الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بصدد التشكل التاريخي للحركة الاصلاحية و اليسار بالمغرب

شوييا محمد

2021 / 6 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


تقديم عام :
تحاول هذه الورقة مقاربة التشكل التاريخي للحركة الاصلاحية المغربية و ميلاد اليسار المغربي وقبل الدخول في صلب الموضوع لابد من ابداء بعض الملاحظات الاساسية :
1. أن الاصلاحية المغربية لا علاقة لها باليسار و بمشروع اليسار كما سيتبلور لاحقا و قد تكون في بعض لحظات تطورها اتخذت موقفا نقديا لاوضاع البلاد او شكلت معارضة برلمانية في اطار ما اسمته بالاصلاح من الداخل لكن ظلت بعيدة عن اليسار و مرجعياته و شعاراته بل في الكثير من المحطات كانت معادية له ..
2. ان سياقات و مسارات وشروط تشكل الاصلاحية المغربية تختلف عموما عن شروط تشكل اليسار المغربي بل تمتد بعيدا في الزمان الى قرن و نصف تقريبا ( الاصلاحات المخزنية اواخر القرن 19 في عهد الحسن الاول الى الإفلاس الفكري و السياسي لاحزاب الحركة الوطنية مع مطلع الالفية الثالثة )
3. ان التشكل التاريخي لليسار المغربي جاء لاحقا عن الحركة الوطنية و برنامجها الى ما بعد الحرب العالمية الثانية بل جاء انطلاقا من نقد مبكر للتصور و البرنامج و المشروع السياسي للحركة الوطنية و المحكوم بسقف اصلاح المخزن والذي مان ماضيا في ارساء النظام التبعي ما بعد الاستقلال الشكلي ..
4. ان التشكل التاريخي لليسار جاء بهوية اديلوجية و سياسية و تنظيمية تختلف جذريا عن الحركة الوطنية والتي ظل افقها السياسي اصلاحويا و متفقا مع مخرجات مفاوضات اكس- لي- بان و الذي لخصه عبد الرحيم بوعبيد – و الذي كان قد انقلب على برنامج التحرير الذي وضعته لجنة القاهرة تحت رئاسة محمد بن عبد الكريم الخطابي – لخصه عبد الرحيم ب ” نريد استقلالا بمساعدة فرنسا بعد عودة محمد بن يوسف ”
اذن انطلاقا من هذه الملاحظات فان مقاربة الموضوع تستند على الفصل المنهجي بين مسارات و مألات الحركة الاصلاحية المغربية في كل امتدادها الزمني الطويل عبر ثلاثة محاور فرعية وهي :
* مرحلة ميلاد الوعي الاصلاحي الوطني ما قبل السيطرة الاستعمارية وسط تناقضات النخبة التقليدانية .
* في ظل الحماية و تناقضاتها و خلال فترة ثلاثينيات القرن الماضي الحركة الوطنية و مطالب كتلة العمل الوطني في الاصلاح و التي ستكثفها وثيقة 11 يناير 1944 في مطلبين كبيرين هما مطلب الاستقلال و مطلب الملكية الدستورية على النمط المشرقي…
* مرحلة الاستقلال الشكلي و ارساء التبعية و اختيار الاصلاح من الداخل بعد تصفية الجناح التقدمي للاتحاد الوطني للقوات الشعبية و الاطاحة بالبرنامج الوطني للاستاذ عبد الراهيم و النقد الذاتي الذي قدمه المهدي بن بركة من ثلاثة نقاط في التقرير السياسي المقدم للمؤتمر الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1962 في ظل حسم السلطة لفائدة الملكية و الانقلاب على المجلس التأسيسي وفرض اول دستور مكتوب و ممنوح و تاسيس جبهة الدفاع عن المؤسسات كتعبير سياسي عن التحالف الطبقي قيد التشكل تحت الملكية
وبين سياقات و تطورات تشكل اليسار المغربي من خلال ثلاثة سياقات :
1- سياق تاسيس الحزب الشيوعي المغربي سنة 1943 و عدم وضوحه السياسي و الاديولوجي و تمزقه بين شعار وحدة الامتين في مواجهة النازية و تاثيرات حركات التحرر الوطني انذاك الى ان تم منعه سنة 1960 ..
2- شكلت انتفاضة الريف الاولى 1958/59 و انتفاضة 23 مارس 1965 و حسم السلطة من طرف التحالف الطبقي السائد تحت الملكية المطلقة و اعلان حالة الاستثناء و الموقف النقدي للحركة الوطنية من طرف المهدي بن بركة تنامي المد اليساري العالمي انتفاضة مايو 1968 منطلقا لميلاد اليسار السبعيني اي الحركة الماركسية اللينينية المغربية ( منظمة 23 مارس ثم حركة الى الأمام ثم لنخدم الشعب
3- خروج المعتقلين السياسيين و انطلاق نقاش الاطار الديمقراطي المنشود حول جريدتي الافق و اليسار الديمقراطي بعد منع جريدة المواطنة فتبلور اليسار المغربي الى اربعة مجموعات ( الفعاليات ثم الحركة من اجل الديمقراطية ثم المستقلون ثم النهج الديمقراطي )

I. في التشكل التاريخي للوعي الاصلاحي والحركة الاصلاحية مغربية و تطورها :
الوعي الاصلاحي ما قبل نظام الحماية :

تشكل الوعي الاصلاحي المغربي متاثرا بالاصلاحات العثمانية و المشرقية في مصر و لبنان والشام بعيدا عن الحداثة في اوربا اواخرالقرن 19 بالنظر لافقه الفكري طبيعة نخبه المحافظة … و قد تركزت اهم المطالب الاصلاحية في ما يلي :
* مطالب الاصلاح التعليمي من طرف نخبة من داخل التقليدانية التي لاحظت انسداد الافق الفكري بعد طول عثر الانحطاط و من سخرية التاريخ ان هذا المطلب لازال مطروحا بعد ازيد من قرن و من الاصلاحيين نجد ابن المواز و عبد السلام الصبيحي و عمر الحجوي و هم نخب المدن الساحلية التي كانت منفتحة على اوربا القوية ..
* مطلب الاصلاح السياسي : و قد قادته نخبة تنتمي للاوساط التجارية المدينية على المدن الساحلية و منها رسالة علي زنيبر من مدينة سلا الى السلطان عبد العزيز سنة 1904 و طالبه فيها باقرار دستور على غرار المشارقة بعد ان عاد من زيارة الى لبنان والشام ومصر .. ثم دستور جماعة لسان المغرب من طنجة المستوحى من التقاليد الدستورية الانجليزية سنة 1908و الذي لا ترقى له الدساتير الممنوحة اليوم و جاء مباشرة بعد مؤتمر الخزيرات وشروطه القاسية التي انهت عمليا استقلال المغرب سنة 1906 .. لكن التيار التقليدي المحافظ و القوي من علماء فاس و تجارها المتضررين من تراجع الوساطة و التجارة القوافلية للمدن الداخلية تافلالت و فاس و تلمسان مع بلاد السودان و افريقيا هذا التيار سيفرض ما يسمى بالبيعة المشروطة على السلطان عبد الحفيظ الذي وقع الحماية واستقال …

الحركة الاصلاحية خلال الحماية :

بعد صدور الظهير البربري و نجاح سياسة التهدئة انتهزت الحركة الوطنية وهي حركة اصلاحية الظروف الجديدة لاطلاق برنامج النضال السياسي المطالب بالتزام الحماية بوثيقة الحماية 30 مارس 1912 باعتبارها وثيقة اصلاحية من خلال كتلة العمل الوطني اول تكتل سياسي سنة 1934 و كان سقفها ادماج بعض النخب في الادارة الاستعمارية و نظرا لمعطيات تاثيرات الحرب الثانية على فرنسا فقد كثفت الحركة الوطنية مطالبها الاصلاحية في وثيقة 11 يناير 1944 من نقطتين كبيرتين هما الاتفاق على صيغة مع فرنسا حول الاستقلال ثم بناء نظام ملكية دستورية على غرار الاصلاحات في المشرق العربي رغم ان في تلك الفترة العالم مان يعرف مدا تحرريا كبيرا يرتكز على مبادىء تصفية الاستعمار و تقرير المصير
انتهت هذه المرحلة بمفاوضات اكس-لي-بان و التي اسفرت عن اتفاق سياسي لخصه عبد الرحيم بوعبيد في جملة واحدة ” اننا نريد استقلالا لبلدنا بمساعدة فرنسا بعد رجوع محمد بن يوسف ” فكان استقلالا شكليا يضمن مصالح فرنسا كاملة و لفائدة الملكية و قاعدتها الاجتماعية من كبار الملاكين و الكامبرادور و وكلاء الاستعمار الجديد و الضباط و رجال الادارة الذين كانوا يشتغلون في جهز الحماية و ايضا تيار برغماتي وانتهازي من الحركة الوطنية كان يمثله عبد الرحيم بوعبيد الذي انقلب هو وبورقيبة على برنامج لجنة القاهرة برئاسة محمد بن عبد الكريم الخطابي لتحرير شمال افريقيا ..

الحركة الاصلاحية في ظل الاستقلال الشكلي و ارساء النظام التبعي :

بعد الاطاحة بالبرنامج الوطني لعبد الله ابراهيم و حسم السلطة بفرض دستور يركز السلطة في يد الملكية و انشاء جبهة الدفاع عن المؤسسات الفديك كاداة سياسية للتحالف الطبقي الناشىء و القمع الدموي لانتفاضة الريف الاولى 1958/59 و ايضا انتفاضة الشباب في 23 مارس 1965 .. و بعد النقد الذاتي الذي قدمه المهدي بن بركة من خلال التقرير السياسي امام المؤتمر الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية و الذي اسفر عن تحول اطراف من الحركة الاتحادية الى الاختيار الثوري و جناحه المسلح مسترشدا بالنقاط النقدية الثلاثة لتصور الحركة الوطنية و هي ا*القبول بانصاف الحلول اي القبول بشروط الملكية و فرنسا وباستقلال شكلي و جزئي * الكواليس على الجماهير يعني تهميش دور جيش التحرير و عدم اشراك الشعب * عدم الوضوح الاديلوجي اي العزلة على حركات التحرر العالمي و الافريقي و العربي و النشداد لاديلوجية وطنية ضيقة و محافظة وبعد فترة من القمع الشرس و حالة الاستثناء و فرض دستوري 1970 و 1972 تم التخلص من الجناح التقدمي للاتحاد ليخلو الجو لفائدة تيار اصلاحي براغماتي يرفع شعار الاصلاح من الداخل اي عبر المؤسسات بعد تطهير الحزب خلال المؤتمر الاستثنائي سنة 1975 و الذي قطع نهائيا مع الجناح التقدمي و التنكر له بعدم المصادقة على التقرير الاديلوجي الذي انجزه عمر بن جلون والذي ستتم تصفيته في نفس السنة وايضا الدكتور محمد عابد الجابري ..
و قد اقتصرت مشاركة الاتحاديين الى جانب الاستقلاليين على المعارضة البرلمانية الى ان مطلع التسعينيات 1991 و تقديم الكتلة لاصلاحات دستورية شكلية استحاب لها الملك الراحل سنة 1992 ثم اصلاحات دستور 1996 و هو بداية ادماج ما كان يسمى باحزاب المعارضة البرلمانية و لا علاقة لها باليسار في ما يسمى بالتناوب التوافقي فانتهت الحركة الوطنية و المعارضة الى الافلاس السياسي و سيادة الاتجاهات الانتهازية الممخزنة بعد ان قال اليوسفي بعدم احترام المنهجية الديمقراطي و اختار المنفى من جديد.
مع مطلع سبعينيات القرن الماضي انبثاق اليسار المغربي بهويته الاديلوجية و التنظيمية و السياسية :
 شروط انبثاق اليسار السبعيني : ساهمت عدة ظروف داخلية و خارجية في ميلاد حقيقي لليسار المغربي فعلى المستوى الداخلي تمكن النظام السياسي من حسم السلطة لفائدته بالانقلاب على العهد الملكي 1957 والذي التزم فيه محمد الخامس بتعيين مجلس او جمعية تاسيسية لدسترة الحكم و مؤسساته حيث فرض الحسن الثاني دستوره لشرعنة السلطة المطلقة .. كما دفع في تاسيس حزب الحركة الشعبية كاول حزب اداري كتعبير سياسي للفيوداليين و الاعيان في البوادي سنة 1958 و كلفه بمواجهة حزب الاستقلال في البوادي التي كانت مسيسة و عمل على تاسيس جبهة الدفاع عن المؤسسات لمواجهة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية كما فكك جيش التحرير ااذي كان انتقل الى الجنوب و قضى عليه في عملية اكوفيان بتحالف مع الحيشين الفرنسي و الاسباني بعدها سحق انتفاضة الريف الاولى و تمرد عدو اوبيهي.
و مباشرة بعد المؤتمر الثاني للاتحاد الوطني للقوات والذي حدد في التقرير السياسي الذي القاه المهدي بن بركة نقدا جذريا لبرنامج و التصور السياسي للحركة الوطنية و الذي سيسمى لاحقا بالاختيار الثوري و فيه الارتباط بحركات التحرر العالمي لمواجهة الامبريالية و الصهيونية و الرجعية و ايضا الغاء التبعية و استكمال عملية التحرر الوطني .. و كان جواب الحسن الثاني هو حل البرلمان و اعلان حالة الاستثناء سنة 1965 و حملة واسعة من الاعتقالات و الاختطافات و المحاكمات فاضطر بعض اطر الاتحاد الى الهروب الى الخارج و سحق انتفاضة المتعلمين يوم 23 مارس 1965.
و على الصعيد الخارجي حققت حركات التحرر العالمي انتصارات على القوي الاستعمارية في افريقيا مع باتريس لمومبا و نجوموكنياطا و نكرومة و جمال عبد الناصر و ميلاد حركة التحرير الفلسطينية و ايضا باسيا في الفتنام و الصين و امريكا اللاتينية … و في باريس ماي 1968 اندلعت انتفاضة الشباب و العمال و اصبحت مرجعا سياسيا لليسار العالمي كل هذه العوامل كان لها بالغ الاثر على ميلاد اليسار المغربي ..

*تشكل الهوية الاديلوجية و السياسية و التنظيمية لليسار المغربي او الحركة الماركسية اللينينية المغربية

1. اهم مراحل تشكل اليسار المغربي و تبلور هويته التنظيمية و الاديلوجية و السياسية او ميلاد الحركة الماركسية اللينية المغربية :
1) الشروط الداخلية و الخارجية لانبثاق الحركة الماركسية اللينينية المغربية (1960/1970) :
في هذه المرحلة عمل النظام السياسي على حسم السلطة و تركيزها في يد الملكية المطلقة كمعبر عن التحالف الطبقي السائد والذي كان قيد التشكل حسم السلطة جاء عبر الانقلاب على العهد الملكي الذي اصدره محمد الخامس 1958 و التزم فيه اساسا بالاعتراف بجمعية او مجلس تاسيسي لوضع دستور للبلاد قصد دسترة نظام الملكية و مؤسساته .. وقد توج انقلاب الملكية و حلفاءها بفرض اول دستور ممنوح ومكتوب 1962 قاطعه الاتحاد الوطني للقواة الشعبية .. و شكل حسم السلطة اساس بظاية ارساء النظام التبعي وفق مخرجات مفاوضات اكسليبان ..
و على المستوى الحزبي انفجار الحركة الوطنية بتاسيس الاتحاد الوطني للقواة الشعبية بعد احباط حكومة عبد الله ابراهيم و برنامجها .. و على مستوى البادية المغربية التي كانت مسيسة اكثر سيتم انشاء اول حزب اداري و هو الحركة الشعبية 1958 لمواجهة حزب الاستقلال الذي كان له تاثير واسع على البوادي و في هذا الاطار تم سحق انتفاضة الريف الاولى 1958/59 و اخماد تمرد عدي اوبيهي و في المدن تم انشاء جبهة الدفاع عن المؤسسات ايضا قام النظام سنة 1960 بمنع الحزب الشيوعي المغربي و حله .. لم يستسغ النظام المنبثق من من مفاوضات اكس-لي-بان استمرار جيش التحرير فقام بتفكيكه و اغتيال قادته و الاجهاز عليها بالتحالف مع الجيشين الفرنسي و الاسباني في عملية اكوفيان بمشاركة 13 الف جندي مغربي شكل بهم عبد الكريم الخطيب نواة القواة المسلحة الملكية .. بعد مقاطعة الدستور و التحول السياسي الكبير الذي عرفه الاتحاد الوطني للقواة الشعبية في مؤتمره الثاني سنة 1962 انطلاقا من النقاط النقدية الثلاثة و التي ستعرف فيما بعد بالاختيار الثوري و محاولات اعادة بناء الحزب الشيوعي عبر صيغة التحرر و الاشتراكية 1967 و بعد حل برلمان 1963 و اعلان حالة الاستثاء و سحق انتفاضة البيضاء 23 مارس 1965 انفرد الملك بالسلطة و بكل المؤسسات

2) اما على المستوى الخارجي فان الحركة الماركسية اللينينية المغربية ستستفيد كثيرا من المد الواسع لليسار العالمي و حركات التحرر الوطني في الفيتنام و امريكا اللاتينية و في افريقيا مانديلا و باتريس لمومبا و نكرومة و نجومو كنياطة.. بالخصوص حركة التحرير الفلسطينة 1964.. ايضا انتفاضة الشباب و العمال في باريس ماي 1968 و التي ستشكل مرجعا سياسيا لليسار عموما .

ميلاد الحركة الماركسية اللينينية المغربية و تطورها :
1) الميلاد : ان تشكل اليسار المغربي و خصوصا الحركة الماركسية المغربية جاء انطلاقا من منطق و سياقات داخلية من الانفراد بالسلطة و ارساء التبعية و قمع المد التحرري ثم تناقضات الحركة الوطنية و الفرز داخل الاتحاد الوطني للقواة الشعبية و الحزب الشيوعي المغربي المحظور الى جانب تأثيرات المد اليساري و التحرري العالمي في الاتحاد السوفيتي و الصين و الفيتنام و اوربا و امريكا اللاتينية و افريقيا و العالم العربي الممثل بالقوميين العرب و خصوصا حركة التحرير الفلسطينية في مواجهة الامبريالية و الصهيونية و الرجعية ضمن هذه السياقات توضحت الهوية الاديلوجية لليسار المغربي بتبني الاشتراكية العلمية في التقرير المذهبي الذي صاغه الشهيد عمر بن جلون و محمد عابد الجابري عند تيار من الاتحاديين ( الرفاق الشهداء فيما بعد ) و الذي لم يصادق عليه المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و الذي اكتفى فيه التيار البرغماتي بزعامة عبد الرحيم بوعبيد بمصطلح الاشتراكية -في اسم الحزب فقط- كشعار لاستقطاب شباب السبعينيات..
و تبني مجموعات الشباب و المناضلين المنسحبين من الاحزاب الوطنية التي كانت تعرف تناقضات مع النظام و ايضا تناقضات داخلية خصوصا حزب التحرر و الاشتراكية الذي كان يحاول التكيف مع متطلبات نظام الملكية المطلقة في ظل حالة الاستثناء و حزب القوات الشعبية الذي تعرض للقمع الاسود مما افرز داخله تيارات ابرزها تيار فضل العودة الى السلاح ضد الملكية و نظام التبعية و تيار بلانكي تزعمه الفقيه البصري و التيار البرغماتي مع عبد الرحيم بوعبيد والذي كان متفقا منذ اكس لي بان على الخط الاصلاحي من داخل بنية النظام
هؤلاء الشباب الماركسيين سواء المنسحبين من الاحزب الوطنية او الذي افرزتهم انتفاضات الشعب المغربي خصوصا انتفاضة مارس 1965 سيتبنون المرجعية الماركسية اللينينية و التي اغتنت لاحقا بالافمار و التجارب الثورية العالمية في امريكا اللاتينية خصوصا كوبا و في الصين و الفيتنام و غيرها ..
و على مستوى الهوية التنظيمية فقد تبلورت الحركة الماركسية اللينينية المغربية في اطار ثلاثة منظمات تباينت في مرجعياتها الاديلوجية و خطها السياسي و طبيعة التنظيم و هي منظمة 23 مارس و هي النواة الاولى لليسار الديمقراطي الحالي الممثل بالفدرالية اليوم و منظمة الى الامام و هو منظمة ذات هوية ثورية منظمة للمحترفين الثوريين الذي ينشدون الاطاحة بالنظام التبعي كشرط لانجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية و منها بناء الاشتراكية و حسم السلطة للعمال و استكمال عملية التحرر و فك الارتباط هذه المنظمة لم يستطع النظام اجتثاتها بالقمع و التقتيل و السجون ستعرف اعادة البناء سنة 1979 اعقبتها موجة ثانية من محاولات الاجتثات و القمع والسجون خلال بداية و منتصف الثمانينيات و يعتبر النهج الديمقراطي شكلا من اشكال استمراريتها و هو مقبل على اعلان حزب الطبقة العاملة و عموم الكادحين احدى المهام الاساسية والاولى التي كانت المنظمة الثورية سطرتها منذ تشكلها خلال بظاية السبعينات .. ثم هناك منظمة لنخدم الشعب و التي لم تصمد طويلا الى ان تحول تدريجيا زعيمها الى خدام المخزن مع ما يسمى بالعهد الجديد اواخر الثمانينيات ..
اما ما يتعلق بالهوية السياسية لليسار المغربي فهي تقريبا اتجاهان رئيسيان الاول تيار ديمقراطي يعتبر ان مدخل التغيير هو النضال الديمقرطي متاثرا باطروحة التيار البرغماتي في الاتحاد الاشتراكي والذي انتهى اليوم الى الافلاس السياسي و الفكري و الاخلاقي و قد تبنت هذا الطرح منظمة 23 مارس في الداخل و تم تصفيتها و تاسست منظمة العمل الديمقراطي الشعبي مع مطلع الثمانينيات و اشتغلت من داخل المؤسسات تحت شعار توسيع الهامش الديمقراطي و بسبب معارضتها لدستور 1996 سيتم حظر اعلامها و شقها و خروج الحزب الاشتراكي الديمقراطي والذي سيذوب في الاتحاد الاشتراكي لاحقا ..
ثم اتجاه ثوري و مثلته منظمة الى الامام و لازال النهج الديمقراطي بالطبع بعد قراءة نقدية لمسار الممارسة السياسية للحركة الماركسية اللينينية المغربية يحتفظ به جوهره هو استحالة اصلاح نظام المخزن و بالتالي مهام اليسار الحقيقي هي عملية التغيير الجذري اي انجاز كل مهمات الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية عبر بناء التكتيكات السديدة و الملاىمة حسب كل مرحلة بافق التحرير و الاديمقراطية و الاشتراكية

2) ابرز تطورات اليسار بعد سقوط جدار برلين :
تحت ضغط النهوض الجماهيري خلال مطلع التسعينيات من حركة حقوقية و نساىية و شبيبية و نقابية و عمالية و معطلين و ساكنة العالم القروي و ايضا ضغط المتغيرات العالمية سقوط جدار برلين و الهجوم النيوليبرالي المتوحش و موجة حقوق الانسان و المنتديات العالمية اعاد النظام ترتيب بيته الداخلي فقام بطلب من الكتلة الديمقراطية ببعض التعديلات الطفيفة على الدستور الممنوح 1992 و انشأ بعض المؤسسات الصورية كالمجلس الدستوري 1993 و المحاكم الادارية كما قام بانفراج حقوقي بعد انشاء ما سماه بالمجلس الاستشاري لحقوق الانسان والذي نصحه باطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين و الكشف عن بعض السجون غير القانونية و مرر قوانين تحرير الاقتصاد و الخوصصة و تطبيق معايير منظمة التجارة العالمية .. و ضمن هذه المتغيرات سيعمل ايضا على اعادة هيكلة المشهد الحزبي و السياسي و منظمات العمل الجماهري من هنا انتقل النظام الى الاشتغال على ضبط اليسار عموما و حقله المضاد للدولة في الحركة النقابية و الحقوقية و الجماهيرية وايضا في الاعلام ..
اليسار المغربي لم يكن بمعزل عن كل هذه التطورات الداخلية و الخارجية و بدا بدوره يعرف نقاشات و تطورات حول المرجعيات و الاطروحات السياسية و نقد التجربة و الاعلام خصوصا بعد خروج بعض اليساريين من السجون .
* صدرت الكثير من الصحف و المجلات اليسارية او القريبة من اليسار ابرزها جريدة الطريق و الافق و المواطن و المواطنة ثم اليسار الديمقراطي ثم النهج الديمقراطي و اليسار الاشتراكي و غيرها هذه المنابر الاعلامية ستواكب كل القضايا الكبرى و التي هي من صميم عمل و برنامج اليسار عموما كالاطار اليساري المنشود و المرجعية و التنظيم و التجميع و قضايا الديمقراطية و الاشتراكية و النظام السياسي و المسالة النقابية و الحقوقية و التعليمية و الامازيغية …

* قضايا الإطار المنشود و التجميع : انطلق نقاش واسع بين المناضلين الجماهيريين الذين قريبين من تجربة الحركة الماركسية اللينية المغربية او الذين خرجوا لتوهم من المعتقلات و حتى مناضلين من داخل الاتحاد الاشتراكي و منظمة العمل الديمقراطي الشعبي كما تم تنظيم ندوات وطنية و في المناطق لنقاش الإطار السياسي المنشود لليسار و الذي سيجمع كل يساريي المغرب و اسفر النقاش على فرز اربعة اتجاهات و بعض المجيمعات الصغيرة هي : الحركة من اجل الديمقراطية حول عبدالله زعزاع حول جريدة اليسار الديمقراطي و في الارضية التي قدمها في ندوة الدار البيضاء دعا الى القطع الكلي مع منظمة الى الامام و هو صاحب فكرة الاطار السياسي دون اطار مرجعي اديلوجي فقط البرنامج السياسي و هذه الفكرة لازالت سائدة عن بعض مكونات اليسار الديمقراطي .. ثم ما يسمى بالفعاليات اليسارية و هم من انصار اللاحزبية لكن ينظرون للاطار المنشود منهم من سيشتغل كحقوقي مع مقاربة النظام لملف حقوق الانسان مثلا حرزني و بن زكري و منهم من تحول الى الليبرالية و المجتمع المدني في المغرب و الخارج و منهم من اشتغل في ما سمي بالصحافة المستقلة لكنهم كلهم اصبحوا معادون للحركة الماركسية اللينبية ثم تيار الديمقراطيون المستقلون المنحدرون من الحركة الطلابية ثم النهج الديمقراطي الذي بقي وفيا للحركة الماركسية اللينينية المغربية خصوصا تجربة الى الامام بالطبع بعد قراءات نقدية و التي لازالت مستمرة ..
النظام السياسي لم يكن بعيدا عن تحولات اليسار هذه بل سيعمل و انطلاقا من خطته في اعادة ترتيب المشهد الحزبي و حاجته الى يسار منضبط و مجتمع مدني نقابي و حقوقي و جمعوي متزن وفق المطلوب نزل عالي الهمة عندما كان كاتبا للدولة في الداخلية لاحداث ترتيب ما داخل اليسار ضمن ما مان يسمى الحزن الاشتراكي الكبير و بدا بادماج تيار الوفاء الديمقراطية المنشق عن الاتحاد الاشتراكي و اذابته في اليسار الاشتراكي الموحد بصيغة الحزب الاشتراكي الموحد بعد ذلك تم افشال تجمع اليسار الديمقراطي وو برنامجه ..

– وحدة اليسار : منذ ولادة الحركة الماركسية اللينينية المغربية ظل هاجس الوحدة قائما لتوكيد كل يساريي المغرب و بعيدا عن ترتيبات التجميع و التدجين و تجريد اليسار من هويته التنظيمية و الاديلوجية و السياسية ظل النهج الديمقراطي يحمل هم توحيد اليسار و تحويله الى قوة سياسية كبيرة مؤثرة في مواجهة دولة المخزن فكان مبادرا في بناء تنسيق استراتيجي مع الطليعة و ايضا في بناء و صياغة برنامج تجمع اليسار الديمقراطي او من خلال تطوير و اغناء وثائقه حول الجبهات الميدانية و الديمقراطية والعالمية وصولا جبهة الطبقات الشعبية او من خلال مبادراته داخل الحركة الجماهيرية من داخل الحركة الحقوقية و النقابية و حركة 20 فبراير و الحركة الاجتماعية و من خلال علاقاته الدولية . .. كما ان النهج منذ تاسيسه سنة 1995 و هو يعتبر نفسه تنظيما يعمل على المساهمة في بناء حزب الطبقة العاملة و عموم الكادحين و ظل محاورا لكل اليساريين و كل التقدميين المنظمين و غير المنظمين ولازال مفتوحا في افق اعلان حزب الطبقة العاملة في مؤتمره الخامس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إمام وحاخام في مواجهة الإنقسام والتوترات في برلين | الأخبار


.. صناع الشهرة - كيف تجعل يوتيوب مصدر دخلك الأساسي؟ | حلقة 9




.. فيضانات البرازيل تشرد آلاف السكان وتعزل العديد من البلدات عن


.. تواصل فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت في انتخابات تشاد




.. مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن غزة