الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية ومجالس المحافظات

حكمة اقبال

2021 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


من جديد أثير النقاش حول مجالس المحافظات، بقائها أو الغائها على خلفية قرار المحكمة الإتحادية بعدم دستورية استمرار عمل المجالس على خلفية قرار البرلمان في تشرين الثاني 2019 الذي أنهى عمل هذه المجالس تحت ضغط إنتفاضة تشرين، وكُلف أعضاء البرلمان بمهمة مراقبة عمل المحافظ ونائبيه في المحافظات. وطعنت مجموعة من أعضاء مجالس المحافظات بقانون إلغاء المجالس الذي اقره مجلس النواب أمام المحكمة الاتحادية، إلا أن تعطل المحكمة تسبب بعدم البت بهذا الموضوع، وبعد تشكيلها الجديد أقرت المحكمة الاتحادية بعدم دستورية استمرار عمل مجالس المحافظات والأقضية غير المنتظمة بإقليم.
الجديد في موضوع مجالس المحافظات ان أصوات مثقفة هوائها متحضر ومتمدن، وأفكارها محسوبة على المدنية والديمقراطية بدأت تطالب "بالتخلص" من مجالس المحافظات معتبرين "أنَّ العراقيين يجمعون على أن قانون مجالس المحافظات والأقضية هو الحلقة الزائدة في البناء الإداري"، ولا أدري من اين جاء اجماع العراقيين هذا؟
أين هي المشكلة؟؟؟
في الإطار الدستوري العام فان مجالس المحافظات هي نموذج مصغر عن مجلس النواب بصلاحيات أقل واعضاء منتخبين من ابناء المحافظة لإدارة شؤونها، والمطالبة بالتخلص من مجالس المحافظات لسوء عملها وانتشار الفساد فيها وتكلفتها المادية على الميزانية، يجب ان يتشابه مع المطالبة بالتخلص من البرلمان الذي لم يقم بما يخدم الشعب والوطن وال سنواته منذ 2005، وآخرها عدم اكتمال النصاب لحضور الجلسات.
الديمقراطية لاتتجزأ بل يجب تعزيزها على كل المستويات وفي كل مجالات العمل والحياة، وفي تجارب الديمقراطيات الناجحة والعميقة فان مجالس المحافظات حلقة مهمة في ادارة الحياة السياسية اليومية المحلية والوطنية، والديمقراطية هي ممارسة يومية في مجالات العمل والتعليم والحياة الأسرية أيضاً. والشعب العراقي الذي ابتلى بدكتاتوريات طويلة الوقت، يحتاج وبشدة الى ديمقراطية حقيقية حقاً، وليست زائفة كما هو موجود الآن.
لقد نصت الفقرة رابعاً من المادة 122 من الدستور على ان "يُنظم بقانون انتخاب مجلس المحافظة وصلاحياته"، وهنا هي المشكلة. المشكلة في قانون مجالس المحافظات ذاته، ومشكلة العراق مع مجالس المحافظات وقانونها هي ان القانون منح الأعضاء المنتخبين تفرّغ لدرجة وظيفية بمستوى عالِ وبراتب عالِ وامتيازات للسكن ومكاتب وحمايات وسيارات وتقاعد عالٍ وحتى خط كهربائي خاص لاتنقطع عنه الكهرباء، إضافة الى فرص الفساد المالي في المشاريع المطروحة في المحافظة، ويشمل ذلك مجالس الأقضية والنواحي أيضاً. وتُتهم مجالس المحافظات بانها "أحد بوابات الفساد والهدر المالي في البلاد"، فهناك 15 مجلس محافظة و120 مجلس بلدي (قضاء) و 400 مجلس محلي (ناحية) تستهلك ما يقارب 180 مليون دولار أمريكي كرواتب وحمايات ونفقات اخرى سنوياً، بحسب تقارير صحفية.

في التجربة الدنماركية:
- تجري انتخابات المدن كل أربع سنوات في شهر تشرين الثاني، ويبدأ عمل المجلس الجديد منذ اليوم الأول للسنة التالية.
- تنتخب كل مدينة مجلساً لها حسب عدد السكان، وينتخب المجلس المُنتخب محافظاً للمدينة يكون المسؤول التنفيذي للمجلس بصفة موظف.
- باقي اعضاء المجلس فيكون عملهم تطوعي ولاياخذون عليه اجور أو رواتب، ولا أية امتيازات اخرى.
- يحق لكل من أقام لمدة ثلاث سنوات متواصلة في الدنمارك الترشح والتصويت في الانتخابات، دون شرط التجنس في الدنمارك.
- نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المدن هي الأعلى في اوربا.
- في الإنتخابات الأخيرة عام 2017 كانت أصغر من فازت بمنصب محافظ بعمر 24 عاماً، وأصغر عضو مجلس مدينة بعمر 18 عاماً.

في محافظات العراق كان في الغالب تعيين ضباط بمنصب المحافظ، وبعد 2003 نلاحظ صراع الأحزاب المتنفذة على المنصب، وكثيرا ما يختلف المحافظ مع رئيس مجلس المحافظة حول من يسرق أكثر، (في البصرة اختلف رئيس مجلس المحافظة صباح البزوني مع المحافظ ماجد النصراوي، الأول حُكم وسُجن والثاني هرب بالجمل الى استراليا).
وتأتي المطالبة بالتخلص من مجالس المحافظات لتبدو وكأنها دعوة لإعادة التعيين المركزي للمحافظين، ومن قبل من؟ وزير الداخلية أو رئيس الوزراء او مجلس النواب عن طريق التحاصص؟
وفي نفس الإتجاه يجب التصدي لطروحات تحويل نظام الحكم من برلماني الى رئاسي بدعوى فساد مجلس النواب، فهو يحمل نفس المخاطر، لذلك يجب العمل على تطهير مجلس النواب من الامتيازات، ليترشح من يريد ان يخدم الشعب حقاً وبقدر مقبول من الراتب.
عندما نريد ان يكون العراق بلد ديمقراطي علينا أن نبدأ بخطوات ولو بطيئة لبنائها على اساس صحيح، وهذا ما لن يتحقق في جيلنا الحالي وثلاثة أجيال قادمة على الأقل. وعلى الأحزاب المدنية والديمقراطية وشباب تشرين المطالبة بإلغاء الرواتب والامتيازات الباهظة الكلفة، ويكون الأعضاء متطوعين لخدمة ابناء محافظاتهم مجاناً، واقدر ان هذه المطالبة لن تتحقق الآن، ولكن المحافظة على الهيكلية الديمقراطية وتشذبيها من فرص الفساد، هوالطريق نحو ديمقراطية حقيقية لإجيال المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر