الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المندائيون والسلام الاهلي

عبدالمنعم الاعسم

2006 / 8 / 9
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


اذا ما توقفنا عند الارقام والمعطيات عن هجرة(وتهجير) الصابئة المندائيين، وهم سكان ارض الرافدين الاصليين، من ديارهم، ووصول طلائعهم الى الخارج، فيما اضطر الالاف من اسرهم الى تغيير سكناهم بين مدن العراق او بين احياء المدن الكبرى، فان الصورة ستتكامل لدينا عن مشروع تدمير السلام المدني في العراق لآخر خلية من خلاياه الحية. والحق ان مندائيي العراق، كوسط مدني مسالم ومبدع وراسخ على ثقافة مشاركة، يتمتعون بمكانة محترمة بين جميع المكونات الوطنية، ولم يكن ليناصبهم العداء غير النظام الدكتاتوري لسبب يعود الى ان القلة من ابناء الطائفة انخرطوا في اجهزته القمعية الدموية، وحتى الحزبية، واضطرار نخبهم العلمية والفكرية والاكاديمية الى الهجرة عن العراق مفضلين حياة الغربة والنفي على خدمة نظام متوحش، وهو التفسير الوحيد لتعرضهم، بعد سقوط النظام، الى صنوف من الاعتداءات والتهديدات واعمال الاختطاف والاستئصال والتهجير من قبل قوى الارهاب والطائفية.

ولا ينطوي على مغالاةٍ القول بان العنصر المندائي العراقي يشكل واحدة من عوامل الثقافة المدنية في العراق، بل وواحد من اهم مصدات التطرف في الحياة الاجتماعية العراقية، ليس فقط لانهم نسيج حضري مميز، بل ولأنهم قدموا للمجتمع العراقي ، من داخل هذا النسيج، صفوة من المفكرين والعلماء والمبدعين، من النساء والرجال، تطول قائمة اسمائهم ، وتتشعب عناوين عطائهم، وتتفرد عبقرية منجزات العديد من شخصياتهم واعلامهم.

وربما لهذا السبب تخصهم قوى البربرية والتكفير والطائفية المقيتة، كما خصتهم الدكتاتورية سابقا، بالكراهية واعمال التعدي والتهجير القسري والتمييز وعسف التدخل في حياتهم وديانتهم وشؤونهم، ذلك لأن اطفاء مكانة المندائيين في النسيج الوطني العراقي تعني اختراق وتشويه هذا النسيج وتدمير طابع التنوع في روافده، عدا عن حرمان البلاد من كفاءات هائلة في مختلف المجالات، ومجالات اعادة البناء على وجه الخصوص، وهنا لا يحتاج المرء الى الكثير من الفطنة ليكتشف بداهة الامور، فثمة هنا من هو مؤهل ومتحمس ومستعد للمشاركة الناشطة في عملية البناء، وثمة في الجانب الثاني من هو يعمل على تدمير حياة الملايين ومنع اعادة

البناء واقامة المستوطنات والكانتونات الطائفية المتحاربة.

وباختصار، فان الصراع الذي شاء الصابئة المندائيون ان يكونوا في قلبه، الآن، هو صراع بين مشروعين، مشروع يتطلع الى المستقبل باقامة دولة اتحادية مدنية ديمقراطية في العراق، مقابل مشروع آخر يقوم على اعادة عقارب الساعة الى الوراء باقامة غابة او تكية لاتتسع لغير الخرافة والجهل.



ـــــــــــــــــــــــــ

..كلام مفيد

ـــــــــــــــــــــــــ

"المؤسف حقا هو ان لا يكون في ميسورك قتل المرء اكثر من مرة واحدة".

سفاح









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بكاء ومعاناة نفسية وذكريات جميلة.. تفاصيل مراحل مختلفة عاشته


.. فرنسا تدعم مسعى الجنائية الدولية لإصدار مذكرات توقيف بحق قاد




.. ما رمزية وتداعيات طلب مذكرة توقيف بحق نتنياهو؟


.. إيران تبدأ تشييع رئيسي.. ومجلس خبراء القيادة يعقد أول اجتماع




.. الحوثيون يعلنون إسقاط مسيرة أمريكية في محافظة البيضاء| #الظه