الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأدب الصيني في عصره الذهبي

محمد قاسم علي
كاتب و رسام

(“syd A. Dilbat”)

2021 / 7 / 5
الادب والفن


الإتجاه نحو الشرق، يولي الأدب الصيني أهمية كبيرة للشعر، فأن الشِعر له مكانته الراسخة في الحضارة الصينية. هو المدون التأريخي الشاهد على الأحداث و الوقائع، عن طريقه يتم تمرير النقد السياسي، نقد أمور الحُكم، الهجاء و المديح و الرثاء، كل هذا و أكثر يُنَظم داخل نُظْم تحدها الحان و لغة خالية من التكلف بقصائد رباعية أو أطول، حيث كثيرًا ما تكون القصائد الصينية ذات سجع، و نغم. لأن من دونهما ستستنفد القصيدة جوهرها و أحدى أركانها. أن ضرورة إخضاع المتقدمين للوظائف الحكومية المرموقة لاختبار القدرة على نظم الشعر، وكتابة النثر، يُعد مبدأ مذهل يجب أن نأخذه بعين الإعتبار عند تقيمنا لرؤية الحضارة الصينية لمكانة الشعر.
يقول كونفشيوس في كتاب الأغاني "إذا لم تتعلم الشعر فلن تستطيع الكلام" ، هنا يظهر جلياً أهمية الشعر في الثقافة الصينية. فاللغة الصينية بطبيعتها شاعرية في معانيها، رسومية في كتابتها.
أن بروز أفضل الشعراء في الادب الصيني كان في عهدّي سلالة تانغ و سونغ كان من أبرز شعراء تلك الفترة الزمنية كُل من وانغ وي – لي باي – دو فو – يو جوي، هؤلاء هم العمالقة الأربعة في الشِعر الصيني في عصر الصين الذهبي. قصيدة " وداع الذاهبين بلا عودة " هزت كياني شخصيًا هذه القصيدة للشاعر الصيني الأشهر لي باي يقول فيها:

أوامر السّوق تتلاحق مثل الشُهب المتهاوية
و تعالت صيحات تستعجل إرسال النَّجدات
صيحات تُفزع الطير الراقد في الأعشاش
تطل الشمس و تسطع في ردهات القصر،
و كبار القادة في التفكير و التدبير.
في الأرض و السماء يُخيم السلام و الؤام
و على البحار الأربعة يهيمن الأمان
و يبرز السؤال، لماذا كل ذلك الضجيج
و تسمع الجواب، لنجدة الحدود يُجند الرجال من جديد
ليعبروا في شهر مايو اليانغتسي
و يزحفوا للحرب في يوننان
لا يصلح المجند القسري للقتال
في البلد المغمور في اللهيب لا تطاق.
وداعهم مناحة تطاول السماء،
فعام وجه الشمس و القمر
و شحب الضياء
وعندما تلاشت الدموع، تقاطرت دموعهم دماء.
قلوبهم كسيرة، لا صوت إلا النوح و النشيج.
كأنهم أيائل، في دربها المسدود تقاوم النمور.
كالسمك المرهق، تجري خلفه الحيتان.
من كل الف لا يعود سوى واحد،
وهل يرجى الجسد المرمي في النيران
أن يعود…..
يا حبذا لو يرقص الجنود
هناك بالرماح و التروس
ليغسلوا بالحب و الغناء
ضغائن النفوس.

و في قصيدة أخرى تنم عن شاعرية فذة و حس مرهف وليد عقل ذكي. قصيدة بعنوان "أشرب تحت ضوء القمر"



بين الأزهار، أنتظر إبريقاً من النبيذ،
أسكب لنفسي شراباً، لا محبوب بالقرب.
أرفع كأسي، أدعو القمر المُشرق.
والتفت الى ظلي، نحن الآن ثلاثة،
لكن القمر ، لا يفهم الشُرب،
و ظلي يتبع جسدي كالعبد.
الى حين، القمر و الظل سيكونوا رفاقي،
فرحة عابرة، يجب ان تستمر خلال الربيع.
أنا أُغني والقمر يتأرجح في السماء؛
أرقصُ ، و ظلي يتخبط كالمجنون.
بينما لا زال جلياً، لدينا وقتُ أنسٍ سوياً!
لكن في حالة ثمالةٍ و تعثر، كل واحد يتأرجح بمفرده.
أخطو قفزاً الى حين، نتجول بلا هوادة:
إلتم شملُنا أخيراً على نهر النجوم البعيدة.
في هذه القصيدة يُبرز لي باي شاعرية تؤهله الى أن يكون أحد أعظم شعراء الصين على الإطلاق.


أما الشاعر دو فو الذي خلده الكوخ و نبذه القصر، فهو شاعر الصين الأعظم، يُلقب بالشاعر المؤرخ، من خلال ترجمتي لبعض من قصائده الى اللغة العربية، إستوقفتني قصيدة تستحق الوقوف عندها قليلاً


أدار رأسه، أشار الى ولده الأكبر؛
"إنه محترف القوس و النشاب" 
إسمه مسجل في سِلاح الخيالة 
قبل أيام أطلقوا سراحه للعمل في المزرعة، 
لينقذ جسدي المٌتهالك من المشقة المريرة. 
سأقوم بالكدح و أدفع الضريبة حتى الموت، 
اٌقسم، أنني لن أهرب مع الأسرة.

من خلال شعر دو فو ، لعل أكثر ما يٌلفت الأنتباه هو قدرته على إيجاد طرق جديدة للمدح. تم تحويل مدح دو فو لراعيه يان وو في تشنغدو ، الى جار من الفلاحين يعبر عن إمتنانه لإطلاق سراح إبنه ، أثناء الخدمة العسكرية ، للمساعدة في أعمال المزرعة الموسمية.
دو فو يكتب عن كل شئ يجده ضرورياً للتدوين فهو بذلك يعطي قيمة لما يُدونه و ليس العكس.


إن المسؤلية تقع على العمل المؤسساتي في إبراز هذا الجانب المهم من الأدب الشرقي و تدريسه للأجيال لكي ينهلوا العلم و المعرفة من الحضارات الانسانية الأخرى، فأن المجهودات الفردية لهي نقطة في بحر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل