الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط الجبابره-11

أنور مكسيموس

2021 / 6 / 26
الادب والفن


 
 
 الفصل الرابع- المشهد الأخير
معبد داجون
يوم الاحتفال بداجون...فى المواجهة, يجلس كبار القوم, وممثلين عن أقطاب الكفتوريين الخمسة...يتدرج بعد ذلك بقية الشعب من مختلف الاعمار والمستويات...
يجلس على مسافة بعيدة ومعزولا عن أول صف, لكن أمامهم على حجر على الأرض, شمشون مقيد بالسلاسل, وبجانبه عبد صغير ذو بشرة سمراء....
شمشون: صف لى ياولدى ماتراه؟...هل الناس تتزاحم؟
العبد الصغير: اليوم عيد للإله داجون, والكل يحتفل, والاعداد كثيرة جدا والكل يعلم بانهم سوف يعرضونك, كى يراك الجميع...اليس داجون هو الذى سلمك لأيادى الكفتوريين...
فى ذلك الوقت تدخل الساحرات الثلاثة,بلباس وزى مشترك, مختلف عن كل الحاضرين, وغير مرئيين, ويتوزعن بين جميع الموجودين...
شمشون: يهز رأسه ولا يجيب, والعبد الصغير يكرر إستفساره: أليس داجون هو من سلمك؟...
شمشون: هل تؤمن بما تقول؟...
العبد الصغير: العبيد منا ليس لهم أن يفكروا, وإن قرر عبد أن يفكر, فاليعتقد فيما يعتقده سيده...ألست أنت عبد مثل ما أكونه؟...
شمشون وهو يغتصب إبتسامة ساخرة: أنا أسير, لكنك عبد, إشتراك سيدك ودفع فيك ثمنا.
العبد الصغير: ماالفرق بينى وبينك؟...أنت عبد وأنا عبد...ألم يدفعوا ثمنا كى تكون كما أنت...ثمنا كبيرا وغاليا...سمعنا بقصتك وحياتك مرات عديدة, دعنا من كل ذلك, نحن فى إنتظار أوامر السادة, كبار القوم الموجودين, ويوجد بينهم كما أرى العديد من أهلك وعشيرتك...
شمشون: كيف إستطعت أن تعرفهم؟
الغلام: من ملابسهم!. يهز شمشون رأسه ولا شئ آخر...
الغلام يكمل:المعبد يمتلئ كلما مر الوقت...ألا تسمع كل هذا الصراخ والزعيق, وكل هذا الهرج والمرج؟!.
شمشون: الكل يريد أن يسمع ويرى فى أفضل حال, ولذا فهم يحاولون الوصول الى أعلى أو أقرب مكان فى المعبد.
الغلام: المعبد والأرض تهتز تحت أقدام العامة, ألا تستشعر ذلك؟!...ثم يكمل: نحن فى إنتظار الأوامر عندما يحين دورنا...فلننتظر!...أعتقد أنهم سوف يجعلونك تلعب لهم بعض الالعاب, كى يراك كل الحاضرين, ويروا مدى قوتك, التى انتصروا عليها, بفضل داجون طبعا!...ألم يطعموك جيدا اليوم...أكل وفير!...
شمشون: نعم, نعم, بفضل داجون,أليست لدليلة دور!...
ينظر اليه الغلام مبتسما ولا ينطق بشئ.
شمشون: أخبرنى بما تراه, وأى شئ يجد!...
لا زال الغلام مبتسما وهو ينقل بصره بين شمشون وما أمامه...ولازالت يد الغلام تمسك أحد أصابع شمشون.
الغلام: لازالت جحافل الشعب تأتى, فقراء وأغنياء, وإناس من عشيرتك...
شمشون يحدث نفسه وسط كل هذا الخضم الهائل, والفوضى العارمة: أفواه سوداء وذيول بيضاء...أفواه سوداء وذيول وأذان سوداء, من أين تأتى الرحمة!...
الغلام: ماذا تقول؟!...هل تحدث أحدا, أم تحدث نفسك؟!...
شمشون يكمل حديثه, لكن بصوت أكثر وضوحا: لابد من نهاية لكل ذلك, لم يعد لى مرشدا, أو ناصحا...لابد أن ينتهى كل هذا الضجيج...تنتهى كل هذه الزحمة داخلى...هذا الصراع بين ما هو صحيح, وما هو خطأ...
الغلام: سقط سيل من غبار الأتربة فوق الجالسين فى الصفوف الأولى للمنصة!...وها هى كتلة كبيرة من الغبار والتراب تسقط عن يمينك. ثم يمسك بيده اليمنى.
شمشون: الدهماء وعلية القوم كثرة ولا زالوا يتوافدون ويملئون الساحات ويعتلون أعلى معبد داجون...الله شاء, وأراد...إنها مشيئته وإرادته!...
الغلام لا يهتم بم يقول شمشونش وويتابع ما حوله.
إنتهت الخطب عن داجون وكل الاحداث الجارية وأعلن بدأ الفرح والمرح بكل ما تم إنجازه...إختاروا ساق شجرة طويلة جافة, ووضعوها بالقرب من شمشون وعلقوا عليها سلال, وحضر أحد الحراس ووقف وطلب من يريد أن يجلس داخل السلال...فتسابق الكثير من الدهماء وبعض النساء جرين فى دلال لاكتساب مكان فى سلة...
فأتى الرجل وأمسك بيمين شمشون وضعها على الساق فى المنتصف, وطلب منه رفع كل ذلك.
فمد شمشون يسراه وبدأ برفع الحمل, حتى أعلى رأسه, ثم أنزلها, فبدأ الصياح والضجيج, وغوغاء الجمع والدهماء وهم يطلبون أكثر من مرة أن يكررها ففعل, كما أمره الحارس...
ثم قام برفع بعض الاحمال ذات الاوزان الثقيلة جدا, ثم تم الاعلان عن آخر عرض وهو شد حبل بينه وبين عدد من القوم فتدافع الكثير رجال ونساء وكل منهم يمسك بالحبل, كل ذلك بين صياح وأصوات عالية.
وظل الحبل بين شد وجذب بين شمشون والجمع القابض بشد على الحبل وكلما تعب أحدهم سارع أح الموجودين بالجرى والإمساك مكانه والجميع فى صياح وغاغة وسرور وعزيمة...
ظل الحبل هكذا حتى يعبر أحدهم الخط الفاصل الذى حدده الحارس ثم يتسارع خروج الأخرين ولا يعلن عن فائز.
إنتهت اللعبة وأخذه الحارس ثم أسنده على أحد الأعمده.
الحارس: إستند على هذا العامود حتى ترجع الى سجنك, ثم يسلمه للغلام وهو بين سلاسله ويمضى لمهماته الأخرى.
شمشون: أين أنت يا غلام؟
الغلام: ها أنا ذا, أن بجوارك, إنتظر حتى يأذنوا لنا بالرحيل...
شمشون: أين أنا يا غلام؟.
الغلام: أنت مستند على عامود المعبد, وأمامك العمود الرئيسى الثانى. وأضاف: هذا كما أرى.
يمد شمشون يده حتى يلمس العمود الآخر. يقول محدثا نفسه: يا لها من مصادفة غريبة, الصدف تتجمع كلها فى وقت واحد...عجيب هو ما يحدث!. عجيبة هى تدابيرك يالله, عظيم الكون كله, وكل شئ فى السماء وعلى الأرض...فجأة ينتبه على رائحة عطر يعرفه جيدا.
بصوت عال يصرخ شمشون: شممت رائحتك يا دليلة!. لقد بعتينى من أجل الفضة, أيتها الغانية اللعوب.
دليلة بصوت عال: باعتك شهواتك ورغبات وعندك وجنون كبريائك. لم يكن لك ناصح أو مرشد, هل تسمعنى؟ الفضة تشترى كل شئ, والشهوة تبيع ما تملك...إنعم بأحلامك أيها الجبار...هل لا زلت جبارا, أم أنك الآن عبد, أصمت أيها العبد ودع الحياة تمضى.
شمشون: إن كلماتك إانتشبت بجسدى كما ينتشب السيف والسهم, لماذا لم أمت يا الله قبل سماع كلماتها, لماذا لم تمت هى...يحدث نفسه: لكنها الفرصة الآن, ولن أضيعها.
يأمر الغلام: يا غلام, أنبئنى بكل تحركتها!.
الغلام: لقد أخذها كبير عزة وخرجا.
شمشون: خرجت, كبير غزة أخذها وخرجا, الى أين؟.
الغلام: لا أعلم, لكن الجميع يستعد للرحيل...ألا تسمع هذه الجلبة وهذه الفوضى, ألا تستمع الى هذه الفوضى والجلبة, أعتقد توجد مشاجرة كبيرة.
سخامة: إنها فرصتك الآن.
سعيرة: ألن ننتهى من هذه الأمور؟!.
غرابة: لقد تجمعت كل جوارح الطير...نسور وعقبان, النوارس, التى لم توجد قبل الآن, لقد لفطها البحر الى الأرض...الكل فى إنتظار وليمة اليوم.
سخامة: تشدد يا شمشون.
سعيرة: أسرع, أسرع أيها الجبار.
شمشون: لفد صليت إليك يا إلهى, ومعونتى من عندك, وقوتى هى موهبتك, فأعننى هذه المرة الأخيرة...أفقدونى البصر, لكنهم لم يصلوا الى البصيرة, لقد أفقدونى حريتى, لكننى حر بك, أفقدونى إرادتى, لكننى حسب مشيئتك, قيدوا قوتى بسلاسلهم, لكن لك طرق مختارة, وصدف عجيبة...
يمد شمشون يسراه ليستند على العمود الواقف بجواره, ثم يمد يمينه ويدفع بين العمودين بكل قوته...
الغلام: ألا ترى هذه الفوضى العارمة, الكل فى صياح وهرولة...ثم ينظر الى شمشون ويكمل: ماذا تفعل, ألا ترى المعبد يهتز...يبدأ الصبى فى الهرب.
شمشون: على وعلى أعدائى يارب, قوينى وشددنى هذه المرة.
يرتجف المعبد ويهتز بشدة ثم تسقط حجارته, على الجميع, ويعم الغبار والتراب كل المسكونة حوله....
إنتهت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة