الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دموع السنيورة

عبدالمنعم الاعسم

2006 / 8 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


رجلُ دولةٍ لم يتحمل مصاب اهله ووطنه فطفرت الدموع من عينيه، واجهش بها ثلاث مرات وهو يتحدث في محفل اقليمي، بلغة بسيطة مباشرة، خالية من عنتريات الخطاب العربي الشوارعي، بريئة من لغة التجييش الكاذبة و”الان، الان..وليس غدا” زاخرة بالعفة والتواضع واحترم النفس، نائية عن الهبوط الى مستوى الاستجداء والاستخذاء، وعن المزايدة اللفظية، وازجاء النصائح للاخرين، متمسكة بالوطن والقضية والحياة من دون ادعاءات التحدي الفارغة، او رفع شارة النصر فوق جثث الضحايا وعلى الخرائب التي خلفتها الجريمة.

الدموع التي طفرت من عيني السنيورة كانت صادقة وعفوية وواضحة ونقية، وكان الرجل، وهو خبير مالي واقتصادي مرموق، لا يمثل مهنة المايسترو صاحب الجيوش والصواريخ عابرة الحدود، فهو كما هو واضح لا يجيد التمثيل، ولا يتصنع دور الزعيم الملهم الذي تنتظره الامة، فهو ليس بارعا في صناعة النجوم.

لقد نأى السنيورة عن الشعارات التي ادمن عليها الجمهور والهتافون في مثل هذه الظروف، فلم يكرر في كلمته نشيدا استهلاكيا اعلاميا تقطعت انفاسه عن”الحكام العرب” و”الضعف العربي” و”خذلان الامة” و “الهباء العربي” فهو تحدث بامتنان، وحياء فائض، عن موقف الدول العربية وتعاطفها، والمساعدات والنجدات التي تلقاها لبنان منهم، وحاذر ان يخدش احدا، وكأنه يريد ان يقول انها ليست ساعة الحساب او مناسبة العتاب.

احترمَ السنيورة دم ابناء وطنه الالف الذين سقطوا في القصف الاسرائيلي العدواني، وعشرات الالاف الذين هدت منازلهم على رؤوس اطفالهم ونسائهم، ومئات الالاف الذين اضطرتهم الحرب العدوانية على الجلاء عن بلداتهم واحيائهم ووطنهم، وعدّ ذلك بمثابة نكبة مروعة لبلاده وليست مناسبة للصعود الى وظيفة مهرج، او فرصة للتمرين على الخطابة والزعيق وادعاء البطولة والفحولة ورباطة الجأش، وكان قد قدم مثالا حيا لفروض الانضباط ازاء الاسئلة المشاكسة التي لم يحن وقتها، بل انه اعلن بان اللبنانيين موحدون في هذه اللحظات التاريخية بمواجهة استحقاقات وقف العدوان فورا، واستخدم في ذلك جملة من العبارات المكثفة والمتوازنة والمشبعة بروح المسؤولية والارتقاء على الجرح.

لم يقل رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة في لقاء وزراء الخارجية العرب صباح السبت الماضي، انه بريء من المسؤولية عما حدث لبلاده، وانه لم يكن سببا ، ولا ذريعة، للحرب عليها، كما لم يقل انه حذر الطبقة السياسية اللبنانية من التلاعب في خيار السلاح ودق طبول الحرب والمغامرات العسكرية، ولم يقل ان لبنان استُخدم من قبل اطراف اقليمية ساحة لتصفية حسابات، او لتمرير رسائل، او لعرقلة سياسات، ولم يقل بان اللبنانيين يدفعون فاتورة صراع خارجي لا علاقة لهم بها.. غير ان دموع الرجل قالت كل ذلك، بفصيح الكلام.



ــــــــــــــــــــــــــــ

..كلام مفيد

ـــــــــــــــــــــــــــ

“نحن ضحية لأخطائنا الكامنة في تفكيرنا”.

فؤاد زكريا











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأثير مقتل رئيسي على المشهد السياسي في إيران| المسائية


.. محاكمة غيابية بفرنسا لمسؤولين بالنظام السوري بتهمة ارتكاب جر




.. الخطوط السعودية تعلن عن شراء 105 طائرات من إيرباص في أكبر -ص


.. مقتل 7 فلسطينيين في عملية للجيش الإسرائيلي بجنين| #الظهيرة




.. واشنطن: عدد من الدول والجهات قدمت عشرات الأطنان من المساعدات