الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر وثورة يوليو في رواية _ شيء من الخوف _

محمد علي سليمان
قاص وباحث من سوريا

2021 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ربما تكون رواية " شيء من الخوف " من الروايات القليلة التي كتبت وفق المقال الفكري للروائي، فالروائي ثروت أباظة يرسم روايته بدقة وفق مقاله الفكري الذي يتمحور حول علاقة مصر بثورة يوليو وجمال عبد الناصر. ورواية " شيء من الخوف " التي كتبها ثروت أباظة عام 1969 تذكر بقصة نجيب محفوظ " الخوف " التي نشرت في مجموعة " بيت سيء السمعة " في طبعتها الأولى عام 1965. وثروت اباظة ينتمي إلى عائلة ارستقراطية، فوالده هو الباشا إبراهيم دسوقي أباظة رجل من رجال السياسة المصرية قبل ثورة يوليو كنائب أو وكيل لمجلس النواب أو وزير.
وثروت أباظة منذ البداية يرسم شخصية فؤادة وكأنها أكثر من امرأة، إنه يرسمها كوطن، فقد كانت فؤادة تحب الناس أجمعين، وتستمع إلى شكواهم بكل نفسها، وتندمج مع مشاكلهم وكأنها مشكلتها، وكان كل فرد منهم يعلم أنها تحمل مشاكله ومشاكل الآخرين في أعماق قلبها (ص26). وفي مواجهة عتريس تظهر كونها تمثل الوطن، وهي لا تواجه شخصاً بل تواجه كوطن قوة غاشمة:
_ إذن أقتلك.
_ لا تحسب أنك تخيفني بهذا التهديد. فانت لا تستطيع أن تقتلني، وإذا قتلتني لن أموت. أنا أمل في نفسك، فكرة في ضميرك، الزواج مني حلم من أحلام طفولتك وصباك وشبابك. وإذا قتلتني فسأظل في نفسك أملاً وفكرة وحلماً، وسيظل الحلم حلماً لم يتحقق.
_ أقتلك، أقتلك.
_ لن أموت، مهما تقتلني لن أموت.
_ أقتلك، أقتلك.
_ الفكرة لا تموت (ص90).
وفؤادة تحب طلعت ابن الباشا منذ الطفولة، " منذ هي طفلة وقلبها طفل وشبا وشب الحب معهما. لم يعنها أن تحب ابن البيك، ابن الباشا، وإنما أحبت في صراحة نفسها وفي اطمئنان ودون خوف " (ص 23). ويقول طلعت ابن الباشا " وجدت حبها معي منذ عرفت أن اسمي طلعت وأن اسمها فؤادة، ولم أكن بحاجة إلى أن أقول لها أحبك.. وأبي لا يرفض أن أتزوج فؤادة " (ص48)، وهي " جزء مني وأنا جزء منها، ولن يفصلنا شيء في الوجود " (ص69). وفؤادة كما يقول طلعت عنها " ليس بين من عرفت من الناس أحداً يقدس الحرية مثلما تقدسها فؤادة.. لكم تحب فؤادة الحرية والعدل " (49). وواضح أن ثروت أباظة يربط فؤادة _ مصر الليبرالية، بطلعت ابن الباشا _ الطبقة الارستقراطية.
ويدخل عتريس كالقدر إلى المقال الروائي " إنها كلمة لا تزيد.. فؤادة.. أريد أن أتزوجها " (62). وعتريس مجرم يخيف الناس وكأنه يسحرهم، يفترسهم، ولا يقدر أحد من القرية أن يقف في طريقه. وحين يرفض والد فؤادة زواج ابنته من عتريس، يغضب ويقول " يظهر أنك لا تتبين الأمر على حقيقته، أنا عتريس، عتريس، أتفهم، وأطلب منك يد ابنتك فؤادة لأتزوجها. أتريد أن أضع لك الأمر بصورة أخرى.. أنت عندك أرض، وفي الأرض قطن الآن وأرز.. وعندك أيضاً عند اللزوم زوجتك، وعندك عند اللزوم أيضاً ابنتك فؤادة، وأنا عتريس " (62). ويفهم الأب، وتحت ضغط الخوف يوافق على تزويج ابنته فؤادة من عتريس دون أخذ موافقتها، وكذلك يوافق الشيوخ على إجراءات الزواج تحت ضغط الخوف أيضاً. لكن فؤادة لا تخاف، وترفض فؤادة الزواج من عتريس، وتقول لعتريس بشجاعة وهي في بيته " أنت لست زوجي، وزواجي باطل، يجب أن يتم الزواج بموافقتي وأنا لم أوافق " (ص89).
ويغضب عتريس حين يعرف أن عقد زواجه من فؤادة باطل، ويبدأ بمعاقبة كل من وقف ضده وأعلن حقيقة زواجه بأنه زواج باطل، ويبدأ صراعه مع القرية " احرقوا أرض القطن عند حافظ وهنداوي وبسيوني، واحرقوا أرزهم أيضاً " (ص92). كما أنه يأخذ أموال المحامي عليوة عندما يقر أن عقد الزواج باطل في نظر القانون كما هو في نظر الدين. لكن مقاومة من قبل أهالي القرية عتريس تبدأ من فاطمة والدة فؤادة بعد أن خاف الجميع وخاصة الأب حافظ أن يعيدوا فؤادة إلى بيتها لبطلان عقد الزواج، ثم يلحق بها الشيخ إبراهيم الذي يقول لها " وقولي لعتريس أن إبراهيم يقول لك أن العقد باطل، باطل " (ص97). وعندما يحرق عتريس أرض الشيخ إبراهيم ويقتل ولده لا يتراجع الشيخ، ويكتب على جدار الجامع " زواج عتريس من فؤادة باطل، باطل ".
هذا هو مقال الرواية الروائي، " زواج عتريس من فؤادة باطل "، وفي المقال الفكري فإن عتريس في الرواية هو المعادل لجمال عبد الناصر في الواقع، وأن فؤادة في المقال الروائي تعادل مصر الليبرالية في الواقع، وأن ثورة يوليو هي ثورة باطلة، شخصية عسكرية طاغية سيطرت على مصر بالقوة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا