الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا هي الحياة

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 6 / 29
الادب والفن


الحياة ليست بساطاً أحمدياً. أصل هذا المثل "بساط أحمدي" عربي حيث ذكرت بعض المصادر المهتمة بلغة الحياة اليومية أن "أحمد البدوي" كان لديه بساط ، وهذا البساط يتّسع - حسب القصة خمسة أو عشرة أو أكثر يجلسون عليه- وقد استخدم هذا المثل في البداية للدلالة على أن الموجود يكفي لما هو موجود. ثم توسعت دائرة الاستخدام ، وأصبح إشارة إلى البساطة لتجنب الادعاءات الكبرى، ثم أصبح يعني الحياة البسيطة التي تأتي إليك دون بذل أي جهد في ذلك.
لا ينطبق الأمر على النساء ، فهن يحاولن مواجهة الصعوبات ، يتحملن المسؤولية ، وهذا ماحدث معي تماماً حيث واجهت الصعوبات ، اعتقدت أنني وصلت إلى المرحلة البسيطة في حياتي ويمكنني أن أحرر نفسي. يمكنني أن أكون نفسي ، لأعيش كما أريد ، لكن الحياة ليست بساطاً أحمدياً.
. . .
أشعر بالمرض والألم والمعاناة وقضاء بعض أيامي في المستشفى للعلاج الإشعاعي. اليوم أنا بحاجة لمن يقول لي اسمي ويمسك بيدي ليخفف من ألمي. يمكن للأيدي الرحيمة أن تخفف الألم.
أحتاج الأيدي التي تفهم لغة جسدي
، بحاجة إلى خبير ، وإلى نوع مختلف من التعاطف.
تعاطف إنساني يساعد في تخفيف الآلام.
تبدو المرأة ذات الشعر الداكن التي تقف بجانبي مثلي،
اعتقدت أنها أنا ، لكنها تبدو وكأنها تبلغ من العمر 30 عاماً. إنها ليست أنا على أي حال. شعرها أسود وعيناها مثل عيني. كنت في فراشي بالمستشفى وهي تخفف ألمي.
عندما استلقيت على سريري وحيدة ، رأيت المرأة كما لو كانت تستمع إلى ما قلته لنفسي. شعرت كما لو أن أحداً قد سمع بما كان يحدث في ذهني. تحدثت السيدة معي وسألت إذا كنت على ما يرام. قلت: إنني أتألم ، فقالت إنني سأكون بخير فيما بعد وربت على كتفي ، وبدأت في تغيير الضمادة ، وعندما كانت تدلك المكان كنت أشعر بالراحة..
. . .
عندما تشعر أن شخصًا ما يربت على كتفك تعتقد أن والدتك جاءت لتعتذر عن عدم تقبيلك قبل النوم. هذا ما حدث لي حقا. عندما شعرت بضغطة على كتفي وأيقظتني ، ابتسمت وشعرت بالسعادة تمر عبر كتفي. السعادة هي لحظة تمر دون أن ندركها. لذلك نتساءل لماذا لم نشعر به.
هل شعرت بالألم من قبل؟
هل كنت وحيدا؟
هل نظرت إلى أي شيء ، ثم حاولت البقاء مع نفسك وقلت إنك بخير؟
بينما كنت لا أنظر إلى أي شيء ، أفكر في لا شيء ولا أريد شيئًا ، فكرت للحظة أن الأمر انتهى ، لكن المرأة جاءت بأدواتها على عربة. مسدت برفق بقعة الألم. عادت أفكاري إلي:
من هي تلك المرأة الملاك؟
لا أستطيع قراءة اسمها لكني قرأت للتو أنها ممرضة فطلبت منها أن تخفف ألمي وأحضرت لي الدواء ، ثم غطيت في النوم لفترة. في حلمي رأيت الأطباء كالقمر، الممرضات كالنجوم وتلك الفتاة السمراء مثل الشمس في حياتي. أفكر في الجيوش وهي تقاتل على حدود الدول وأتساءل: إذا نزعنا أسلحتنا ووضعنا أطباء وممرضات على الحدود ، فسيحظى العالم بالسلام. هذا ما كنت أفكر فيه في اللحظة التي سبقت أن أتخدّر.
. . .
بينما كنت تحت التخدير ، سألني الطبيب:
بماذا تفكر ين الان؟
أجبته أنني أفكر في السلام ، وسمعت الطبيب يقول إنه جيد لأن هناك أشياء إيجابية يجب التفكير فيها، ذهبت في نوم عميق.
في تلك اللحظة ، كانت والدتي تقف أمامي و
تشجعني على الاستمرار. أخبرتني والدتي أيضًا عن نفسها عندما كانت مريضة ومستلقية على فراشها. كانت تخجل أنها لا تملك ثمن أدويتها ،
لعدم وجود منزل تلجأ إليه ،
ولأنها عاشت مع ابنها. لم تكن تعرف أي حل أمامها غير ذلك. قالت لي:
احظي بوقت ممتع ، ابنتي ، لا زلت محظوظة.
. . .
يمكنني أن أكون محظوظة حقًا لأنني قابلت أناساً يعرفون قيمة الإنسان. صحيح أن الطبيب أخطأ معي في المركز الصحي وتركني لمدة ثلاث سنوات مع المرض دون أن أتمكن من إقناعه بأنني مريضة حقاً. كان يقول إنني أعاني من مشاكل نفسية. أخبرت نفسي في ذلك اليوم أن الطبيب يراني مجنونة لأنني امرأة وكبيرة في السن وليس لدي خلفية سويدية. بعد ذلك امتنعت عن زيارة الطبيب وشعرت أن العنصرية والذكورة ما زالت تتحكم في الأطباء. حتى عندما ذهبت إلى المستشفى في حالة الطوارئ ، أهملوني في غرفة باردة. فيما بعد قالوا لي إن الاختبارات كانت جيدة ، لذا عدت. لكن عندما زرت المركز الصحي آخر مرة ، كان الطبيب غائباً وكان الطبيب المتدرب في العيادة . شرحت وضعي. أحالني على الفور إلى طبيب أمراض النساء.
. . .
كانت الخطوة الأولى في العلاج.
عالجوني بالعلاج الكيميائي ، لكن المرض لم يختف.
أحصل اليوم على رعاية كاملة في المستشفى للعلاج الإشعاعي.
لست خائفة ، ولست شجاعة أيضاً ، لكنني أؤمن بالعلم.
. أنا مريضة لكني لم أمت بعد
الرحلة مؤلمة ، لكنني اعتدت عليها ، أحمل بطاقتي الصفراء عندما أذهب إلى العلاج كما يذهب الطالب إلى مدرسته. أدخل غرفة العلاج كما لو كنت أدخل إلى غرفة الصف.
عندما أتناول المسكنات ، يهدأ الألم ، لذلك أتواصل مع صديقي المصاب بالسرطان ويعيش في بلدي الأم. أسأله كيف هو. يقول إنه ليس على ما يرام ، كل شيء باهظ الثمن واشترى أكياس الدم كما هو الحال في سوق سياحي لأن الألم كبير والرعاية مدفوعة في المستشفيات الخاصة. قال: "أفضل شيء فعلته يا صديقي هو الذهاب إلى مكان يحترم كرامة الإنسان".
قال صديقي الحقيقة التي كشفتها بعد فوات الأوان.
فات الأوان يا صديقي ، مصيرك أعمى ولم تدرك خطورة المكان. هذا العالم كبير لدرجة أننا لم ندركه.
إذا كنا لا نحب المكان ، فعلينا أن نغيره.
لماذا نلتزم بالأسقف والجدران؟
أنا لست قوية ، لكني أستمع إلى نفسي.
أقدم نفسي لنفسي،
أسأل لماذا أصبح عمري مجرد خبراً.
. . .
لن أنسى من أنا.
إنني ابنة الكرم والزيتون.
راعية أغنام ، طالب ماهر ، محام ، كاتب ، وما إلى ذلك. . . . لدي العديد من الألقاب التي لا معنى لها ، لكنني تركت كل الأشياء خلفي لأنها لم تطعمني الخبز.
عندما كنت في الجامعة ، طلب مني زميلي مساعدته في كتابة بحث قانوني. كنت سعيدة لأنني اعتقدت أنني جيدة ، و لطيفة.
هناك مثل عربي يقول "من مشى على الدرب وصل ". كنت أؤمن بهذا القول ، لكن بعد ذلك رأيته على أنه إشاعة. قد يكون الوصول إلى الهدف مستحيلًا تقريباً إذا لم تكن مدعومًا بالسلطة أو المال. زميلي لديه مركز أبحاث في أمريكا الآن. كان والده ضابطا كبيرا ، وأرسله إلى أمريكا. في أمريكا ، أقام علاقات مع السفراء العرب وقاموا بتمويله.
هل أندب حظي ؟
بالطبع لا. هكذا هي اللعبة ، وليس ذنبي أنني لم أفهمها ، حتى لو فعلت ذلك ، فلن تتغير لأنك في بلدي قد تخاف على حياتك وعلى حياة أطفالك.
لم أعد خائفة اليوم ، لهذا السبب وجد المرض فراغاً في جسدي. اليوم أسأل نفسي من أنا ، لكني لا أعرف الجواب. أنا متهمة بأنني مريضة ، ومختلفة ، وأرغب في العيش.
بالأمس رأيت نفسي على قمة جبل. رقصت مع حبيبي.
همست لنا الشمس وخفت الريح.
وقعت في أحضان حبيبي. حملني ، دار بي ، تفتحت الأشجار وحلّ الربيع
. . .
عدت إلى المنزل من المستشفى لكنني لم أتعافى. توقف العلاج. لا بد لي من الاستمرار في مكان آخر. شعرت بحاجتي إلى نسيم الصباح ، لذلك أخذت نزهة في الصباح إلى الغابة. كان الهواء نقيًا وكانت الغابة مليئة بالحياة. كنت سعيدة ، ركضت والشمس أمامي. اصطدمت بشجرة عجوز ، جلست واتكأت على جذعها، سمعتها تقول إنها ليليث. تعيش هنا داخل الشجرة وطلبت مني أن أشاركها حياتها. ليليث ، مؤمنة بحريتها ورغباتها ، أغوت الرجال. كانت محادثتي مع ليليث ممتعة ووعدتها بالعودة مرة أخرى. قلت: أنا قادمة إليك ليليتو
. . .
قد تكون الحياة رحلة.
يمكن أن تكون مسرحية.
يمكن أن يكون مجرد وهم،
لكن الحياة جميلة.
كل يوم أعانق الصباح و
أحتضن يوم جديد
يستمر الأمل
يستمر الرّحيل
لا نعرف متى ستنتهي الرحلة
انس من نحن
استمتع أثناء الرحلة .
أنا لست غاضبة من الحياة لأنها أعطتني الكثير، وأخذت الكثير أيضًا. أنا مريضة وأحاول تهدئة هذا الألم عندما يندلع ، لكنني أتوق إلى حياة الشقاء والصحراء وذلك النضال من أجل الخبز.
لم يجد المرض طريقه إلى جسدي عندما كنت مشغولة بالكفاح من أجل الخبز.
أعيش في بلد عصري الآن. يحترم الناس ، لكني ما زلت أحب رائحة الغنم ، وأرى في حلمي أنني لا زلت راعية أغنام. الزمن لا يعود ، لكن رعاية الأغنام ممتعة للغاية.
هكذا هي الحياة!
تبقيك بعيدًا عن الأشياء التي تحبها ، وبالتالي تفقد بعضاً من حريتك ، أو ربما تستبدل تلك الحرية في الشعور بالأمان.
اليوم أرى الهندسة المعمارية الجميلة ولا أصاب بصدمة ثقافية.
بينما كنت أسير بالقرب من أبراج دبي ، عادت ذاكرتي إلى منزلنا الترابي وعانقت غرفتنا ، وتمسكت بها وطلبت منها ألا تضيع بين الأبراج.
عندما ذهبت على متن الطائرة إلى كندا ، قابلتني عربة والدي ذلت الحصانين وأربع عجلات ، وعندما مشيت على طريق الغابة في السويد ، أحرقت شمس الصحراء جسدي وضمتني.
هل يمكنني العودة مرة أخرى؟
من الواضح أنه لا. ذكرى المكان مرتبطة بالإنسان،
لو عدت ، لما وجدت خروف أمي ، ولا الغرفة الترابية لدينا أو الأشخاص الذين أحببتهم.
عندما أذهب إلى أماكن أخرى في العالم ، أشعر بالحنين إلى بيتي في السويد وأعده أنني سأعود قريبًاً.
هكذا هي هي الحياة ، وهذه هي الطريقة التي نعيش بها.


نشعر بجمالها، نحاول أن نعيش اللحظة كما هي .

مترجمة عن قصتي بالسويدية على موقع:
novelle.se








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس


.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-




.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو