الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزب الشيوعي العراقي والتحالفات !.. .

صادق محمد عبدالكريم الدبش

2021 / 7 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


الشعار القديم والذي تبناه الحزب وقائده الرفيق فهد من تأسيس الحزب في 31 أذار 1934 م [ قووا تنظيم حزبكم .. قووا تنظيم الحركة الوطنية ] .
الحزب خلال مسيرته الكفاحية والنضالية ، عقد عدد من التحالفات بينه وبين القوى السياسية العراقية ، وكانت ثنائية أحيانا ، وأحيانا أُخرى مع عدد من القوى الوطنية والتقدمية العراقية .
ومنها ما كان تحالف تكتيكي لتحقيق هدف أني ، ومنها ما كان تحالف استراتيجي وطويل الأمد .
ومن أهم التحالفات التي تمت بين الحزب والقوى الأُخرى هو تحالف جبهة الاتحاد الوطني في مطلع شهر أذار من عام 1957 بين الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بزعامة كامل الجادرجي وحزب الاستقلال بزعامة محمد مهدي كبة وحزب البعث العربي الاشتراكي .
الأحزاب القومية العربية رفضت طلب انتماء حزب الديمقراطي الكردستاني للانضمام إلى الجبهة لاعتبارات قومية .
وقد أثر الحزب الشيوعي العراقي وحرصا منه على وحدة قوى شعبنا الوطنية المعادية للاستعمار ، والتي تؤمن بقيام نظام وطني ديمقراطي في عراق مستقل واحد ، فقام الحزب بعقد تحالفا ثنائيا مع الحزب الديمقراطي الكردستاني ، وحرصا منه بعدم إبعاد الحركة الكردية عن نضال قوى شعبنا التحررية .
هذه الجبهة وما تمخض عنها من عمل مشترك ومنظم ، فقد نتج عنه قيام ثورة 14/7/1958 م .
ولكن مع شديد الأسف لم يتمكن هذا التحالف الوطني العريض ، من تحقيق أهدافه والسير قدما نحو بناء دولة وطنية ديمقراطية ، نتيجة تناحر هذه القوى والصراع الدموي بينهم ، والتدخلات الأجنبية والعربية وشركات النفط ، وانفراط عقد هذه التحالف ، والذي أدى إلى قيام انقلاب دموي رجعي وذات سمات ونهج فاشي وإرهابي ، قاده البعثيون والقوميون وبمشاركة الإقطاع والقوى المتضررة من إجراءات قامت بها ثورة تموز وهي كثيرة بالرغم من قصر حياة الثورة التي عاشتها ، وهي أربع سنوات وعدد من الشهور .
انقلاب شباط الأسود والدموي الذي حدث في الثامن من شباط من عام 1963 م وبتأييد ودعم ومباركة الغرب والشركات النفطية والجمهورية العربية المتحدة والدول الإقليمية .
هذا الانقلاب أعاد العراق الى المربع الأول ، وأحدث شرخ عميق بين القوى الوطنية والحراك الوطني الذي تأثر سلبا بنتائج هذا الانقلاب وما ترتب عليه من استحقاقات على العراق والمنطقة .
ونتيجة لتلك التطورات ، فقد تعرض الحزب فكريا وسياسيا وتنظيميا ، لهزات عنيفة وصراعات داخل منظماته وفي جسد الحزب بشكل عام ، أدى الى الانشقاق الكارثي والعنيف في جسد الحزب من القمة الى القاعدة ومن القاعدة إلى القمة ، عموديا وأُفقيا ، وانعكس سلبا على حياة الحزب وأضعفه الى حد بعيد .
وتعرض الحزب إلى ضربات متلاحقة وعنيفة من قبل الأنظمة المتعاقبة ، وقدم خلال عمره من 1934 م وحتى 2019 م ، خيرة قادته وكوادره وأعضائه ، وقدم الألاف من الشهداء نتيجة بطش وإرهاب الأنظمة المتعاقبة وعلى وجه التحديد عام 1949 م بإعدام قادته الأماجد ومئات المعتقلين والمطاردين .
والفترة اللاحقة من عام 1961م حتى عام 1965 م وما ارتكبته حكومة تموز بقيادة الزعيم الشهيد عبدالكريم قاسم من مضايقات واعتقالات وإرهاب مارسته القوى الرجعية ، دون أن يقوم عبدالكريم قاسم من ردعهم والقصاص العادل بمن يمارس القمع والقتل والإرهاب ، وكان يغظ الطرف عن تلك الجرائم .
وما ارتكبه الفاشيون البعثيون في شباط الأسود كان مروعا ، فقد خاض العراق بأنهار من الدماء الزكية ، التي أريقت على أرض العراق ، وكان الضحايا هم الشيوعيون والديمقراطيون والوطنيون ، وسيق ما يزيد عن 700 ألف معتقل ومعتقلة إلى مسالخ بشرية قل نظيرها في التأريخ الحديث .
وبعد كل ما عاشه الحزب ورفاقه وما عانته منظماته من قمع وقتل وسجن وتشريد وإرهاب ، وتعرض وحدته الفكرية والتنظيمية إلى الانشقاق والتفتت ، تمكن وخلال فترة وجيزة لا تزيد على السنة وعدد من الشهور ، فقد تمكن وبجهد جهيد من قبل الرفاق الحريصين على سلامة ووحدة هذا الحزب العظيم .
تمكن الحزب من الوقوف على قدميه ويعيد الكثير من تنظيماته ، ويعيد نشاطه الجماهيري ويعاود إصدار صحافته والكثير من الأدبيات التي تتبنى قضايا الناس الفقراء وتمس حياتهم وتعبر عن مصالحهم ، لقد كان بحق عملا جبارا نهض به هؤلاء الأوفياء لحزبهم ولشعبهم .
في 17-30 تموز 1968 م تمكن البعث من العودة الى السلطة والاستيلاء على مقدرات البلاد والعباد .
وبعد ما تمكنوا من تأمين مواقعهم وسيطرتهم على مفاصل الدولة ، بدئوا بفصل جديد باستهداف الشيوعيين وحزبهم ومنظماته التي تمت إعادتها في أغلب محافظات العراق .
والفصل الأول بدأ صيف 1969 م باعتقال عزيز الحاج وأعضاء وكوادر القيادة المركزية للحزب الشيوعي وانهيار عزيز الحاج وكاظم الصفار ، واستشهد تحت التعذيب قادة وكوادر هذا التنظيم ومنهم متي هندو وأحمد الحلاق وأخرين .
وفي نفس الفترة عام 1969 م قام البعث بحملة بربرية ظالمة في صفوف الجيش العراقي وتم اعتقال المئات من الضباط وضباط الصف وطلاب الكلية العسكرية والمراكز المهنية في معسكر الرشيد .
وأودعوهم في معتقل سرية الخيالة في الباب المعظم وفي سجون الوحدات العسكرية في معسكر الرشيد ، وسجن أبو غريب ومناطق أخرى .
وبشكل متوازي مع هذه الحملات المنهجية المنظمة ، قام النظام بإطلاق سراح السجناء السياسيين المدنيين ، وليغطي على حملته البربرية ضد من يعتقد بأنهم شيوعيين في القوات المسلحة ، وهي حملة ظالمة تستهدف بالأساس غير البعثيين .
وفي 31 أذار 1970 وبعد توقيع ما أصبح يعرف ( باتفاق 11 أذار مع الحركة الكردية 1970 / ) بمنح الكرد الحكم الذاتي .
فبدأ فصلا من الإرهاب المنهجي الجديد !..
بدأت باغتيال الرفيقين الشهيدين ستار خضر وشاكر محمود أعضاء اللجنة المركزية اللذان تم اغتيالهم في بغداد .
وأثناء الاحتفال بأعياد نوروز واتفاقية أذار ، فقد تم تصفية القائد الشيوعي ورئيس القائمة المهنية للمعلمين وعضو منطقة بغداد للحزب الشيوعي العراقي الشهيد محمد أحمد الخضري ، والذي كان مقررا أن يلقي كلمة الحزب في هذه المناسبة ، فقد تم اختطافه أثناء خروجه من منزله ليتوجه الى الاحتفال ، وتم قتله في سيارته التي ألقيت وهو في داخلها مقتولا ، مرميا على جسر الخضر في محافظة المثنى .
فبدء فصل إرهابي أخر بحملة بربرية واسعة النطاق ، شملت محافظات العراق كافة .
وتم اعتقال الرفيق عضو ل.م توفيق أحمد ( كاك هجار ) والشهيد علي البرزنجي والرفيق الراحل ثابت حبيب العاني ، وحسين نادر عضو محلية كركوك وأخرين . واستشهد تحت التعذيب في تلك الفترة أعضاء منطقة بغداد الرفاق الشهداء عزيز حميد وسبقهم في الشهادة محمد أحمد الخضري ، وكذلك استشهد القائد الفلاحي وعضو منطقة الفرات الأوسط كاظم الجاسم أبو قيود بوشاية من قبل أحد المتعاونين مع الأمن ، وهناك العشرات من الشهداء المغدورين .
وتم اعتقال وتعذيب المئات وهروب العشرات من بطش النظام ، واسمرت هذه الحملة البربرية حتى 16 تموز 1973 م تأريخ الإعلان عن قيام ( الجبهة الوطنية والقومية التقدمية ! ) حينها تراجع إلى حد كبير الإرهاب والملاحقة والاعتقال ضد الشيوعيين وإن كان بشكل مؤقت .
وجاءت فترة إعلان قيام هذا التحالف الغير متكافئ والغير متوازن ( من وجهة نظري ! ) .
البعث الحاكم يمتلك السلطة والسلاح والمال ، والحزب الشيوعي العراقي قد خرج للتو من حملة بربرية ظالمة طالت كل منظماته الحزبية ، ومنظماته الديمقراطية من طلبة وشبيبة ونساء وفلاحين ، وهذه المنظمات كانت القوة الحقيقية لملاك الحزب ورصيده الجماهيري .
ولكن أقولها للحقيقة وللتأريخ !..
بأن الحزب كان بحاجة إلى فترة لاستعادة منظماته وتأهيلها وإعادة الحياة الى جسد الحزب المنهك .
والذي تلقى ضربات موجعة وقاسية ، وتعرضت أغلب منظماته وكوادره الى الأذى وللعنف والإرهاب .
لذلك ومن وجهة نظري الشخصية ، وبالرغم من أن المؤتمر الوطني الثاني الذي عقد في محافظة أربيل في ( دركلة ) التابعة لقضاء روندوز جاء ما يلي [ حزب البعث .. حزب وطني معادي للديمقراطية وللشيوعية ! ] ..
بالرغم من ذلك فإعادة النظر بما جاء به المؤتمر الوطني الثاني والذي أكد بأن حزب البعث ( حزب وطني ولكنه معادي للديمقراطية وللحزب الشيوعي ) فإن ما قامت به اللجنة المركزية للحزب كان صائبا من وجهة نظري .
فالحزب كان بحاجة ماسة إلى فترة مراجعة ومراوحة ولو لفترة وجيزة يتوجه لاستعادة الحياة الى تلك المنظمات ، ليعيد توازنه وتنظيماته التي تأثرت بشكل كبير .
ولكن النهج الذي سار عليه الحزب وتعامله مع مجريات الأحداث لم يكن صائبا ، ولا يتسم بالحكمة ولا ينم عن وعي وإدراك ومعرفة لنوايا البعث الشريرة والمعادية للحزب ، وتجاهله لحقيقة ما يضمر هؤلاء للشيوعيين ، من دسائس وما يريد فعله تجاه الحزب ومنظماته ، ولم يمتلك الحزب أي خطة تكتيكية ، تمكنه من التراجع وحماية منظماته ورفاقه من أي ضربة قد توجه للشيوعيين وحزبهم !..
الجميع يعلم بحجم الاختلاف والتقاطع مع البعث وما كان يمارسه من عام 1961 م وحتى عام 1973 م تجاه الشيوعيين وحزبهم ، ولكن التأريخ هو ما كان وليس ما يجب أن يكون .
المجد للشيوعيين وما قدموه في سبيل الشعب والوطن ولكل الشهداء الأبرار ، وللحزب الشيوعي العراقي المجيد .
نكتفي بهذا القدر ، وسنتناول الأسبوع القادم في الجزء الثاني فترة 1973 م -1979 م وما بعدها .
نهاية الجزء الأول
4/7/2019 م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرد على مانشر للاستاذ صادق محمد عبدالكريم الدبش
زهور العتابي ( 2021 / 7 / 5 - 12:50 )
لقد أبدعت وأجدت في سرد مسيرة الحزب الشيوعي العراقي ومحطات كفاحه ونضاله المسلح ،من منا يُشكلْ على وطنيه هذا الحزب وتاريخه المشرف وما قدمه من تضحيات ..لكنك سيدي لم تُطلعنا عن دور هذا الحزب وما قدمه للعراق بعد 2003 !؟ ولماذا لم نرَ له تاثيرا في الساحة السياسية.نعم انه كان احد اقطاب الحزب المدني الديمقراطي في 2014 الذي ضم حزب الشعب والتيار الديمقراطي واخرى مستقله لم تسفر وقتها الا على3 مقاعد في البرلمان وفي 2017 تطور ليضم تيارات وأحزاب أخرى اعتمد برنامجا يحمل محاور عدة يكاد المتتبع يتعب من قراءتها ، اتسائل ماذا حقق الحزب من هذه البنود !؟ لم نره للحزب بصمة مؤثرة في اي قرار يخدم العراق بل على العكس اصبح يتكلم بلسان حال الاحزاب التي تحالف معها ! فحينما نتابع وعبر التلفاز احد اعمدة قياداته يتكلم نعجب ،لم نستشعر ذلك الأسلوب الراقي وتلك الثقافة العالية التي طالما تاثرنا و تعلمنا منها الكثير !ترى مالذي حصل للحزب ولماذا فقد بريقه وتأثيره في الناس لماذا ترك الساحه للأحزاب الاخرى تصول وتجول دون ان يكون له بصمه جادة في التغير ليعيد مجد العراق من جديد !؟

اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال