الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لا يلتزم المواطن بإجراءات الوقاية من الوباء

ماهر الزعق

2021 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


أينما وليّت وجهك تشاهد الأضواء حمراء وتسمع أجراس الخطر وكيفما أعملت ذهنك تلمس مظاهر الاستهتار و علامات الفشل و مهما كنت متسامحا فلن تغفر للسلطات إصرارها على إبادة الشعب على دفعات و مهما كنت متفهّما فلن تجد المبررات للانتحار الجماعي بشيء من اللامبالاة ، لكن هل نحن أمام لا مبالاة السلطة أو لا مبالاة المواطن وما هي أسباب عدم التزام الناس بإجراءات الوقاية من الوباء ؟ في الحقيقة الأسباب عديدة و متداخلة،سنحاول اختزالها وتوضيحها بقدر ما يسمح به المجال
1/دولة ضعيفة وسلطة لا تحضي بالثقة،حين تحوم شبهات الفساد والتعاون مع الإرهاب حول مسؤولين في الحكم،حين لا يتمّ التحقيق مع وزير متهم بالتآمر على أمن الدولة،حين يتقاضى نائب جرايته وهو فارّ من القضاء،حين تصرّ حركة النهضة على المطالبة بمزيد من التعويضات ،حين تتنّكر أحزاب الحكم لوعودها يكل فجاجة وسخرية و وقاحة،حين تُهدر أموال صندوق 18/18 المُموّل من قبل الشعب،حين تفوح رائحة الصفقات من حرب الصلاحيات في أعلى هرم السلطة،حين يكون أمن المطار مخترق من الإرهاب،حين يصبح البرلمان مبعث قرف وتقزّز.. وحين تكون قائمة المصائب طويلة فعن أي دولة نتكلّم وهل يمكن أن يطمأن الناس إلى قرارات السلطة ؟
2/قرارات مرتجلة وإجراءات متأخرة،عنوان التردّد والمكر والتخبّط الذي تردّت فيه السلطة، فحين يُرخّص لمسيرة تضمّ عشرات الآلاف قادمين من كلّ الولايات ،حين يُسمح بإقامة أعراس يعدّ المدعوين فيها بالآلاف،حين تعجز الدولة على تخفيف وطأة الازدحام في وسائل النقل الجماعي،حين تُغلق مقاهي ومطاعم ومحلات و أسواق بكلّ حزم بينما تكون أخرى مفتوحة بصفاقة ودون لجم،حين تُعطل صلاة الجماعة ويسمح للجمهور حضور مقابلات الرياضة،حين تكون سياسة التلقيح تعيسة ومؤسفة ،حين يفتقد الأكسيجان ولا تُغلق بؤر وبائية في الإبّان،حين تكون القرارات دون ناظم ينظمها ودون بوصلة توجهها وحين تتسم بالرخاوة و الترقيع والتوريط و ازدواجية المعايير و تكون من قبيل رفع العتب وتبرئة للذمّة و حين تكون دون متابعة بل يُتغاضى على إهمالها ويُشجع على إنكارها،أفلا يعتبر تحميل المسؤولية للمواطن ضربا من الخبث واللؤم و القسوة ؟
3/أخطاء اتصالية وهنّات تواصلية،اللجنة العلمية ولجنة مجابهة الكورونا والسياسيين والإعلاميين ورئيس الحكومة كلّ يغني على ليلاه،فابتداء من الأرقام وصولا إلى التلقيح مرورا بالإمكانيات نشهد تضارب التصريحات وتناقض المعلومات وإن كان يجمعها التنصّل من المسؤولية وتحميلها للمواطن المستهتر الذي يرمي بنفسه إلى التهلكة و المجرم الذي يتسبب في قتل الآخرين،نسمع خطاب يُراوح بين التشاؤم والتشاؤل والتحذير والتخويف والتهوين،حتى إن المواطن لم يعد يعرف على أي قدم يرقص خاصّة وأنه ميّال لعدم تصديق أصحاب القرار،فكم وعدوه فكذبوا وكم عاهدوه فنكثوا !
4/تعطّل العقل والتعويل على القدر ،في زمن الأزمات غالبا ما يتعطّل العقل و كثيرا ما يتحصّن الإنسان بالأفكار الغيبية ويختبأ وراء مشيئة الأقدار آملا في النجاة بالتمني والدعاء والأوهام ومهما كان الجوّ غائم والتهديد قائم فإنّه يعتبر نفسه وذويه من الناجين فهو لم يقترف رزية ولم يرتكب كبيرة ورحمة الله واسعة والخالق حليم ستّار،أمّا إذا كانت مشيئته مغايرة وإن كنّا نصف مقتنعين فإننا نتقبلها بمرارة ولكن برضاء وتسليم و إن الله على كلّ شيء قدير و ما فائدة الاحتياط العقيم إذا كان كلّ الأمر مخطوط في لوح محفوظ
5/في الأمر مؤامرة،لا كورونا ولا هُم يحزنون،فهذه الهوجة ليست سوى مؤامرة ماسونية امبريالية تثبتها الأرقام وتصريحات الخبراء و أرباح الأقوياء فالفيروس مُريب والتلقيح مُميت ولا عزاء للفقراء،هذا المنطق التشكيكي الذي يلقى صدى عند طيف واسع، خصوصا إنّ تخبّط السلطة وتعثّرها يزيدان الطين بلّة،هذا الخطاب يعكس نوعا من الكسل الفكري والتفكير الرجعي و التذاكي البائس و البلاهة الذهنية والبحث عن الحلول الجاهزة و الوصفات المرْضية
6/الإنسان اجتماعي بطبعه،لا يقبل بسهولة إرباك إيقاع حياته ولا تحطيم روتينه اليومي و لا كسر عاداته ولا انتهاك خصوصياته ،لذلك ينكر ما لا يستسيغه ويرفض ما يخنقه ويواجه الكيد بالمكر و يجابه القيد بالكيد، لعلّه يتفادى الوحدة والغربة ولا يسقط في براثن السأم والانعزال والملل والاكتئاب.
7/تردّي الوضع الاجتماعي،آلاف المؤسسات الصغرى والمتوسطة أغلقت أبوابها،مئات الآلاف أُحيلوا على البطالة القسرية،جميع أفراد المجتمع تدهورت أحوالهم المعيشية إلاّ أثرياء الوباء،المضاربون،تجار الافتراضي،أصحاب المصحّات الخاصة والبنوك ومخابر الأدوية والتحاليل وصُنّاع التوابيت و بعض الأطباء..،لم يعد العوز تهديد بل واقع يتخبّط فيه جلّ المواطنين فالحظر على الحركة دون إجراءات اجتماعية يعني الفاقة والجوع والذلّ، وإذا كان لا بدّ من الاختيار بين الموت المحقّق من الجوع أو الموت المحتمل من الوباء فالمواطن سيختار الثاني و لعلّ وعسى ..
8/وعي المواطن،بيت القصيد،هذا الشعب العظيم الذي رفعتموه و بجّلتُموه زمن الانتخاب، أوصلكم إلى سدّة الحكم لتعبثوا بحياته ومماته ،لتتاجروا بأرضه ودينه وعرضه و تسحلوه عاريا بعدما نزعتم أدباشه ،الآن أصبح متّهما بعد ما كان شاكيا وأصبح مُدانا بدل أن يُعدّ ضحية،عِلما أنّ الشعب ليس بريئا ولا هو معصوما فهو مطبّع مع النميمة و الفساد والمحسوبية ،مع الفوضى و النفاق و الانتهازية ، ولكن الواقع المرير هو من أنتج هذا الوعي التعيس و إن كان المواطن مُلاما لا محالة فإن اللائمة الكبرى تقع على الحُكّام
خلاصة القول ،لا أحد يخاف الوباء ، الطبقات الحاكمة تخاف تراجع الأرباح ونهوض الطبقات الكادحة والطبقات المنهوبة تخاف ضيق الأحوال وتسلّط الحُكّام، فبدون تسخير المصحات الخاصة والمخابر والأطباء وكوادر الصحة والحافلات الخاصة لا يمكن مجابهة الكورونا وبدون سنّ ضريبة استثنائية على أصحاب الثروات الكبرى والبنوك لا يمكن مواجهة الظروف الاجتماعية العسيرة و الفرصة مواتية لتعليق سداد الديون الخارجية لحين فحصها وإلغاء بعضها وتأجيل بعضها الآخر ولأنّنا أمام لا مبالاة السلطة و تدهور الدولة و تزايد الفاقة وانتشار الوباء واستسلام المواطن إلى راحة اليأس بدل من راحة الأمل وسيطرة عالم الضرورة على عالم الحرية ولأنّ النوم لا يعجّل بالصباح فإننا متجهون للهلاك بثبات ،فكأنّنا يا إلاهي لا نحبّ الحياة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير


.. مصادر طبية: مقتل 66 وإصابة 138 آخرين في غزة خلال الساعات الـ




.. السلطات الروسية تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة | #


.. مراسلنا: غارات جوية إسرائيلية على بلدتي مارون الراس وطيرحرفا




.. جهود دولية وإقليمية حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة | #رادار