الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيدة شعرية .. دولة البوليس ، دولة مرعوبة ، تخشى ظلها .. لانها دولة من الفخار سهل التشقق ، سهل التكسير

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2021 / 7 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


( 1 )
دولة الرعب والخوف .. دولة الاستبداد والظلم ..
دولة هكذا دولة .. دولة رخاوة ، دولة من الفخّار .
انها دولة من الفخار المُزخرف
دولة من الشفاعات بالموتى
وردّ الشفاعات بالموتى
دولة من الاوسمة التي يأخذها البوليس السياسي ..
من يعذب عمدا .. ومن يقتل عمدا ..
يأخذها من يطبخ المحاضر البوليسية
لرمي الناس ظلما في غياهب السجون المظلمة ..
اوسمة يأخذها العسكر ، والجدرمة ، والحرس الملكي ..
وكل الوحدات الرديفة ..
دولة تفيض بالأوسمة التي يأخذها كل قاتل ..
وكل اختصاصي بورنوگرافي ..
اوسمة يأخذها الرديء وما دون الرديء
هدايا القتل المتقن والرعب العمومي ..
وحيطانها مبكى كل الناس ..
دولة من الفخار المزخرف ..
ان ضمّها الطغاة انكسرت ..
فاختلطت اوراقها بنبيذها ، باللبن الذهبي فيها ..
ولم تسق جريحا مُلقى في الشارع الدموي ..
دولة في الحقيقة عصابة وليست بدولة ..
...............................................
( 2 )
وكل دولة لها زلزالها ، وبراكينها ..
وموسم الفيضانات فيها ..
لكل دولة إله يغضب ان عصته جواريه
او امحلت فحولته ..
نزقا ان اغلقوا بابه خوفا عليه .
او فتحوه كي تأتي شكاوى الناس ..
ودولتنا تشكو من زينتها ..
من سحنتها التي وردّها البحر
دولتنا انقسمت لونين اثنين :
اللون الأسود واللون الكاكي المغلوق .
والدولة التي ألفت موتها ..
والدولة التي لا الف لون لها ،
لتتويج الزهرة فيها
وضحكة في وجه الطفل فيها
ومد الاكف للصبح فيها ..
دولة في الحقيقة عصابة وليست بدولة ..
............................................
( 3 )
قال الحكماء يوما : بَنيّ ،
لا تعمروا مدنا في عصر من يهوى الخراب ..
لا تحلموا بالنوم في ظل السقوف
ولا تفرشوا ارضا بثوبٍ ، فقد ولى أوان الثياب ..
لا تتبختروا في الشارع الرسمي مثل العاشقين ..
غطوا تآلفكم ..
خبّئوا القبلات في المنفى
فروائح التقبيل تغري خياشيم الذئاب ..
انتظروا مرور العسف تحت الأرض ..
وترقبوا المنفى ..
ولا تعمروا مدنا في عصر من يهوى الخراب
...................................................
انه المنفى يا صاحبي
مُلئت بالكدمات تلك التي رأيتها بالأمس ..
تصب الشاي للآتين .. قُتلت تحت باب
الغد الآتي ..
....................
هذه دولة مغلقة كزهرة من غبار مظلمة ..
كما لو انها اختبأت في معطف من صخر
لا كهرباء فيها ..
ولا ماء للجرحى
ولا تخفي عارها ..
هذه دولة مثل عار قديم ...
مقل حب قديم مضى عنوة ..
دولة في الحقيقة عصابة وليست بدولة ..
( 4 )
علقوا بالأمس وساما ..
من الطلقات في صدر الشاعر ..
رصدوا دمه للمجهود الحربي ..
وقالوا : مات شهيدا ..
عذبوه طويلا .. ومات شهيدا ..
قالت امه :
تفتّح مُراً في طفولته ..
فجاء مريراً الى وطن قصير ..
وقالت بنته الصّغرى :
بابا مسافر ليرى صديقه الموت ..
والمشيعون الصامتون ..
اكثروا من الريحان والتّلفّت للخلف ..
موكب الموت مهيب إنْ كان في ظل البنادق
والقاتلين ..
قال الشاعر :
انّ الصمت مهزلة ..
ومن يصمت يشمت بالقتلى ..
قال الطغاة المستبدون :
علّقوا صوته بحبل سٌرّته ..
وأعِدوه الى النهر جثةً ..
وليخْتف هذا النحيب ..
وقال الناس :
أميلوه قليلا كي لا يروه وحيدا ..
وعلقوا صوته في الصدر ..
او علقوه في وثر الرّباب ..
..............................
دولة ترامت أطرافها ..
وللأسف استبيحت حدودها
وغشّت نبيذها ..
دولة قمعية لم تحتمل ان يصرخ
في وجه طعنتها شاعر ..
ان يجرب صوته في حمام الدم المسفوك
دولة في الحقيقة عصابة وليست بدولة ..
( 5 )
يُبدّل هذا الهواء شهيقي بفحم ..
فأغفوا على حلم الهواء النقي والخط
في الصبح ان لا يكون امام بيتي قتلى صدفة ،
او امام قلبي الدم صارخا بضميري .. أرفو رئات الناس
بالكلمات فتدفعني الى المدن التي فقدت امنها ..
تقاريرهم معلنة اني شهدت زورا .. فقلت ..
ان صوت الصراخ موجع ، وان المدينة قد خلت من اهازيجها ..
والتاجر المزود بالنياشين افتتح الليلة ..
دكانا لبيع الدم .. دم القتيل المغدور ..
دم حسن الطاهري المغدور ..
يأتي الفقراء اليه فيجسّهم ( جسّ ) نخاس يرتدي الأبيض .
يصنف الزّمر المرغوبة .. يسحب منهم من أبهرهم ..
ما أمكنه ، يحاسبهم بالقليل عن الكثير ، خلف ستار لا يرى خلفه احد دمه ...
ثم يمضي الفقير الى الشارع اصفر الوجه ويشتري لاولاده ..
سِتّواقْ ، او رابْعة من الكرْشة من سوق الكلب الرخيص ...
يغشه تاجر آخر اصفر مثله ..
ثم يأتي الى البيت ميتاً ، ليطلب في اول الصبح ..
من يفتش منزله بحثا عن مخابئ مشبوهة لجِرار
السمن والعسل المصفى ، وبقايا قطع من تاريخ امته المجيد ..
.. أنا أرفو جزء من الحكاية المُرّ كي لا تصبح ..
الشكوى صراخا .. فيطلب من يصرخ متهما بإقلاق ..
الراحة والامن العام ..
إنني هكذا – مثل (دولتي) ..
أغشّ نبيذي ..
أ دولة هذه ..
ام اساطير من الشرق القديم ؟
ام حدّ سكين مشى الحفاة عليها ..
باسم الصداقة ، والابوة ، والبنوة ، والنيابة
عن الشعب الغشيم ؟
دولة هذه لا يذكرها بالخير ساكنوها ...
دولة في الحقيقة عصابة وليست بدولة ..
( 6 )
هذا هو العصر – عصر الانحطاط الكبير ..
منفضة انفعالٍ قديم
أدوات لا اعرفها امام المرايا
وانتِ كنت حينا معي كدواة
الى جواري .
حزينة مثل قوس وغزالة ..
امامي .
وليس في عيني ضوء للخُطى
التي خلفتها الجبال ..
كنّا معا عصفورين من شجر وماء ..
عزّ في الظهر ماء الحياة
فكنا معا ..
عصفورين من شجر وماء
هكذا خُلق النهر والظل في العهد البعيد ..
هذا هو العصر الجليل مكرر
كثرت انيابه في لحم الرئات
لم يتنفس حبنا ..
كثر الشوك في تاج الصبا
فغدونا شهداء
فرقتنا كرة من لهيب ..
فانقسمنا وغدونا ضفتين ..
.......................
هذا هو العصر
دولتنا ساومته في السوق
فلم تربح سوى خسارتها
غازلت قوة الأشياء فيه
فامتلأت صدور الحاكمين ضواء
فلعقنا سيفها المكسور كي نخفي عارها
فذبحنا مرتين ..
..................
بلادي / بلادي غير بلادي
هاتوا اذن ...
جمالها الفريد ومجدها
وغرتها وكل ما فيها من خصال ...
شمسها البيضاء ، وجبالها وهواءها
و طغاتها ، والجبر والعف الذي كثر
فيها ..
هاتوا قمحها ولعابها
والبنات الجميلات فيها ..
وكل ما فيها .. حتى حلمها
وامزجوا عسلا في كأسها
وانتخبوا منها افضل ، أرأف ، اوسم ،
اسفه ، أهدأ .. طاغية تجدوا :
أن المدن التي احببنا ملئت غربانا
وان الموتى افضل من احياءها
والاعلى اسفل تحت السقف
السيف اعيد اعتباره
فاصطف خلف الرقاب ..
خارجا من متحفها ..
طغاة بلادي صنفوها من بين الوحوش
زيفوها حتى تكبر فيها عقوبتنا
حتى تصفر فيها كهولتنا
حتى تغدو بلاد تحكمها دولة .. هي في الحقيقة
عصابة وليست بدولة ..
( 7 )
وكلما رفعت يدي للسلام على الناس
تذكرت ان الحقائب ما زالت ملفوفة
وان النسيم خلا من رائحة الجثث المتروكة
في ارض دولة
دولة تحكمها في الحقيقة عصابة وليست دولة
...........................
يتبعني ظلي ..
أحاوره كالمجنون لأقنعه
ان الرحيل الى مدن أخرى
وبلاد أخرى
افضل من مشهد مقبرة
تزحف يوميا لتصحر هذا العالم ..
يتبعني ظلي :
ان المدينة ، او المقبرة ، او العدائين
او الذكرى .. سوف تلحقك أينما ذهبت
فهذه الجثة البيضاء .. بلادنا
لم يزل فيها لبن على حواف الثكنات
وفيها تعددت أوجه الموت ، والموت واحد
وعلى ضفافه تجري الحياة .
هذه بلادنا تعبت من هوانا وهواننا ، فأقفرت
وصنفت بين الوحوش
بلادنا صبية الصيف الجميل .. مربض خيل الطغاة
اتسعت يوما لتدفن ابناءها
وحين ضاقت عصرت نوم القاتلين ..
فأرّقهم دمها ..
كبرت بلادنا فجأة ..
فضايقهم ان قامتها اعلى ، وانها لكل الناس
ولديها متسع من الوقت لتبديل حكامها المغتصبين ،
وتنويع الوانها ، ونكهة الحب في القلب ، ولثغة العدل في توزع الضوء ..
ضايقتهم انها كبرت فينا لتصغر فيها عقوبتنا ،
وقد مزجت في كأسنا مرارات . فصحنا : يا بلادنا ..
يا غطاء الرأس .. يا صندل الحزن .. يا نزيك الروح ..
يا استدارتنا الغضبى ، و يا مخدات عودتنا ..
يا بلادنا .. مدي ذراعيك
رحيبين اكثر
الى اعلى ..
والى الأصغر
الى اليمين
والى الشمال
مدي يديك الى اقاصي الآن
ونظفي اسناننا من دمنا
يا بلادنا ..
يا أيها المخمل البري
ويا ايتها الصلبة القاسية
مثل شاهد القبر
انت مثل ناي طويل طويل
ينفخ فيه الناس
لكي ينسوا انك قاسية
فيعيد اليهم صدىً غامضا ..
كالصرخات في الوديان
أنك على راسك دولة في الحقيقة هي عصابة وليست بدولة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا استبعدت روسيا ولم تستبعد إسرائيل من مسابقة الأغنية -يو


.. تعليق دعم بايدن لإسرائيل: أب يقرص أذن ابنه أم مرشح يريد الحف




.. أبل تعتذر عن إعلانها -سحق- لجهاز iPad Pro ??الجديد


.. مراسلنا: غارة إسرائيلية على بلدة كفركلا جنوبي لبنان | #الظهي




.. نتنياهو: دمرنا 20 من 24 كتيبة لحماس حتى الآن