الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في رواية ( كلكامش .... عودة الثلث الاخير ) للأديب واثق الجلبي

واثق الجلبي

2021 / 6 / 27
الادب والفن


قراءة / جمعة عبد الله
أم أن للأقدار رأي آخر ؟
هل بحث عن العشبة أم أنه يبحث عن نفسه ؟
هل الخوف هو عنوان دائم للرجاء ؟
هل ترجو من غير أن تخاف من شيء ؟ ) ص17
تيقن ان الحياة تسير نحو العبثية التي تكدر حياة وسلوك الانسان , ولا يستطيع ان يفعل شيئاً ازاء هذه الضغوط المتسلطة . انها كوابيس حياتية ينبغي التخلص منها في البحث عن ملجأ آخر . لذلك فكر وقرر كلكامش الرحيل دون عودة . ترك اطفاله في حالة البكاء والحزن بأن ابيهم سيرحل عنهم دون رجوع . هي رحلة البحث عن جده ( اوتوبشتم ) الذي مازال على قيد الحياة , ولم يذهب الى العالم السفلي . ان ينقذه من ورطته , ان يترك كل شيء الملوكية والجاه والمقام من اجل الخوف من عاقبة الموت .
لم أستطيب طعم الملوكية
أنا خائف من الموت
هذه حقيقتي
حقيقتي التي أخفيتها عن نفسي
لم يجابهني بها أحد
تراب يتكلم مع تراب
فلماذا لا تجيبوني ؟
لماذا لا تجيبوني ؟ / ص42 .
هذه الحقيقة التي يدركها العالم , بأن تاريخ شعب أوروك العظيم ملطخاً بالدماء والموت عبر العصور المتعاقبة , عبر أشكال مختلفة , سواء بالانقلابات العسكرية أو الحروب أو الاحتلال . ومن يستطيع ان يراهن على امتلاك عشبة الخلود , يعني امتلك البلاد والعباد والشجر والحجر . وترك الحياة تئن باوجاعها , بسرقة الافعى ( الحية ) عشبة الخلود . كأنها فتحت ابواب الشر على شعب أوروك . لذلك يوجه كلامه الى الافعى ( الحية ) السارقة .
- لقد مللتُ أيها الحية وأنا أتساءل كيف أستطعتِ أن تصمدي كل هذه السنوات وانتِ تبدلين جلدكِ ؟
- كيف تحملتِ واحتملتِ كل هذا وصبرتِ على هذه المعاناة ؟
- لست مثلك ايها الملك , عقلي وتفكيري ليسا على تطابق تام مع عقلك وتفكيرك وأحلامك . المسألة تختلف تماماً )ص51 . يعني بصريح العبارة , من فاز باللذات من كان جسوراً . هذا يبين حجم المعاناة والتضحيات والمخاطر والمجازفات والاهوال في رحلته المغامرة , وقتل الثور السماوي بمشاركة صديقه أنكيدو . كل هذا القتل لم يجلب سوى الحزن ومتاهة العقل والافكار . وفي زوبعة من الالم بأن ماحدث هو وحده يتحمل تبعياته لا غيره . هو المسؤول عنها لا غيره , ويصرخ بصوته الذي يحمل المعاناة التي تجرع علقمها بأن الذنب ذنبه هو لا غيره .
أيتها الارواح الساكنة فيه
لا ذنب لانكيدو
لا ذنب لعشتار
الذنب ذنبي
هذا ما أقترفته يداي
يا أرواح مدينتي
يا أهل أوروك
سامحوني
جئت اليكم نادماً
لم افكر بشيء إلا المسامحة
أذيتكم وطلبت الكثير منكم
لاني احبكم واحب هذه الارض / ص64 .
ادرك بعد المعاناة الطويلة أن البحث عن عشبة الخلود , كمن يبحث عن الماء في سراب الصحراء . لذلك جزع من هذه عشبة الخلود ولم يعد يرغب بها , ويصرح برغبته الى جده ( اوتوبشتم ) :
- جدي لا أريد الخلود . لم أعد ارغب بالمزيد . الحياة أتفه أن تعتاش مرتين
- هل فهمت كلامي أخيراً ؟ ص92 .
أنه بعد هذه المرارات يريد أن يهرب من هذا العالم المخزون بالنفاق والخداع , والذي يحشر الانسان ويدفعه الى الخنوع والخضوع ويضاعف عذاباته . ويدرك أن البطولات تنتهي الى مهزلة ومأساة . فبعد الصراع الدموي . قتل الاسود وصارع الوحوش وقتل الثور السماوي , انتهى الى لاشيء , ورجع الى أوروك كالملك المهزوم والمكسور .
لم أكن اعلم أن أغبى الرجال كان في فمي فلفظته
لم أكن أعلم أن الصمت بذرة الكلام
لم أعرف أن الليل لسان النهار
لم أدرك حينها لماذا نسمي القلب دليلا
لو أني بحتُ بالاشياء التي كنت لا اعرفها لضاق بي النخيل ) ص98 .
لذلك ( جلس متأملاً العشبة وعيناهُ بين دموع الفرح وبكاء الحزين . كتب ملحمته من جديد , الآن بعد أن أبصر طريق الحكمة , لابد من أطفاء قلبه الحزين , الاطفاء ليس بمعنى النهاية فلا وجود لنهايات في سلسلة الحيوات المستمرة . هل الحكمة تعني الموت ؟
أم أن الانسان لا ينتهي ؟
هل حكمتهُ سوف تكون وعياً معرفياً لعالم آخر .
ليس من المعقول أن يفنى هذا الكيان بهذه البساطة ) ص103 .
ويبتسم وعيناه مصبوغة بالدموع وهو ينظر الى الحية تأكل العشبة ولم تترك شيئاً له , فيقول لها وهو يباركها على فعلها :
- هنيئاً مريئا
- ألم تغضب ؟
- لماذا اغضب ؟ لقد اخترت هذا الطريق وأنتِ كذلك
- أخترت ان اعيش شباباً دائماً
- هذا لن يكون
- أنت تندب حظك مرة أخرى
- هل تعلمين ماذا أكلتِ الآن ؟
- أكلت عشبة الخلود التي كنت تبحث عنها
- لا أيتها الحية لقد أكلتِ عشبة الموت ) ص106 .
ويرجع كلكامش الى ذاته في معرفة ماهية الحياة. من هذه الرحلة الطويلة التي تخللتها المغامرات, والاخطاء والرزايا والذنوب . تيقن ان قيمة الحياة هي :
الآن تلمستُ خطاي بعد أخطائي
مفعم أنا بالرحمة تجاه من ظلمني
الحب رحمة
الصدق رحمة
السلام رحمة
الابتسامة رحمة
كل شيء لا تسكنه الرحمة فهو ليس من العوالم ) ص111 .
× الكتاب : رواية . كلكامش ... عودة الثلث الاخير
× المؤلف : واثق الجلبي
× الاصدار : عام 2021
× عدد الصفحات : 136 صفحة
× طبع في مطابع دار الشؤون الثقافية العامة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟