الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبنان: لا ناجين

هيلدا حبش

2021 / 6 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


تعصف بلبنان أزمة هي الأصعب في تاريخه، أزمة اقتصادية سببها الأساسي عقود متراكمة من النهب والفساد، والارتهان للخارج.
ويبدو الأفق مغلقاً (بعد أن أغلق أمين حزب السلاح المهيمن، ومرشد الجمهورية كل إمكانات التغيير، واستخدمت الأجهزة الأمنية لقمع الناس وإخراجها من الشارع) وأنه لا أمل في هذا البلد الذي ينزلق أهله يوماً بعد يوم إلى دوامة عميقة من الفقر والعوز. لا شيء طبيعي في هذه البلاد، يكاد كل شيء يكون مقطوعاً، لا محروقات، لا حليب أطفال، كل الأساسيات مقطوعة ولها سوق سوداء تلبي النقص بأسعار مضاعفة، ومع اشتداد الأزمة وتراكم مفاعيلها يتبلور أخطر تداعياتها، هروب الأدمغة والشباب، الذين بدونهم لا نهضة ولا اقتصاد منتج.
القطاع الصحي ينهار، بتأكيد نقيب الأطباء شرف أبو شرف ونقيبة الممرضات والممرضين السابقة ميرنا أبي عبدالله ضومط، حول مغادرة حوالي ألف طبيب وألف ممرض وممرضة للبنان.
الأجهزة الضامنة فقدت قدرتها على التغطية، من الأجهزة العسكرية إلى صندوق الضمان الاجتماعي مروراً بتعاونية موظفين الدولة، المستشفيات بمعظمها ترفض استقبال المرضى على عاتق هذه الأجهزة الضامنة أو تطالب بفوارق مالية كبيرة غالباً ما يعجز الموظفون عن دفعها، المصير الأسود القريب الاستشفاء خدمة تقدم للأثرياء فقط.
الكهرباء مقطوعة أغلب الوقت، المولدات تقنن نتيجة غياب مادة المازوت، الصيدليات فارغة من الأدوية، المحطات تسجل أرقاماً قياسية بطول الطوابير، رغيف الخبز يباع بالمفرق بسعر 500 ليرة لبنانية.
موظفو القطاع العام انهارت كل الحوافز التي استبقَتْهُم طويلاً في وظائفهم، من طبابة مجانية أو شبه مجانية، إلى التقديمات المدرسية، إلى الرواتب التي تآكلت 92% من قدرتها الشرائية، في ظل تضخم وصل إلى 1200%. ويبدو أن حالة التمرد ستسود المؤسسات الرسمية في لبنان، وأن الحضور إلى الدوام سيكون رهن مزاج الموظف الذي لم يعد يخشى شيئاً، بعد أن فقد كل شيء.
لا يبدو الجيش بمعزل عن التفتت الذي سيلحق المؤسسات، خاصة بعد فشل المؤتمر الأخير لدعم الجيش، بتغيب السعودية، والميل الخليجي لعدم الالتفات نهائياً للبنان، وعدم تمكن الجيش من تخفيف الأزمة على عناصره بأي شكل وسط انشغال قائده بالأحلام الرئاسية، إذ إن رغم تستر قيادة الجيش عن حالة الفرار التي غزت الجيش، والتي تضعف قدرته على إبقاء هذه السلطة المستبدة الفاسدة، لكن أخبارها خرجت للدوائر العلنية، حالة الفرار التي يتردد داخل أروقة الجيش أنها شملت ما يقارب ال 20 % من عناصر هذه المؤسسة، وليس آخرها نقيب من القوات الجوية ذهب بمأذونية إلى الولايات المتحدة ولم يعد.
لا حل في المستقبل القريب أو حتى البعيد، فبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، يفصلنا عند أفضل اعتبار 12 عاماً لعودة حصة الفرد من الناتج القومي لمعدلها القائم في العام 2017، وذلك يتطلب رحيل أركان هذه السلطة المستبدة، أما السيناريو الأرجح مع بقاء هذه الطغمة الحاكمة فسيتطلب 19 عاماً، ستطحن جيلاً شاباً بأسره في دوامة المآسي، ولن تنقذ بعض دولارات متدفقة من الخارج أحداً، هي جدولٌ صغيرٌ في وجه الغابة المشتعلة.
لبنان مبنى ينهار بكل من فيه وإن كان البعض يظن نفسه ناجٍ، فهو واهم ولن يكون عصياً على الانهيار إلا الاحتكار وأزلامه، مسلسل الرعب الذي يعيشه اللبنانيون لن ينتهي بجهنم فقط، بل هي أزمة بلا قعر، وفقدان الثقة بالليرة سيعجل من انهيارها وصولاً إلى انعدام قدرتها الشرائية. في فنزويلا خلال خمس سنوات فقط انهارت العملة من 7 بوليفار للدولار إلى 7 مليون بوليفار، وفي أعقاب انهيار الإتحاد السوفياتي فرغت كل المحال من السلع الأساسية وسط بكاء الناس خوفاً من شبح الجوع. البعض اختار الرحيل انتحاراً أو اغتراباً. الانهيار وحش مخيف، وفي الحلقة الأخيرة من انهيار لبنان نحو الارتطام لا ناجين، فقط حطام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير