الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وأي رثاء هذا الرثاء ؟؟

محمد سليم سواري

2021 / 6 / 30
الادب والفن


أربعون يوماً مضت.. وفي كل لحظة بساعاتها ولياليها وهالاتها القمرية وكأنني في حلم ولا تواتيني الشجاعة وتسعفني الجرأة لأُصدق بأن ما أعيش فيه ليس حلم بل إنه الحقيقة بأُم عينها في فَقد عزيزة على قلبي ليزلزل كل كياني الآهل للفناءوالإنهيار ليحضرني كلمات رئيس الوزراء البريطاني ( بوريس جونسون ) حول إجتياح جائحة فايروس كورونا ( ستفقدون أحبائكم ) ، نعم لقد فقدنا وفقدت البشرية أحباءً وأعزاءً لنا ولها.. وإلى الآن لم نفقه سيناريو وكل مفردات مسرحية هذا الفايروس اللعين ومَن يكونوا أبطالها الحقيقيون مِن الذين إبتلت البشرية بشرورهم وحقدهم الدفين في هذه الحرب العالمية الثالثة الخبيثة.. ففي كل الحروب أطرافها معروفة ونتائجها واضحة والعقوبات على المسببين والمهزومين محسوبة إلا في هذه الحرب الكونية!!
وهنا أقول.. إن غابت العدالة في قوانين ومصالح الدول والبشر على الأرض في معاقبة مَن تسبب بهذه الكارثة فإن عدالة السماء لا محالة نازلة بهم عاجلاً أم آجلاً .
أربعون يوماً مضت علي وأنا أسرح مع نفسي في عوالم السرد والبلاغة والكلمات والقواميس اللغوية وواحات الرثاء لأرسم بالكلمات وأنسج بالأحرف بُردة أتوشحها بقية عمري يلائم مبلغ حزني وعزائي على شقيقتي العزيزة (شكرية) لاُفيها ولو قسطاً يسيراً من حرصها علي ومقامها في نفسي ووجداني وكانت لي بمثابة الشقيق وأنا وحيد والدي وليس هناك في العمر الكثير لأبحث عن مَن يكون لي الشقيق في خريف مشواري.. ولن أنسى السنة الأُولى من دراستي الإبتدائية والذهاب إلى قرية أخوالي وأنا طفل صغير وهي ترافقني في أيام الدراسة وتنتظرني عند باب المدرسة لتشد من عزمي على تقبل الدوام والدراسة والمكوث معي في بيت خالتي فاطمة إلى نهاية الأسبوع وهي تُسلني وتخفف عني معاناة الفراق ووطأة الغربة عن الأهل.. يا ترى كم أنا اليوم بأشد الحاجة إلى من يخفف عني هذه المعاناة وهي غائبة عني ؟
أربعون يوماً مضت وكنتُ خلالها أقنع نفسي بأن لي من عزم الكلمات رصيد يُغنيني لأرثي إنسانة يليق بمقامها ومكانتها في وجداني سرد الأحرف والكلمات.. وكم هو صعب علي أن أقف اليوم هذا المشهد وقد خانني هذا الرصيد والرأسمال لأعيش في عتمة حزن أستحضر كل ما هو مؤلم من الحوادث والذكريات والتي تقض المضاجع ولن تجلب إلا الفواجع .
أربعون يوماً مضت وقد غابت قارورة الحب ونبع الخير وعربون الحكمة والصبر والطيبة وقد سكت قلبها الكبير الذي كان ينبض بالمودة والمحبة ليحول حياة المحيطن به إلى فردوس الخير والأمان وها وقد سكت هذا القلب الطاهر ليتحول قلبي وقلوب الآخرين من محبيها إلى واحة جرداء لا تسكنها ولا تعيش في أرجائها غير الآهات والحسرات والخيبات.
أصدقائي وكل الأعزاء أرجوكم أن تمنحونني من حزنكم حزناً ومن دموعكم دموعاً ومن ألم الفراق على أحبائكم آلاماً أُخرى لكي أُقيم مأتماً يليق بهذا الحدث الصادم وأنصُبُ خيمة عزائي الأبدي على فقدان مَن كانت وستبقى صديقة نفسي وقريبة من كياني وتؤام روحي ولن أبرح خيمة حزني وعزائي هذه ما عشتُ وحييتُ على وجه الأرض إلى أن يمنحني الله فرصة اللحاق بها وبأعزائي الآخرين الذين إشتقت إليهم كثيراً .
ها وقد عُدتُ إلى ديار غُربتي وغيوم الوجع والألم الدفين ترافقني حيث إبتلينا بهذا المصاب الأليم القاصم في مَن نحبهم وليس لي إلا أن أقول : اللهم أرحم روحاً قد أصبحت من ودائعكَ وعند الله تُكرم الودائع وأغفر لمن عشتُ معها وعاشت معي أجمل الأيام والأعوام ويهزني إليها الآن هذا الحنين والشوق العازف وكل هذا الوجد الجارف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد


.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد




.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد


.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا




.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس