الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شرق أوسط جديد!!..لكن.. لمن؟!

محمد الحاج ابراهيم

2006 / 8 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


يدور في الأقبية والأودية، تحت الطاولة وفوق الطاولة،في الكواليس وخارجها أن مشروعين يتصارعان على منطقة الشرق الأوسط هما:
الأول:المشروع الأمريكي الداعم للاحتلال الصهيوني لفلسطين تُمثّله اسرائيل، ويفتقر لإمكانية انغرازه في قاع المنطقة الباني لهذا المشروع، الذي صرّحت عنه علناً كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية،ومن ملامحه حرية وديمقراطية العراق من جانب، وتدمير البنية التحتية في كل من فلسطين ولبنان من جانب آخر.
الثاني:المشروع الإيراني القادم إلى المنطقة ويمثّله حزب الله في الجنوب اللبناني، الذي تمكن من الانغراز في الواقع اللبناني والعربي والاسلامي،وصار أمينه العام رمزاً لبنانيا وعربيا وإسلاميا وعالميا،هذا المشروع لم يتطرق إليه أي مسؤول إيراني حتى لو كان من باب المقاربة.
خمسون عاما على قهرالمنطقة بكل تراكيبها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، خمسون عاما شكلت ثقافة القهر المُحدّد بمصادره وهم أجداد كونداليزا رايس الجُدد، وليس الأفارقة العبيد الذين تم استقدامهم عبيدا يُباعون ويُشترون كأي سلعة بحكم ثقافة البيض في التعالي والتكبر،اللذين شكلا تاريخ شعوب العالم وذاكرتها بدءا من الهنود الحمرمرورا بالفيتناميين ووصولاً إلى فلسطين ولبنان.
يُحاول بعضهم التخويف مما يُسمّى المد الإيراني أو الهلال الشيعي اللذين لم تتوفر مقومات وجودهما وحياتهما في المنطقة، وإنما هناك مشروع واضح هو تحرير فلسطين حسب القراءة الميدانية له، هذه القراءة التي تعتمد معطيات الواقع الذي يفرض نفسه.
تحرير فلسطين هو مشروع العرب الذين لم يركعوا،أي أنه هو مشروع القوميين العرب بكل أحزابهم،ومشروع الماركسيين بمختلف مشاربهم، ومشروع الاسلاميين على اختلاف حركاتهم ومنظماتهم شيعية كانت أم سنية،وأعتقد أنه لاخلاف على ذلك إلاّ مع هواة التطبيع أو الباعة لقضايا الوطن والأمة،وإذا تأكد لنا أن التوازن الجديد للصراع مع اسرائيل في المنطقة كان وراءه إيران، وذلك بأسباب من الدعم العسكري والمادي لحزب الله ،هذا الحزب الذي فعل على الأرض ما لم تفعله الأمة بقومييها وماركسييها وإسلامييها وبكل مشاريعها السياسية والتنموية والعلمية،والذي صار يُمثّل كرامة أمة هزمتها اسرائيل منذ أن تم إنشاؤها.
إذا تأكد لنا دعمها في صراعنا مع اسرائيل التي مرّغتنا في وحول الهزيمة، ما الخطأ في ذلك؟ وهل هناك من يعترض على أن نقوى،أم الاعتراض على الدعم الإيراني الذي أنتج مايرونه أمامهم بعد شهر تقريبا على المعارك،وهل كان الاتحاد السوفييتي يُعطينا بغير صمام الأمان لإسرائيل الذي يفتح عندما يُهددها خطر العرب، ولهم أن يعودوا لكل معاركنا التي لم نفلح بواحدة منها للتحقق من ذلك إن كانوا يبحثون عن الحقيقة.
لدى المقارنة بين المشروع الأمريكي مُرسل القنابل الذكية التي تقوم بتدمير الحجر والشجر والبشر،والمشروع الإيراني مُرسل صواريخ الدفاع عن الأرض والعرض والكرامة يُطرح السؤال التالي:
كيف تتحقق مصلحة شعبنا ومن يُحققها؟ولماذا تُثار مثل هذه الشائعات بخضم المعارك الدائرة الآن؟ ومن ذا الذي يُثيرها؟ ثم من المستفيد من ذلك كله؟.
إذا افترضنا أن المشروعين يتصارعان على المنطقة فعلاً يدفعنا ذلك لعرض مكون المنطقة الحاضنة لهذين المشروعين أو لأحدهما:
الوعي العام لشعوب الشرق الأوسط يقول بالعداء لأمريكا نتيجة مساعداتها غير المشروطة لإسرائيل من جانب،وزراعة أنظمة الاستبداد التي عاشت على حساب شعوبها من جانب آخر،مُضافاً له مساهمتها بتخلف المنطقة المُنظّم،وتحرير حتى يهود الفلاشا من هذا التخلف.
المشروع الأمريكي وهو المؤكد/حسب رايس/ لايقوم إلاّ قسراً بسبب من حساسية شعوب المنطقة لشيء اسمه أمريكا إلى درجة أن الغالبية العظمى ترفض حتى الدواء الصادر عنها /حسب استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية النفسية للمنطقة/ يُضاف إليه حجم الأذية النفسية التي صارت ثقافة هذه الشعوب لكثرة ما آذتها أمريكا .
المشروع الإيراني/إن كان صحيحا/ ليس له من أثر سلبي بأكثر من معنى بل أثره الإيجابي صار جليا ومباشراً ،والذي تجلى بدعمه للمقاومة في لبنان،هذه المقاومة التي هبت شعوب الأرض/من بينهم يهود/ تأييدا لها خاصة في العالمين العربي والاسلامي وما محاولات التطوع للقتال إلى جانب المقاومة اللبنانية في العديد من بلدان العالم تركيا، أندونيسيا،جنوب أفريقيا،البلدان العربية،ماليزيا إلاّ دليلا على دعم هذه الشعوب لهذه المقاومة النظيفة لما صنعته من فعل تسمّر العالم كله لمتابعتها،وبالمناسبة لم تخرج مظاهرة واحدة تأييدا لاسرائيل في العالم كله حتى من اليهود.
يجب أن نعرف أن مصلحتنا كعرب ومسلمين أولاً،وخروجنا من تحت السوط الأمريكي أولاً،وتحررنا من الذل أولاً،وبناء ذاتنا سياسيا أولاً،واقتصاديا أولاً،واجتماعيا أولاً،هذه المصلحة عندما تتحقق دون أن نُستباح كما استُبحنا من قبل الغرب منذ الاستقلال أعتقد أنه خير لنا، لكن يجب أن نحسب مصلحتنا دون مُصادرة واهمة من مشروع ليس له من وجود،لذلك لاأجد الغاية من وراء الترويج لهذا الافتراض إلا تعطيل رد الاعتبار الحاصل،ولا أجد المُروّجين والخائفين من هذا المشروع المُفترض إلا المهزومين وغير القادرين على تحقيق ماحققته المقاومة في لبنان، وتأكيدا على ذلك موقف زعيمين عربيين بتحميل المقاومة مسؤولية الصراع العسكري بينها وبين اسرائيل في بدايته، ظنا منهم أنه لامجال من مقارعة اسرائيل الذي أثبتت الوقائع أنه ممكن، وأن التوازن العسكري ممكن، وأن الانتصار ممكن أيضاً،ولاأحب توجيه أية تهمة بالعمالة أو الخيانة أو غير ذلك مما يُقال عادة في مثل هذا النوع من السجالات.
طالما أن هناك رفضا قاطعا للمشروع الأمريكي/الحقيقي/لأسباب بنيته وآلية وجوده وفعله التدميري لمكون المنطقة،وطالما أن هناك رفضا للمشروع الإيراني/المُفترض/على الرغم من دعمه اللامحدود للمقاومة التي يمكن لها أن تُزلزل المنطقة بصناعة أمل كان مفقوداً قبل هذه المعارك الأخيرة، وهذا ماصار جليا في المنطقة كلها عبّر عنه حراك شعوبها، فطُرحت مشاريع ثورية كانت نائمة نتيجة إحباطها.
طالما يتم رفض المشروعين يسأل المرء هل من مشروع تلده المنطقة؟ وهل تتوفر في المنطقة مقومات هذا المشروع الذي يحل مشاكلها ويرسم لمستقبلها...هل لديهم مشروع نهضوي مؤسساتي عملياتي يمكن له أن يرى النور ويفعل في المنطقة مافعلته المقاومة اللبنانية.....أم ننتظر جيلاً آخروقرناً آخر من الهزائم وجديد الهرولات،وفي هذا أذكر عبد الناصر حين قال:كفانا هتافاً أيها الأخوان فماذا كانت النتيجة، هل سنعود إلى التراقص والتهليل،هل سنعود إلى التهريج.
بعد تجربة حزب الله النوعية في البناء السياسي والعسكري والاقتصادي والتي صار يعرفها كل من عمل في المؤسسات السياسية(قومية،ماركسية،ليبيرالية،اسلامية) والعسكرية والاقتصادية، بعد هذه التجربة لم يعد يرى من عمل في هذه المؤسسات تجاربه الماضية غير وهم من تجارب، لم تكن بانية بل صانعة للكثير من التدمير للبنى التي حققت هزائم لم يعد مقبولا تكرارها، وإن تكررت ليس لها من تفسير غير الخيانة،وببساطة صار المواطن العربي يقول: نريد حزباً سياسيا على طريقة بناء حزب الله في السياسة والاقتصاد والدفاع وإلاّ سيبقى كل بناء عداه تنظيراً وثرثرة و((جز سوالف)) خاصة وأننا أمام عدو شكّل مشكلتنا بكل تفاصيلها،ففرض الصراع معياراً واضحاً لا لُبس فيه.
وختاما:
إن لم تتوفر لدينا مقومات مشروع نهضوي علينا أن نشارك من يستطيع مساعدتنا على توفيرها، ليس من خلفيات دينية أو مذهبية على حساب شعبنا، بل من منطلق مصالحنا معاً،وإن كان شريكنا إسرائيلي الهوى، لن يخدمنا هذا الشريك بل سيتآمر علينا خدمة لهواه الذي هو عدونا....وأمريكا هواها اسرائيلي بتصرف والكل يعرف ذلك،وبالتالي فشرق أوسط جديد بوشي الرائحة والطعم واللون يُسمّم منطقتنا بأطفالها ورجالها ونسائها وزرعها ومياهها وكرامتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل