الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزقورات - المعابد الرافدينية المدرجة

تحسين الناشئ

2021 / 7 / 7
الادب والفن


مدخل - المعابد في العراق القديم

اِتصفت المعابد الدينية (Temples)في العراق القديم من ناحية الشكل والحجم والوظيفة بكونها ذات نمطين مختلفين، الأول هو المعابد الأرضية الأعتيادية التي تقام بمستوى ارتفاع ابنية السكن، وتتألف من طبقة (Tier) بناء واحدة يتم انشاؤها على مساحة واسعة، وهذا النوع هو النموذج الأقدم من المعابد في بلاد الرافدين، مهد الحضارة، اذ يعود تأريخها الى بداية الألف الرابعة قبل الميلاد. اما النمط الآخر فهو المعابد العالية التي تؤلف من طبقات متعددة تُشيّد فوق بعضها بمساحات تتضاءل كلما ارتفع البناء، هذا النوع من المعابد يطلق عليه تسمية (الأبراج المدرجة) او الزقورات (مفردها زقورة) واقدم نموذج معروف لهذه المباني يعود تأريخه الى اواسط الألف الرابعة قبل الميلاد (سنأتي لاحقا على ذكر امثلة لها) اما الفرق بين المعابد الأرضية (Ground Temples)والمعابد العالية (High Temples) من ناحية الوظيفة، فيتمثل في كون الأولى مخصصة للعوام (يؤمها عامة الناس) الذين يقصدون المعبد لعبادة آلهتهم، لذلك تكون ذات مساحات واسعة. اما الثانية فمخصصة لأستراحة الآلهة (بحسب المعتقدات الرافدينية القديمة) ولا يؤمها سوى رجال السلك الكهنوتي (Clergy Men) فهم وحدهم المسؤولون عن رعاية الآلهة وتلبية احتياجاتها، لهذا تكون الزقورات اصغر مساحة من المعابد الأرضية وتختلف عنها في الشكل والوظيفة والمزايا.

المعابد العالية في حقيقتها بدأت بطبقة واحدة اول الأمر، اذ كان يتم بناء منصة (Platform) ارضية مربعة الشكل في الغالب ذات ارتفاع محدد، ثم يُشيد فوقها بناء (معبد) مؤلف من طبقة واحدة. وقد بدأ امر ارتقاء الطبقات وتعددها نهاية الألف الرابعة قبل الميلاد، اذ ازداد عدد طبقات الزقورة خلال مراحل زمنية متلاحقة، ابتداء من النمط القديم المؤلف من طبقة واحدة ثم الى ثلاث طبقات فخمس ثم الى سبع طبقات. وقد بنيت معظم المعابد ذوات الطبقة الواحدة في عصور اريدو والوركاء والعُبيد، وهي من عصور ماقبل التأريخ. ولازالت بقايا العديد من المعابد الأولى شاخصة الى اليوم، كمعابد اور وكيش ونيبور وتل خفاجي وتل العقير وغيرها، وكذلك معابد تبه كورة واشور وخورساباد في نينوى شمالي العراق. واغلب تلك المعابد هو من طراز الطبقة الواحدة او الطبقتين وذلك قبل ان تتعدد الطبقات ويزداد ارتفاعها خصوصا خلال الحقبتين الآشورية والبابلية.

يعتبر (معبد اريدو) الذي يسمى - المعبد السادس - اقدم مثال لمعبد مقام فوق طبقة واحدة، فهو اصل فكرة الزقورة بحسب توقعات بعض الآثاريين ويعود تأريخه الى الألف الخامسة قبل الميلاد. فيما يرى فريق آخر ان معبد الوركاء (Uruk Temple) المسمى – المعبد الأبيض – الذي اُنشأ في سومر القديمة وخصص لعبادة آلهة الجمال والخصب السومرية (اينانا) هو البداية الحقيقية المحتملة للزقورات، فهذا المعبد بني على قاعدة (مصطبة) ترتفع عن سطح الأرض بمقدار 40 قدما (حوالي 12 مترا) وقد طلي مع قاعدته بمادة النورة البيضاء رمزا لصلته بالعالم العلوي، فالمعابد من هذا النوع (الزقورات) كانت كانت تعتبر بمثابة منصات رابطة بين السماء والأرض. اما مثال المعبد ذي الطبقتين فهو (معبد تل العقيـر) في بابل، وقد بني هذا المعبد نهاية الألف الرابعة قبل الميلاد، ومنه بدأت عملية تطور بناء المعابد العالية (الزقورات) في وادي الرافدين (Mesopotamia).

لم تقتصر وظيفة المعابد في العراق القديم على العبادة وتأدية الطقوس والمراسيم الدينية، بل تعدت ذلك الى كونها مراكزا اِدارية للشؤون الأقتصادية والسياسية للدولة، فالمعابد تلك كان لها علاقة وثقى بشؤون الناس الدنيوية ايضا، اذ تصف المدونات من الوثائق الآثارية، المعبد بكونه مركزا للقضاء بين الناس إضافة لكونه بيتا للعبادة، ففيه كانت تُجبى الضرائب وواردات المعبد، وفيه أيضا تتم مراسم تتويج الملوك. اما كهنة تلك المعابد فهم اشبه بالقضاة في تلك الأزمنة، وكانت لهم قوة وسلطة ومكانة سامية في المجتمعات السومرية والآشورية والبابلية، وتقع عليهم مسؤولية رعاية المعبد وادارته والحفاظ عليه. وغالبا ماكانت المعابد تضم كنوزا ثمينة من الآثار الدينية والأدبية المدونة المحفورة على رقيمات والواح الطين المفخور (Clay plates)، كما تضم غرفها واركانها هدايا ونفائس بعضها من الذهب الخالص تأتي على هيئة تقدمات من عامة الناس كنذور للآلهة. والمعبد في العراق القديم كان عبارة عن مجمع (Complex) ديني كامل، تحيطه الأسوار وتتوسطه الزقورة المرتفعة التي تعتبر المكان الأقدس فيه.



ماهي الزقورة ؟

كلمة زقورة (Ziggurat) كلمة اكدية معناها (المكان المرتفع)، والتسمية اُطلقت على هذا النوع من المعابد لكونها تُبنى على ارتفاع كبير دون المباني الأخرى، فأصل فكرة الزقورة هو بناء معبد فوق مصطبة عالية (المصطبة هي دكة كبيرة او منصة اصطناعية تُبنى على سطح الأرض بأرتفاع محدد)، ان الأرتفاع العالي للمعبد له مغزى دينيا، بحسب بعض الباحثين، وهو السمو الى الأعالي لغرض الأبتعاد عن العالم الدنيوي والأقتراب من العالم السماوي حيث مقر الآلهة. غير ان فريقا آخر من الباحثين يرى ان هنالك هدف آخر للأرتقاء بمعابد الآلهة الى الأعلى، يتمثل في حمايتها من خطر الفيضانات المتكررة التي طالما كانت تجتاح القسم الجنوبي من وادي الرافدين ابان تلك العهود. تحاط الزقورات عموما برواق ضيق الغرض منه فصل حرمها وهيكلها عن العالم الخارجي.

اُطلق على الزقورات ايضا تسمية -الأبراج المدرجة- لكونها تبدو عند النظر اليها عن بُعد، على هيئة أبنية عالية مؤلفة من طبقات متدرجة المساحة يتضاءل حجمها كلما ارتفعت. هذا النوع من المباني المرتفعة المدرجة هو احد نماذج فن العمارة القديمة التي تميزت بها حضارات وادي الرافدين. ومثلما ذُكر سابقا فان غرفة العبادة التي تعلو الزقورة تكون مخصصة لأستراحة الآلهة عند هبوطها من السماء بحسب الفكر الرافديني القديم. اما المعبد المخصص لعامة الشعب فهو بناء ارضي يكون ملحقا بالمجمع الديني الذي تتوسطه الزقورة. والمجمع الديني ككل يقام على مساحة واسعة شبه مربعة تقدر ابعادها في الغالب بحوالي 400 * 450 مترا، وله سور كبير. والمعبد الأرضي يكون اكبر حجما من المعبد العلوي ليستوعب جموع الناس ويُشيّد من مادة (اللّبِن) المعروفة، وهي مزيج من الصلصال (Clay)الطري والتبن (Straw)، اما الزقورات فيبنى هيكلها بمادة الآجر وباطنها بمادة اللبِن.

تطور بناء الزقورات اِبان العصور السومرية وازداد عدد الطبقات حتى بلغ ثلاث، وتنامى معدل ارتفاعها فوصل بين 70 – 85 قدما. ولعل اقدم الزقورات السومرية المؤلفة من ثلاث طبقات هي تلك التي شُيدت لعبادة كبير الآلهة السومرية (انليل) ثم تطور بناء الزقورات من ناحية الأرتفاع حتى وصل الى سبعِ طبقات في عهد الآشوريين والكلدانيين (البابليين). اما مادة البناء فخلال العصور السومرية والأكدية والبابلية اُستخدم الآجر المفخور المصنع من مادة اللّبِن في بناء الزقورات وهو المادة السائدة في ابنية وادي الرافدين، وتم استخدام القير كمادة رابطة. كما استخدمت في بعض اجزاء البناء جذوع النخيل وعيدان القصب المتوفرة بكثرة في بيئة جنوب العراق. اما جدران الزقورة فكانت تغلف بالآجر المفخور وبسمك كبير يبلغ احيانا مترين (حوالي 6.7 قدم) الا ان هذا التغليف لا يشمل جميع الزقورات التي بنيت خلال العصور السومرية ولهذا السبب انهارت معظم معالمها واندثرت.

اما المصطبات او القواعد (Platforms) التي يشيد فوقها البناء فأتخذت خلال العصور السومرية اشكالا بيضوية او مستطيلة او مربعة، ثم ثبت الشكل المربع في العصور اللاحقة وكان الغالب في شكل المصطبات. وجدير بالذكر ان أولى الزقورات التي بنيت على منصة (قاعدة) ترتفع عن سطح الأرض، تعود الى عصر العُبيد (Ubaid period) وهو من عصور ماقبل التأريخ. اما شكل الطبقات، فالبعض من الزقورات اتخذت طبقاتها اشكالا مستطيلة (الزقورات السومرية) وبعضها الآخر كانت ذات طبقات مربعة (هذا النمط واضح في زقورات القسم الشمالي من وادي الرافدين) وخير مثال على هذا النوع الأخير هو زقورة (عقرقوف) الشهيرة، فهذه الزقورة مؤلفة بالأصل من ست طبقات وهي تمثل حلقة مهمة من سلسلة تطور بناء الزقورات، ويُقدر الآثاريون الأرتفاع الأصلي لزقورة عقرقوف بما يقرب 78 مترا (حوالي 260 قدم).

ومساحة تلك الطبقات الست هي كما مسجل ادناه:
الأولى 78 x 78 متر
(القاعدة الهندسية في الأبراج المربعة ان يكون ارتفاع كل طبقة بقدر طول ضلع قاعدتها)
الثانية 62 x 62 متر
الثالثـة 50 x 50 متر
الرابعة 40 x 40 متر
الخامسة 30 x 30 متر
السادسة 15x 15 متر

ويلاحظ تناقص مساحة الطبقات كلما ارتفعت، كما هو الحال في جميع الزقورات وهو تناقص ملحوظ تبدو معه الزقورات على هيئة مباني مدرجة، وهذا التصميم الرائع والمميز في العمارة العراقية القديمة هو الأول من نوعه في التأريخ. وقد اتخذت العديد من الحضارات القديمة والحديثة من شكل الزقورة نموذجا في تصميم معابدها وابنيتها المقدسة، اذ تتصف الزقورة كنموذج معماري بطابعها الجميل المتناسق وشكلها المتفرد.

وفي الوقت الذي كُرست فيه المعابد السومرية والأكدية لعبادة آلهة مثل اور وانليل وآنكي وسين، فان المعابد الآشورية كرست لعبادة كبير الآلهة الآشورية (آشور) وكذلك لعبادة آلهة اخرى مثل آنو وادد وأيا وننورتا وعشتار وغيرها من الآلهة. لقد شيد الملوك الآشوريون العديد من الزقورات في مواقع مختلفة، كما يلاحظ تشييدهم لزقورتين في موقع واحد كما هو الحال في زقورتي (آنو) و (أدد) في مدينة آشور. ان شكل الزقورة الآشورية وهدفها مشابهين للزقورة السومرية الا ان الآشورية تتألف من سبع طبقات بدلا من ثلاث، كما ان الزقورة الآشورية شيدت بجانب المعبد الأرضي تماما، ولهذا السبب فهي غير محاطة بباحة. هذا إضافة الى ان الآشوريين استخدموا الشكل المربع للطبقات بدلا عن الشكل المستطيل الذي استخدمه السومريون في جميع معابدهم. لقد اهتم الآشوريون بتزيين الواجهات الخارجية بالآجر المزجج الملون وقاموا بزخرفة افاريزها، كما وضعوا التماثيل الضخمة على البوابات الخارجية. اما مادة البناء التي وظّفها الآشوريون في بناء معابدهم فهي الحجر الطبيعي الأبيض الشبيه بالرخام، مع الأخشاب الجيدة، وهذه الخامات موجودة بوفرة في شمال بلاد الرافدين.

اما البابليون فقد شيدوا واحدة من اعظم الزقورات في بلاد الرافدين والتي خصصت لعبادة الآله (مردوخ) كبير الآلهة البابلية، سميت زقورة مردوخ (Marduk Ziggurat) ، تلك الزقورة تميزت بسعة مساحتها وعظم ارتفاعها وجمال هندستها، ولسوء الحظ لم يتبقَ منها سوى آثار قاعدتها، وبحسب الوثائق التأريخية والدراسات الآركيولوجية يقدر الآثاريون الأرتفاع الأصلي لتلك الزقورة بما يقارب 91 مترا (303 قدم) وهو يماثل طول ضلع قاعدتها، وانها كانت تتألف من سبع طبقات، تم بناءها بالآجر بنسب هندسية رائعة وطليت باللون الأزرق النيلي لتماثل لون السماء. وكان لهذه الزقورة بحسب الأبحاث الحديثة، ثلاثة سلالم للأرتقاء الى اعلاها، واحد منها في الوسط واثنان على الجانبين يصلان الى نصف ارتفاعها. ويتوقع البعض ان هذه الزقورة هي ذاتها التي وردت في كتب التأريخ على انها (برج بابل) الشهير.

بلغ عدد الزقورات في العراق القديم حوالي 36 زقورة (هنالك آراء تقول ان المدن الآشورية وحدها احتوت على 30 زقورة)، انتشر اغلبها في مدن اور ونفّر واريدو واوروك ونيبور ونمرود وغيرها من المدن. ولم يبقَ من تلك الزقورات ما هو واضح المعالم سوى اربع هي، زقورة (عقرقوف) وزقورة (بورسبا) في بابل وزقورة (كيش) في تل الأحيمر (في بابل ايضا) وزقورة (اور) الشهيرة غربي مدينة الناصرية جنوب العراق.

زقـورة اور – نموذجا

بنيت زقورة اور عام 2100 قبل الميلاد في عهد الملك السومري الشهير (اورنمو) مؤسس سلالة اور الثالثة، الذي حكم من 2093 -2111 ق.م ، واكمل بناءها ابنه (شولكي) الذي حكم من 2046-2093 ق.م ، خُصصت زقورة اور لعبادة اِلـه القمر (سـين) الذي كان يعتبر اِلـه مدينة اور وحاميها، ومدينة اور ذاتها كانت مركزا لعبادة اله القمر في العالم القديم جنبا الى جنب مع مدينة حاران (حرّان) الواقعة شمال غرب وادي الرافدين (اليوم تابعة للأراضي السورية). وتمثل هذه الزقورة الشهيرة اقدم الأبنية المعمارية الرائعة التي تميزت وتفردت بها حضارة وادي الرافدين، وهي الأفضل بقاء (لم تتعرض للأنهيار الكامل) من اي اثر آخر مماثل في بلاد الرافدين.

وزقورة اور بُنيت في ذات الفترة الزمنية التي بنيت فيها زقورات أخرى جنوب وادي الرافدين كزقورات الوركاء ونُفّر واريدو، وهي زقورات مماثلة لزقورة اور اِلا انها تعرضت للأنهيار والهدم. وزقورة اور مؤلفة من ثلاث طبقات مستطيلة، وتتجه الزوايا الأربع للبناء الى الجهات الأربع للأرض كما هي العادة في مباني وادي الرافدين ابان تلك العصور. ويبدو انها بنيت على انقاض زقورة اقدم منها تعود الى عصر فجر السلالات.

الملاحظ ان الهيكل الداخلي لزقورة اور تم بناءه من اللّبِن المقوى بطبقات سميكة من القصب المحبوك وغُلف من الخارج بالآجر المشوي (المفخور)، ويبلغ سمك الغلاف حوالي ثمانية اقدام. اما قياسات طبقات الزقورة الثلاث فهي 200 x 150 قدم للطبقة السفلى، وارتفاعها حوالي 36 قدما. الطبقة الثانية قياسها 120 x 86.5 قدما، وبارتفاع حوالي 19 قدما، اما الطبقة الثالثة فهي بأبعاد 66.5 x 36.5 قدما، ويعلو الطبقات جميعها معبد صغير يسمى (المعبد العُلوي) او معبد الاِله، ولا يوجد له اثر في الوقت الحاضر بسبب اندثاره. ولم يتبقَ من ارتفاعها سوى 10 اقدام فقط. اي ان اجمالي ارتفاع الزقورة الحالي يقارب 66.5 قدما (حوالي 20 مترا)، في حين يقدر ان الأرتفاع الأصلي لها كان حوالي 86.5 قدم (26 مترا).

اما جدران هذه الزقورة فبنيت بطريقة هندسية بارعة وهي ميلانها (الجدران) الى الداخل بزاوية ميل بسيطة تبدو معها الزقورة وكأنها اكثر امتدادا وارتفاعا في هيكلها بالنسبة للناظر اليها عن بعد، اضافة الى اِكسابها طابعا هندسيا جميلا وشكلا يميزها عن المباني الأخرى. يلاحظ ايضا وجود ثقوب مستطيلة كثيرة العدد في جدران الزقورة، وهي ثقوب تمتد الى اعماق هذا البناء. اما الغرض منها فربما كان المساعدة على تجفيف الرطوبة والمياه المتسربة الى داخل البناء من جراء الفيضانات او الأمطار، أو لعل الغرض منها تجفيف هيكل الزقورة عند بنائها اول الأمر، وربما يكون لهذه الثقوب غرض زخرفي جمالي بحت. ولزقورة اور ثلاثة سلالم يتم بواسطتها الأرتقاء الى المعبد العلوي، سُلّمان منهما على الجانبين والآخر في الوسط. يبلغ طول السلم الوسطي حوالي 93 قدم، وهو يصل من الأرض حتى الصحن الأول، وعرضه يتراوح بين 9- 10 قدم، ويبلغ عدد درجاته 93 درجة (Step). اما السُلّمان الجانبيان فطول كل منهما حوالي 98 قدم وبأرتفاع يبلغ 40 قدم، وعدد درجاته 100 درجة. ويتصل السلمان الجانبيان بالسلم الوسطي في الطبقة الأولى من الزقورة، في حين يستمر السلم الوسطي بالصعود الى الطبقة الثانية.

كما يوجد على جانبي السلم الوسطي برجان تم بناؤهما بأسلوب هندسي جميل، الغرض من هذين البرجين هو دعم السلالم وتقويتهما إضافة الى تزيين واجهة الزقورة، تبلغ مساحة احدهما (46 * 26 قدم) وبارتفاع 29 قدم، ومساحة الثاني (46 * 24.5 قدم) وبارتفاع 29 قدم. اما سمك جدران البرجين والتي بنيت بالآجر فهو 3.6 قدم (حوالي 1.10 متر)، وتميل جدران هذين البرجين الى الداخل قليلا كما هو الحال في جدران الزقورة نفسها. ويشتمل مجمع الزقورة كذلك على معبد كبير يسمى المعبد الأرضي او السفلي، وهو المعبد الذي يؤمه عامة الناس كما ذُكر سابقا، ويحيط بالمجموعة البنائية فناء (Courtyard) واسع وسور كبير يحتضن غرفا عديدة لسكنى الكهنة والحراس مع غرف اخرى لشؤون الأدارة، وفي السور مدخلان احدهما في الشمال الشرقي والآخر في الجنوب الغربي من الزقورة.

عمل في موقع زقورة اور عدد كبيرمن علماء الآثار والباحثين العراقيين والغربيين لغرض كشف اسرار هذا الصرح العمراني الغارق في القدم، ولعل ابرز من ارتبط اسمه بعمليات التنقيب في هذا الموقع هو عالم الآثار البريطاني الشهير السير ليونارد وولي ) (Leonard Woolley الذي قام بابحاثه وتنقيباته في اور ومدن سومرية أخرى خلال عشرينات وثلاثينات القرن العشرين. ويعتقد وولي ان جدران المعبد العُلوي (العالي) الخارجية كانت مغلفة بالآجر الأزرق او النيلي (Indigo Color) المزجج الذي يرمز الى لون السماء مقر الآلهة، ويرى ايضا ان هذا المعبد كان مغطى بقبة ذهبية وذلك وفقا لما كانت تشير اليه المصادر القديمة. اما عالم الآثار البريطاني المعروف السير ماكس مالوان (Max Mallowan) الذي عمل زهاء ربع قرن في المواقع الآثارية العراقية ونقب في مدينة اور وتحديدا في موقع زقورتها، فيعتبر زقورة اور اهم واروع اثر هندسي معماري باق في بلاد ما بين النهرين، بسبب براعة تصميمها وبنائها ولونها (لون الآجر المستخدم) إضافة الى شكل السلالم الحجرية الثلاثة التي تؤطر واجهتها.
تم تجديد بناء (زقورة اور) في عهود كثيرة متأخرة كان آخرها في القرن السادس قبل الميلاد على يد نابونيدوس (Nabonidus) آخر ملوك الدولة البابلية الحديثة، الذي حكم البلاد من عام 556 قبل الميلاد حتى سقوط بابل على يد الأخمينيين عام 539 قبل الميلاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس


.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني




.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/