الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السينما الامازيغية بين سؤال الهوية و قضايا المجتمع الامازيغي الجزء الثاني

المهدي مالك

2006 / 8 / 10
الادب والفن


انني تطرقت في مقالي الاول ضمن هذا الملف الى فيلم تامغارت ؤورغ الذي كان من اخراج الاستاذ الحسين بيزكارن الذي لم يكن يحلم بهذا الانجاز التاريخي في ذلك الوقت و كما نعلم فعقد التسعينات لا احد يتخيل بان السينما الامازيغية ستظهر بهذا الشكل القوي و ذات حمولة ثقافية و هكذا بدات هذه السينما المناضلة بحكم انها لا دعم لها من طرف الجهات الوصية على القطاع الثقافي ببلادنا عكس السينما الناطقة بالعامية المغربية و انني اشاهد هذه السينما او تلك و لا فرق عندي لكن الواقع يتحدث على ان الفيلم الامازيغي لا يبث على قنواتنا الوطنية الا نادرا و لم يشارك هذا الاخير في مهرجاناتنا الوطنية كمهرجان مراكش الدولي الذي يقام كل سنة و السؤال المطروح لماذا هذا الاقصاء هل السينما الامازيغية دون المستوى و انني كمشاهد لا اعتقد هذا لان السينما الامازيغية تحكي عن خصوصياتنا و قضايانا الاجتماعية مثل الفقر و التخلف بكل ابعاده.

ان هذه السينما تحمل رسالة حضارية و التي تقول علينا ان نساير التطور بمفهومه الشمولي دون التخلي عن قيمنا و عاداتنا و بعض الناس يظنون بان التطور هو المشي
على خطى الحضارة الغربية بكل ادبياتها السلبية و نحن نسعى الى التطور ببعده الايجابي و الذي سيساعدنا على تحقيق اهدافنا النضالية و المجتمعية كمحاربة التخلف الاجتماعي الذي لا يعرف الا النميمة في مجالسهم و تحطيم فئات معينة في المجتمع كالنساء و المعاقين و خلاصة القول ان هذه السينما تخبرنا باننا قد دخلنا الى زمن العولمة الهادفة الى القضاء على خصوصياتنا باعتبارها قديمة و لا تتطور و اقول انني لا اؤمن الا بهويتنا العريقة التي علمتني الكثير من الاسس و المبادئ كالسعي الى إثبات الذات و محاربة التخلف الذي جعلني في الماضي ابكي كثيرا و جعلني ذلك التخلف امشي في متاهات الاقصاء بسبب كوني معاقا لا استطيع ان امشي او ان اتكلم مثل العاديين و جعلني ادرك بان النضال من اجل قضية ما يعد عملا مقدسا و منذ ذلك الوقت انطلقت في مساري الشخصي كانسان معاق و الذي ادرك ان التخلف يشكل احد المشاكل الكبيرة في مجتمعنا المغربي و خصوصا منه الامازيغي .
و تلك كانت مجرد تاملات و نعود الى موضوعنا المهم الا و هي السينما الامازيغية التي تناولت مجموعة من قصصنا الشهيرة كقصة حمو انامير و تحكي هذه القصة عن شاب اسمه حمو انامير الذي هو متدين و يذهب الى المدرسة العتيقة قصد تعلم القران الكريم و العلم الشرعي كما هي العادة في مجتمعنا الامازيغي منذ قرون عديدة و الذي يحب امه كثيرا لكنه تركها بهدف البحث عن فتاة احلامه و التي تسكن فوق سبع سماوات و هذا الاخير وجد في رحلته الطويلة العديد من العراقيل و المشاكل من اجل الوصول الى هدفه المنشود و هو ايجاد فتاة احلامه قصد الزواج بها و فليم حمو انامير يخبرنا بان الخيال الامازيغي كبير بافكاره و مبادئه و الانسان العادي يعتقد ان الادب الامازيغي لا قيمة له و هذا خطا كبير لانه ساهم في ترسيخ قيمنا العريقة كالتضامن و التسامح الديني و فيلم حمو انامير هو صورة صغيرة عن ادبنا المنسي منذ الاستقلال و الذي مازال يعيش اليوم بيننا بفضل الذاكرة الشعبية التي تحكي القصص او دمين في لغتنا الامازيغية و الذاكرة الشعبية هنا هي جدتك التي تجعلك تسافر الى الماضي بتجاربه و حمولته الثقافية و الاجتماعية.
و احيانا يعد الرجوع الى الماضي شيئا اساسيا بالنسبة لنا ولكن علينا ان ندرك ان هذا الماضي فيه مجموعة من الاشياء السلبية مثل استغلال الناس عن طريق الدين و قتل الفكر المتنور باعتباره خروجا عن الدين او مشروعا استعماريا و اقول ان كل عصر له خصوصياته الجدية و السيئة في نفس الوقت .
و خلاصة القول ان فيلم حمو انامير يجعلنا نشعر بالفخر و الاعتزاز تجاه تراثنا الامازيغي الذي استطاع ان يقاوم لغة التجاهل الثقافي و التي لم تستطيع ان تقضي عليه و قد فاز هذا الفيلم
المتميز بالجائزة الاولى في المهرجان الوطني الثاني للفيلم الامازيغي المنظم
بمدينة ورزازات من طرف الجمعية المغربية للبحث و للتبادل الثقافي بتعاون مع المعهد الملكي للثقافية الامازيغية اللذان يستحقان منا كل التشجيع و تعتبر الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي اول جمعية امازيغية في المغرب و هذا للتذكير فقط و هذا المهرجان فرصة لقراءة واقع السينما الامازيغية الحالي.
و كما تطرقت السينما الامازيغية الى مواضيع جديدة كالمشاكل الاجتماعية مثل البطالة و التمييز العنصري بين البيض و السود و هذا ما يجسده فيلم تاودا أي الخوف و الذي هو من افلامنا المتميزة لانه يتطرق الى زمن الخوف و احتقار السود و جعلهم في مرتبة دونية تفرض عليهم ان يكونوا عبيدا عند اسيادهم البيض و هذا يتنافى مع مقاصد الاسلام الصحيحة و تقول لا فرق بين البيض و السود او بين العربي و العجمي الا بالتقوى و العمل الصالح الذي اعتبره جوهريا بغض النظر الى تلك الاختلافات الفرعية و هذا الفيلم يحمل رسائل عديدة و معاني عميقة و يستحق منا كل التشجيع و التكريم .
و خلاصة القول بان السينما الامازيغية متعددة الاهتمامات بقضايا المجتمع الامازيغي و نحن كمناضلين نتمنى لهذه السينما ان تتناول تاريخنا الامازيغي القديم و المعاصر و اقصد هنا اعادة الاعتبار لذاكرتنا الشعبية التي تعد كنزا ثمينا و نتمنى من الوزارة الوصية على القطاع الثقافي بان تعطي الدعم الكافي لهذه السينما التي ستذهب بعيدا و اخيرا نتمنى من اعلامنا الوطني ان يعطي مزيدا من الاهتمام و الوقت الكافي لهذه الافلام التي تحكي عن خصوصياتنا و اخذت تموت شيئا فشيئا في ظل زمن العولمة الثقافية التي تعتبر تحديا كبيرا بالنسبة لنا كشعوب اسلامية.
و في ختام هذا الملف القصير عن السينما الامازيغية و ارجوا ان يكون هذا الملف مساهمة متواضعة مني في تنمية هذا الفن الجديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد


.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد




.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد


.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا




.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس