الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علي وياك علي

زكي رضا

2021 / 7 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


تعرِّف معاجم اللغة الغوغاء من أنّهم: السِّفْلة و الرِّعاع من النَّاس؛ لكثرة لغَطهم وصياحهم، والغوغاء كإسم هو صوت الجراد القادر على الطيران، ويبدو أنّ اللغة العربية في وصفها الغوغاء بالجراد كأنّها إنبعثت من العراق وليس من شبه الجزيرة العربية، فغوغاء العراق اليوم كالجراد في هتافاتهم خلف كل فاسد زنيم، وهم من سيحوّلون العراق الى صحراء بلقع.

ولأنّ الغوغاء هم خليط من السِّفْلة و الرِّعاع من النَّاس، فأنّهم في تصرفاتهم يمتازون بالذلّ والضعف والمهانة، وهم بعيدون عن المعرفة والعلم والفهم وأقرب الى الباطل والضلالة والكذب، وإنتمائهم ليس لبلادهم ولا حتّى للدين بل للعشيرة والمذهب. لذا تراهم ينعقون خلف كل ناعق، ويهرولون بذلّ خلف أي لص وفاسد طمعا بالفتات من كل شيء، وهم قادرون لو تصرّفوا كالأحرار في أن ينالوا كل شيء! والغوغاء غير مرحّب بهم عند ذوي العقول النيّرة كونهم لا يجتمعون الّا لضرر، فها هو الإمام علي يقول وقد جاؤوا إليه بجانٍ ومعه غوغاء: لا مرحبا بوجوه لا تُرى إلّا عند كل سوأة. وهو القائل بحقّهم " هم قوم إذا تجمّعوا ضرّوا وإذا تفرقّوا نفعوا".

لم يجرؤ الغوغاء في العهد البعثي الأسود من الهتاف لغير الطاغية صدّام حسين، فكان هتاف (بالروح بالدم نفديك يا صدام) هو هتافهم الذليل وهو يخطب بهم، وهتافهم الأذّل وهم يستمعون الى خطاب أي قيادي بعثي آخر غيره!! أمّا اليوم فنفس الغوغاء الذين كانوا يهتفون بحياة المجرم صدام حسين خوفا وذلّا، تراهم يهتفون خلف كل صدام جديد وهم كثر ذلّا وذلّا، كونهم يستطيعون وقد تغيّرت الظروف في أن يضعوا الخوف جانبا لو أرادوا، لكنّه الإذلال الذي يصبغ نفوسهم وأرواحهم ويمنعهم من أن يكونوا أحرارا قادرين على كسر النير الذي يطوّق رقابهم والذي صنعوه بأنفسهم!! ولأنّهم عبيد للعشيرة والمذهب فأنّ شعارهم نابع من عادات العشيرة وما يبيعه لهم المعممّون من ذل وتخلف وفقر وجهل من دكّانة المذهب، وكأنّ الدين لا يمتلك الا أمثال هذه البضائع الرديئة والفاسدة لتُعرض في هذه الدكاكين الموبوءة؟ ولأنّهم لا يجرؤون حتّى على شراء هذه البضائع الفاسدة بأنفسهم، فأنّ رجالات الأحزاب والعصابات الإسلامية يعملون كدلّالين في سوق الهرج هذا ليبعونهم إيّاها، شرط أن يكون معها هتاف فيه ضياعهم وضياع مستقبلهم وأطفالهم ووطنهم!

" علي وياك علي" هو الهتاف الأثير على قلوب الغوغاء وهم يهرولون كالجراد خلف كل فاسد ولص وقاتل. " علي وياك علي" دلالة قاطعة على أنّ الغوغاء يعشقون العبودية، لأن ما من حر يرضى أن يُسرق ويُقتل ويُذَل، ثم يهرول خلف الذي سرقه وقتله وأذلّه هاتفا " علي وياك علي". الغوغاء وعبوديتهم هم بالأساس جزء من منظومة إجتماعية بائسة نعيشها اليوم، فالغوغاء هم عبيد لزعيم العشيرة وعادات العشيرة، وهم عبيد لرجل الدين وما يبيعه إياهم من وهم وترّهات لا تغنيهم ولا تسمنهم من جوع ، وهم عبيد لسياسيّ يتذكرهم مواسم الإنتخابات فيرمي لهم ما خفّ حمله وخفّ ثمنه، وهم عبيد لرجال الميليشيات والعصابات كون الجبن هي صفة من صفات الغوغاء هؤلاء، وبالتالي نرى الغوغاء هؤلاء يبكون وهم يبجلّون ويقدسّون من يستعبدهم ويذلّهم هاتفين من خلفه ومن أمامه ومن بين يديه " علي وياك علي"!

إنّ الخطر الذي يشكلّه الغوغاء على وطننا ومستقبله اليوم هو في الحقيقة أكبر بكثير من خطورة الدور الذي يلعبه رجال الدين وزعماء العشائر وقادة الأحزاب والميليشيات والعصابات الإسلامية، كون هؤلاء لا يستمدون قوتهم وحضورهم وديمومتهم الا من خلال الغوغاء هؤلاء. أنّ العلاقة بين سلطة اليوم والغوغاء هي علاقة طردية، فكلمّا زاد عدد الغوغاء وكثر صياحهم وذلّهم وجوعهم وفقرهم وبؤسهم كلما كانت السلطة في مأمن من غضب الجماهير الحرّة، كما وأن السلطة تستخدم جيش الغوغاء هؤلاء في قمع أي تحرّك جماهيري يشكل خطرا على سلطتها، بعد أن صادر المذهب عقولهم الخاوية.

إنّ شعبنا العراقي لن يتخلّص من سلطة الفساد والمحاصصة عبر الإنتخابات مطلقا، بل على العكس فأنّ الإنتخابات هي تكريس لسلطة الفساد والفاسدين. وعليه فعلى شعبنا أن يختار بين أن يحيا حياة الأحرار فيثور ضد الجوع والفقر والجهل والتخلف وإنعدام الخدمات وغيرها الكثير، كالعديد من الشعوب الحرة بالعالم. أو يحيا حياة العبيد وهنا عليه أن يثور أيضا ضد سلطة اباطرة الإسلام السياسي لنيل حريته، والتاريخ الإنساني مليء بإنتفاضات وثورات العبيد كثورة الزنج ضد اباطرة بنو العباس وثورة العبيد بقيادة سبارتاكوس ضد اباطرة روما.

عندما يتحول الإمام علي الى شعار يحمي الفاسدين، فأنّ التشيّع كمذهب في طريقه الى الفساد والجريمة. والمشاريع التجارية والصناعية والجامعات التي تمتلكها وتديرها العتبات الشيعية، وتلك التي تمتلكها الأحزاب والميليشيات والمؤسسات الشيعية أو تلك التي يمتلكها رجال الدين، فاسدة كما جميع المؤسسات في الدولة. وهنا علينا أن نسأل من حوّلوا علياً الى بضاعة: هل كان الإمام علي فاسدا ليكون سورا يحمي الفاسدين!!؟

العبيد يثورون لأنهم يمتلكون الكرامة التي صودرت منهم ويعرفون الشجاعة، والغوغاء لا يعرفون الثورة بل ويقفون ضدها ويعملون على إنهائها كونهم جبناء ولا كرامة لهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تشخيص رائع-كيف العمل للتغيير بي حين الشعب غوغاء
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2021 / 7 / 4 - 05:09 )
اي حثاله-ولكن كيف تحول العراقيون الى مجاميع حقيره من الغوغاء تتنافس في تقديم ايات الذل والعبوديه لجهات تتنافس على اذلالها اكثر فاكثر انا اتذكر في 1940 حينما كان عدد العراقيين حوالي 3ملايين والان اكثر من 40مليون نسمه فهل هذا التغير المي المذهل حول شعب العراق الى ذل مستكين-ام ان -نهوض-الاسلام البشع وقيامه بدور المربي والمعلم حتى في الجامعات التي تحولت الى بيئات موبوءة بالخرافة والجبن والنفاق والتدليس-اقول هل هذا هو السبب في انحدار المجتمع العراقي في النصف الاول من القرن العشرين خصوصا من شعب ديناميكي محب للحياة وجمالها وتقدمه السريع في بداية الخمسينات في التمدن والترحيب بايات من الثقافة المتمدنة مقارنة مع جميع بلدان العرب او المسلمين كما يقال في اللغة الهابطة-وقد كان شعب العراق في الطليعة في النضال من اجل التطور-هل السبب يكمن في حرمان الشعب العراقي من قيادة ذات عقل متمدن متحضر ذات افق للتحول الى مجتمع الصناعة والعلم والثقافة الحديثه لان جميع قياداته بما في ذالك الشيوعية كانت في الحقيقة ذيلا ذليلا للاسلام والعرقية ولسفاهة دولة الاقطاع والعبودية والاستبداد دولة المجرم ستالين السوفيت