الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطابات نصر الله تسكن القاهرة

هويدا طه

2006 / 8 / 11
الارهاب, الحرب والسلام


أحد مساجد بورسعيد شهد حادثة ذات دلالة.. إمام مسجد من الدرجة العاشرة.. من هؤلاء الذين يتسلمون خطبة كل جمعة من الأمن أو يقتطفونها من كتيبات جماعات ما قبل الحضارة.. بدأ خطبة الجمعة الماضي بينما المصلون من أهالي بورسعيد جالسين حوله في صحن المسجد يستمعون بخشوع تقليدي.. مضبوط كالمعتاد في ساعاتهم الداخلية على ظهر كل جمعة، خلال خطبته الأمنية أو الطائفية أو أيا كان توصيفها نصح المصلين بعدم مناصرة حسن نصر الله في حربه الدائرة مع إسرائيل.. لأنه زعيم حزب شيعي والشيعة أعداء و.. لم يكمل الرجل خطبته.. فقد هاجمه المصلون الذين كانوا قبل قليل خاشعين خشوعهم المضبوط بساعاتهم الداخلية على وقت خطبة كل جمعة، ولم ينقذ ذلك الإمام كما تقول الأخبار إلا تدخل قوات الأمن التي سارعت بنزعه من بين أيادي أهالي بورسعيد.. بورسعيد بالذات.. المدينة الأشهر في مصر بمقاومة شعبية تاريخية لعدوان إسرائيل.. يا لغباء هذا النوع من الأئمة!
حادثة أخرى.. سائقو التاكسي في القاهرة.. وربما في مدن أخرى بمصر.. وربما أصحاب بعض المقاهي أيضا.. سجلوا خطابات حسن نصر الله على شرائط كاسيت ولقموها لأجهزة التسجيل في سياراتهم ومقاهيهم.. وما أن استقل أحد الأصدقاء واحدا من هذه التاكسيات وبعيد جملة نصر الله (إن قصفتم بيروت سنقصف تل أبيب) قال السائق: ينصر دينك يا نصر الله، ثم انتبه للراكب فقال له:" إنت زيي يا بيه؟!" أي هل أنت مثلي.. فقال له:" يااسطى.. كلنا كنا مستنيينه ييجي"!
الثالثة.. ليست الأهالي المصلين بخشوع أو سائقي التاكسيات أو أصحاب المقاهي.. وإنما هي موقف لأحد المثقفين الذين عرفوا عادة بمعاداة كل فكرة تقول بأن مصر جزء من محيطها العربي حتى ولو من باب استحقاقات الجغرافيا والتاريخ وليس من باب الثقافة والمشروع والمزاج.. اتخذ منذ اليوم الأول لحرب إسرائيل على لبنان موقفا متحفظا من حزب الله ومقاومته ورجاله للعدوان.. لكنه وبعد تخطي الحرب أسبوعها الثالث قال في جلسة خاصة: عملها نصر الله وشد حيله و.. حيلنا!
ثم رابعا.. كاتبة هذا المقال.. آخر ما كنت أتوقعه.. أن أقع في غرام رجل دين.. بعمامة! فهؤلاء لا أحبهم وبالطبع لن يحبوا مثلي أبدا.. لكنني استعير جملة صديقة.. هي الأخرى تضيق ذرعا بأصحاب العمائم وحضورهم المفزع في حياتنا.. " يا للمصيبة.. أشعر أنني أبحث عن نصر الله طوال الوقت بعيني وقلبي وعقلي.. أشعر أن نصر الله سكنني..!
حسنا.. المصريون لا يشاهدون قناة المنار عادة.. لكنهم في غالبيتهم الساحقة يدمنون مشاهدة قناة الجزيرة.. وقناة الجزيرة تنقل مباشرة وعن قناة المنار كل خطاب لحسن نصر الله.. وهي.. قناة الجزيرة.. الوحيدة من بين فضائيات العرب التي ومنذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي كانت في تناولها للحدث الرهيب فضائية (عربية)! لأنها بالطبع بعيدة عن شوارب السعوديين وعائلة مبارك والملك عبد الله الثاني.. إن كانت لأي منهم شوارب! والجزيرة التي أطلقت على تلك الحرب اسم (الحرب السادسة) كانت بذلك ترسخ أن تلك الحرب هي حرب إسرائيلية-عربية.. وإن كان اللبنانيون فقط.. ذلك الشعب الصغير الجميل.. هو وحده من يقف فيها، وهذا ظلم كبير لهم يشعر الجميع الآن أن نصر الله يفضحه.. فهو (مقاوم) لإسرائيل بغض النظر عن مشروعه الديني.. وهذا بالضبط ما وصل إلى المصريين من خطاباته المتلفزة..
المصريون السنة في غالبيتهم الساحقة لم تصلهم من نصر الله رسالة عمامته السوداء.. (لا تنقصهم العمائم على كل حال! فإعلامهم بعمامة وتعليمهم بعمامة وحياتهم كلها معممة!) وصلت لهم فقط رسالة صواريخه الموجهة إلى حيفا وما بعد حيفا، أكثر من ثلاثين عاما بعد حرب أكتوبر التي خاضتها مصر بنفس أبيه ضد إسرائيل.. لم يذق المصريون بعدها أي طعم للكرامة أمام هذا العدو الكريه، أذلهم السادات ومن بعده مبارك وخاصة ذلك الأخير بخنوعهما المروع المخزي لجنرالات إسرائيل وملوك العرب أتباع إسرائيل.. لكن هناك شيئا قد يكون (الشعور الجمعي.. الوعي الجمعي.. الذاكرة الجمعية لشعب) لم يطله الانكسار.. هو ذلك الشعور بأن (إسرائيل هي العدو الخطر لمصر ومشروعها الحضاري الرابض في رحم مستقبلها ولا يأتيه المخاض)، اشتاق المصريون لكرامة عبد الناصر ومواجهته لذلك العدو الخطر على مشروع وطنهم.. اشتاق المصريون- حتى هؤلاء الذين ولدوا بعدما مات عبد الناصر بعقود- إلى (الصمود والتصدي والمقاومة) .. اشتقنا لعبد الناصر في شخص نصر الله.. حتى وهو بتلك العمامة السوداء! وما قدمه نصر الله للمصريين في هذا المجال هو شيء عظيم.. إسرائيل ليست تلك القوة (الأسطورية) كما يصور لهم حاكمهم الرخو.. لم تعد إسرائيل بالنسبة للمصريين كما كانت.. قبل حيفا وما قبل قبل حيفا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما مدى صحة وضع الثوم بالفريزر؟ ومتى يجب التخلص منه؟


.. رحيل عموتة عن تدريب منتخب الأردن.. لماذا ترك -النشامى- وهو ف




.. حرب الجبهتين.. الاغتيالات الإسرائيلية | #غرفة_الأخبار


.. ما دلالة غياب اللاعبين البرازيليين في الدوري السعودي عن -كوب




.. حزب الله يهدد إسرائيل.. من شمالها إلى جنوبها