الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوارث السّياسي الاجتماعي

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 6 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


خلقنا ونحن نحمل مذاهبنا ، و أسماءنا، وديننا السّياسي، فكلّ الأمور لدينا متوارثة ، لكن لو لم نجد بريقاً يجذبنا نحو الدين السياسي لما قبلنا الانخراط فيه ، فأنا عن نفسي مثلاً انتميت إلى الحزب الشّيوعي في السادسة عشر من عمري ، لم يكن أبي شيوعياً، بل بالعكس كان مؤمناً ، لكن إخوتي كانوا شيوعيين ، و لم يكن لهم تأثير كبير ، لأنني كنت أخاف من سيارة جهاز الأمن التي كانت تزور بيتنا كل يوم في الساعة الرابعة فجراً عندما كنت طفلة ، نسيت الأمر فيما بعد ، كنت ثائرة ضمناً على التمييز بين الذكور و الإناث في مجتمعي الصغير ، و أرى في نفسي بريقاً يدفعني إلى أن أغيّر " المجتمع" ، دون وعي منّي.
أن تكون شيوعياً في ذلك الوقت يعني أنّك تحمل في داخلك ثورة ، ترغب في تغيير المجتمع، ولا يهمّك أن تقرأ للينين ، أو ماركس ، ففي إحدى المرات أحضرت كتاب رأس المال، وكنت ناضجة، قرأت عدة صفحات ، ولم أفهم شيئاً ، وعندما قرأت بعض الأفكار بالانكليزية بعد وجود الأنترنت عرفت أن الترجمة كانت سيئة ، مع هذا فإنني من محبي قراءة الأدب -عندما كنت أقرأ- ، ربما اليوم لا أقرأ بنفس الطريقة ، و ليس من خلال الورق إلا ماندر.
لن أتحدث عن الشيوعية سوى أنها في فترة مراهقتي أعطتني مساحة من الاختلاط مع الجنس الآخر ، ومناقشة أمور الحياة، لم يكن أحد من الرفاق في ذلك العمر مهتماً بالمبادئ خارج الاجتماع الحزبي ، وكان للعمل السّري متعته حيث تشعر بالتّحدي لذاتك و للمجتمع. . . لن أناقش الشيوعية كفكر اليوم لأنّني لم أعد شيوعية منذ زمن طويل.
أعود إلى موضوع التوارث الاجتماعي للسياسة ، وكيف نما ذلك التوارث بمتوالية هندسية ، أصبحت حياتنا تضجّ بالآراء ، وتفتقر للخبز ، ليس هذا فقط بل أصبحنا نمجد الفقر كنوع من التميّز، وسرنا مع القافلة على مختلف مشاربنا ، فلو تذكرون أن أغلبنا اقتنع بمقولة أن نظام البعث قبل وبعد حافظ أسد كان وطنيّاً لأنه ضد الصهيونية ، و الإمبريالية، و الماسونية ، دون أن نعرف ماهي حاجات الإنسان الحقيقي ، ورغم أن الجوع كان صفة ملازمة لنا بشكل عام عدا قلّة متنفذة فهمت معنى العيش و الرفاه ، فاستغلت موقعها السياسي ، أو الديني.
اليوم ، ورغم أن رغيف الخبز أصبح عزيزاً ، فإننا جميعنا سياسيون نبحث في الشّأن العام ، وهذا لا يمنعنا أن نتحدث عن عمر بن الخطاب ، أو نستشهد بأقوال غيفارا ، أو غاندي . أنني سمعت أنّ صدام حسين يشبه عمراً في عدالته !
أما غاندي ، فالمصادر -حتى الهندية- تعرف أنه كان معتدياً جنسياً ، وغيفارا مارس القتل الجماعي ، وكل مانكتبه عن هؤلاء متوارثاً حتى حول الإله بعل الذي استولى على منصبه بالقوة .
تغيّر مفهوم الثورة اليوم . عادت إلى مابعد الجاهلية حيث نشأ الإسلام ، ولا زال محمد هو الثائر الأوّل. أغلبنا يتحدث عن الإخوان المسلمين بالسوء كونهم أضروا بالثورة ، لكنّني أعتقد أنهم نجحوا في تدجين المجتمع ، وجعله إسلامياً طائفياً ، العصر لهم ، وهم يعتبرون أن الثورة إسلامية ، ونحن لا نختلف عنهم كثيراً ، نقدم أنفسنا كمؤمنين، ونعطي تفسيراً للدين على هوانا . حتى الطوائف أصبح الخطاب الإسلامي جزءاً من ثقافتها اليومية ، رغم أنّني نشأت في بيئة تنتمي لطائفة معينة ، لم أكن أسمع بذلك الخطاب ، بل بذلك التغيير في العقيدة حيث أصبحت تتماهى مع العقيدة السّنية ، بينما كانت الأغلبية على أيام البعث تتماهى مع العروبية .
مهما كنا ثائرين ، أو كتاباً عظماء ، أو محللين سياسيين ، فإن دورنا بسيط ، ونضالنا من أجل الحقيقة مرهون بأشاء كثيرة مثل : استلام منظمة ما نستفيد منها . الدور اليوم للتكنولوجيا، ففي يوم من الأيام وعندما سوف تكشف أمريكا من خلال ماسجلته وصورته عن الأنظمة الدكتاتورية، وكيف عمل الدكتاتوريين لصالح فلان أو علان من الرؤوساء، سوف يأتي جيل يجمع كتبنا الثورية ، وأسماءنا الخلبية، ويرميها في حفرة ، يكتب فوقها: من الأرشيف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جهود مصرية لتحقيق الهدنة ووقف التصعيد في رفح الفلسطينية | #م


.. فصائل فلسطينية تؤكد رفضها لفرض أي وصاية على معبر رفح




.. دمار واسع في أغلب مدن غزة بعد 7 أشهر من الحرب


.. مخصصة لغوث أهالي غزة.. إبحار سفينة تركية قطرية من ميناء مرسي




.. الجيش الإسرائيلي يستهدف الطوابق العلوية للمباني السكنية بمدي