الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فنّ العيش الكريم

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 7 / 2
الادب والفن


قليلة هي المرات التي استمعت فيها إلى كلمات الغزل الرقيقة !
كان غزلنا حول القضية ، أصبح اليوم لنا قضايا عالقة بين السّماء و الأرض.
ينتهي الحبّ بالزواج ، وتصبح العلاقة هي واجب بناء أسرة، الحبّ هنا مودّة، عادة يومية، قد يمارسها بعض النّاس، وقد ينتهي الكلام الرّقيق إلى الأبد و تتحول العلاقة الإنسانية إلى غريزة اسمها:" غريزة البقاء" مشتركة بين الحيوان و الإنسان.
يقول لي : " كنت جميلة ولا زلت، لازالت صورتك في ذاكرتي ، لكنّك لم تكوني تجيدين الحبّ . حاولت أن أسمعك مراراً كلمات غزل ، قلت لي لا تحاول، محكوم على تلك العلاقة بالفشل، فكلانا ينتمي إلى عقيدة ، وسوف تكون النتيجة الموت ، و أنا أحبّ أن أحيا" .
كان ذلك في عام 2011 عندما التقينا صدفة في مكان ما من العالم .
في اليوم التالي دعاني إلى الانضمام إلى عائلته في حفل ميلاد زوجته ، لبّيت الدعوة ، لا أعرف السبب مع أنني كنت أمارس العزلة كأحد فنون البقاء .
عرفني على زوجته ، و أولاده ، تحدّث لهم عن الماضي ، وكيف التقينا على طريق " النّضال" في سبيل لا شيء، ثم أكمل : " صحيح أنّنا كنا لا نفهم ماذا نقوم به، لكن ذلك الانتماء جعلنا نقبل بعضنا مع أننا ننتمي إلى مذاهب ، وقوميات مختلفة. أحببتها ، كنت مستعداً لقلب ديانتي، لكنها صدتني بكلمتين ".
عقبت زوجته على الحديث: " أنت محظوظة أنّك لم ترتبطي به ، فهو لا يصحو من السّكر ، لا أعرفه ولا يعرفني "
بدأ الحفل ، وكان ابنه هو المطرب ، و أنا وحيدة بين غرباء عني في الترف والحب ، لم يعرفوا الحياة القاسية ، خلافاتهم طبيعية ، و رغم وصف المرأة لزوجها ، فإنّ عيشهم يعادل عيش الملوك ، لا زال الرجل يعمل بمنصب في دولة ليست وطنه، يعيش في فيلا ، لديه مقومات الحياة الكريمة، ويحضر عيد ميلاد زوجته أربعين شخصاً أغلبهم يعرف بعضهم البعض ينتمون لنفس الطبقة الميسورة في بلاد الغربة.
رحل ذهني إلى الماضي ، بينما كان الشّبان يرقصون ، سألت نفسي: ماذا فهمت من الحياة ، و أين أجدني؟
كأنّه أشار إلى ابنه الذي يحيي الحفلة أن يخلّصني من وحدتي ، رأيت الشاب يجثو على قدميه أمامي ، وهو يعزف لي على الغيتار ، ثم و قف و أمسك بيدي ، غنى لي ، شربوا نخبي . وبينما كنت أتجاوب ، و أرفع الكأس أضعها على شفتي دون أن أشرب ، ثم سألتني: لماذا يكرمونني هكذا؟ ألا يعرفون أنني لا أستحق؟
عدت إلى الجلوس مكاني ، فهمست زوجته في أذني:" أنت جميلة. سرقت مني الأضواء ، حضورك الصامت أعطى للمكان تميّزاً ".
توفي صديقي بعد أشهر من لقائنا، و بقيت علاقتي جيدة مع العائلة . لم يتأثر وضع العائلة الاقتصادي بوفاة رب الأسرة ، فقد كان لأولاده أعمالاً خاصة ، ودخلهم المادي جيد ، كان تعاملهم مع والدتهم جيداً ، هو لم يكن عنيفاً ، فتربى أولاده على المحبّة . فقد أورثهم العلم و الثروة ، وحسن المعاملة. لم يمنعه النّضال من أجل " قضية " في الماضي من العيش الكريم. قال لي يومها: "عندما ضاقت عليّ الدنيا في وطني هربت من المكان، تعذّبت كثيراً قبل أن أستطيع بناء نفسي، النضال الحقيقي هو أن تحمي أسرتك من الفقر و الذّل ".
في الحقيقة لم أفهم كلماته يومها ، حيث كانت لا زالت أفكار " الوطن" تلازمني ، و أنه علينا أن " نموت ليحيا الوطن" ، لكنّني لم أناقش هذا الأمر إلى أن تغير رأيي بالتدريج من تلقاء نفسه ، وجدت نفسي أقوم بما قام به الرجل قبل أعوام كثيرة. تذكرت كلماته وقلت : كنت سبّاقاً يا صديقي . الآن فهمت حديثك، لكن لا تؤاخذني لأنّني كنت بطيئة الفهم ، فعالمي كان يعيش ضمن شعارات حفظتها في المرحلة الابتدائية ، و لم أتخلص منها. أعدك أنني سوف أتعلم فن العيش. . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منصة بحرينية عالمية لتعليم تلاوة القرآن الكريم واللغة العربي


.. -الفن ضربة حظ-... هذا ما قاله الفنان علي جاسم عن -المشاهدات




.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة


.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها




.. الممثلة ستورمي دانييلز تدعو إلى تحويل ترمب لـ-كيس ملاكمة-