الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عفريت ماكسويل

حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)

2021 / 7 / 5
الادب والفن


أ أنا عفريت ماكسويل. عفريت غربي يعني..
وتحديداً عفريت من الديناميكا الحرارية.
لست عفريتاً شرقياً، أتلبّس الصبايا، وأستمتع بلمس صدورهن الصلبة. ولست عفريتاً مشاكساً، أجعل الزوج يطلق زوجته ، والزوجة تكره زوجها، وتدس له سمَّ الفيران..
لا لست من هذا النوع ، الذي يمكن الاعتماد عليه في إيجاد الأموال المسروقة، وفي ركوب السيدات الجاهلات الراغبات في الإنجاب، ولا في استخدام قوتي الخفية في شفاء مرضى الصرع . ولا في إبطال الحسد.
أنا عفريت مثقف، أحسن مثلاً، الدخول تحت جلد وجه السيدة ايفا، وشده، ثم عكس عمليات الشيخوخة ، لتعود ايفا شابة .
أنا أعرف أيضاً ، كيف أجمع حطام الكوب الكريستالي الأثير لدى السيد جي دي ، ثم أعيده كما كان، بنفخة بسيطة من فمي.
أنا ماكسويل الذكي، أحب أيضاً العمل على إمساك الرصاصات في الحروب ، وإرجاعها إلى مخازن ذخيرة بندقيات القتلة.
أنا ماكسويل المرح، أضحك ، وألقي نكتة وأنا أعمل على عكس سهم الزمن.
يتقدم الزمن للأمام ، لكني أستطيع بأقل جهد إعادته إلى الوراء.
العجوز يرجع مراهقاً . فتات الزجاج يعود نافذة.
وقدم مريض السكري تعود إلى مكانها.
مهمتي سهلة، فهي حقيقية، وهي زائفة أيضاً .
هي حقيقية، لأنه حسب أحد مفاهيم الأنتروبية أستطيع فعل ذلك.
وهي زائفة، لأنني محتال . أحتاج إلى طاقة لأفعل ذلك، وأعيد عكس الزمن.
وهذا لا يمكنني الحصول عليه من الأشياء التي أعمل على إحياء أنتروبيتها.
حسناً، لن أثقل عليكم بالمصطلحات!
فصديقي الشاعر الذي أجلس معه في شرفة مطعم مطلٍّ على مزارع العنب. يعلمني كيف أحصل على الطاقة ، لأعيد النبيذ إلى حبّات عنب.
لا تظنوا به الظن السيء !
هو ليس سكراناً. لكنه يكتب قصيدة . يتعرّق ( ربما بسبب صيف تموز الحارّ)، يرتجف ( ربما هي بوادر عاصفة قادمة)، يحدق في البعيد، وضباب في عينيه ( ربما يستمطر غيوماً من الساحل الشرقي للمتوسط). لكنه أخيراً ينجز التحوّل الذي أرغب فيه.
نرى في البعيد براميل النبيذ وهي تندلق في الحقول. نرى العصير المخمّر، وقد بدأ يفقد الخمائر، وكيف أن لونه بدأ يصبح رائقاً، ثم نرى كيف تتصاعد منه سخونة العمليات الكيمائية . ونرى تشكّل حبّات العنب، ونرى تسلّقها للعرائش والتصاقها بالعناقيد.
يسرع صديقي الشاعر حينها بالمغادرة. يهبط إلى تلك المزارع ، يقطف سلة كبيرة من العنب حديث الولادة ، ويسرع بها إلى منزل حبيبته .
لا أخبره بالطبع عن مآل الأمور. أنا ماكسويل ذكي وعاطفي أيضاً.
لن أقدم على إفشاء سر هذا التحوّل للشاعر. أريده أن يموت وهو مقتنع بمعجزة الشعر.
أليس ذلك أفضل من سخريتي كعفريت علمي منه، وهو يتوهّم الخلود الشعري !
ألست عفريتاً مهذباً حين لا أصرخ بوجه جميع الشعراء: إن الشعر الحقيقي الغني بالتحوّلات هو المسرّع الجبّار للموت الفيزيائي!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل