الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفكر الشيوعي وجدلية التغيير المدني في مظهر حياة المرأة داخل العراق، بخمسينيات القرن الماضي !!

عدنان سلمان النصيري

2021 / 7 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


قبل حدوث التغيير إلى النظام الجمهوري باواخر الخمسينات من القرن المنصرم، امست المرأة في العراق ، بأمس الحاجة لمن ينتشلها من واقعها المرتهن لسياسة التهميش بظل المجتمع الذكوري المتوارث وسياسة الاقطاع والطبقية البغيضة في زمن الملكية، حتي حدثت الانفراجة النوعية نحو توسم المجتمع المدني بحدوث الثورة التموزية سنة ١٩٥٨. والتي أخذت على عاتقها مهمة تحقيق أهدافها في النهوض، وذلك من خلال اصدار قانون الاحوال المدنية سنة ١٩٥٩ بمطالبة نشطة من رابطة حقوق المرأة. والذي قوبل بمعارضة داخلية عنيفة من قبل العشائر العراقية، التي كانت تتبنى الفكر الرجعي بالموروث، وكذلك من قبل المعارضة السياسية المؤتلِفة يومذاك ضد الفكر الشيوعي ومؤيديه من اتباع مناصري الثوره وزعيمها عبد الكريم قاسم ، من أجل التسقيط السياسي بالساحة وبقيت هذه المعارضة تتسع بقاعدتها يوما بعد يوم مستمدة نشاطها من ائتلاف الضغائن وتصفية الحسابات من اجتماع بعض التيارات السياسية المناهضة للثورة ومنجزاتها والداعمين لها، وهم المتمثلين حصرا بسياسة الإقطاع والبرجوازية، كركائز لاستعادة سلطة اطيح بها بعد القضاءعلى النظام الملكي. حتى ليتحولوا كقوى مارقة في الاختراق لتنظيمات قوى أخرى معارضة سبق لها وان انشقت عن مشروع قيادة الثورة. وبذلك الاختراق كان الهدف منه اضفاء الشرعية عليها بممارسة عملها السياسي داخل الشارع العراقي، تحت سقف عارم بالفوضى . حتى اخذ الجميع يرفعون شعارات تتشدق بالوطنيه والعروبية والاشتراكية والتقدميه المناهضة للرجعية بالمنطقة وخصوصا من داخل تنظيمات القوميين العرب والبعثيين، ولم تكن مثل تلك التيارات المذكورة وهي تخوض المنافسة على استقطاب الشارع العراقي تمتلك الاصرار والنزعة الجاده في ايدلوجياتها السياسيه بتبني حركة النهوض لواقع المرأة بشكل فعال سوى التهويش والتطبيل المفتعل بهذا الاتجاه، على عكس المؤيدين للفكر الشيوعي داخل العراق، وهم اكثر حماسا واندفاعا، وبشكل مبكر وعلني بعد نجاح الثورة، وطبيعة استلهام افكارهم من الماركسية في النظرية والتطبيق. مما احدث زلزالا داخليا قويا سبَّبَ التصدع الكبير بالعلاقة مع كل مناوئيهم داخل المجتمعات العراقية، وبعد ان صاروا ينادون بأعلى الأصوات بالتحرر من الموروث القديم، وبأهم عناوينه في الحجاب وبرمز (العباءة)، التي كانت تعتبر عائقا متحديا في ممارسة ميادين التعليم والعلم والعمل. بعد ان أصبحت المرأة مشمولة بهذا التطلع وبشكل مباشر في كل قطاعات الشعب ولم تستثنى من الاولية الطبقة الكادحة في المجتمع، وخصوصا النازحة توا من الارياف الى المدن، وبعد ان كانت العباءة لديها تعتبر إحدى العناويين المقدسة للحجاب أسوة بطبيعة كل أهل الريف، َوكذلك قسم كبير من الاسر داخل المدن بالرغم من الحاجة الملحّة للتغيير، بتحقيق آمال المرأة العراقية في قبول الفرص الذهبية التي ستنتشلها من براثن الفقر، والتخلص من التقوقع والتهميش مع كل أسرتها وأولادها وهي ترنو لغد مشرق افضل. وهذا ما توصلت اليه النوايا كأهداف مرحلية في قسم كبيرة من النساء فعلا. بعد ان وجدن بتطلعاتهن ان العباءة لم تكن مبررة، ولو بالتخلي عنها في حيز محدود بأوقات دوام عملها الرسمي ، وهي تكسر الحاجز النفسي بممارسة تجربتها في فرصتها الجديدة بشروط التعيين وممارسة عملها الجديد خلف الآلة وتؤدي مايفرض عليها من شروط الأمن الصناعي بالتجرد من أعباء ملحقات الحجاب داخل المصانع.
وكذلك عند قيامهن بتأدية مهماتهن الوظيفية في دوائر الدولة الإدارية والخدمية، أو خوضهن معترك العلم والتعليم في التدريس والدراسة. حتى اصبح التخلي عن العباءة ضرورة قائمة، وهن يؤدين مهماتهن المهنية اوالوظيفية او التعليمية تحت مرأى الرجال، سواءا من المراقبين والمشرفين أو المفتشين التربويين أو المحاضرين او اي زائر مسؤول من الجنس الاخر… الخ.
إضافة إلى مشاركتهن غير المسبوقة في الزمالات والبعثات الدراسية، خارج البلاد، بعد ان اصبحن مهيئات للتخلي من مظهر العباءة كموروث طيلة فترة معايشة الاغتراب. كل ذلك كانت أسبابا ودوافع للمضي في انتهاج ظاهرة عصريه جديدة بدأت تأخذ حيز التطبيق، وبشكل نسبي متفاوت بين اكثر البيوتات العراقية، وبدون تمييز لأي انتماء سياسي او فكري بعينه. ولا يفوتنا ان نذكر تجربة مهمة و يجب التركيز عليها. بعدما اخذت المرأة تشارك الرجل بحمل السلاح دفاعا عن مكاسب الثورة ومنجزاتها، ومنذ الأشهر الأولى للثورة وخصوصا للفترة المحصورة مابين الايام الأولى لثورة تموز، وتجريد الحزب من مواقعه للتوازن بالسياسة مع المعارضة في أواخر١٩٥، وحتى حدوث الانقلاب على حكومة عبد الكريم قاسم في شباط. وبعد ان صارت المرأة ولاول مره تمارس التدريب على السلاح في المواقع والساحات العامه للمدن، وبمرأى من الجماهير، وهي ترتدي البدله الكاكي مع اعتمار الكاسكيت على الشعر السارح ، واضعة مسدسها بحزامها و تسير بشموخ وتحدي مدفوعة بدعم التحفيز لأفكارها الليبرالية، غير آبهه لانظار تعطش المجتمع الذكوري بين ازدواجية الاعجاب والازدراء، وهي تتنقل في تجوال واجباتها المسائية والليلية داخل الحارات والازقة ، لممارسة مسؤلياتها بالحراسة، جنبا الي جنب مع رفيقها الرجل الذي صار يحمل مسؤولية مزدوجة في حماية رفيقته من الاستفزاز والتحرش، وخصوصا من زعران الذكور. المدفوعين بغي جهلهم وتأثرهم بسياسة التسقيط في مجتمع لايزال محتاجا للكثير من ثقافة الوعي والانعتاق من أسر الموروث، للتماهي مع حركة الانتقال للمدنية الاجتماعية الخلّاقة.
ومن المفارقة التي تثير التندر، وبعد ان اثبتت التجارب بان اكثر المعارضين للفكر الشيوعي، قد تبنوا افكارا مشابهة، أو اكثر تطرفا بممارسة ظاهرة موضة السفور فحسب في ظل التقوقع داخل الأفكار الرجعية المناهضة لدور المرأة الفعال بنهوض المجتمع، أثناء توليهم السلطة في منتصف الستينات، وحتى قيام الحملة المسيسة، باسلمة الدين في أكبر محاولة يائسة في الخروج من الازمة الاقتصادية الداخلية نتيجة الاستنزاف الحربي للاقتصاد العراقي ، ومحاولة القيام باحداث التوازن مع سياسة دولة الفقيه كشروط مفروضة بقوة، بهدف تعجيل إيقاف الحرب العراقية الإيرانية، والتي اطلق عليها في يومها،بـ (الحملة الايمانيه) جزافا قبل منتصف الثمانينات.
الكاتب
عدنان النصيري/ السويد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت