الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحليل سياسي: نهاية لبنان كدولة ؟ بقرار أممي

كهلان القيسي

2006 / 8 / 10
الارهاب, الحرب والسلام


مسوّدة قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على لبنان تعكس مرحلة جديدة من الاستعمار الغربي في الشرق الأوسط، وربما سابقة تاريخية: فللمرة الأولى، يخرق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة - إذا مررت مسودة القرار- المبدأ الأساسي لحقّ الشعوب بالمقاومة تحت الاحتلال وفي الحقيقة يشرّع التقسيم العنيف للدولة اللبنانية ذات السيادة.
تعكس المسوّدة الأمريكية الفرنسية مصالح ثلاث سلطات استعمارية مركزية في المنطقة: الولايات المتّحدة، القوّة الاستعمارية الرئيسية في العراق وأفغانستان؛ زبونتها ووكيلتها إسرائيل، التي تحتلّ الأراضي الفلسطينيّة في الضفة الغربية وغزة بالإضافة إلى جزء من سوريا، وكانت محتلة جنوب لبنان لمدة 22 سنة (1978-2000)؛ وفرنسا، الإمبراطورية الاستعمارية السابقة في لبنان بعد الحرب العالمية الأولى فلا عجب في النفاق الكلامي الذي يركز ، على سيادة وسلامة أراضي لبنان الإقليمية، في الحقيقة هي تقترح تقسيم هذه الأرض الصغيرة.
السيادة المهددة
سيادة لبنان كانت دائما مهددة، ففرنسا وبريطانيا العظمى لم تنهيا استعمارهما حتى بعد الحرب العالمية الثانية. وسوريا اعتبرت لبنان إحدى محافظاتها. وزعيم إسرائيل الأول، ديفيد بن غوريون، يؤمن بان الحدود الطبيعية للدولة اليهودية يجب أن تكون نهر اليطاني اللبناني، وقادت فكرة اعتقاده هذه الجيش الإسرائيلي على ما يبدو منذ ذلك الوقت.
وبالعودة إلى نصف العقد السابق ، لبنان في الحقيقة قسّم إلى مجالين سلطويين : الجنوب تحت الاحتلال الإسرائيلي، و الجزء الأخر من البلاد تحت الاحتلال السوري. وأستعمل كلا البلدين أعذارا لعدم إنهاء احتلالهما للبنان. أخيرا، انسحبت إسرائيل من لبنان في عام 2000، لكنّها لم تحترم سيادة لبنان ولو ليوم واحد ففي كلّ تقرير يصدر عن الأمم المتّحدة للسنوات 2000-2006 هناك تأكيد على انتهاكات الطائرات الإسرائيلية للمجال الجوي اللبناني بعمليات الطيران اليومية، ناشرتا رعبا بدويها العالي على المناطق المأهولة بالسكان. في نفس الوقت، نما ضغطا دولي غربي بشكل رئيسي على سوريا لإنهاء احتلالها واجبر الرئيس بشار الأسد على سحب القوات السورية من لبنان في عام 2005. هذه التطوّرات، التي بدت وكان المقصود منها إعادة تأهيل سيادة لبنان،ولكن يبدو إنها الآن تسير باتجاه معاكس فإعادة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، مدعومة ألان من قبل الولايات المتّحدة وفرنسا ودعمت من قبل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
عودة إسرائيل
من خلال التأييد الأمريكي القوي،فان إسرائيل في الوقت الحاضر ومنذ أربعة أسابيع تحاول احتلال جنوب لبنان مرة أخرى. كما إنّ اللاعب الحاسم في السياسة الإسرائيلية هو- الجيش - وهو مدرك للذكريات المؤلمة للعديد من العوائل الإسرائيلية التي ما زالت تتذكر 22 عاما "مما يسمّى بالوحل اللبناني." لذا، عملية إعادة الاحتلال نفّذت طبق مبدأ الجيش الإسرائيلي يسمى " عملية الدحرجة." في بادئ الأمر،تم طمأنة الشعب و الحكومة الإسرائيليين بأن العملية ستقتصر على القوة الجوية.وبعد بضعة أيام من الحرب، بدأت صواريخ حزب الله تصل بالعشرات إلى ابعد من حيفا ، ثم بدأت المصادر العسكرية الإسرائيلية بالإشارة إلى " إن إسرائيل لا يمكنها الانتصار من خلال استعمال القوة الجوية لوحدها ثم أرسلت القوّات البرية إلى لبنان، أولا في الذي وصف كعمليات مغاوير محدودة، من اجل السيطرة على الجيوب الصغيرة القريبة من الحدود واختراق الخطّ الأمامي لحزب الله."وبعد أربعة أسابيع من الحرب، إسرائيل تريد احتلال وللمرة الثانية "منطقة أمنه" انسحبت منها قبل ستّة سنوات، بالإشارة إلى المنطقة التي ستكون تحت السيطرة الإسرائيلية قد تشمل شمال نهر اليطاني وربما إلى مديات ابعد. حيث وجّهت أوراق الإعلانات والقصف العشوائي الشديد إلى المدنيين لطرد أغلب سكان جنوب لبنان؛ والكثير منهم لم يتبقى لهم بيوت للعودة إليها. إنّ غرض هذا التطهير العرقي - مشابه لذلك الذي نفذ في فلسطين في عام 1948 وفي الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة في عام 1967 - لتحضيرها احتلال الإسرائيلي في المستقبل.

تشريع الاحتلال الإسرائيلي.
حتى الآن منعت الولايات المتّحدة أيّ محاولة لإجبار إسرائيل على أن توقف نارها. والآن وبعد أن أوشكت إسرائيل أن تصل لأهدافها الإقليمية المطلوبة، حسبتها الولايات المتّحدة بأنه الوقت المناسب لتثبت الاحتلال الإسرائيلي بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
طبقا لمسوّدة القرار الحالية، يدعو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة " إلى توقف الأعمال العدائية الكاملة ---مستند ا بشكل خاص-- على التوقف الفوري لحزب الله عن كلّ الهجمات وثم التوقف الفوري من قبل إسرائيل عن كلّ العمليات العسكرية الهجومية." لاحظ التناقض بالإضافة إلى عدم استخدام التعبير "فوري." وفي الوقت التي تحتلّ فيه إسرائيل لبنان، فحزب الله - أو كما يسمى في أغلب الأحيان في لبنان، "المقاومة" لم يسمح له بالقيام بأيّ عمل عسكري ضدّ هذا الاحتلال. وإذا لم يتوقف فان مسوّدة القرار تسمح لإسرائيل بالدفاع عن احتلالها للبنان عسكريا،
وهكذا فان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وربما للمرة الأولى، يلغي المبدأ القانوني الأخلاقي والمقبول عالميا لحقّ الشعوب المحتلة بمقاومة الاحتلال. مسوّدة القرار لا تمنع حزب الله من مقاومة من الاحتلال فحسب لكنها تشرّع حقّ إسرائيل أيضا بالدفاع عن قوات الاحتلال ضدّ أيّ مقاومة لبنانية.
ليست قوات دولية!!
هذه المرحلة المؤقتة يجب أن تنتهي عندما تشكل قوة دولية جديدة مخوّلة من قبل الأمم المتحدة وتنشر في لبنان. هذا يبدو لكي يكون التنازل الأمريكي إلى فرنسا. لكي يربحوا موافقة المستعمرين القدماء حيث عرضت الولايات المتّحدة على فرنسا موطئ قدم عسكري على شكل قوة دولية التي ستشكل بشكل رئيسي من القوّات الفرنسية. على أية حال الفرنسيون خدعوا: بعد أن خانوا لبنان من اجل موطئ قدم استعماري صغير فهم سوف لن يحصلون على شي فمسوّدة القرار لن تضع أي جدول مواعيد لتشكيل هذه القوة الجديدة، التي على أية حال من الضّروري أن تخوّل في أبعد من قرار مجلس الأمن قبل أن تشكّل.
علاوة على ذلك، قرار مجلس الأمن المستقبلي سيكون معتمدا على "تأكيدات إلى مجلس الأمن بان حكومة لبنان وحكومة إسرائيل قد وافقا من حيث المبدأ على المبادئ والعناصر لحلّ طويل المدى، وخاضعا لموافقتهما." كأيّ مراقب للدبلوماسية الشرق أوسطية يعرف، هذا الشرط يمكن أن ينتهك بشكل لا نهائي لكسب الوقت، كما شهدنا في عملية أوسلو مع الفلسطينيين، وإسرائيل لديها رغبة واضحة التأجيل. طالما إن الحكومتان لم توافقان - وهذه قد يستغرق سنوات - فان إسرائيل يمكن أن تبقى في لبنان كقوة محتلة محمية من قبل قرار مجلس الأمن. ولا داعي للاستغراب، حيث قال أحد كبار مسئولي إسرائيلي لن تكون هناك أية قوة دولية، لأنه سوف لن تحصل موافقة عليها." ( ورد النص في صحيفة هاارتس في 7أغسطس/آب 2006، بالعبري فقط؛ وحذفت في النسخة الإنجليزية، وليس بدون سبب. )
لا اعتراض
لبنان ليس بمقدوره الرفض، لكنه سيعترض على القرار المقترح، الذي في الحقيقة يشرّع تقسيمه. لذلك لبنان تعارض. هذا الاعتراض لا بدّ وأن يوقّع من قبل السلطات الاستعمارية. لذا هذه الآلية تقرّر تطبيق تقسيم لبنان وتتجاوز حكومته بتعمد. ومادام لا يمكن نشر قوة دولية جديدة في لبنان بدون موافقة الطرفين ، لذلك ستستعمل مسوّدة القرار قوات أل Unifil بدلا من ذلك: وUnifil على الأرض ألان في لبنان، لذا فهي ليس بحاجة إلى أيّ موافقة لبنانية أخرى. لهذا السبب، طلب إسرائيل التخلّص من Unifil ورفض هذا الطلب ؛ وصوّر في الصحافة الإسرائيلية كتنازل عظيم ( في عنوان Ha aretz البارز في ،6 أغسطس/آب, 2006: "إسرائيل تركع وال: Unifil " باقية).

تخطّط إسرائيل لجعل لبنان تفهم دورها في النظام الإقليمي الجديد - وهو للإذعان لتفوق إسرائيل ويتخلّى عن جنوبه - ولمّح إلى ذلك سريعا منذ بداية الحرب في كلمات رئيس هيئة أركان إسرائيل، اللواء دان Halutz: "نحن سنرجع الزمن في لبنان إلى قبل 20 سنة." حتى الآن، حصلنا على خطة أكثر تفصيلا:
" ضابط أركان كبير أخبر Ha aretz بأنهّ للمرة الأولى منذ بدأ القتال ، تخطّط إسرائيل لمهاجمة أهداف البنية التحتية الإستراتيجية ورموز الحكومة اللبنانية […] ونحن الآن في عملية التصعيد المجدّد. سنستمرّ بضرب كلّ شيء الذي يتحرّك في حزب الله - لكنّنا سنضرب البنية التحتية المدنية الإستراتيجية أيضا. […] وقوات الدفاع الإسرائيلية ستتوسّع في العملية، بضمن ذلك غزو أغلب جنوب لبنان ونهر اليطاني بضمن ذلك المنطقة حول صور، و زيادة هامّة في الضربات الجويّة على أهداف البناء التحتي. ويمكن أن تكون بذلك نهاية القصّة، لبنان ستكون مظلمة لمدّة بضع سنوات، قال احدهم." في (Ha aretz، 7,أغسطس/آب 2006).
لكي يتجنب أيّ معارضه لتقسيمه إذن، لبنان يجب أن تدمّر.

البدائل
مسوّدة القرار لم تصدّق لحد الآن. وإذا صدّقت وفرضت على لبنان، فهو بلا شك سيكون أخبارا جيدة لصناع الأسلحة: لبنان ستتّحد خلف حزب الله وهو القوة الفعّالة الوحيدة التي تحارب تقسيمها. وسوريا ستدعم حزب الله، وهي التي تشعر بالذل مرتين من خلال الاحتلال الإسرائيلي الدائم لمرتفعات الجولان ومن طردها من لبنان فقط لكي يترك لإسرائيل أن تحتلّه ثانيه. نصف إسرائيل، ربما أكثر، سيبقى منطقة حدودية، وبشكل ثابت تحت تهديد الصواريخ والقذائف من لبنان. وهذا فقط هو السيناريو المتفائل، الذي يتجنب فيه حرب إقليمية

الخيار الآخر للأمم المتّحدة هو المطالبة بالانسحاب الفوري الإسرائيلي إلى الحدود الدولية مع لبنان وسوريا (! )، ويحثّ جميع الأطراف المتصارعة لاحترام سيادة بعضهم البعض، ويساعد لبنان بنزع سلاح حزب الله أو تدمجها إلى جيشها المنظم. هذه قد تكون أخبارا سيئة لصناع الأسلحة، لكن الأخبار الجيدة لملايين اللبنانيين والإسرائيليين الذي الآن تحت القصف

الكاتب : الدّكتور هاكوهين ولد في هولندا في عام 1964 ونشأ في إسرائيل.يحمل شهادة البكالوريوس. في علم الحاسبات، والماجستير. في الأدب المقارن، والدكتوراه في الدراسات اليهودية. ويعمل أستاذا جامعيا في إسرائيل. ويعمل أيضا كمترجم أدبي (من هولندي وإنجليزي وألماني)، وكناقد أدبي للإسرائيلي يوميا يديوث أتشرونوث. عمل السّيد هاكوهين في النشر على نحو واسع في إسرائيل. "رسالة من إسرائيل" تظهر من حين لآخر في موقع ضدّ الحرب.
http://www.antiwar.com/hacohen/?articleid=9496
ترجمة: كهلان القيسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القسام يعلن استهداف دبابة -ميركافا- إسرائيلية بقذيفة -الياسي


.. عبر الخريطة التفاعلية.. آخر التطورات في مناطق توغل جيش الاحت




.. كيف تؤثر تهديدات بايدن في مسار حرب غزة؟ نتنياهو إسرائيل ن


.. احذر... الاستحمام اليومي يضر بصحتك




.. مقتل 7 أشخاص في قصف أوكراني على حي سكني في بيلغورود الروسية