الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرجل المجهول

دينا سليم حنحن

2021 / 7 / 7
الادب والفن


دينا سليم حنحن

سقطت سلّة البيض من يدها، أربكها الموقف، وتذكرت ما قاله لها الطبيب: (افعلي ما يحلو لك، وما يرضيكِ الآن، فمرض الشلل الارتعاشي الذي تعانين منه بدأ يصل مرحلته الجادة).

ضاقت بها الدنيا، اختنقت، فبكت، أطلت عبر النافذة نحو الشاطىء، كانت الأمواج آخذة بالانسحاب ساعة الغروب، هربت إليه تشكو له همّها، صلّت وبكت، وحكت، ظهر أمامها شخص شاركها صلواتها وشكواها، أخذها من يدها المرتعشة، وسار بها قائلا: (تمارين المشي تحسّن من وضعك)!
توقفت فجأة لاستنشاق بعض الهواء، ثم نظرت إلى البعيد، صبغ الحزن مُحيّاها وبكت. أمسكها من يديها، راقصها على أنغام الموج السّاكت، لم تتمنع، وعملت بنصيحة طبيبها. منذ ظهور الأعراض الأولى للمرض لم يراقصها أحد، حتى زوجها، تركها تصارع المرض وحيدة.
نزل بها إلى سطح البحر الجاف، وقفا داخل قطعة انحسرت المياه المالحة عنها، وطلب أن تبحث عن أسماك غافلة، ليعيدانها إلى الحياة، عشرات، طمرت رؤوسها وبحثت عن ماء، (تستنجد الأسماك الحياة أيضا)، قالت له، هزّ رأسه موافقًا.
صرخت فرحًا وصرخ معها انتصارًا. قال: (لقد أعدنا الأسماك معا إلى الحياة، تعالي لنعد الحياة لأجلنا أيضا!)

حدث ذلك مساءً، ولم يكن حلمًا، واقع عاشته تمنّت لو يتكرر. وتكرّرت مهمة إعادة الأسماك إلى الحياة، أمضت لحظات جميلة رفقة صديق لا تعرفه، ولم تهتمّ لسؤاله عن اسمه، ساعدها ذلك اليوم في تنظيف مطبخها من البيض المسفوح، وبقي يساعدها بتلقيها العلاج، ناولها أدويتها كلما اشتد عليها الرّعاش، حتى أنه أدخلها يوما إلى سريرها لتخلد إلى نوم هنيء.

تمتمت أمامه بصوت مرتعش: لمرة واحدة في حياتي الطويلة القصيرة، أقابل إنسانًا مجهولا يؤمن بألوهية الإنسان، أشكرك أيها الإنسان الإله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط