الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سرير المحافظ يحلق الى السماء

محمد مزيد

2021 / 7 / 6
الادب والفن


قصة قصيرة
سرير المحافظ يحلق الى الفضاء
لا أحد يعلم كيف تمكن " جبار " من دخول بيت متصرف اللواء ، ليعمل خادما فيه معززا مكرما من قبل زوجته البيضاء البغدادية ، حيث بدأت تظهر على ملابسه ووجهه علامات النعمة .
يُعرف جبار بأنه شخص خصي ، كثير الكلام ، يغدق عليه اهالي المدينة بما يتيسر من المال والطعام والملابس لكونه يقضي لهم اشغالهم من دون ملل ولايستطيع إي رجل القيام بها ، ذلك لأن طبيعة جبار الخنثوية تسمح له بالدخول الى بيوت الميسورين اثناء غياب الرجال ليحمل الى زوجاتهم سلال من الطعام التي يبتاعونها ويدخلنه السيدات الى بيوتهن من دون خجل ويتلاطفن معه ويعتبرنه كأحد افراد البيت ولم يشعر ازواجهن الميسورون بالغيرة منه قيد شعرة وهو يدخل ويخرج براحته الى بيوتهم أثناء غيابهم . يتحدث جبار مثل النساء ويمشي مثل النساء ويثرثر مثلهن وعندما تجد تجمهرا نسائيا فانه من الطبيعي أن تجد جبار يختلط بينهن ويحادثهن بالطريقة نفسها التي يتحدثن بها ، ويعتمد لازمات كلامية تشبه الى حد بعيد " اللازمات " نفسها التي تقولها النساء كمثل " نزول نزلج " و " خية ما ينحزرون الرجال " وغيرها . وقبل أن يعمل جبار خادما في بيت المتصرف ، وصلت سمعته وصيته الى كبار رجال المتصرفية ( المحافظة ) حتى أنتدبه المتصرف للعمل في بيته ، وهذا ما أثار حفيظة أهل المدينة والميسورين فيها ، اذ غالبا ما يعمل لدى هؤلاء المسؤولين نساء خادمات جميلات يتم أختيارهن لإسباب معروفة .
قبل أشتغاله في بيت المتصرف ، لا أحد يعلم أين يبيت جبار وأين يأكل وأين يمضي أوقات فراغه ، فهو ليس شاذا كما قد يتبادر الى الذهن، وعندما يلاطفه بعض السكارى الذين يخرجون من نادي الموظفين ويطلبون منه شيئا مشينا ، يشهق مثل النساء ويضرب صدره بكفه ويقول لهم " يا عيبة العيبة " ثم يغادرهم مع سلاطة لسانه التي يخشى هؤلاء السكيرون قذارته التي تجعلهم يخافون الفضيحة .
هناك شخص واحد في المدينة يحبه جبار ويبث إليه بعض أسراره ويخبره عادة بما يصادف من مواقف طريفة مع هذه المرأة او تلك فيغرق هذا الشخص بالضحك ويكرمه ، وهو تاجر كبير يسمى " ابو كمال " ولهذا الرجل علاقات واسعة مع رجال الدولة بسبب توفيره حاجيات منازلهم من الرز والسكر والطحين والزيوت ذات الماركات الجيدة .
اهالي المدينة يعرفون ان " ابو كمال " مستودع اسرار جبار ، فيطلبون منه مساعدتهم بتكليف جبار لنقل حاجيات معينة الى بيوتهم ، ولايتردد الرجل من تسخيره لنقل الحاجيات الى تلك البيوت طالما تجلب له الرزق والاستمرار في الحياة بدون مد اليد الى أحد .
بات عمل جبار في بيت متصرف اللواء ، وهو الشخص القاسي الذي لايرحم،، يشكل نوعا من الفضول لدى الكثير من الرجال الذين يسخرون من جبار، حتى باتوا يخشونه وعدم البوح بإسرارهم أمامه خوفا من نقلها الى بيت المتصرف القاسي ، وحتى أولئك السكيرون الذين يلحون عليه بالأمور الفاحشة بدأوا يخشونه بالرغم من إنهم يعرفون ، كما تعرف المدينة كلها، طيبة قلبه وأريحيته، وبراءة روحه . فمن المستحيل أن يتصور إي انسان أن يبث جبار شكواه الى المتصرف او الى زوجته البيضاء .
وفي يوم من الأيام سمعت المدينة ، أن جبار ُطرد من بيت المتصرف شّر طرده ، وأرتاح الحاسدون لهذا الخبر ، وأختفى جبار عن الأنظار لفترة طويلة ، لكن الفضول لدى البعض جعلهم يذهبون الى أبي كمال لمعرفة حقيقة طرد جبار من بيت المتصرف ، غير أن الاخير أنكر معرفته بإي شيء وعما جرى لجبار في بيت المتصرف وأخبرهم إنه مستغرب مثلهم .
بدأت تتسرب الأشاعات عن سبب إختفاء جبار عن المدينة وشارعها الرئيسي الذي كان يصول ويجول فيه ، واحدة من تلك الإشاعات تتحدث عن سجنه وآخرى تقول إنه قد يكون أُبعد عن المدينة ، وثالثة تتحدث عن رميه بسيارة المتصرف في الصحراء .
ولم يتمكن أحد من معرفة الحقيقة، حتى ظهر جبار ذات يوم يعمل في مقهى صغير قرب الكراج وفوجئ الناس به ولما سألوه عن سبب غيابه وهل حقا أعتقله المتصرف أو رمى به الى الصحراء ، فلم يجب ، بقي ذاهلا يرد على الاسئلة بضحكة بليدة .
وبعد سنوات ، كشف أبو كمال سر جبار وقال لصديق حميم له يضمر اسراره ،وهذا سربه الى أحد المقربين له فطش الخبر .
والخبر يقول، إنه بينما كان المتصرف غائبا في مأمورية الى بغداد ، وفي الليل ، طلبت السيدة البيضاء من جبار، طلبا غريبا، فلم يتردد من رفض طلبها، يقول الخبر إنها أرادت أن " يدلك " لها ظهرها بسبب شد في عضلاته ، والمرأة تعرت تماما على فراشها، ليتلقى ظهرها أصابع جبار المرتعشة . لكن ماذا جرى بعد " تفريك " الظهر؟ لايكشف الخبر كل التفاصيل ، يقال أن روح جبار سيطرت عليها في تلك الليلة، رغبة جارفة في تأكيد شيء ما ، هذا الشيء يختفي تحت مساماته ، شيء لا أحد يعرف به حتى جبار نفسه ، والمرأة البيضاء عندما شاهدت تغّير خريطة التدليك ورأت أن أصابعه أخذت تلج الى أماكن حساسة، شعرت حينها أن سقف غرفتها بدأ يرتفع وأن سريرها أخذ يطير في السماء وإنها مع جبار بدءا يسبحان بين الغيوم، وذابت كل أمارات التعب والتشنج في عضلات جسدها، وتحول كل ذلك الألم الى مصدر سعادة، لم تكن تشعر بها من قبل أبدا . قيل أن جبار رفض رفضا قاطعا أن يخون سيده وولي نعمته ، بعد أن ظهر عكس ما كان يشاع عنه ، وأن فحولته التي لمستها المرأة خلف الدشداشة كانت من المفاجأة بحيث لم تتمالك نفسها من القول له كلاما فاحشا جعله يتوقف عن العمل ليجلس في المطبخ ، لكن السيدة زعقت به وفشلت من أن تجره من ياقته الى السرير . ولما جاء المتصرف الى البيت بعد يومين من مأموريته ، طلبت منه عدم حاجة البيت الى خدمات " جبار " بعد الآن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل