية لم تجف, وأصير كواحد من الناس.
-        دليلة: يبدو إنك تخدعنى.... إنك تخاتلنى...سوف نرى.
-        شمشون: كيف؟...لم ترد.
لكنها أردفت وهى تقول فى دلال: حان الوقت لكى نأكل ونستمتع....
ززززززززززززززززز
نفس الغرفة
شمشون مضجع وهو ينظر الى دليلة, المتفكرة بعمق وصمت, يحاول إسترضائها, لكنها لا تفكر أو تذكر كلمة مما قاله.
-        شمشون: كأننى أحرث فى الهواء, لم تنبهى الى كلمة مما أقول.
-        تنتبه دليله: وماذا قلت, وهل استمع لما تقول, كل كلامك كذب وخداع, ولم تقل كلمة صدق, ماذا تريد أن تقول, وكيف أصدق ما تقول؟!...
-        شمشون: لقد أخبرتك ثلاث مرات, بماذا هى قوتى, وأفشيت سرى, وسامحتك, ولم أقل فى نفسى, أنها تخوننى, لقد أحرقت بلدة بكاملها, لان بها أمرأة أفشت سر أحجيتى, ثم قام أبيها بتزويجها لمن يجالسنى طوال الوقت, وأحرقوها وأبيها بالنار...
-        دليلة: ألم يكن لها عذرها...كانت النار فى طرف ثوبها, سواء قالت, أم لم تقل...لها عذرها, وهذا قدرها...لكن ماذا عن أهلك وعشيرتك, كل أهلك وعشيرتك, ألم يسلموك, قيدوك وسلموك, لمن يطلبون نفسك, اليس هذا ما حدث؟...أم ماذا؟...
يصمت صمتا مطبقا ولا يرد ثم تكمل دليله:
-        ماتت المسكينة, وأسلمك أهلك, هل تعنى هذه الكلمة شئ لك...أسلمك من هم من أهلك وعشيرتك...يقال حوال ثلاثة ألاف رجل منتخب من إسرائيل, جيش من أهلك وعشيرتك....لتسليمك... ولم يوجد حتى الآن من يستضيفك من أهلك, أو يلتف حولك أحد من عشيرتك...ألم تفكر فى ذلك كله؟...إنك تائه بين الصحراء والجبال...تائه وتنام فى شقوق الصخور فى الجبال...لو أرادوا قتلك, ما أكثر السهام المسمومة فى أيديهم...هل تريد أن تضحى بى أنا أيضا كما ضحيت بالتمنية...دخلت بيتها وضحيت بها وأنت تعرف طبائع أهل تلك البلاد...
-        شمشون: لماذا لم يقتلونى بأحد السهام المسومة؟...
-        دليلة تطلق ضحكة قصيرة ثم تقول: هل هذا كل ما يهمك فيما قلته؟...عجبا!...إسالهم؟...
تدخل الياحرات الثلاث, تراقبن وتصغين لم يحدث حولهن وتجلسن الى أقصى اليسار.
صمت تام بين دليلة وشمشون...
-        الساحرة غرابة: لقد بدأت الأوراق فى الإصفرار والسقوط, إنه خريف الأحداث.
-        سخامة: لقد كسرت جناح النسر, وهو الآن يصفر ويهوى فى الهواء....سوف يرتطم بوجهه نحو الأرض...ويصبح إحدى الجيف...
-        سعيرة: آكل يصبح مأكول, وصياد يصبح جيفة, ويل لمن يسقط, وعليه دين ينتقم لآجله, ويل لمن لا يقدر أن يهرب من ماضيه...ويل له!...
دليله تعتذر لشمشون, عما قالته, وتحاول تطييب خاطره, لكنها لا تحاول أن تخرجه, من الكآبة والحزن, البادى عى وجهه.
-          دليلة: قم الآن ولنأكل ونشرب وننسى كل تلك الأمور.
-          شمشون: لم تعد لى قابلية, لطعام أو أى شئ.
-          دليله: فانشرب قليلا, وسوف تستعيد طبيعتك...تصب له النبيذ وتعطيه ليشرب...تنتظر بعض الوقت ليأخذ ويشرب, ثم تصب له ثانية, وثالثة, فتنفك قيوده ويعود الى طبيعته و ويطلب المزيد...
-          دليله: اشرب وانسى كل شئ حولك, لقد قررت ان نستمتع بلحظتنا هذه, ولننسى كل شئ عن قوتك, حتى لا تضطر الى الكذب, والمراوغة, وانت تعرف كيف تكون تكون هى هيئة الرجل وصورته عندما يكذب...أريد صورة جميلة عنك وعن شخصيتك التى تتناسب مع قوتك...فلننسى موضوع سر قوتك الهائلة. اشرب, ثم تأتينا إيلونا بالطعام.
-          شمشون: سوف أقول لك سر قوتى, ويجب هذه المرة أن تسمعينى, ولا تظنى أننى أخادعك هذه المرة...الكلام يخرج ثقيلا من فمه...ثم يكمل:
دعينى أروى لك, فقد ضقت ذرعا بم أحمل...
-          تقاطعه دليله: لا أريد أن أسمع, إحتفظ بما تعرفه لنفسك, دعنا نأكل ونشرب ونستمتع...
-          شمشون: أسمعينى أرجوك...تظهر التمنع وهى تشجعه على المضى فى الكلام...يكمل دون أن يسمع منها رفض أو قبول, بل تعطيه المزيد ليشرب.
-          عندما ولدت, وحتى قبلى أن أولد, وقبل حتى أن أوجد, أتيت بوعد إلهى, ومعه شروط, ألا تقرب أمى خمرا أو مسكرا, وألا تقرب شيئا نجسا طوال فترة حملها بى, وأكون نذيرا للرب منذ ولادتى وحتى مماتى, والا يقرب موسى شعر راسى, لا يعلو موسى شعر رأسى...ولهذا كانت أمى تضفر لى شعر رأسى سبع خصلات, ولم يعرف هذا السر مطلقا, لانى لو حلقت شعر رأسى تفارقنى قوتى الممنوحة لى من الله, وأصبح كواحد من الناس...أنا نذير لله من البطن...
-          دليلة: ألا يوجد مصدر أخر لقوتك؟.
-          شمشون: لا...فقط, وصايا الرب, ولايعلو موسى شعر راسى, علامة من الله لى, وإذا قصصته, ضاعت علامة النذر, وأصبح مثل أى إنسان, ضعيف مهما كانت قوته, سوف يوجد من هو أقوى...
تعطيه المزيد ليشرب وهى تفكر أكثر, لم يتحدث معها من قبل, بمثل ما حكى لها الآن. إنه ساقط الآن فى الحزن والكآبة, وضعيف كما لم تراه من قبل, ليس له تركيز فيما يقول. تعطيه المزيد ليشرب.........يفقد وعيه بلا حراك...تستدعى إيلونا فى همس, وتسر اليها, أن يحضر إليها أحد كبارهم, لتستقبله فى الخارج, ومعه الفضة التى وعدوا بها, ومعه حلاق, والسلاسل النحاس وكل ما يلزم...تسرع إيلونا حيث تعرف أين يتجمعون ويجلسون.
تعود دليله حيث كانت, تراقبه, وبيدها الكأس مملؤة, لتعطيه ليشرب, كلما بدا لها أنه قد يفيق. تراقبه وتمر بها ذكريات خداعه لها.
أيمكن أن تكون, هذه هى النهاية, كم سخرت منى وانتزعت من قلبى أية رحمة, سوف تكون بعد لحظات فى أيدى مذليك, سوف أترك البلدة فورا, وابحث عن بلدة أخرى لا تصلها قدماك, ربما ينبت شعرك مرة وتستطيع الهرب وتنتقم منى...لكن كيف وقد أشيت سرك ثلاث مرات وغفرت لى ولم تستطيع تركى والبعد عنى...دعينى يا أفكارى ولننتظر ونرى...تنظر اليه وتتأمله وتشرد فى ذكرياتها...
-        غرابة: ألم أقل إنه خريف الأحداث.
-        سخامة: وأنا أيضا قلت لقد كسر جناح النسر.
-        سعيرة: الآن تشتعل نار الإنتقام, ويؤكل الآكل.
تدخل إيلونا همسا, وتخبرها بإشارات من يديها, أنهم جميعهم بالخارج, وتعطيها قنينة, وتشير لها ببعض قطرات على النبيذ.
تعطيه دليله ليشرب. فيشرب سريعا بغير وعى, ويستدرك مرا فى حلقه.
شمشون وهو سكر بشدة: إنه مر, كيف أصبح الحلو مرا...ثم يذهب فى ثبات عميق.
 تضع دليلة, رأس شمشون على ساقيها, وتطلب الحلاق, ويبدأ فى قص شعره من منبته. ثم أوثقوه بالسلاسل, تحسبا لردة فعله عندما يفيق...يتركونه وهم يتابعونه بكل دقة.
سعيرة: بقى شئ واحد, كى يسيطروا عليه طول زمانه.
غرابة: ألا يرى ما حوله, فيصبح قوة غاشمة, تهدم نفسها بنفسها.
سخامة: قوة تسبح فى الظلام.
سعيرة: نعم, يفقؤن له عينيه. ولكن كيف ذلك؟...
غرابة: ما أكثر المشيرين, وأصحاب الرأى.
يبدأ شمشون فى الافاقة تدريجيا, يشعر بالسلاسل فى يديه وقدميه...وهو لازال لايتمالك وعيه, وفى عينيه?....    
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة


.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات




.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي