الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار العالمي يولد من جديد ...؟!

عماد يوسف

2006 / 8 / 10
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


مرة أخرى يثبت هوغو شافيز رئيس فنزويلا بأن هذا العالم لن يوقف وحشيته وينتقل به إلى أرقى شكل إنساني، إلاّ قوى اليسار العالمية، ومرة أخرى يثبت هذا المناضل العتيد زيف وبهتان الطروحات التي يتنطح لها الكثيرون من مروجي الأمركة والليبرالية الجديدة التي أرست معالمها وقوانينها نظم العولمة الراهنة التي تسير بالعالم وقيمه إلى الدمّار المحتم لصالح فئة قليلة جداً من الكائنات البشرية التي تشّرع كل شيء، من قتل وتدمير، وحرق ونهب وسلب لخدمة طروحاتها التي ما عاد كذبها ورياءها وزيفها ينطلي على أحد من البشر ..!
كانت الطروحات التي رماها البعض هنا وهناك من مثقفي اليسار، وخاصة اليسار العربي، هي النبراس الذي ألهم شعائرهم وفكرهم في مرحلة ما بعد انهيار منظومة الدول الاشتراكية بداية تسعينيات القرن الماضي، وذهب بعضهم إلى القول بأن الماركسية والشيوعية والاشتراكية ، مقولات أضحت بالية ولا سوق لها في عالم اليوم، الذي يجسد قيم الإنفتاح والتماهي في الإنتماء الوطني والقومي والإلغاء الثقافي لصالح قيم العولمة التي تلغي الآخر وتحوله إلى تابع لها ولمنظومتها في العمل والتفكير والتصرف، ولأن كانت هذه الطروحات نابعة من النزعة الإنهزامية وحاجة هؤلاء إلى إمام يصلّون خلفه، فإن البقاء اليوم هو لمن راهنوا على القيم المناقضة لطروحاتهم، وأن اليسار العالمي الاشتراكي والماركسي هو الرهان الوحيد على خلاص البشرية من مأزقها ومآسيها التي تتسبب بها هذه القوى من خلال الحروب وخلق الصراعات والنزاعات في كل بقعة من بقاع الأرض ، نرى هذا التحول جلّياً واضحاً في العديد من بلدان أمريكا اللاتينية اليوم، وقد يكون لفنزويلا ورئيسها شافيز الفضل الأكبر في إعادة إحياء الأمل لدى شعوب العالم الضعيفة والمسلوبة الإرادة في إعادة إنتاج ثقافة جديدة، تتمثل في التأني وعدم الرضوخ لقوانين النظام العالمي الجديد الذي كرّسه أباطرة النفط ورعاة البقر في تكساس، وأسس له رأسمالي العالم المعاصر في أوروبا وأمريكا كنتيجة حتمية من نتائج انتصار الرأسمالية العالمية في معركة من معاركها على النظام الإشتراكي العالمي ..!
يمكن القول " بعد الموقف المشّرف للرئيس شافيز بسحب سفيره من إسرائيل احتجاجاً على القتل والتدمير الذي تمارسه إسرائيل بحق اللبنانيين"، يمكن القول بأن اليسار العالمي قد خسر معركة من معاركه مع الامبريالية العالمية، ولم يخسر حربه معها، والحرب مستمرّة، فالقضية ليست قضية نظام رأسمالي ونظام اشتراكي، إن القضية هي قضية صراع أزلّي بين العدل والظلم، وبين الحق والباطل، وبين الموت والحياة، وبين القيم الإنسانية والقيم المتوحشة، وهذا لا يمكن أن ينتهي بجولة عاشتها البشرية خلال بضع عشرات السنين، بل قد يمتد مئات ومئات السنين، والصراع لم يكن قد بدأ مع حركة الشيوعيين العالمية وطروحات ماركس والبيان الشيوعي في منتصف القرن التاسع عشر، بل هو يمتد في التاريخ أبعد من ذلك بكثير، من ثورة نتف التي قامت ضد طغيان وظلم الفراعنة، إلى ثورة العبيد مع سبارتاكوس إلى ثورة القرامطة في الإسلام وأبو ذر الغفاري وعلي بن أبي طالب صاحب المقولة الشهيرة : " عجبت لإمرىء ينام جائعاً، لماذا لا يخرج للناس شاهراً سيفه "، هذه المقولة على تواضعها في زمنها وسياقها التاريخي، ولكنها تحمل الكثير من معاني العدالة الإنسانية، وقيم الحق في أن يعيش الناس جميعاً بشروط أكثر عدلاً واستقراراً في هذا العالم، وأن تكون هذه الشروط مبنية على منطق التكافؤ في الحقوق، والتكافؤ في فرص العيش والتنمية والتعليم والأمن العالمي وذلك بغض النظر عن كبر مساحة هذه الدولة أو تلك، وقوة جيوشها أو ضعفه، حتى لا تتحول البشرية إلى غابة يفترس فيها القوي الضعيف ..؟
إن البشرية اليوم تقف أمام امتحان من أصعب الامتحانات التي تمر بها في تاريخها المعاصر، وقد تكون حرب إسرائيل على لبنان" على محدوديتها الجغرافية والسياسية" من أهم معالم هذا التحدي، فهي تشكل صورة واضحة ً لأسلوب إدارة العالم وتناقض مصالحه مع مصالح غالبية دول العالم الثالث، أو بتعبير أدق مصالح دول الشمال عن مصالح دول الجنوب، وتبين بشكل ملموس كيف تسّخر هذه الدول المنظمات الدولية العالمية لحساب مصالحها، وكيف أن هذه المؤسسات والمنظمات لا يمكنها أن تخرج عن إرادتها وسيطرتها على القرارات التي تتعلق بمصالح هذه الدول، فإذا كانت هذه المنظمات لا تستطيع أن تلعب دور الضابط لجماح هذه القوى، والتي من المفروض أن تكون هذه إحدى مهامها التي تأسست من أجلها، فمن سيلعب هذا الدور ..؟!
لاشك أن شرفاء ورجالات للتاريخ سيتنطحون لدور كهذا، مثل هوغو شافيز وغيرهم من القوى اليسارية الديمقراطية، مع التأكيد على مفردة الديمقراطية، كشرط أساسي من شروط قيام هذه القوى، هناك المنظمات العالمية المناهضة للعولمة التي بدأت في سياتل وغيرها، هناك أيضاً من استفاق أو سيستفيق قريباً من حلم كاذب لديمقراطية النظام العالمي الجديد، الكاذبة، والملّونة بدماء الناس في أفغانستان والعراق وفلسطين ولبنان وغيرها من بقع في أنحاء العالم، هناك أيضاً أحرار العالم الذين لا يرضون الذ ّل والتبعية والإلغاء واجتثاث جذورهم من أرضهم، وهناك من يدافع عن حقه في الحياة، وفي الطعام، والشراب، وحقه أيضاً بأن ’ينادى بإسمه الحقيقي، دون أن يأتي من يغير له هذا الإسم ...؟؟!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في